خيانة الأمانة
مرسل: الأحد إبريل 18, 2021 4:44 am
خيانة الأمانة
"هذه ليست قصّة من وحي الخيال ، بل حقيقة من واقع الحياة ، حدثت قبل بضعة أيّام ".
وماتت الخالة وردة .. ماتت قبل بضعة أيّام . لم أكن أعرف إسمها قبل موتها . خمسة عشر سنة ونحن ندعوها ( ايمو ) ومعناه بالسريانيّة " الأم الكبيرة " . ماتت عن عمر يناهز الرابعة والثمانين عاماً ، وربّما أكثر ، يعني أنّها قد أتمّت عمرها ، والأعمار بيد الله ، وهذا ما لا إعتراض عليه . ماتت مختنقة بسب " الكورونا " وهذا من حقّنا الإعتراض عليه .. لماذا ؟ ستعلم يا عزيزي بعد قليل .
كانت "ايمو" إمرأة فاضلة ومؤمنة. لم يرها أحّداً في يومٍ من الأيّام غاضبة ، بل بالعكس كانت دائماً مبتسمة ، لطيفة ، خجولة ، تحمل بين جنباتها قلباً طفوليّاً . كان كل الأطفال يحبّونها ، ويمازحونها بطريقتهم الطفوليّة العفويّة. وكانت هي هكذا تفعل ، تبادلهم عفويّتهم ومشاعرهم .
كانت دوماً أنيقة في كل شيء .. لباسها ، حديثها ، حضورها ...ألخ . تفرض عليك إحترامها .
في المشفى قال الأطباء مستغربين : كيف لم تأخذ اللقاح لحد الآن ، وهي في هذه السن المتقدّمة ؟ لو أخذت اللقاح ربّما ما ماتت مختنقة .
في مركز العناية الصحّية حيث كانت " ايمو " تابعة له ، كانوا دوماً يقولون لها : اللقاح لم يصل بعد ..إنتظري يا خالة .. إنتظري يا خالة .. ولكن اللقاح كان قد وصل منذ عدّة أشهر. أين ذهب ؟ لماذا لم تُعطى "ايمو" اللقاح ؟ من أخذ اللقاح ؟ وكيف ؟ .. أسئلة عديدة ، لكن القصّة بانت بسرعة ، وكُشف المستور.
على شاشة الفيسبوك ، يظهر مجموعة من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين الثلاثين والأربعين سنة ، يلوّحون بأيديهم ، ويبرزون أكتافهم ، سعيدين فرحين ، وبأصوات عالية يردّدون مفتخرين : لقد أخذنا اللقاح ...لقد أخذنا اللقاح .
نعم لقد أخذوا اللقاح .. ولكن لقاح من ؟.. أخذوا لقاح الخالة وردة ، ولقاحي أنا !.أنا الذي مدوّن اسمه أيضاً في قائمة المنتظرين الأوائل .. أنا الذي على أساس مصنّف في منطقة الخطر ، أنا الذي كلّما سألتهم ( وأقصد العاملين في المركز الصحّي ) متى سآخذ اللقاح ؟ يقولون : لم يأتي اللقاح بعد .. أنك مسجّل على القائمة في الأدوار الأماميّة . بالتأكيد عمري ليس كعمر الخالة وردة .. أنا في الستينات من عمري ، ولكن بسبب وضعي الصحّي الخاص كان من المفترض أن آخذ اللقاح .المهم أنا هنا لا أتكلّم عن الأعمار بل عن الأرواح. نعم الأرواح يا أيّها الشباب الفرحين بشراء اللقاح ( لقاح الخالة وردة ، ولقاحي ، ولقاح الكثيرين المنتظرين المهدّدين بالخطر ). أنتم بكل الأحوال لستم مذنبون ، ولستم المسؤولون ، لأنكم ربّما لم تدركوا حجم الخطورة ، وحجم البشاعة المرتكبة . المسؤول الأوّل والأخير هو ( الدكتور ). نعم أنت يا دكتور هو المسؤول عن موت الخالة " وردة " . أنت يا من بِعت اللقاح . أليست هذه خيانة للأمانة التي أقسمت أن تحافظ عليها عندما مُنحت شهادتك ؟ أين ضميرك يا دكتور؟ أين قسمك ؟ أين أمانتك ؟ " دكتور آخر زمن " خسارة ..أنت لا تستحق أن تكون دكتور للحيوانات .. أعوذ بالله منك ! كيف تجرّأت وفعلت فعلتك هذه؟ لو ماتت أمّك بدل الخالة وردة ، أكيد كنت ستزعل عليها وتبكي وتزرف الدموع . ولكن الخالة وردة ليست أمّك ، فلم يهمّك .
" تفو عليك يا نصَّاب ، يا عديم الوجدان " . نحن نطالب بتجريدك شهادتك .
"هذه ليست قصّة من وحي الخيال ، بل حقيقة من واقع الحياة ، حدثت قبل بضعة أيّام ".
وماتت الخالة وردة .. ماتت قبل بضعة أيّام . لم أكن أعرف إسمها قبل موتها . خمسة عشر سنة ونحن ندعوها ( ايمو ) ومعناه بالسريانيّة " الأم الكبيرة " . ماتت عن عمر يناهز الرابعة والثمانين عاماً ، وربّما أكثر ، يعني أنّها قد أتمّت عمرها ، والأعمار بيد الله ، وهذا ما لا إعتراض عليه . ماتت مختنقة بسب " الكورونا " وهذا من حقّنا الإعتراض عليه .. لماذا ؟ ستعلم يا عزيزي بعد قليل .
كانت "ايمو" إمرأة فاضلة ومؤمنة. لم يرها أحّداً في يومٍ من الأيّام غاضبة ، بل بالعكس كانت دائماً مبتسمة ، لطيفة ، خجولة ، تحمل بين جنباتها قلباً طفوليّاً . كان كل الأطفال يحبّونها ، ويمازحونها بطريقتهم الطفوليّة العفويّة. وكانت هي هكذا تفعل ، تبادلهم عفويّتهم ومشاعرهم .
كانت دوماً أنيقة في كل شيء .. لباسها ، حديثها ، حضورها ...ألخ . تفرض عليك إحترامها .
في المشفى قال الأطباء مستغربين : كيف لم تأخذ اللقاح لحد الآن ، وهي في هذه السن المتقدّمة ؟ لو أخذت اللقاح ربّما ما ماتت مختنقة .
في مركز العناية الصحّية حيث كانت " ايمو " تابعة له ، كانوا دوماً يقولون لها : اللقاح لم يصل بعد ..إنتظري يا خالة .. إنتظري يا خالة .. ولكن اللقاح كان قد وصل منذ عدّة أشهر. أين ذهب ؟ لماذا لم تُعطى "ايمو" اللقاح ؟ من أخذ اللقاح ؟ وكيف ؟ .. أسئلة عديدة ، لكن القصّة بانت بسرعة ، وكُشف المستور.
على شاشة الفيسبوك ، يظهر مجموعة من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين الثلاثين والأربعين سنة ، يلوّحون بأيديهم ، ويبرزون أكتافهم ، سعيدين فرحين ، وبأصوات عالية يردّدون مفتخرين : لقد أخذنا اللقاح ...لقد أخذنا اللقاح .
نعم لقد أخذوا اللقاح .. ولكن لقاح من ؟.. أخذوا لقاح الخالة وردة ، ولقاحي أنا !.أنا الذي مدوّن اسمه أيضاً في قائمة المنتظرين الأوائل .. أنا الذي على أساس مصنّف في منطقة الخطر ، أنا الذي كلّما سألتهم ( وأقصد العاملين في المركز الصحّي ) متى سآخذ اللقاح ؟ يقولون : لم يأتي اللقاح بعد .. أنك مسجّل على القائمة في الأدوار الأماميّة . بالتأكيد عمري ليس كعمر الخالة وردة .. أنا في الستينات من عمري ، ولكن بسبب وضعي الصحّي الخاص كان من المفترض أن آخذ اللقاح .المهم أنا هنا لا أتكلّم عن الأعمار بل عن الأرواح. نعم الأرواح يا أيّها الشباب الفرحين بشراء اللقاح ( لقاح الخالة وردة ، ولقاحي ، ولقاح الكثيرين المنتظرين المهدّدين بالخطر ). أنتم بكل الأحوال لستم مذنبون ، ولستم المسؤولون ، لأنكم ربّما لم تدركوا حجم الخطورة ، وحجم البشاعة المرتكبة . المسؤول الأوّل والأخير هو ( الدكتور ). نعم أنت يا دكتور هو المسؤول عن موت الخالة " وردة " . أنت يا من بِعت اللقاح . أليست هذه خيانة للأمانة التي أقسمت أن تحافظ عليها عندما مُنحت شهادتك ؟ أين ضميرك يا دكتور؟ أين قسمك ؟ أين أمانتك ؟ " دكتور آخر زمن " خسارة ..أنت لا تستحق أن تكون دكتور للحيوانات .. أعوذ بالله منك ! كيف تجرّأت وفعلت فعلتك هذه؟ لو ماتت أمّك بدل الخالة وردة ، أكيد كنت ستزعل عليها وتبكي وتزرف الدموع . ولكن الخالة وردة ليست أمّك ، فلم يهمّك .
" تفو عليك يا نصَّاب ، يا عديم الوجدان " . نحن نطالب بتجريدك شهادتك .