* عقائد المسيحيّة فاسدةٌ ... !
" رسالة إلى فضيلة الشّيخ سالم عبد الجليل بعد تصريحاته الأخيرة بشأن المسيحيّة وعقائدها ووصمها بالفساد . "
أخي فضيلة الشّيخ سالم عبد الجليل ... !
قد لا يطيب لك - إنْ لم أقلْ : قد يسوؤك - أنْ أناديك بأخي .
إذْ مَنْ ساءت عقيدته ساء خُلُقه
فأنّى لفاسدٍ شقيٍّ مثلي أن يتجرّأ فيجعلَ من نفسه أخًا لطاهرٍ نقيٍّ مثلِك .. ؟
ومع هذا لن تراني مستبدِلًا صيغة المناداة بأخرى
وستظلّ في نظري الأخَ العزيزَ الّذي أحبّ ولن أريدَ له سوى الخيرِ والهناء والفَلاح حتّى وإنْ قمتَ برجمي بحصى تكفيرك ونثرتَ في وجهي رمادَ ازدرائك كلَّ يومٍ .
ولأنَّ ما جئتَ به ليس جديدًا فلن أكلّفَ نفسي مشقّةَ الرّدّ عليه
ولن آتي لك بما يدحض جميع ماحوتْه مقالتُك منْ مغالطاتٍ وفهمٍ غيرِ دقيقٍ لفحوى المسيحيّة
وطبيعةِ جوهرِها
فأنت لك كلّ الحقّ في أن تعتقد في مسيحيّتي كما تشاء كما لي الحقّ ذاته في أن أعتقد في إسلامك كما أشاء
ولكنْ سأكتفي هنا بتساؤلٍ يغلّفُه الكثيرُ منَ المرارة :
- أهذه هي رسالتنا كرجال دينٍ لا سيّما في هذه الظّروف الكارثيّة المحيقةِ بأمّتنا والمُشكِّلةِ خطرًا حقيقيًّا على بقائها وديمومتها ... ؟
ثمّ ..
ألمْ تُثرْكَ المناظرُ الفظيعةُ لبلادٍ لنا تتهاوى واحدةً تلو الأخرى لتصبح ذكرى بلادٍ ..
وتحزنْكَ الصّورُ الأليمة لملايين القتلى والمهجّرين والجائعين والعراة والخائفين .. ؟
فغضضتَ بصرَك عن المشاكل الحقيقيّة الّتي تتحدّى وجودنا وتصيبه في مقتلٍ وانبريتَ للحديث عن موضوعٍ عقائديٍّ ضررُه أكثر جدًّا من نفعه .
ولا أظنّك بحاجةٍ إلى أنْ أُذكّرك - وأنت العارف الحصيف - بأنّ تاريخ العقائد تاريخٌ طويلٌ بطول عمر البشريّة وشائكٌ وكلّ طرقه كانت محفوفةً بالمواجع والدّماء .
وبأنّه ليس من الحكمة بمكانٍ ولا من الفطنة في شيءٍ السّير في منعرجاته - لا الآن ولا في المستقبل -
فهل كان العالم في يومٍ ما على عقيدةٍ واحدةٍ حتّى يكون اليوم على عقيدةٍ واحدةٍ .. ؟
فلندعِ العقائد وشأنها إذْ منَ الصّعب جدًّا إنْ لمْ يكن منَ المستحيل جمعُ النّاس طُرًّا تحت مظلّةٍ إيمانيّةٍ واحدةٍ
ولنركّز أكثر على المبادئ الّتي تعيدنا لإنسانيّتنا الضّائعة ولنسعَ إلى ترسيخِ قيمِ الجمال و الأخلاقِ والمحبّة والخير والسّلام والحوار البنّاء لدى أجيالنا الحاضرةِ والقادمة
فعلى هذه الصّخورِ الصّلدةِ - يا شيخي الكريم - تُبنى الأوطان وتقوم وتزدهر
وليس بإعلان الحرب على عقائد الآخرين
وما أدراك ما حرب العقائد .. ؟
فإنّها لو اندلعت - لا سمح الّله - فلن تنتهي وستأتي على الأخضر واليابس في حقل بشريّتنا .
بوركت بكل بركاتِ السّماء ونعمِها
وعشتَ
لا فسدَ لك رأيٌ ولا عقيدةٌ ولا ضاع جهدٌ
وليغفر لي ولك إلهنا الواحد الأحد .
فهل تُراني بلّغتُ ... ؟
الّلهم فاشهدْ
مع كلّ التّحية والاحترام .
أخوكم المحبّ
القس جوزيف إيليا
١٢ - ٥ - ٢٠١٧
