الغرور المدمِّر. بقلم : فريد توما مراد

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

الغرور المدمِّر. بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

الغرور المُدمِّر .


مجرد نقاش عادي جدّاً دار بيني وبينه .. هو يحترمني .. وأنا أيضاً
أكنُّ له كل الأحترام والتقدير ..
صديقي هذا يعتبر نفسه من النوع المثقّف ..وأنا لا أنكر هذا أبداً عليه ..
لكن للأسف لغاية هذه الساعة ، لا بل لغاية هذه اللحظة التي أكتب فيها
لم يقدِّم صديقي هذا أي عمل للقراء .. وأيضاً لا أنكر عليه أبداً ، قد يكون
لديه أعمال مخفيّة يحتفظ بها لذاته ..وربما قد لاتسعفه الجرأة ليعلن عنها
وكثيرين هم أمثاله .. فهذا ليس عيباً ، إنما قد يعود سببه إلى الخجل وعدم
الجرأة كما ذكرنا ، أو يعود إلى الغرور الشخصي ، وبمفهوم آخر نستطيع
أن نسميه بالتعالي .... ومع أسفي الشديد فصاحبي هذا يبدو أنه من النوع
الأخير ......
تعرّفتُ عليه منذ سنوات عديدة ، لكن لم تربطني معه صداقة متينة ودائمة
كنا نلتقي أحياناً في بعض المناسبات ، فنتحدّث ونتناقش في أمورٍ شتّى ..
ولكن بمجرد أفتراقنا لم يكن بيننا أتصالات هاتفيّة أو ماشابه ذلك ، لغاية
لقاءنا مصادفة مرّة أخرى ..
قبل أيام جمعتني الصدفة بصديقي هذا ، الذي كان قد مضى على أفتراقنا
آخر مرّة ، بضعة أشهر ...وكالعادة جرّنا الحديث ثانية إلى الكتابة وآخر
المستجدات من أعماله التي يحتفظ بها لنفسه .. والتي لغاية هذه اللحظة
لم ترى النور ..إنها تعيش في ظلمة حالكة قد يصعب عليها الخروج مباشرة
إلى أشعة الشمس الساطعة ، فهي كالسجين في زنزانة مظلمة
لمدة طويلة من الزمن ...
قلتُ له من باب المزاح : ما هي آخر أعمالك التي كتبتها وقدمتها لذاتك ؟
لم أكن أبداً متوقعاً منه بأنه سيُدخل يده اليمنى في جيب جاكيته الداخلي
ليُخرج منه ورقة بيضاء ليفتحها بكل هدوء ويقول : أسمع هذا الشعر الذي
كتبته مؤخَّراً .. وراحَ يُسمعني ...وأنا أزداد شوقاً لسماع المزيد ...
سأكون عديم الإحساس والشعور والتذوّق إن لم أعترف بقدرة صاحبي
وأمكانياته العالية ، وإحساسه المرهف في كتابة القصيدة الشعرية ...
إنه جدير بالثناء عليه ...فهو وبكل تواضع أقولها : يستحق لقب ( شاعر )
دون منازع ..
جميل....ورائع...ومذهل .. ما سمعته منكَ ياصديقي ..!! إنكَ مبدعاً للغاية
ورقيق الحس ..ولكنكَ بالمقابل أنت ظالماً وقاسياً ..! قلتُ له بعد أنتهائه
من إلقاء قصيدته ُعليَّ ...
قال : كيف ؟... ولماذا ؟
قلتُ : لأنكَ تقسو على أشعاركَ ، بنفسكَ ، وتحرم الآخرين من سماعها ..!
قال : وماذا تريدني أن أفعل ؟
قلتُ : أنشرهم ياأخي .. فهناك عدة وسائل وطرق للنشر .. وهناك على
سبيل المثال لا الحصر العديد من المواقع تستطيع أن تتفاعل معها ..!
أجابني صديقي وقال : بالحقيقة لم أرى لغاية الآن الموقع الذي أرغبه ..
فأغلب المواقع بعيدة عن النهج الثقافي ، ولا تجد فيها إلاَّ العدد القليل الذي
يهتم في هذا المجال ... أما الأغلبيّة فمعظم كتاباتهم هي عن الأكل والرياضة ونقل
الأحداث والتهاني والتعازي ....والخ من هذه الأمور التي
قد تكون لاتعني ليَّ الكثير ...!!
فقلتُ له : ربما ما تقوله صحيحاً من وجهة نظرك ..
( علاوةً على وجود مواقع تهتم فقط بالأدب والثقافة ) ولكن أسمح لي أن أعطيك مثالاً بسيطاً
تخيّل يا صديقي وأنت تدخل حديقة في يومٍ ربيعيٍ جميل
لتروِّح عن نفسكَ ، وتريِّح أعصابكَ ...وعند دخولكَ لاتجد فيها إلاَّ
نوعاً واحداً من الزهور ..! فأخذت تتجول وتتمشى علك ترى نوعاً آخراً
ولكن دون فائدة ..! فالحديقة بطولها وعرضها لاتحوي سوى نوعاً واحداً.
حتماً ياأخي ستشعر بعد فترة من الزمن بالملل ..وستزهق من رؤية المكان
مهما كانت هذه الزهور جميلة وخلاّبة ، وفوَّاحة للعطر ..
وهكذا ياصديقي يكون ( الموقع ) .. فإذا لم يكن متنوِّعاً ، حتماً سيُصاب
الزائر بالملل والإرهاق .. وربما لا يُعاود الكرّى إليه .
أصابع يدكَ كلها ليست متساوية ..هكذا أرادها الله ليكون لكل واحدة منها
مهمتها الخاصّة ... وهكذا الإنسان ياصديقي .. فلو كل الناس كتبت شِعراً
لأصبح هذا الشِعر ضيقاً وكآبة على الجميع .... لكل واحد رغبته الخاصة
في الحياة ...ولكل واحد أتجاهاته المحببة لديه في هذه الحياة .. وهكذا تتكامل
وتتكافىء معادلة الحياة .. كل واحد بالدور الذي يلعبه ....!!
لستُ متأكداً من أن صديقي أقتنع من كلامي هذا ..لأنه كان يهزَّ رأسه فقط
وأنا أتكلّم ولم يبدي أيُّ رأياً .. سلبيّاً كان ، أم أيجابيّاً ........
واليوم وبعد مرور أشهر على لقاءنا الأخير ، وأنا أتجوّل بين المواقع المتعددة
علّني ألمح قصيدة شِعريّة لصديقي ...ولكن عبثاً أفعل ...!!
على كل حال سأنتظر أكثر ... يقولون في العجلة الندامة ..
لا أتمنى أبداً أن أضطر في يوم من الأيام وبعد الأنتظار الطويل ، وبعد
فقدان الأمل ..وعندما تجمعنا الصدفة ثانيةً .......... أن أقول له متأسِّفاً :
لقد دمّركَ ( غروركَ ) ياصديقي ...!!!

فريد توما مراد
ستوكهولم - السويد


[/size]
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 48825
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

Re: الغرور المدمِّر. بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

موضوع أكثر من رائع
نعم الله على الإنسان كثيرة، والإنسان الموفق هو الذي يدرك ذلك ويقابل كل نعمة بالشكر عليها
فالغرور قد يكون على نوعين
الأول طبيعي والثاني مدمر
ومقالتك أخي الحبيب أبو بول قد تكون من النوع الثاني!
وصديقك هذا قد حفرة حفرة في الأرض وطمرها ولم يتاجر بها
ربنا يبارك حياتك ويعوض تعبك بالخير والبركة والعمر المديد.
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
صورة العضو الرمزية
سعاد نيسان
مشرف
مشرف
مشاركات: 15443
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 27, 2010 5:08 pm

Re: الغرور المدمِّر. بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة سعاد نيسان »

الإنسان يعيش حياته لحتى ياخد ويعطي يعلم ويتعلم يفيد ويستفيد
وليبقى له ذكرى جميلة في هذه الحياة الفانية .
الإنسان كلما قرأ قصة أو........
عليه أن يسمعها للآخرين
هؤلاء الناس هم كالمعلم الذي يدخل الى الصف ويخاف ان يشرح كل معلوماته
لطلابه كي لا يصيروا اشطر منه
دائماً كتاباتك رائعة
:tawdee: ابو بول الرب يقويك
أقتن الذهب بمقدار أما العلم فاكتسبه بلا حد لأن الذهب يكثر الآفات أما العلم فيورث الراحة و النعيم .
بنت السريان
أديبة وشاعرة
أديبة وشاعرة
مشاركات: 16170
اشترك في: السبت يونيو 05, 2010 11:51 am

Re: الغرور المدمِّر. بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة بنت السريان »

أبو بول المبارك
أخشى أن صديقك هذا قد أصابه الكبرياء , ويرى نفسه أفهم العالم
أصابه الغرور بموهبة ليس من لدنه إنما من لدن الله
ناسياُ الكسر والسقوط يسبقهما الكبرياء
ليس هذا وحسب, على ما أظن إنه مصاب بالأنانية وما أصعب وأقسى من أن يصاب المرء بالانانية
قبر في طي الظلام قصائده وأشعاره لم يعلنها للنور لأنه لا يحب العطاء
المعطي بسرور يحبه الله
لقد دفن الموهبة التي أعطاها له الله
الشجرة التي لا تثمر تقطع وتلقى في النار
فكيف لو كانت تثمر وطمر ثمرها؟؟؟؟؟؟
مسكين هذا الإنسان
سيندم يوما ولات ساعة مندم
ليس في قصدي الإدانة
أنالا أدين أحداً, لئلّا أُدان, هكذا علّمنا الرب,
لكني ننتقد أفعاله,
أساليب الشيطان متنوعة وقوية ودائماً يحارب أبناء الرب
لذلك علينا أن نصلّي له ونطلب من الرب أن يفك قيود أسره
ويغرس السلام في قلبه

اختكم بنت السريان


الله محبة صورة
بنت السريان
سعاد اسطيفان
صورة العضو الرمزية
حنا خوري
عضو
عضو
مشاركات: 1252
اشترك في: السبت مايو 15, 2010 2:39 pm

Re: الغرور المدمِّر. بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة حنا خوري »



اخي وحبيبي ابو بولص
أتعبني المشوار لأجد هذه المشاركة الرائعة ... فثق تماما عزيزي انا أُلاحق كتاباتك على عجل ... ولكن للأسف في موقعنا هذا لا يكاد العضو يشارك بمشاركة حتى تُركن على الرفوف بعد لحظات من نشرها
نعم واخيرا حصلتُ عليها وبعد ان تمتّعتُ بما قلتَه لصديقك الشاعر والأديب اقول
بالفعل نظرته تدل على الغرور بكل ما تحوي هذه الكلمة من معنى ... ووصفه لأغلب المواقع كما وصفها كلام غلط في غلط ... فما أجمل من ان الموقع يتنوّع بين خبر وفكاهة وموضوع ثقافي وحكم وطرح مدارس فلسفية وحتى اخبار وتعازي ... فكما قلتَ له انّ الحديقة ذات اللون الواحد من الزهور مملّة للتنزّه ومقفرة .
خلّينا كما النحن كيا نهينك فادنا ف شي النحبّوو والتعابير التي نرتاح لها وفيها ... ومن يتنازل الى مستوانا الأدبي المتواضع فأهلا وسهلا وعلى الرحب والسعة
ومن ينظر الينا من فوق وعلو
خلّيو على الله وعلينا
اشكرك اخي ووو
بركة عزرت آزخ معك
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

Re: الغرور المدمِّر. بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

شماسنا الموقر حفظك الرب .
نعم كما ذكرت فصاحبنا هذا أبى أن يتاجر بالوزنات ..
وأخشى أن يأتي يوم ، اليوم الذي يستيقظ فيه على نفسه
فيندم ، ويحاول الرجوع إلى أوراقه ، فيرى قد أفسدهم
العث والسوس .
شكراً لمداخلتك وتعقيبك الطيّب .
وفقك الرب
فريد
[/size]
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

Re: الغرور المدمِّر. بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

نعم أختنا العزيزة أم تغلات ..
الإنسان يعيش حياته لكي يأخذ ويعطي ، حتى تكتمل دورة الحياة .
والعطاء دوماً خيرٌ من الأخذ ...
أأمل أن يقرأ صديقي ماكُتب عنه ، علّه يستيقظ من غفوته .
حفظكِ الرب
فريد


[/size]
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

Re: الغرور المدمِّر. بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

الأخت الفاضلة بنت السريان ..
بداية أشكر الرب على مواهبه وعطاياه ..
نعم ياأختي نحن لسنا هنا بصدد الإدانة ، ولا يحق
لأحّد أن يدين غيره ، بل يوَّعيه وينصحه ويرشده
السيد الرب يقول : لا يوقد سراج ليوضع تحت المكيال
بل على المنارة لينير جميع من في البيت .
ونحن نريد لهذا السراج أن ينير .
شكراً لمداخلتك المركّزة ، وكلامكِ المُفعم بالمصداقيّة .
أتمنا لصديقي الشاعر المجهول كل الخير ..
ولكِ أجمل التحيّات الطيّبة .
حرستكِ عزرت آزخ
فريد
[/size]
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

Re: الغرور المدمِّر. بقلم : فريد توما مراد

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

أخي وعزيزي أبو لبيب ..
لايمنع أبداً أن يكتب صديقي هذا في مجاله ( الشعر )
فهذا خطَّه ، ولهذا يرتاح ، وبهذا يستطيع أن يجود ..
ولكن ليس من حقه أبداً الإستخفاف بالأعمال والنشاطات
والفعّاليات الأخرى .. لأنه لاتكتمل باقة الزهور إلاَّ بها .
نحن لانلوم الذين ليس لديهم الإمكانيّات ، لأنهم بالأساس
لايستطيعون أن يقدموا شيئاً ، ولكن نلوم من تكون جعبتهم
مملؤة بالثمار اليانعة ، فيتركونها لتذبل وتعفِّن .
أشكرك من أعماق قلبي .
لك محبتي ومودتي
حرستك عزرت آزخ
أبو بولص
[/size]
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الكاتب والراوي فريد توما مراد“