مسيرة الإصلاح الاقتصادي في سوريا مستمرة

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مراقب عام
مراقب عام
مشاركات: 1881
اشترك في: الجمعة إبريل 16, 2010 7:22 pm

مسيرة الإصلاح الاقتصادي في سوريا مستمرة

مشاركة بواسطة ابن السريان »

مسيرة الإصلاح الاقتصادي في سوريا مستمرة


أصعب ما يواجه القادة العرب هذه الأيام أن أي قرار يتخذونه أو سيتخذونه سيفسر على أنه ردة فعل على ما حصل في تونس ومصر وهذا يفسر سيل الأخبار التي تنشرها مواقع الإنترنت والتي تتحدث عن (بركات بو عزيزي) في إشارة إلى القرارات التي صدرت مؤخراً وكان لها أثر اجتماعي على المواطن العربي.

إن ما يحدث من حولنا يلزمه الكثير من التحليل للوقوف على الأسباب التي أدت إلى تفاقم الفقر والبطالة وتركز الثروة بيد فئة قليلة من المجتمع وأصبح رجالات المال هم الذين يديرون دفة الاقتصاد. فالأزمات الاقتصادية وما ينتج عنها من آثار سلبية على المجتمع هي نتاج سلوكيات وسياسات الحكومات في المجتمع لذلك لم يختصر الأمر في الأزمة الاقتصادية على دول عربية بعينها فقد شهدنا انتفاضة العمال في فرنسا وإحراق السيارات وانتفاضة اليونان كما شهدنا احتجاجات جماهيرية أوروبية عندما اجتمعت الدول الصناعية الكبرى وشهدنا احتجاجات في ايرلندا للخروج من الأزمة الاقتصادية والاستغناء عن اقتصاد السوق الاجتماعي وحتى فصل السياسات الاقتصادية عن الاتحاد الأوروبي وقرأنا عن دعوات لتغيير السياسات النقدية قادتها الولايات المتحدة الأميركية نتيجة الأزمة العالمية التي رفعت نسبة البطالة لديها. كل هذه المشكلات ناتجة عن سياسات وسلوكيات اتبعتها الحكومات. التي تجاهلت البيئة الاجتماعية ومقومات اقتصادياتها وأخذت تحاول أن تطبق سياسات البيئة الأوروبية على البيئات المحلية وأخذت منظمات دولية تفرض برامجها الموحدة على البيئات المختلفة في العادات والتقاليد والمعتقدات.
إن البرامج التي توضع من منظمتي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حيث تمول الإصلاح الهيكلي لما يدعى بالدول المتحولة اقتصادياً بعد أن تقوم هذه الدول بتنفيذ برامج التكيف الاقتصادي التي تضعها تلك المنظمات كشرط لمنح التمويل وتتضمن حزمة من السياسات والإجراءات التي تهدف إلى معالجة الاختلالات الاقتصادية والمالية والنقدية وتحقق نمواً مستمراً من خلال تعديلات بنية الاقتصاد الوطني.
إن أخطر ما تعرضت له الدول التي اتبعت تلك البرامج هو تفاقم التضخم الذي أسهم في خفض معدلات النمو وزيادة المشكلات الاقتصادية حيث تجاوز التضخم نسب الفوائد ما أدى إلى تآكل رأس المال وعدم التوازن في توزيع الدخل الذي أدى إلى تفاقم في أوضاع الطبقات الاجتماعية منخفضة الدخل. إن جميع الدول النامية التي قامت بتطبيق برامج التكييف الاقتصادي تعاني من عجز مزمن في ميزان مدفوعاتها وخاصة عجز الميزان التجاري نتيجة اعتمادها على اقتصاد غير منتج ولا يحقق قيمة مضافة فتتفاقم المشكلة حين تترافق بعجز الموازنة العامة للدولة التي يتم تغطية عجزها من القروض الخارجية والمساعدات والمعونات، والنتيجة تكون نقصاً في الموارد الاقتصادية يرافقه انخفاض في الكفاءة الإنتاجية للقطاع العام وفشل في السياسات التنموية المرافقة لهدر الموارد الاقتصادية ونشوء حالات اجتماعية واقتصادية خطرة تنعكس على استقرار الدول.
في سورية المطلوب اليوم الشفافية والحوار تحت مظلة محبة الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره، فهناك بعض السياسات والسلوكيات التي انتهجتها الحكومة في سورية حملت في طياتها أخطاء كبيرة انعكست على الموارد الاقتصادية وعلى الميزان التجاري وعلى قطاعات الزراعة والصناعة وبرزت مشكلة البطالة والفقر لذلك نحن بحاجة إلى سياسات تتلاءم مع بيئتنا الاجتماعية ومع مقومات اقتصادنا الوطني ونحن بحاجة إلى إنهاء الفكر الاقتصادي الأحادي والدخول بحوارات لا تقتصر على أصحاب المصالح الشخصية والقادرين على التواصل مع المسؤولين في الحكومة بحجة أنهم من المستثمرين ورجال الأعمال بطريقة غالباً ما تتصف بالمحاباة. الحوار يجب أن يكون مع أصحاب المصلحة الشمولية الذين يملكون الرؤية الاقتصادية الواضحة ولديهم فكرة عن التاريخ الاقتصادي لسورية فمن لم يقرأ التاريخ فلن يستطيع أن يرسم المستقبل.
إن المشكلات التي عصفت بكل من تونس ومصر لن تجعلنا نتقوقع مترددين... ففي سورية صدر مؤخراً جملة من القرارات ومنها صندوق المعونة الاجتماعية وعلى الفور فسر الأمر وكأنه ردة فعل على أحداث تونس ومصر علماً أن أي قرار في سورية يحتاج إلى أشهر وربما سنوات ليصدر فيدرس أولاً ثم يدرس مجدداً ويشبع دراسة وتحليلاً إلى أن يصدر وتتراوح المدد لمثل هذه القرارات المهمة مثل (صندوق المعونة الاجتماعية) بين السنتين والسنوات الأربع لذلك فإن هذا الصندوق لم يكن وليد اللحظة وهذا ما أكدته وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في لقاء مع عدد من الإعلاميين حين قالت إن المشروع بدأت دراسته عام 2007. منذ سنتين كنت على علم بدراسة اشترك فيها الزميل وضاح عبد ربه بخصوص قانون الإعلام الذي سيصدر قريباً فقد أنجز منذ سنتين وأحيل إلى سلسلة من الدراسات التي هيئته ليصدر قريباً.
منذ أيام علمنا أن ثمة قراراً لزيادة الرواتب والأجور لكن هناك في الحكومة من يخشى في حال صدوره أن يفسر ويأخذ أبعاداً لا علاقة لها بالقرار الذي نعارضه بشدة لأنه ببساطة غير عادل ولا يمنح كل ذي حق حقه ما دام قانون العاملين الموحد سارياً. فلا أحد يظن أن زيادة الرواتب والأجور أو المطالبة بتغيير قانون العاملين وليدا اللحظة أو بسبب الأمور المتعلقة بما يجري في تونس ومصر فموضوع الزيادة أشبع نقاشاً على صفحات «الاقتصادية».. وفي العدد 340 من «الاقتصادية» تاريخ 13/4/2008 أشرنا إلى تخلف قانون العاملين الموحد واصطدامه بالمرسوم 322 وتعديل القانون قيد الدراسة.
مع الإشارة إلى أننا لا نعفي الحكومة من إخفاقاتها في جعل «المواطن أولاً» بسبب تشبث البعض في الحكومة برؤيته التي لم تتعد كونها تنظيرات ورغم كل الانتقادات المعلنة في الصحف وفي المؤتمرات إلا أن هذه التنظيرات كانت تتلى في كل مناسبة لإقناع المجتمع بها ولكن الواقع كان مختلفاً تماماً فالمجتمع كان يحلق دائماً خارج السرب إلى أن أتى تقييم الخطة الخمسية العاشرة لتعترف الحكومة بتقصيرها وفشلها في تخفيض نسبة البطالة والفقر، إلا أن السيد الرئيس ورغم كل المشاغل والظروف السياسية المحيطة كان يترأس بعض اجتماعات الوزراء ويوجه بأن يكون المواطن أولاً تلتها توجيهات من سيادته بصرف عدة منح نقدية لإنعاش المواطن وتحريك الاقتصاد. ولم يقتصر اهتمام سيادته على ذلك بل أصبح همه الأول تحريك الاقتصاد السوري فكان حريصاً كل الحرص على الدفع باتجاه الاستثمار في سورية من خلال زياراته الخارجية للدول العربية والأوروبية وحتى أميركا الجنوبية وفي الواقع كان لهذا انعكاسات إيجابية في تفعيل الاقتصاد السوري.
منذ سنوات اعتبرنا أن السياسة النقدية والمؤسسات المصرفية قضية مركزية في تحقيق النمو الاقتصادي الشامل فكانت الدعوات مستمرة لتغيير السياسة النقدية في سورية واليوم بدأت مؤشرات تغيير هذه السياسة حيث ستجعل من المصارف شريكاً أساسياً في توزيع التمويلات بشكل متوازن داخل الشرائح الاجتماعية لا بل تشترك في ضغط تكلفة المنتج من خلال استخدام أدواتها وبالأخص الفائدة. قد يعتقد من يتربص بسورية أن هذا التغيير كان نتيجة انتفاضة تونس ومصر ولكن ندعوهم إلى مراجعة أرشيف صحيفة «الاقتصادية» الذي يثبت شيئين أساسيين وهما حرية الرأي في الحوار وانتقاد سياسات اقتصادية نقدية مالية لا تتوافق مع البيئة الاقتصادية كوجهة نظر قابلة للحوار كما تثبت أن عملية الإصلاح الاقتصادي في سورية مستمرة ولن تتوقف. لنقرأ ما نشرته «الاقتصادية» من اقتراحات وتوصيات وانتقادات.
العدد 235 تاريخ 5/3/2006 بعنوان إغفال وجود سياسات تسليفية واضحة سيعوق عملية الاستثمار.
العدد 322 تاريخ 2/12/2007 بعنوان يجب على المصارف تعديل إستراتيجياتها لهدف تحقيق الحلول والبدائل.
العدد 350 تاريخ 22/5/2008 بعنوان السياسة النقدية اعتراف بالتضخم وسعي إلى رفع التكلفة.
العدد 355 تاريخ 27/7/2008 بعنوان سوق الأوراق المالية لن ينجح في ظل سوق اقتصادي مشتت.
العدد 357 تاريخ 10/8/2008 بعنوان هروب الاستثمار إلى متى؟
هذا الموضوع مشتق من مذكرة تخص التوسع في الاقتصاد السوري تم تحويلها إلى السيد وزير المالية الدكتور محمد الحسين وهناك تواصل ونقاش يجري بخصوصها وخصوص أمور أخرى تخص الاقتصاد السوري وهناك إجراءات اتخذت بإطار ما تضمنه الموضوع.
العدد 371 تاريخ 30/11/2008 بعنوان سياسات وتصرفات سببت تراكم الأموال في المصارف.
العدد 373 تاريخ 21/12/2008 بعنوان هل سنشهد في سورية ولادة سياسة اقتصادية ونقدية تستغل وتواجه نتائج الأزمة المالية العالمية؟ هذا الموضوع لاقى تأييداً من شرائح المجتمع لما تضمنه من حلول لمشكلات يعاني منها الاقتصاد الوطني. كل هذه المواضيع كان هدفها الإصلاح الاقتصادي والنقدي في سورية لا نعتقد أنه تم إهمالها بل هي قيد الدراسة فنحن لسنا بعجلة من أمرنا لأن هدفنا من خلال اقتراحاتنا وطروحاتنا تنمية اقتصادية شامله ومتوازنة تصيب شرائح المجتمع كافة.
نحن في سورية اليوم أمام أسئلة تحتاج إلى وقفة حقيقية تأتي بأجوبة شفافة واضحة تخدم الاقتصاد السوري والمواطن السوري فمن الأسئلة المطروحة:
ما الذي تحقق للمواطن السوري منذ عام 2005؟ وهل ما قمنا به من تعديلات وتغيير وتفكيك في الرسوم الجمركية بهدف الانضمام إلى اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي عادت بالنفع على المواطن السوري أم لا؟ وخاصة أننا كنا نتبع التجربة التونسية في علاقتها مع الدول الأوروبية إلى أن (فوجئنا) أو فاجأنا المواطن التونسي حين خرج ليقول لنا إن معدل البطالة في ازدياد والفقر كذلك وإن اتفاقية الشراكة أتت بالنفع على فئة محدودة من التونسيين وساعدت في تصنيف تونس في مراتب متقدمة لدى المؤسسات المالية العالمية لكنها لم تأت بأي إضافة للمواطن التونسي بل زادت من أعبائه ما يشير إلى أن مؤشر الناتج القومي هو مؤشر مضلل، مضلل، مضلل.
أما في مصر المنفذ الوفي لقرارات وبرامج صندوق النقد الدولي فها هي أيضاً تنتفض لتكشف الوجه الحقيقي للاقتصاد المصري الذي بدوره يخدم فئة صغيرة على حساب الفئة الكبيرة في ظل غياب تام لكل شبكات الأمان الاجتماعي وتردي الخدمات المقدمة للمواطنين مع ما يضاف على ذلك من قمع وإذلال سياسي.
دون إطالة نسأل من كانوا يحاولون وعلى مدى سنوات إقناعنا بصوابية أفكارهم وسياساتهم لدرجة أصبح فيها كل من ينتقد أو يطرح الحلول بمنزلة عدو وليس شريكاً في عملية الإصلاح فعدم قبول الآخر كان من باب الدفاع عن المراكز وليس من باب الدفاع عن الرؤية والفكر. لذلك استمرت الانتقادات للخطط والسياسات الاقتصادية وهذه الانتقادات أكدت أن المجتمع السوري يعيش حرية في طرح أفكاره والتعبير عن رأيه. نعود ونسأل ما حال الصناعة السورية اليوم؟ من المستفيد من تفكيك الرسوم الجمركية وفتح الباب واسعاً أمام البضائع المستوردة لتغزو الأسواق شبة معفاة من الرسوم مع ما يرافق ذلك من قانون للجمارك يحتاج إلى تغيير حقيقي لحماية الصناعة الوطنية التي سيكون مصيرها الزوال في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه؟ وما يصيب الصناعة يصيب الزراعة.
ما الذي ستجنيه سورية من الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية؟ من المسؤول عن تعطيل الاستثمار في سورية وحرمان آلاف الشبان من الوظائف؟ من المسؤول عن رفع تكاليف الإنتاج بقطاعاته كافة وإضعاف المنافسة وخسارة الأسواق الخارجية وتراجع التصدير وتفاقم العجز في الميزان التجاري؟
الأجوبة عن كل هذه الأسئلة يجب أن تأتي تلبية لحاجات المواطن السوري وليس تلبية لشريحة اجتماعية اقتصادية معينة فقط، فنحن بحاجة إلى حوار جدي يعيد المواطن إلى الأولوية ويرسم نظاماً اقتصادياً يتلاءم مع متطلبات السوريين وليس مع شروط الانضمام للاتحاد الأوروبي أو منظمة التجارة العالمية أو كما يراه ويوصي به صندوق النقد الدولي.
نعيد عليكم رؤية السيد الرئيس التي طرحت في خطاب القسم:
«بات من الضروري السير بخطا ثابتة وإن كانت متدرجة نحو إجراء تغييرات اقتصادية من خلال تحديث القوانين وإزالة العقبات البيروقراطية أمام تدفق الاستثمارات الداخلية والخارجية وتعبئة رأس المال العام والخاص معاً وتنشيط القطاع الخاص ومنحه فرصاً أفضل للعمل، كما أنه لا بد من تحقيق القدرة التنافسية للقطاع العام في الأسواق الخارجية ما يؤدي إلى تنمية متوازنة وشاملة في محافظات القطر كافة وفي الريف والمدينة، كما يؤدي إلى توزيع الدخل القومي بصورة متوازنة وزيادة فرص العمل وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين في ضوء زيادة احتياجاتهم الحيوية والتصاعد المطرد في تكاليف المعيشة. ولا بد من تطوير القطاع الزراعي من خلال تحديث وسائل إنتاجه والبحث عن أسواق لتصريف منتجاته.. إضافة إلى تسريع عمليات استصلاح الأراضي وتلافي التقصير والإهمال الذي حدث في الماضي والإسراع في إنجاز السدود التي تخدم خططنا التنموية».
لم نتعلم من الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالعالم وما تبعها من انهيار للأسواق في أميركا وانتفاضة اليونان وإيرلندا لكن علينا أن نتعلم مما حصل في تونس ومصر. صحيح أننا نحقق تنمية ونتغنى بناتج قومي مضلل والمستفيد مجموعة ضئيلة وذلك لا ينعكس على القاعدة الشعبية التي تراجعت أوضاعها بشكل كارثي خلال السنوات الخمس الأخيرة نتيجة التضخم والمضاربة في الأسواق والغلاء العالمي الذي طرأ على المواد الغذائية والنفط، لكن لابد من الاستفادة من الدروس.
ودعونا اليوم نفتح باب الحوار ونعد ترتيب الأولويات ونأت بحلول ولدينا بتواضع هذه الحلول ولسنا ممن ينتقدون فقط فهناك حلول تعود بالنفع والتنمية للمواطن نحن نملك البنية التحتية ونملك أقوى سلاح اقتصادي في العالم وهو سلاح الاكتفاء الغذائي (اذكر هنا جواب سؤال طرحه أحد الصحفيين على كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية لماذا لا تمارسون الضغط على سورية وعلى الرئيس بشار الأسد؟ أجابت إنهم لا يستوردون القمح وهي في الواقع تريد أن تقول إن أساليب الضغط على سورية غير متوافرة نتيجة المنظومة الغذائية التي بنتها) نحن نملك الصناعة التي طالما دعونا بالمحافظة عليها وعدم محاربتها. ليس لدى سورية أي مديونية خارجية وهذا يعني أننا لسنا مضطرين في أي حال من الأحوال الاستماع لتوصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ولسنا بحاجة إلى برامج التكيف الاقتصادي. كما أننا لسنا بوارد الانتحار الاقتصادي (كرمى لعيون) الأوروبيين وهذا ما سبق أن أكده السيد الرئيس حين صرح أن توقيع اتفاقية الشراكة يجب أن تأتي لمصلحة السوريين وليس ضدها وجمد عملية التوقيع إلى أن تنفذ المطالب السورية لدينا كنز أثري وساحل ساحر. إضافة إلى ما تملكه سورية من عقول السوريين ومهاراتهم التي نعتبرها من أهم الثروات.
لذلك دعونا نسرع في تشييد المشاريع السياحية ونحارب عرقلتها تأميناً لتشغيل اليد العاملة وندعم الاستثمار الزراعي نواة الاقتصاد السوري ونعطي الصناعة الأولوية المطلقة فسورية في مقدمة الدول التي تملك المهارات في الصناعات التحويلية المعتمدة على إنتاجنا الزراعي ومستخرجاتنا الطبيعية. دعونا وحرصاً على صناعتنا أن نعيد دراسة اتفاقية التجارة الحرة العربية والأخذ بالحسبان أن تكلفة ما ينتج في سورية ليست كتكلفة الإنتاج في دول الخليج ودول عربية أخرى فأسعار الطاقة مختلفة والعمالة المستوردة الرخيصة وكذلك الضرائب والرسوم التي لا وجود لها في بعض الدول التي تنافس صناعتنا هذا إضافة إلى الدعم الذي تقدمه بلدان عربية للتصدير. صحيح أننا نتكلم اللغة العربية ذاتها لكن كل ظروف العمل والاستثمار مختلفة. فإما أن تطالب سورية بتوحيد الأنظمة وقوانين الاستثمار والضرائب والرسوم وإما أن تنسحب من الاتفاقية وهذا يجب أن يتم بعد استشارة الصناعيين السوريين إضافة إلى أصحاب الرؤية الاقتصادية الواضحة لمعرفة إذا كانت هذه الاتفاقية تخدم مصلحة السوريين أو تعارضها. دعونا ندرس شروطاً خاصة لاستمرار سورية في هذه الاتفاقيات وعلى سبيل المثال إن إلزام الدول العربية التي تستفيد من تسويق منتجاتنا في أسواقنا بالاستثمار في قطاعات إنتاجية سورية توظف اليد العاملة السورية، إنها عملية مقايضة بين تصريف النتاج والاستثمار. دعونا نفكر بتأسيس مؤسسة بحثية تحصر الموارد السورية والموارد المتجددة في سورية فهناك الكثير من الموارد المهملة في البادية السورية ومنها غير مكتشف وهناك الاختراعات القابلة للتسويق الخارجي. دعونا نفكر في كيفية استغلال الموارد المائية التي تهدر في مياه البحر وكيفية قطف الماء العذب منه. دعونا نفكر في حجم الاقتصاد بطريقة شامله للنمو ونعمل على تطوير السياسات والسلوكيات لأن حجم الاقتصاد لا يتعلق بالثقافة بل بسلوك وسياسة الحكومة في المجتمع. دعونا نعيد التفكير في السياسات النقدية ونفعل المؤسسات المصرفية بشكل يحقق نمواً متوازناً من خلال سياسات تسليفية وتخصيص محافظ تصيب الشرائح الاجتماعية وبالأخص الإنتاجية منها، دعونا نفكر في كيفية الخروج من سياسات اعتمدت تمويل فئة تملك من الثروة ما لم تملكه المصارف نفسها ما ساعد بشكل عميق على تركيز الثروة. دعونا نفكر في تمويل الفكرة ومن لديهم الرؤية من الشريحة الأضعف بالمجتمع على إنشاء مشاريع إنتاجية تخلق فرص عمل وتحقق توازناً في النمو الاجتماعي فيصبح التمويل محركاً لقاعدة الهرم الاجتماعي. دعونا نفكر في كيفية استخدام أدوات السياسة النقدية لضغط التكلفة وتشجيع التصدير.
ندعوكم أخيراً لنضع خلف ظهورنا كل من يتربص بسورية ويعيق استمرار إصلاحاتها ويفسر كل قانون أو قرار جديد على أنه من أسباب ما يحصل حولنا الأمر الذي يؤخر صدور القرارات الهامة لتفعيل الاقتصاد الوطني والهامة بالنسبة للمجتمع السوري مع التأكيد على أن سورية ترفض التعامل بردة الفعل وتفضل الفعل. فنحن كسوريين نؤمن بالإستراتيجية التي طرحها خطاب القسم ما يعني أننا جميعاً معنيون وملزمون بالتعاون من أجل بلوغ أهداف تلك الإستراتيجية، ومتمسكون بخياراتنا لاقتصاد مقاوم، مبني على واقعنا وواقع جغرافيتنا ومحيطنا.
حان الوقت لندرس حاجاتنا ونقرر مستقبلنا فلنا طريقنا الخاص بنا وهذا هو الاستثناء السوري الممكن.

عامر شهدا- الوطن
2011/2/14-nesrosuryoyo


بركة الرب معكم
أخوكم: ابن السريان


صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”أخبار شعبنا في القامشلي“