النعوت التاريخية للمصطلحات الكنسية!

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
موفق نيسكو
عضو
عضو
مشاركات: 137
اشترك في: الأحد أكتوبر 13, 2013 7:02 pm

النعوت التاريخية للمصطلحات الكنسية!

مشاركة بواسطة موفق نيسكو »


النعوت التاريخية للمصطلحات الكنسية

النصرانية، الجامعة، النسطورية، الأوطاخية، الأرثوذكسية والكاثوليكية، الخلقيدونية واللاخلقيدونية، المونوفيزية والديوفيزية، مجمع اللصوص الأثمة الذئاب المشئوم، الملكية، اليعقوبية
النصارى، الجامعة: النصارى كلمة أطلقها اليهود في بداية المسيحية على أتباع السيد المسيح من اليهود الذين اعتنقوا المسيحية حصراً، نسبة إلى مدينة الناصرة التي عاش فيها السيد المسيح وفق التقاليد الشرقية بانتساب الشخص لمدينة نشأته، وحاول اليهود المتعصبين الذين اعتنقوا المسيحية إحداث مشاكل بتميز أنفسهم عن الأمم الأخرى واعتبروا أنفسهم أن لهم حق السيادة والرئاسة على المسيحيين جميعاً، وامتنعوا الاختلاط مع المسيحيين من أصل غير يهودي، واستعملوا إنجيل متى فقط المكتوب بالسريانية وكانوا يُسمَّونه إنجيل العبرانيين، وفرضوا شروطاً لخلاص المؤمن المسيحي مثل أن يُمارس الناموس الموسوي القديم كحفظ السبت والختان، وتحريم بعض المأكولات، والاتجاه بالقبلة إلى أورشليم أثناء الصلاة بدل الشرق الذي هو قبلة المسيحيين وغيرها، وهؤلاء هم اليهود المتنصرين هم الذين يُسمَّون نصارى، وهم يختلفون عن المسيحيين، وقد اضطر بطرس الرسول أن يرسم في أنطاكية أسقفين هما أفوديوس للأمم وأغناطيوس النوراني +107م للمسيحيين من أصل يهودي، توفي افوديوس سنة 68م وبقي أغناطيوس الذي حلَّ المشاكل بين الطرفين وعمل اتحاد بينهما وأعلن لأول مرة أن الكنيسة هي جامعة لكل الأمم ولا فرق بين مسيحي من أصل يهودي أو من الأمم الأخرى، وأنّ المعمودية هي المميز الأساسي للمسيحي وليس الختان..الخ. (للمزيد من التفصيل راجع مقالنا مسيحيون وليس نصارى).
(النسطورية): نسطور سرياني ولد سنة 378م في قرية مرعش بجرمانيقية، وترَّهب في دير أوبريبوس على باب أنطاكية وهو زميل بطريرك أنطاكية يوحنا، ورُسم نسطور كاهناً لإحدى كنائس أنطاكية، ثم اختير بطريركاً للقسطنطينية سنة 428م، وكانت لديه آراء عقائدية أخذها عن أستاذه تيودورس الأنطاكي أسقف مصيصية المعروف بالمصيصي ومُلخَّصها أن السيد المسيح كإله متجسد هو طبيعتين وأقنومين، إلهية وإنسانية، والسيدة العذراء لم تلد إلهاً مُتجسِّداً، بل ولدت إنساناً فقط، وهذا الإنسان حلَّت فيه الطبيعة الإلهية أو لبسَهَا أو سكنها أو اقترن بها..الخ، وأصبح إلهاً مُتجسِّداً، لذلك فالعذراء هي ليست أم لله بل أُم المسيح الطفل..الخ، وفي مجمع أفسس المسكوني (العالمي) سنة 431م تم حرم نسطور بسبب أفكاره وعقيدته، وأصبحت لنسطور عقيدة خاصة تُسمَّى بالنسطورية تبنَّتها كنيسة المشرق السريانية فقط والتي لا يتجاوز عدد أفرادها اليوم 400 ألف نسمة في العالم وهي التي سُميت آشورية لأول مرة في التاريخ في 17 تشرين أول 1976م، لأن الانكليز كانوا قد أطلقوا على السريان النساطرة سنة 1876م اسم الآشوريين لإغراض سياسية استعمارية.
(الأوطاخية): نسبة إلى كاهن القسطنطنية أوطيخا الذي حرَّمته الكنيسة في مجمعي القسنطنطنية 448م، وخلقيدونية 451م، لأنه ألغى الطبيعة الإنسانية للمسيح وقال بطبيعة واحدة إلهية ذابت فيها الطبيعة الإنسانية واختلطت وامتزجت وتبلبلت خواصهما، ولا يوجد في التاريخ طائفة تبنَّت العقيدة الأوطاخية.
(كاثوليكية، وأرثوذكسية): كلمات يونانية، فكاثوليكية تعني العامة أو الجامعة لكل الأمم، وأرثوذكسية تعني مستقيم الرأي، وهي كلمات ظهرت واقترنت بأسماء الكنيسة بعد مجمع خلقيدونية، وهي كلمات تميِّزية فقط، فالكنائس الأرثوذكسية تفتخر وتقول أنها كاثوليكية أي جامعة وتقر بقانون الإيمان وبكنيسة واحدة جامعة، والكنيسة الكاثوليكية تفتخر وتقول أنها أرثوذكسية أي مستقيمة الرأي، وفي مجمع خلقيدونية سَمَّت روما كنيستهم أرثوذكسية وإيمانهم أرثوذكسي ورسالة البابا لاون بعمود الأرثوذكسية. (مجموعة الشرع الكنسي، أعمال مجمع خلقيدونية ص366-367. وما بعدها أيضاً).
(خلقيدونية، ولاخلقيدونية): الأولى تعني الذين قبلوا بقرارات مجمع خلقيدونية سنة 451م، وتشمل الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية البيزنطية مثل اليونان وروسيا ورومانيا وصربيا والسريان الملكيين أي الروم الأرثوذكس...الخ، وكلمة لاخلقيدونية تعني الذين رفضوا مجمع خلقيدونية، وتشمل كنائس السريان والأقباط والأرمن وأثيوبيا الأرثوذكس.
(الديوفيزية والمونوفيزية، وأحياناً بالسين ديوفيست، مونوفيست): كلمات يونانية الأولى تعني أصحاب الطبيعتين، أي الخلقيدونيين (الكاثوليك والأرثوذكس البيزنطيين)، والثانية تعني أصحاب الطبيعة الواحدة أي الكنائس اللاخلقيدونية (السريان، الأقباط، الأرمن، الأحباش).
إن هذان اللقبان صحيحان إذا استعملا بحسن نية، أي إذا كان المقصود بالمونوفيزين من يؤمنون بالطبيعة الواحدة من اتحاد طبيعتين فهو استعمال صحيح، أمَّا إذا كان المقصود بها العقيدة الأوطاخية المحرومة من الطرفين، للدلالة على (السريان، الأقباط، الأرمن، الأحباش) فهو استعمال خاطئ، أو استعماله مُتعمّد وبسوء نية لغرض للاستهجان بهم.
وفي نفس الوقت استعمال كلمة الديوفيزية على الكاثوليك والأرثوذكس الخلقيدونيين، هو صحيح إذا كان المقصود منه أنهم يؤمنون بطبيعتين في أقنوم واحد، أمَّا إذا كان المقصود به أنهم يؤمنون بطبيعتين وأقنومين بحسب عقيدة نسطور المحروم من الطرفين، فهو خطأ، أو استعماله مُتعَمّد وبسوء نية لغرض للاستهجان بهم، فاللاخلقيدونيين والخلقيدونيون يحرمون أوطاخي ونسطور، وهذا التعبير أي الطبيعة الواحدة للكلمة المتجسد استعمله الخلقيدونيين مراراً بدأً من مجمع القسطنطنية سنة 553م، واللاخلقيدونيين يؤمنون بطبيعة واحدة للكلمة المتجسد من طبيعتين ويستعملونه مراراً، وكل ما في الأمر أن اللاخلقيدونيون كانوا يركِّزون على كلمة واحدة خوفاً من تقسيم المسيح إلى اثنين كما قال نسطور، والخلقيدونيون كانوا يُركِّزون على كلمة اثنين خوفاً من اختلاط الطبيعتين بطبيعة واحدة كما قال أوطيخا.
وفي التاريخ والى اليوم هناك من استعمل ويستعمل المونوفيزية والديوفيزية بحسن نية، إمَّا للاختصار أو كتابة الكلمة بالعربية بلفظها اليوناني، أو استعمالها بطريقة خاطئة غير مقصودة، أي لا يعرف الحقيقة وخاصة من العرب والمسلمين الذين أخذوا هذه الألقاب واستعملوها، وعموماً تم استعمال هذان اللقبان في التاريخ من قِبل الكتاب المسيحيين الذين يعرفون الحقيقة، ولكن كل طرف يستعملها استهجاناً بالآخر، وأي كاتب يستعمل اللقبين على الطرفين معاً أي المنوفيزيين والديوفيزيين فهو أمر طبيعيى، أمَّا إذا استعمل الكاتب لقب واحد على فئة دون الأخرى، فيعني أنه مُتعّمد ومنحاز ويستهجن بالآخر، فإمَّا أن يستعملهما على الطرفين معاً، أو أن يستعمل الخلقيدونيين واللاخلقيدونيين، أو الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية..الخ.
(مجمع اللصوص، الأثمة، الذئاب، المشؤم): الأولى يُطلقها الخلقيدونيون على مجمع افسس الثاني 449م، ويُسمَّونه مجمع اللصوص، والبقية أي الأثمة، الذئاب، المشؤم، يُطلقها اللاخلقيدونيون على مجمع خلقيدونية 451م والذين قبلوا به.
(الملكية): كلمة سريانية أطلقها اللاخلقيدونيون (السريان والأقباط..الخ) على السريان على الذين قبلوا قرارات مجمع خلقيدونية 451م استهجاناً بهم باعتبارهم قبلوا قرارات المجمع الذي أمر بانعقاده ملك الروم مركيانوس، فسموهم الروم أو الملكيين، أي كنيسة الملك في القسطنطينية. (أسد رستم كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى ج1 ص389. الأب يوسف الشماس المخلصي، خلاصة تاريخ الكنيسة الملكية ص126، 128، 146، أيضاً المسيحية عبر تاريخها في المشرق ص295).
(اليعقوبية): كما أطلق السريان الأرثوذكس على من قبلوا بمجمع خلقيدونية الملكيين، قام الملكيون بدورهم فيما بعد بإطلاق اسم اليعاقبة على السريان الأرثوذكس استهجاناً بهم نسبة إلى يعقوب البرادعي المتوفى سنة 578م الذي كان ناسكاً يلتحف ثوب من قطعتين طيلة حياته، وكلما تمزقت قطعة رقَّعَهُ حتى غدا وكأنه بردعة بالية، ولذلك لُقِّب بالبرادعي، وهو أحد المجاهدين في تاريخ الكنيسة الأنطاكية السريانية الأرثوذكسية الذي بعد وفاة المطران يوحنا التلي النائب البطريركي العام، وبعده بيومين توفي البطريرك سويريوس الكبير في 8 شباط 538م الذي كان يعاني من النفي أصلاً، فترمَّلة الكنيسة السريانية، ناهيك عن الأوضاع السيئة نتيجة اضطهاد الروم والخلقيدونيون للاخلقيدونيين كالسريان والأقباط، ونفي ومطاردة الأساقفة السريان حيث كان أمل الروم والخلقيدونيين هو أن يأتي يوم تتقطع حبال السريان الأرثوذكس ويصبحون بدون رؤساء روحيين يدبرون أمرهم. (أسد رستم ج1 ص376، وطبعاً رستم يُسمِّي كنيسته أرثوذكسية فقط ويُسمِّي السريان الأرثوذكس المنوفيزيين، لأنه كان ديوفيزياً، ومنذ 13/11/1985م اتحدت الكنيستان بشركة كاملة، لذلك لم تعد هذه الألقاب مستعملة).
قام البابا ثيودسيوس الإسكندري في القسطنطينية حيث كان تحت الإقامة الجبرية هناك برسم يعقوب البرادعي مطراناً مسكونياً 543م للسريان الأرثوذكس، فكان البرادعي يطوف البلاد صائماً مشياً ومتنكراً حاملاً إنجيله فقط ومثبتاً إيمان كنيسته، ولمعاداة الخلقيدونيين له وعقيدته خصص الإمبراطور مبلغاً من المال للقبض عليه، واستلم المبلغ بعض الخلقيدونيين سلفاً، ولكنهم لم يفلحوا بالقبض عليه، وقد رسم البرادعي بطريركين والمفريان أحوادمة +575م، وسبعة وعشرون أسقفاً منهم المؤرخ السرياني يوحنا الافسسي +587م المُلَّقب بمُنصِّر الوثنيين ومُكسِّر الأصنام ومؤرخ الكنيسة، (في سيرته المختصرة رسم 27 أسقف، و87 في سيرته المطوَّلة، وقيل أكثر في مصادر غير سريانية أرثوذكسية)، كما رسم البرادعي آلاف الكهنة والرهبان والشمامسة..الخ. وكانت الملكة ثيودوة زوجة الإمبراطور يوسطيانوس الأول لاخلقيدونية تساند البرادعي وعقيدته بقوة.
إلاَّ أن الفرق بين الاثنين هو أن كنيسة الروم الملكية قبلت لقب الملكية وتبنّتهُ وتسَمَّت به رسمياً، أمَّا الكنيسة السريانية الأرثوذكسية فبرغم اعتزازها الكبير بيعقوب البرادعي لكنها لم تتبن هذا اللقب رسمياً بل استهجنته معلنةً أنها لا ترتبط باسم شخص غير المسيح، فيعقوب البرادعي لم يكن له عقيدة خاصة به كنسطور مثلاً، ولم يكتب إلاَّ القليل، ولا توجد له عبارة لاهوتية واحدة مميزة خاصة منسوبة له، وكيف للبرادعي أن تكون له عقيدة وقد سبقه في الدفاع عن نفس العقيدة على الأقل منذ مجمع خلقيدونية سنة 451م وإلى عصره عشرات من المشاهير أمثال البطريرك سويريوس الكبير +538م وفليكنوس المنبجي +523م وشمعون الأرشيمي +540م وغيرهم؟، والذين لم يكونوا أقل منه عناداً ودفاعاً عن العقيدة، بل كان لهم مؤلفات لاهوتية ومجادلات ورسائل أكثر من البرادعي، فهل أولئك أيضاً يعاقبة؟، لذلك البرادعي هو من سار على نهج أولئك، وهو ناشر ومثّبت للعقيدة اللاخلقيدونية التي سبقته،ُ وهو يشبه القديس مارون في الكنيسة المارونية وغريغوريوس المنوَّر في الكنيسة الأرمنية، وبقي لقب اليعقوبية مرتبطاً بالكنيسة السريانية الأرثوذكسية في الكتابات التاريخية من قِبل كُتّاب ومؤرخي الكنائس الخلقيدونية، واستعمل آباء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في كتابتهم التاريخية أسماء: الأنطاكية، الأرثوذكسية، السريانية، بصورة رسمية وكبيرة، كما استعملوا أيضاً مرات قليلة لقب اليعقوبية خاصة عندما كان الأمر يتطلّب التميز بين السريان النساطرة واليعاقبة والروم الملكيين، لأن التسمية شاعت لدى العامة والمؤسسات المدنية. (للمزيد راجع الأرخدياقون نعمة الله دنو السرياني، إقامة الدليل على استمرار الاسم الأصيل واستنكار النعت الدخيل، مطبعة الاتحاد، الموصل 1949م).
كانت مناسبة إطلاق لقب اليعقوبية على السريان وعلى الأقباط والأرمن والأحباش أحياناً، هو أن الراهب بولس الأسود كان من أصل مصري وتلميذ البطريرك ثيودسيوس الإسكندري، وترَّهبَ في سوريا وأصبح بطريركاً لأنطاكية السريانية سنة 550م، وكان بولس يميل إلى الملكيين الخلقيدونيين واشترك معهم مرتين بحجة الوحدة أو أنه فعل ذلك تحت ضغط الروم، وأصبح منبوذاً في أنطاكية والإسكندرية، فذهب بولس إلى يعقوب البرادعي وقدم توبته وحَرَّمَ مجمع خلقيدونية واعترف بإيمانه أمامه، فقبله يعقوب البرادعي، وعندما سمع الأقباط تذمَّروا، فأرسل لهم البرادعي خبراً أنه سيزور مصر ويدرس الأمر معهم، وبعد وفاة البطريرك ثيودسيوس الإسكندري في المنفي في القسطنطينية سنة 568م، أراد بولس أن يفرض نفسه على الأقباط أيضاً، ففشل، واغتصب أحد الخلقيدونيين الملكيين بطريركية الأقباط بدون رضاهم، واتَّهمَ الأقباط بطريرك أنطاكية بولس الأسود وبعض أساقفته بمساندته، فزاد تذمرهم وأسرعوا عل عجل إلى رسامة بطرس الرابع بطريركاً أرثوذكسياً لهم بدل الخلقيدوني الدخيل، وسافر البرادعي إلى مصر واقتنع بما سمعه من الأقباط عن تصرفات بولس، وطلبوا منه عزله وحرمه، فوافق البرادعي على عزله لكنه لم يحرمه لأنه كان قد تاب وأقرَّ بإيمانه اللاخلقيدوني، وعقد البرادعي مجمعاً عزل فيه البطريرك بولس الأسود، ففرح الأقباط جداً وأرسلوا رسلاً إلى سوريا ينادون أن بولس معزول، ولما رأى بولس أنه أُهين في مصر وسوريا توجَّه إلى القسطنطينية للاستقواء بالروم ومؤيديه، وتوجه أيضاً بعض مناصري البرادعي إلى هناك، وحدثت مشاكل كثيرة بين الطرفين، ووصلت مشاكلهم إلى المحاكم وانتشرت أخبارهم وأصبح الخلقيدونيين الملكيين يسخرون منهم ويُسمُّونهم، هذه جماعة يعقوبية وتلك جماعة بولسية، على غرار ما حدث بين بولس الرسول وأبولس (أنا لبولس وأنت لأبولس،1كو 12) وانتهت المشكلة بعد مدة، لكن التسمية اليعقوبية شاعت لأن أتباع البرادعي كانوا كثيرون جداً.
وبما أن إيمان وتاريخ الكنائس اللاخلقيدونية واحد وشهرة البرادعي ومكانته المميزة لدى الأقباط وزيارته لهم وإعجابهم بخشونة نسكه، ورسامته أربعة أساقفة لكنيسته وهو في مصر يعاونه أساقفة أقباط، كما اشترك برسامة أساقفة أقباط، وتوفي في الزيارة الثانية في مصر سنة 578م في عهد بطريرك الأقباط دوميان الرهاوي الذي شأت الصدف أن يكون سريانياً، في نفس الوقت الذي كان فيه بطريرك أنطاكية قبطياً، ودفن البرادعي في دير قسيان في مصر، وطلب البطريرك دوميان من رهبانهُ جلب جثمانه ودفنه في الإسكندرية، لكن رهبان الدير رفضوا لحبهم الشديد للبرادعي، وفي سنة 622م قام أربعة رهبان سريان بسرقة جثمانه وجاءوا به ودفنوه في تل موزل مسقط رأسه باحتفال مهيب.
لهذا السبب شاع استعمال لقب اليعقوبية على الأقباط فيما بعد، ناهيك عن العلاقة القوية بين الكنيستين في التاريخ فقد تقلَّد بطريركية أنطاكية بطريريكين قبطيين، وتقلَّد البطريركية الإسكندرية خمسة بطاركة سريان، وأول من استعمل لقب اليعقوبية في مصر هو بطريرك الأقباط الملكيين أفتيخوس المكنَّى سعيد ابن البطريق +940م الذي استعمله على السريان الأرثوذكس في مصر بدايةً، ولأنه كان كاتباً مهماً للتاريخ انتشرت كتاباته في الغرب، فانتشر الاسم اليعقوبي عند الغربيين وكتابهم ومؤرخيهم وشمل كل اللاخلقيدونيين من الأقباط والأرمن والأحباش عموماً، ولكن بشكل أقل من السريان الأرثوذكس، واستعمل لقب اليعقوبية بعض الأقباط أيضاً كابن العسال وأبو دقن.
وعن هؤلاء أخذ كُتّاب ومؤرخو الغرب الأوربي وكذلك الشرق وخاصة العرب والمسلمون هذه الألقاب واستعملوها، وأحياناً كان الكاتب يجهلها أو لا تهمه أو أنه يعرفها ولكنه يريد الاستهجان ببعض الألقاب، وفي العصر الحديث ونتيجةً للانفتاح والتقارب وقناعة الطرفين الخلقيدوني واللاخلقيدوني أنهما متفقان في كل شيء، لم يعد استعمال الألقاب الاستهجانية بينهما مثل المنوفيزية والديوفيزية واليعقوبية وغيرها إلا نادراً جداً.
(عن البرادعي راجع: البطريرك يعقوب الثالث، كتاب المجاهد الأكبر مار يعقوب البرادعي. القس منسى يوحنا، تاريخ الكنيسة القبطية ص273-275. البطريرك أفرام الأول برصوم، اللؤلو المنثور ص260. خريستسموس بابادوبولس، تاريخ كنيسة أنطاكية ص370-395. ميخائيل الكبير ج2 ص207-213، متري هاجي اثناسيو، موسوعة أنطاكية مج2 ص363-364. ابن العبري التاريخ الكنسي ص57-61. وغيرها).
وشكراً
موفق نيسكو
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الكتب والكتّاب والقراء“