المرأة السامرية ويسوع الناصري قصة وحوار وتأمل!

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
Alrban Rabola
مرشد روحي
مرشد روحي
مشاركات: 300
اشترك في: الاثنين مارس 18, 2013 7:32 pm
مكان: سوريا

المرأة السامرية ويسوع الناصري قصة وحوار وتأمل!

مشاركة بواسطة Alrban Rabola »

المرأة السامرية ويسوع الناصري قصة وحوار وتأمل
" يوحنا 4: 1 ـ 30 "
تأمل لراهب سرياني / الأب الربَّان رابولا صومي ـ سوريا.
30 تموز 2016م
قبل أن ندخل في عمق المعادلة، نحدد أبرز شخصيات الحدث في مجريات هذه القصة الرائعة، الواردة في إنجيل المسيح القدوس. وقد مَنحتُ لتلك الشخصيات لوناً من إصالة الخيال الرمزي للحدث، الذي يمثل في حقيقة الواقع المقبول للمجتمع اليهودي عصرئذٍ، في حدود المنطق المعقول المعلوم. ومن هذا المبدأ كانت المهمة صعبة جداً وشاقة للغايّة لأقناع القارئ الكريم ولفت انتباهه للتأثير والتأثر. وكنت أتوق أن الخصَ القصة كنوع من المسرحية، ولكن أشفقتُ ـ إن فعلت قد أسيئ إلى روعة كتابتها وجمال رونقها ومحبة ورأفة مُدَونِها في كتاب الله العزيز. فيفقدها لمسات روحيّة، ولا غرو عندما يقرأها القارئ سيدرك بعين الروح قوة حقيقتها وحكمة كاتبها. في هذه القصة يُعلمنا السيد المسيح درساً خالداً يلقيه من أعلى منبره الروحي حيث ينحدر من علياء سمائه ليعطي الأنسان حكمة وتعليماً لا غموض فيه ولا إبهام، إنه درس المحبة والتضحية اللامتناهية اللتين تفتقر إليهما البشرية أمس واليوم وإلى الابد. أجل نرى في هذه المسألة المحبة تتفاقم والرحمة تتكلم والرأفة تعمل وكأن بالمسيح يسوع يريد أن تستقيم أحوالنا وننعم بسعادة الدارين السماوي والأرضي بأنٍ واحد.
وخيرٌ ما أختم كلامي به هو قول السيد المسيح في الصلاة الربّانية:
" أغفر لنا ذنوبنا وخطايانا، كما نحن نغفر لمن أساء وأخطأ إلينا" ( متى 6: 12 )
شخصيات القصة:
• السيد المسيح.
• تلاميذ المسيح. بطرس، أندراوس، يوحنا، يعقوب ،توما، متى العشار، فيلبس، نثنائيل ويهوذا.
• باعة في سوق سوكار. مريم فتاة من السامرة.
• يونَّا خادمة فوتين " المرأة السامرية"
• عشاق فوتين " المرأة السامرية" . شمعون، سليمان، أدونيَّا، رأوبين.
• بيلاطس. حاكم روماني، هيرودس والي يهودي، تيطس جندي روماني.
• رجال الدين اليهود. ريئس الكهنة: قيافا، عالي كاهن يهودي، شاول كاهن سامري، العازار كاهن سامري.
• أطفال من السامرة. يوسف الابرص.
• يعقوب الاخرس.
• برتيماوس الاعمى.
• زكا المقعد.
• هوشع راع مسن شهد مولد السيد المسيح.
• رفقة راعية غنم شهدت ميلاد المسيح.
• راحيل خادمة في الهيكل.
• لاوي أحد العشارين.
• رعاة الغنم: حنانيا ، دانيال، أرميا.
حديثنا سيدور في هذه القصة حول ست نظرات:
أولاً: رجلٌ وامرأة يُحطِّمان أكبر حاجز بشري عبر التأريخ.
الرجل هو الناصري يسوع، الذي تَخطّى جميع النواميس التطهيريّة والشرائع الحرفيَّة الباليَّة، لكي يبلغَ ذروة الحقيقة. فيخترق خلايا العقل المخبئة في بواطن هذا الكائن المندحر امام قوة الشر في هذا العالم. ودقات الفؤاد التي لا توصف ونفحات الروح ليبث الروح في الانسان كُلَّ إنسان مُبعَداً من حبه وعطفه وعبادته المرفوض من مجتمعه المتعصب انئذٍ، مُحطِماً تلك الحواجز الاسمنتية التي رسبها الزمن منذ دهور وعقود وأجيال يمارسها المرء كعادة ليس إلاَّ. من خلال هذا اللقاء التاريخي بين المعلم الناصري والسامرية الذي حوّلَ حياتها من زانية إلى مؤمنة ومن خاطئة إلى قديسة ومن صمّاء إلى ناطقة بكلمة الحياة باسمهِ كقولها عن المسيح" هَلُّموا وانظروا انساناً قال لي كلَّ ما فعلت. العلَّ هذا هو المسيح ـ ماسيا ، مشيحو، ماشيحا Messiah ..؟ يوحنا 4: 29 " بل يعطي حق المرأة كالرجل وكأنِ به يعلمنا قانون المساواة بين هذا وذاك. فرسالتهُ إذاً هي رسالة الحب ، الغفران، المصالحة، المصارحة، التحرر، قبول الاخر، التحول ،الإصلاح والتجديد من انسان عتيق الى إنسان جديد، بل يجعل من الصديق صديقٍ صدوق ومن العدو صديق ودود.
فنحن أمام كلمة الحياة وخبز الحياة، الكلمة المسموعة .... الكلمة المقروءة ..... الكلمة المنطوقة...!!! فإن كان المسيح هو الكلمة الذاتية منذ الأزل فهو أيضاً الكلمة المنطوقة في ملء الزمن. ففي هذه الحادثة الفريدة من نوعها يُعلن المسيح يسوع بكل صراحة وطلاقة حق المرأة المهضوم ويقبل الخاطئ وينبذ الخطيئه ولا يرد الخاطئ، كما جاء في الانجيل المقدس: " لأني لم آتِ لأدعوا أبراراً بل خطاة إلى التوبة. متى 9: 13)
ثانياً: السيد المسيح يكسر التقاليد المتوارثة.
1. يجلس المسيح عند البئر العميق كما جاء في الانجيل : جاءت امرأة من السامرة من قرية سوخار لتستقي ماءً. يو 4: 7" فيجتمع أمام ذاك البئر نسوة عديدات لتروي ظمأها بعكس العادة المألوفة، ولكن اليوم كانت السامرية بمفردها في تمام الساعة السادسة حسب التوقيت العبري والذي يعادل الثانية عشرة من رابعة النهار حيث شمس الاصيل في عنفوانها وقوتها وشدّتها والناس المارّة يشاهدون هذا الحدث الغريب ،المريب المخيف والمنظر الغير مرجو، من رجلٍ طاهر ومعلم مشهور ونبي تقي كالمسيح يُخاطب امرأةً، وأي امرأة يا ترى..! فاجرة لا بل زانية وجسورة ومرفوضة من القاصي والداني.
2. سَيعرفُهاَ ولا يعرف حاضرها ولا ماضيها ...؟!!
إنَّ قصة السامرية زاخرة في عمق معانيها، فيّاضة في لغزها المكتوم، ُتثير العواطف تجلب العجب والدهشة، وخصوصاً يهود الماضي السحيق. نرى يسوع متعباً مرهقاً يطلب جرعة ماء يُشبع ظمآى عطشه. هنا يسوع لا يخجل أن يلتقي بامرأة مُحطّمة، خاطئة، نفسياً وروحياً واجتماعياً، ويدخل إلى أعماق مشكلتها بروح الحب والعطف والوداعة، فيدوس بذلك غطرسة اليهود وعنصريتهم وتعصبهم الذميم وتقاليدهم الحرفية القاتلة، هنا يُعلن الانجيل المقدسة رسالته الخلاصية ، الشاملة الكاملة يَتخطّى الحدود والقيود والسدود التي رسمها الانسان الضئيل ورسخها في عقول البشر عبر العصور. نجدُ هنا محبة الله تشمل العالم بأسره، ليس بالكلام فحسب بل بالعمل أيضاً، ُمحطماً جذور الخطيئة، في قِفار الاثم والعار من هذا العالم الزائل سعياً وراء الشارد والضال والمنبوذ ومنكسري القلوب ليعود بهم إلى حظيرة الله.
3. المرأة ترد على يسوع حسب التقاليد اليهودية المتعارف عليها عصرئذٍ، كما جاء في النص الإنجيلي: أنتَ يهودي وأنا امرأة سامريّة.؟! أي قد نسيتَ أو تناسيت العداوة الكامنة التي بيننا منذ أجيالٍ طويلة أو لا تحسب حساباً لرجال المدينة أو تلاميذك ... معارفك ... جيرانك .... أقرباءك .... نواميسك وشرائعك اليهودية المتزمتة والمفروضة عليك وعليَّ من حادثة السبي البابلي كقول السامرية: " لأنَّ اليهود لا يعاملون السامريين. يو 4: 9 ) هنا تُؤكد السامريّة للناصري حتى في المعاملات الإنسانية اليومية لا يوجد أي علاقات اجتماعية او معاشرات فردية أو ودّ أو مساومة أو مجاملة..!!
4. يسوع يحاورها وينوي ان يخرجها من عقدة تفكيرها الضيق كامرأة وكخاطئة مندحرة امام الشر، ويذهب بها الى عالم آخر روحي يحلق بها في الافاق بعيداً من نطاق التقاليد والشرائع والطقوس السائدة...!! أراد يسوع أن يحطم حاجزاً آخر صنعه الانسان ، ولا سيما تلك الفروق اللانسانية بين الرجل والمرأة. كان التقليد اليهودي يُحرِم على أي امرءٍ من الاحبار أن يُحيي سيدة في الدرب أو عارضة الطريق أو التحدث معها حتى لو كانت زوجته أو ابنته أو شقيقتهُ، هذا لم يكن مُبَاحاً أو لائقاً أن يتحدث إليها وخصوصاً السامرية معروفة لدى أهل المدينة امرأة : ساقطة .... ملوثة وسمعتها مُشينة جداً، ولكن يسوع تخطى كل الحواجز الضيقة والخطوط الرفيعة لأجل خلاصها لأن الانسان بنظره هو خليقة الله وصورة الله وابن الله وابناً لإبراهيم كسائر البشر.
5. يعطيها الماء الحي فترد..... من أين لك هذا الماء ...؟! أهل أنت أعظم من أبينا يعقوب. المسيح أراد ان يعود بالسامرية الى كتابات اليهود الرمزية التي كانت لا تخلو من ظمأ الروح وتظن لا وجود لأي ماء يروي عطش الانسان إلاَّ الذي كان هبةً من الله...؟!! غير أَّن السامرية كانت كفيفة البصيرة لم تستطع أن تفهم كلام يسوع عن الماء الحي...!! ولكن يسوع يكمل الحديث بأنه هو الوحيد الذي يقدر أن يهبها هذا الماء والذي يشرب منه لا يعطش إلى الابد. هنا نتلمس اللاهوت بكل جلاله وعظمته يتجلّى في اتحاده مع أسمى أهداف المسيح، المسيّا المنتظر من خلال هذا الحوار الشيق ذو شجون. وهكذا رأى الرائي يوحنا من قلب عرش الله العظيم: " فاذ يرى نهراً صافياً من ماء الحياة. 22: 1 " ومثله أرميا الذي لا يرى سوى : " الرب ينبوع المياه الحية. 17: 13 " أما المرنم داود مرنم اسرائيل الحلو فيقول: " لأنَّ عندك ينبوع الحياة. 36: 9 "
يبدو الامر لدى السامرية كان يحمل نوعاً من السخرية، لم تستطع أن تدرك هدف يسوع من الحديث معها، ولذلك تقول له باستهزاء " أعطني من هذا الماء حتى لا أعطش، لكي لا يدركني العطش وانا سائرة في طريق طويلة شاقة. أجل تخيلت المرأة أن يسوع هو انساناً عادياً لا يدري ماذا يقول أو ماذا تخبئ من نوايا إتجاهه وهي لا تدري هو هو فاحص القلوب والكُلى..؟؟ وكأني بها تسخر من الكلمات الروحية التي يهدف اليها من حديثهِ. حقاً في أعماق كل امرءٍ ظمأ قاسياً ليس بمقدور أي كائن أن يرويه في هذا الوجود إلاَّ الماء الحي الذي يمنحه الرب يسوع. نلمس هنا المعاملة الحسنة من يسوع اتجاه الخطاة بدون النظر الى المقامات والطبقات العرقيَّة لتمثل بذلك المرأة الطبيعة البشرية الخاطئة في ضعفيها وخطيئتها. وهكذا المرأة تتأثر بالكلمة ( العظة ) فتطلبُ أن تشرب من الماء الحي وهذا إن دلَّ على شيء، فإنما يدل على أنَّ يسوع قد لمس قلبها وفكرها وروحها وأعادتها إلى الطريق السوي وكرامتها وعزتها وانسانيتها بقبوله ايّاها .
ثالثاً الماء:
هو رمز للروح القدس أو الحياة. حيث أنَّ المرأة منحت الحياة.
التتمة فيما بعد..!!
صورة العضو الرمزية
سعاد نيسان
مشرف
مشرف
مشاركات: 15569
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 27, 2010 5:08 pm

Re: المرأة السامرية ويسوع الناصري قصة وحوار وتأمل!

مشاركة بواسطة سعاد نيسان »

أقتن الذهب بمقدار أما العلم فاكتسبه بلا حد لأن الذهب يكثر الآفات أما العلم فيورث الراحة و النعيم .
أضف رد جديد

العودة إلى ”܀ منتدى المرشد الروحي للأب الربّان رابولا صومي.“