مدن وقرى طور عبدين تبعث من جديد
نعم بعد 99 سنة تتكرر نفس المآسي ... الجلاد هو ذاته والضحية هي ذاتها لكن الفارق الزمني ووسائل الاعلام التي تتناقل الخبر بسرعة البرق هو الذي يحدد الحدثين .. مرت 99 سنة على تلك المأساة ونحن نندب ونضع اليد على الخد ونبكي على ضحايانا الذين سفكت دمائهم البريئة من اجل اسم المسيح , هنالك من يقول نحن فداء للمسيح ... نعم نحن فداء للمسيح لكن رب المجد اعطانا أمثلة حياتية لكي نهرب من الشر لا ان نلاصقه ونكتوي بنيرانه ونقول انها إرادة الله .... قال له المجد : كونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام (مت 10 : 16 ) وهروب الرب من وجه هيرودس الى أرض مصر دليل قاطع ليعلمنا أن الهروب من وجه الشر هو خير ضمان لهذه النفس التي أودعها الله لنا وهو القائل : لا تقاوموا الشر ومرتل المزامير ابينا داؤد يقول : "حِدْ عَنِ الشَّرِّ، وَاصْنَعِ الْخَيْرَ. اطْلُبِ السَّلاَمَةَ، وَاسْعَ وَرَاءَهَا ( سفر المزامير 34 : 14 ) ولو تأملنا الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد فهنالك أمثلة لا حصر لها على هروب الكثيرين من الآباء من وجه أعدائهم , هروب موسى النبي من أرض مصر قبل ان يعود ويخرج شعب إسرائيل من مصر وهروب داؤد النبي من وجه أبشالوم , هروب ابينا يعقوب من وجه أخيه عيسو , كثيرة هي الأمثلة لكن علينا أن نتعظ ونأخذ عبرة منها , توقفت عند بوست نال اعجابي وعلق عليه صاحبه : قوموا اخرجوا من هذا المكان لأن الرب مهلك المدينة ( تكوين 19:14 ) أتمنى أن نفكر ملياً بهذه الآية .
في طور عبدين قرى كثيرة تم ابادتها من جهل رجال الدين وتمسكوا بالآية القائلة : من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضًا ومنعوا الشعب من المقاومة ومحاربة العدو فكانت النتيجة الإبادة الجماعية وهنالك من قاد شعبه الى حظيرة الذبح حيث يذكر التاريخ أن أحد الأحبار (صلواته تكون معنا) قاد رعيته بأكملها الى فناء الكنيسة وقال : نحن خراف المسيح وتم اعدامهم جميعاً .
اليوم يتكرر نفس السيناريو ونفس المأساة والقادة الروحيين كأنني أعود إلى الزمن الغابر بهم لا حراك ولا ينبس احد بكلمة سوى البعض الذي يتحفنا بكلماته العبقة وتصريحاته النارية التي ملؤا الصحف والمواقع الالكترونية بانه لا اضطهاد للمسيحيين في العراق , ما الفرق بين أولئك وهؤلاء ؟ الاثنان يسيرون في نفس النهج وإلى طريق الإبادة سائرون !!!
تمثلوا بأولئك الأبطال أهل آزخ الأبية التي جمعت أهالي القرى التي من حولها وقاتلوا وصمدوا واستماتوا من أجل بقائهم ومن أجل حرائرهم ومدت أم النور يدها لعونهم ودفعت بالأعداء لنحرهم وجحورهم . وتبقى أجيال بعد أجيال تذكر مآثرهم وبطولاتهم وتضحياتهم
ليس هنالك حكومة لتفرض القانون والامن كي تحمينا وتدافع عنا .
ليس لدينا أحزاب ومنظمات تدافع عن شعبنا وهؤلاء همهم الكراسي والسرقة والنهب ومصالحهم الشخصية .
ليس لدى الكنيسة السلطة في تشكيل ميليشيات لتدافع عن وجودها وكيانها واستمرارها وديمومتها في هذا الوطن الذي بات ليس لنا
إذن ما هو الحل ؟
أنبقى مكتوفي الأيادي وننتظر مصيرنا المحتوم ؟ ألم يحن الوقت ليرفعوا أصواتهم عالياً قادتنا الروحيين وينقذوا ما تبقى من شعبنا ؟ إذا كنتم لا تريدون أن تتركوا هذه الأرض أعملوا على تشكيل حكم ذاتي لشعبنا وحافظوا عليه قبل أن يفوت الأوان ولا يبقى لأبرشية واحدة سوى أعداد قليلة من كبار السن كما حدث في جنوب تركيا , أو طالبوا الهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية لتوفر لشعبنا مكان آمن يلوذ به , أليس أفضل مما تتركوه يلوذ هنا وهناك ويسقط تحت نير المهربين ومخاطر الطرق والبحار . أما الناس الذين ليس لديهم ثمن الهروب والسفر ماذا سيحل بهم ؟ هنالك عوائل لم تستطع الهروب من أول يوم من مدينة الموصل لعدم امتلاكها ما يسد حاجتها اذا غادرت دارها , فكيف إذا حاولت أن تسافر , وبعد هذه الاحداث الأخيرة المؤلمة واجبارهم على ترك منازلهم وتم تسليب ونهب كل ما يقتنون ولم يبقى لهم سوى الملابس التي عليهم ؟
إنها ساعة الحسم .. ساعة تقرير المصير , لا يفيد الندم بعد فوات الأوان وتذكروا أن المرحلة ليست من صالح شعبنا بوجوده في المنطقة علينا أن نقرأ المستقبل جيداً الآن بدأ صراع الإسلام مع الإسلام ولا وجود لنا في هذه المعركة التي ستدوم عقود الى أن ينهي الإسلام نفسه بنفسه وقد أكون مخطئاً بهذا التحليل ولنسلم جدلاً أن الأمان والامن سيستتب في المنطقة وتعود المياه الى مجاريها هل سيتغير هذا الانسان الذي عاش جو الفوضى والدم والقتل وزرعت في داخله كراهية المسيحي ومارس شريعته بحذافيرها هل سيقبلنا ويتعايش معنا ؟ هل سيتخلى المسلم عن شريعته وعقيدته من أجل عيوننا ؟
المطلوب وقفة حقيقة وموقف تذكره الأجيال لأن الكراسي لا تدوم لأحد والرب يوفق كل من يسعى لعمل الخير