قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

قصص قصيرة ....
قصص قصيرة جدّاً ...
منها رأيتها بعيني ....
ومنها سمعتها بأذني ....


لعنة السماء

نادى صديقه وقال : ( ينعلْ سماكْ ) ليَشْ تأخرت ؟
سمعه آخر وقال : لماذا تلعن السماء؟
أجابه الأول وقال : وما دخلكَ أنت َ ؟
أجاب الثاني : السماء ليست ملكاً لك وحدكَ ، لكي تلعنها ؟
أجابه الأول : إذاً دعني ألعنْ فقط القسم الذي هو ملكٌ لي ؟
تقدمَ ذاكَ .. وتقدم الآخر ...!
رفع الأول يده ..فرفع الثاني يده أيضاً ..!
وبينَ هذا وذاك ..وجدتني أقف في الوسط لأقول :
( عيب عليكن يا جماعة ..!)
نظرتُ إلى السماء ، فرأيتها متلبِّدة بالغيوم .

*******

الحكواتي

كانَ قد أتوا به ليوَّنسهم ... برغم أعتراضه في بادىء الأمر
على المجيء ، لأنه كان على خصام مع ربَّة البيت ، التي كانت
قد نعتتهُ في إحدى المرّات ، وكسرتْ بخاطره .. وافق في النهاية
كرامة للذين ألحوا عليه وترجوه ...وكرامة للمريض الذي كان يُنازع .
كان( مراد كانون) وهذا إسمه ، رجلاً حكواتيّاً ، في زمن لم تعرف
فيه آزخ السينما والراديو والتلفزيون والأنترنيت ...والخ من هذه
التكنولوجيا المتقدمة ... فكانَ مراد كانون هذا بمثابة هذه الأشياء
كلها ... هو الذي يُدير السهرات العامرة ، يتحدث والكل ينصُتْ
إليه بآذانٍ صاغية ، وعيونٍ شاغفة ، وكان قبل أن يبدأ بسرد قصته
يقول : إذا كان أحداً منكم يريد أن يقضي حاجة فليفعلها .. لأنني
إذا بدأتُ ، لا أتوقف حتى نهاية القصّة ...!
كان المريض مُسجَّى على الفراش المبسوط في أحّد أركان الغرفة الترابيّة ...
وكانَ كافة الأهل من حوله ، جالسين على مدار جدران
الغرفة الأربعة ... عندما دخل عليهم العم مراد ، وأخذَ مجلسهُ وتمركز .
بعد قليل ، وبعد إعطاء المعلومات اللازمة ، فتح العم مراد فمهُ وقال:
كان ياماكان كان في قديم الزمان ..........................وطالت القصّة!
طالت القصّة .. وبدأ البعض يتململ ، ويسرق نفسه ، ويغادر الغرفة
والعم مراد لازال مستمرّاً في قصّته، زهِق آخرون وخرجوا ولكن لا يهم
دعهم يخرجون .. القصة لم تنتهي بعد ... طال الوقت ... وطالت القصّة
وها هو الفجر قد لوَّح .. والدّيكة بدأت تصيح .. وقصة العم مراد لا زالت
مستمرّة ...
نظر الشخص الأخير المتبقي مع العم مراد ( وكان إبناً للمريض )
نظرفي وجه والده فرآهُ قد فارق الحياة ... والقصّة لم تنتهي....
وهنا صرخ وقال:
لقد مات أبي يا عمو مراد ..!
ردَّ عليه العم مراد وقال :( ماتْ ... ماتْ ..الله يرحمو .. بس گيا
وگيا فأم اليقوم من هون إلى ما خلّص حكُّويتي )

رواها جدي ، رحمه الله

گيا ( باللهجة الأزخينيّة ) = تعني : هيكْ أو هكذا

***********

الثأر


كنا نعمل سويّة في ذات المعمل .... وكنا قد أتفقنا على مناصفة
الذهاب إلى العمل ..أي أسبوع بسيارتي ، وأسبوع بسيارته ..
صديقي هذا كانَ بطيء الأستيقاظ في الصباح ..وتستطيع أن
تقول من الذين يطيب لهم الأسترخاء في الفراش صباحاً .
حذَّرته مرات كثيرة على هذا التأخير ، ولكن دون جدوى ..!
في النهاية توعدتهُ إذا كررها مرة أخرى ، فسوف أتركه نائماً
وأذهب ...! وربما لم يأخذ الأمر بمحمل الجد ، حتى جاء اليوم
الذي أنتظرته فيه لينزل ، فلم يفعل .. فتركته نائماً ، ولم أصعد
كالعادة لأطرق الباب وأوقظه ، بل قدتُ سيارتي متجهاً إلى العمل ..
أستيقظ صديقي بعد حوالي الساعة ، ودُهشَ للتأخير ، فقاد سيارته
وأتى إلى العمل ...
رآني .. فضحكتُ منه ساخراً ..! فقال : الله كريم ..غداً سيأتي
دوري ..والأيام طويلة بيننا ..وستلقى إنشاء الله مني نفس المصير ..
فرفعتُ نبرة ضحكتي وقلتُ : لقد نبّهتكَ أكثر من مرة ، ولكنكَ
لن تسمع ....
كان يوماً من أيام الشتاء المظلمة ، عندما أستيقظ صديقي ، ونزل
إلى السيارة ، وأدارها ، وجلس ينتظرني ريثما أنزل ..
تأخرت في النزول ..فنظر إلى نافذة دارنا التي كان لابدَّ أن تكون
مُضاءة في مثل هذا الوقت .. ولكنهُ وجدها مظلمة ، فقال لنفسه :
لقد جاء دورك لتأخذ بثأركَ ..!
أدار محرّك سيارته واتجه بها نحو المعمل ، كانت المسافة بين
البيت والمعمل حوالي العشرون دقيقة بالسيّارة ..
وصل صديقي .. ولكن فوجىء عندما رأى الباب الكبير للمعمل
مغلقاً ، فقال بينه وبين نفسه : ربما المسئول المناوب قد تأخر قليلاً
الأفضل أن أجلس بسيارتي وأنتظره ...
ولكن للأسف فتوقعات صديقي كانت خاطئة ..!
فما أن جلس في السيارة ، ووقعت عيناهُ على الساعة المتمركزة
وراء المقود مباشرة ، ونظر إلى الساعة في يده ، حتى صرخ وقال:
لا .. لا .. مستحيل !!
وكيف لايصرخ صديقي والساعتان تشيران إلى الخامسة صباحاً
وهذا يعني أنه قد وصل قبل ساعة من بدأ العمل ..
وهذا يعني أنه قد دقت ساعة المنبِّه بالبيت ساعة قبل موعدها
وهو المسئول على توقيتها خطأً ..
فكر صديقي قليلاً .. أيعود إلى البيت .. أم ينتظر ؟
قرر في الأخير الأنتظار في سيارته أمام باب المعمل
ريثما يحين الوقت .
ما هذا التجمهر أمام باب المعمل ، الذي بدى ليَّ من بعيد..!
عندما أقتربتُ قليلاً ، توضحت الصورة أكثر ...
إنها سيارة صديقي ..ولكن ماذا يحدث ؟ ولماذا ألتفَّ الناس
حولها ؟
وصلتُ .. وبسرعة أوقفتُ سيارتي على جانب الطريق ، وهرعتُ
نحو المكان ..
ياله من منظر ، ويالها من نومة هنيئة ، قد غطَّ فيها صديقي
ناهيكَ عن صدى شخيره الذي كان يصطدم بزجاج السيّارة
فيولِّد خرخرات ورجرجات موسيقيّة صاخبة عديمة الوزن والإيقاع
فمن ناحية كانت مزعجة ، ولكن من ناحية أخرى كانت تدل على أن
صاحبنا لازالَ على قيد الحياة .
في النهاية وبعد الطرق والخبط الشديد على نوافذ السيارة أستيقظ صديقي
من أحلامه وغفوته العميقة ، ونظر إلى الكل حوله ، فبُهت ..
فتح باب السيارة ونظر إليَّ وابتسم ...
قلتُ : مابكَ ؟ ... ماذا حصل ؟
قال : أردتُ أن أأخذ بثأري منكَ ، ولكن يظهر أني ثأرتُ من نفسي ..
حفرتُ لكَ حفرةً ، فوقعتُ أنا فيها .

***
الثرثار

كانا يسيران ....هي تتكَّلم ، وهو ساكت ..
مضت نصف ساعة ..هي تتكلَّم ، وهو ساكت ..
قالت له : الحمد لله لأنَّ إبننا لم يأتي عليكَ ثرثاراً .!

***
فريد توما مراد
ستوكهولم - السويد


[/size]
صورة العضو الرمزية
حنا خوري
عضو
عضو
مشاركات: 1252
اشترك في: السبت مايو 15, 2010 2:39 pm

Re: قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة حنا خوري »



حبيبي واخي الغالي ابو بولص .
يعني بصراحة انتشيتُ وانا أتجوّل بين هذه الحكايات القصيرة الرائعة ... وبين الواحدة والأخرى ...أتّخذ لي حيّزا من الوقت لأضحك مقدار استطاعتي ... من احداث كل واحدة .

وفادي بقى عليك اخوي بين هوك الظلاّم التي كل ويحد يريدلو شقفة من السما ... كا خلّيتن ف قيتالتن وكا طلعت من الحكّوية كما هوك العراقيين القيتلو على هاي شمس ولاّ قمر وكل واحد سحب سكّينتو على اللاخ ... وفات ويحد ببّوك وقالولو انت قوللنا هاي اشني ؟؟؟ طلّع ف سكيكينن وقال .. منا من هالبلد موعرف صدّق .

وو عمنا مراد كانون ... على بختي لا كا خلصت حكّويتو كا تيكمّلا ف تريق القبور وهنّيه كيروحو ش دفنة الميت .

اشكرك من القلب حبيبي ابو بولص وووو
بركة عزرت آزخ معك
بنت السريان
أديبة وشاعرة
أديبة وشاعرة
مشاركات: 16170
اشترك في: السبت يونيو 05, 2010 11:51 am

Re: قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة بنت السريان »

عزيزي أخي فريد المبارك
كل قصة هي موضوع بحد ذاته ومنها عبرة يعتبر منها
يرعاكم الرب ويوفقكم أخي
بالفعل أنت قاص حاذق ,متمكن في الأداء والتعبيرو بأسلوب رائع

لاعن السماء لا نصيب له فيها فليهنأ بجحيم الأرض
قصة الثأر ضحكت لها كثيرا وقلت
يا حافر البير لاتغمّق مساحيها
هذا الفلك غدّار وانت تقع بيها
أما الثرثار الحكواتي فقد ضاقت منه أنفاسي

أختكم بنت السريان



الله محبة صورة
بنت السريان
سعاد اسطيفان
صورة العضو الرمزية
سعاد نيسان
مشرف
مشرف
مشاركات: 15443
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 27, 2010 5:08 pm

Re: قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة سعاد نيسان »

مشكور ابو بول على هذه القصص الواقعية القصيرة واللي استمتعت بقرأتها فعلاً .
ولكن فعلاً نسمع ( يلعن سماك )حتى من باب المزاح لماذا هذه الكلمة بالذات لا أدري ؟
اما عن الحكواتي معه حق لازم يخلص ا لقصة لأنه قد يكون بطل القصة ....
اما عن الثأر (من حفر حفرة لأخيه .....
اما الثرثار (بيجوز الحق معها لذلك لم يرد عليها وتفاجأت لسكوته لأنه فعلاً ثرثار لذلك قالت جملتها الأخيرة .
كل عام وأنتم بخير


أقتن الذهب بمقدار أما العلم فاكتسبه بلا حد لأن الذهب يكثر الآفات أما العلم فيورث الراحة و النعيم .
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 48825
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

Re: قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

مشكور جداً اخي القدير أبو بول على هذه المجموعة من القصص المضحكة والمحزنة والجميلة والحقيقة هي دروس من الحياة التي نستفاد منها
وستبقى لنا في الذاكرة
وفقك الرب ومنحك ثوب الصحة والعافية والعمر المديد
نحن بانتظار رواياتك الرائعة بشوق
لا تبخل علينا.
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

Re: قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

أخي الحبيب أبو لبيب ...رعاك الله .
دائماً مداخلاتك لها نكهتها الخاصة ، حتى إنني في
بعض الأحيان ، أشعر وكأنها من مضمون القصة .
أشكركَ جزيل الشكر ، وأتمنى لك دائماً أوقاتاً سعيدة .
حرستكَ عزرت آزخ
فريد
[/size]
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

Re: قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

الأخت الغالية بنت السريان ..رعاكِ الله .
أشكركِ من أعماق قلبي ، على ( تشجيعكِ ) لنا
وهذا يعني الكثير ..
قلتُ مرّة وأقول : إنني في بداية مشواري ، وأنا لا أنكر أبداً
مثل هذا ( الدفع ) الذي يجعلني أن أتقدَّم أكثر فأكثر للأمام .
شكراً لمداخلتك الطيِّبة ، مع دعائي لكِ بالتوفيق والنجاح .
ولتحرسكِ عزرت آزخ
أخاكِ بالرب
فريد
[/size]
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

Re: قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

الأخت العزيزة أم تغلات ..وفقكِ الله .
أشكر مداخلتك ومروركِ الكريم ..
أتمنا لكِ دوام الصحّة والعافية والموفقيَّة ..
أمَّا عن لعنة السماء ، فليس من حقِّ أحّد أن ( يلعن )
والسيد المسيح له المجد يقول : لاتحلفوا البتّة ، لا بالسماء
لأنها عرش الله ، ولآ بالأرض لأنها موطىء قدميه ...
هذا عن مجرّد الحلف ..فكيف يكون اللعن ؟
تقبلي فائق تحيَّاتي
أخاكِ بالرب
فريد
[/size]
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

Re: قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

الشمَّاس العزيز إسحق ...صانك الرب .
أشكر مرورك الجميل ، ومداخلتك الأجمل ..
نعم هذا هو القصد من كتابة هكذا قصص ..
علّها تبقى ذكرى للتاريخ ... والأجيال القادمة .
تقبل محبَّتي الخالصة .
فريد

[/size]
صورة العضو الرمزية
adiblula
عضو
عضو
مشاركات: 914
اشترك في: السبت مايو 15, 2010 8:25 am

Re: قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة adiblula »

عزيزي فريد
ما أجمل القصص عندما تكون من صميم الواقع
فيها العبرة والحكمة والدروس حيناً
وفيها الفكاهة والتندّر حيناً آخر
وهذا ما يميّز قلمك الرائع القادرعلى الكتابة بكل الألوان
فبين لعنة السماء والحكواتي والثأر والثرثار
يتنقل القارئ من موضوع إلى آخر دون أن يشعر بالملل
أما الحكواتي فقد فقد تعرض الى السخط دون حق
لأنه مسبقاً حذرهم قائلا :
إذا كان أحداً منكم يريد أن يقضي حاجة فليفعلها .. لأنني
إذا بدأتُ ، لا أتوقف حتى نهاية القصّة ...!
وقد أعذر من أنذر ...
ثم ... وفى بوعده بعدم التوقف حتى النهاية مهما حصل ،
فلماذا يُلام ؟!!! ههههههههه
بانتظار المزيد من هذه الدرر
بركة الرب معك
[/color]
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

Re: قصص قصيرة .بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

الأخ العزيز أبوجورج
بالحقيقة الكلام الذي قرأتهُ الآن ، من خلال مداخلتك
الطيّبة ، الذي أغبطني وأدخل المسرّة إلى قلبي
هذا الكلام هو الذي يدفعني نحو الأمام للمثابرة والمتابعة .
أما عن الحكواتي ، فأنا أيضاً أضم صوتي إلى صوتك ..
كان عليهم من البداية أن لا يقبلوا بشروطه .
وهو ليس ذنبه إن عاش المريض أو مات ..!
أشكر مرورك الكريم
تقبّل فائق تحيّاتي
ولتحرسك عزرت آزخ
فريد
[/size]
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الكاتب والراوي فريد توما مراد“