طوبى للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يشبعون

أضف رد جديد
Michel Massoud
عضو
عضو
مشاركات: 275
اشترك في: الجمعة إبريل 24, 2015 3:51 am

طوبى للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يشبعون

مشاركة بواسطة Michel Massoud »

احبائي، ان الطوبى الرابعة من انجيل متى الاصحاح الخامس من موعظة السيد المسيح على الجبل "طوبى للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يشبعون" كانت مقصودة لتلك الجموع التي كانت تزحف نحوه من ديار البوئس المنتشر في تلك الايام... وهو جالس على صخرة عارية يخاطبهم، وليس على عرش مفروش بريش النعام. حوله تلاميذه ينصتون لاول درس... يعلمهم كيف يصبحوا صيادي ناس...
جاء يحاكي تلاميذه ليسمع كل من كان له اذنان ليسمع، الفريسيين والصدوقيين المتربعين على عرش الدين وشعبهم الذي يحكموه بالذل والخوف، الرومان المستبدين والشعوب التي يحكموها بالبطش من كنعانيين ومصريين وآراميين ويونان وعربان وغيرهم ممن تواجد في جليل الامم.
جاء المعلم في ذاك الزمان يبشر بالفرح للجياع والعطاش لأنه الرب العارف بالاوقات والازمان... عارف بأن كلامه سيفهم ويقدر ويحسب وسيكون رسالة عبر التاريخ والزمن للبشرية جمعاء. عارف ان توقيت كلامه حينها عن الجوع والعطش سيفهم لان شعوب المنطقة عايشوا السنين العجاف مع يوسف خلال حكم الفراعنة امتداداً الى استبداد الامبراطوريات المتعاقبة على قهر تلك الشعوب واستغلال وغصب خيرات اراضيها. كلمهم السيد المسيح عن الجوع والعطش لانهم كانوا يعيشوه ويختبروه في حياتهم اليومية، عرفوا معنى قساوة الجوع والعطش الجسدي، فكما كانوا في امس الحاجة الى الاكل والشرب لانعاش اجسادهم الهزيلة، هكذا كانت المقاربة بالحاجة الى حياة البر لخلاص نفوسهم. جائهم قائلاً طوبى لمن يجوع ويتوق أن يشبع من الله، طوبى لمن يجوع للطعام الروحي، أي السعي لمعرفة الله والعلاقة بالمسيح وحياة الملكوت وليس التمسك بالحرف والدين العتيق والحياة الارضية. قالها لهم وضوح الشمس: "إنكم إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات." (متى ٥: ٢٠)
اكتب في هذا العصر ونحن نعيش في بلاد البحبوحة حيث تتسائل اذا كان هذا الجيل يتفهم معنى الجوع والعطش! فمنهم من يقول لك جعت كثيراً... "خورت" اليوم فقد تناولت الغذاء الساعة الواحدة والربع بعد الظهر... بينما دوامه المعتاد للاكل الساعة الثانية عشر ظهراً! وآخر يقول لك عطشت كثيراً ... فقد ركض الاخ لمدة نصف ساعة في طقس حار خارج غرفته المكيفة! وتأزمت حالته نفسياً إذ تعطل ارسال الانترنت لمدة نصف نهار! كيف اوضح معنى الجوع والعطش لهكذا مجتمع؟ ربما الصق صور على الفايس بوك وتويتر لاطفال المجاعات حول "العالم الثالث" (عفوك ربي على التسمية) في الهند وافريقيا وامريكا اللاتينية...
ربما اذكرهم باموات الجوع من مخلفات الحروب العالمية، او استشهد بصور ربحت الجوائز العالمية حيث نالت الاوسمة لفرادتها، وهي تظهر قباحت الجوع! صور تظهر ضلوع الجسد ناتئة من تحت جلد يابس مشقق، شقوق الصحراء القاحلة... تنظر اليها فتسيطر على حواسك فظاعة الكارثة، فتتجاوز اللون والعرق والاصل والفصل... اقول لهم هذا هو المطلوب منا، الاعتراف بقباحة الخطية، يجب ان تقوى فينا النبتة الطيبة الصالحة المتعطشة لقطرة ماء الحياة في صحراء حياتنا القاسية، وتجوع انفسنا لدرجة من الافلاس الروحي مشابه لصور المجاعة الجسدية المتطلبة للطعام والشراب، هكذا نحن نغوص في حالة من الصلاة والاعتراف نستجدي المغفرة والعفو من الله للخلاص.
إن الشخص الجائع والمتعطش للبر يسعى أولاً للخلاص، فالبر يأتي من خلال الإيمان ويعطى لنا بالمسيح. يقر المؤمن بذنوبه، ويعترف بتمرده، ويرى نفسه مفصولاً عن الله، مكسور وحزين ووديع، ويحس كم انه بحاجة للكثير لأستعادة نفسه إلى الله. تواق الى المغفرة، فيجوع ويعطش للبر الذي يأتي بالخلاص، والرغبة الجامحة في أن يكون حراً من النفس الخاطئة. راغباً في أن يكون خالياً من الخطيئة وقوتها ووجودها وعقوبتها، وهذا ما يبدأ الخلاص الذي يوصل للقداسة... نعم القداسة، فان السيد المسيح يطلب منا ان نكون على صورته لكي ندخل ملكوت السماوات، "فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل" (متى ٥: ٤٨) هذا الخلاص الذي يعطى لنا بالمسيح مسلمين امرنا لله، "ومنه أنتم بالمسيح يسوع، الذي صار لنا حكمة من الله وبرا وقداسة وفداء. حتى كما هو مكتوب: من افتخر فليفتخر بالرب." (كورنثوس الاولى ١: ٣٠~٣١) تماماً عكس ما كان التفكير اليهودي قائماً على تحصيل خلاصهم بقوتهم الفردية، فتصلبوا بقوانينهم الذاتية، وافرغوا انفسهم من روح الله. من هنا نأتي لنقارن هل نحن الطوائف المسيحية الهرمة نحاكي تصرفات اليهود السابقة (الفريسيين منهم على وجه الخصوص) باللباس والتشدد بقانون الدين مضيعين جوهر التعاليم والتبشير والإيمان؟ وهل ستكون هناك استفاقة ضمير؟
آن الاوان ان نعلم العلمانيين الذين يتهافتون لادارة الطوائف، الاستثمار في حياة البِرِّ... خير من ان ننجرف وراء استثماراتهم الارضية في البحر والبَر...

الشماس ميشال صموئيل مسعود
فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح

ليس لديك الصلاحية لمشاهدة المرفقات
أضف رد جديد

العودة إلى ”آية وحكمة اليوم“