الزوبعة

أضف رد جديد
ملكي داؤود ملكي
عضو
عضو
مشاركات: 8
اشترك في: الثلاثاء يونيو 02, 2015 6:29 pm

الزوبعة

مشاركة بواسطة ملكي داؤود ملكي »

الزوبعة
كان رجلاً يعيش في مدينة يتحلى بالأخلاق الحسنة والصفات الحميدة وسمعة نظيفة وعلاقة مرضية مع الناس ومن يحيط حوله متأهل وله أولاد يعمل ليلاً نهاراً لتقديم احتياجاتهم اليومية ضاقت فيه الحياة سنوات وأصابه العجز في تقديم يد العون لهم وهو يرى أناس لايعملون ولايكدون يعيشون مع أسرهم حياة الملوك والأمراء في المقاهي والملاهي والمسرات فشرعت الأفكار والتساؤلات تراوده كمرجوحة في رياض الأطفال يهوى وينتصب ينظر ولايرى آذانه لاتسمع يستنشق سحب الآهات وفروق الحياة ظل هامداً جامداً فجأة تدفق ثغره وجدها .سأذهب عند الله وأسأله عن رزقي.
أخبر زوجته وأولاده بالفكرة ثم حمل جعبته على منكبيه وانطلق في أرض الله الواسعة بين الجبال والسهول والوديان والأنهار \,والواحات يبتلع المسافات الشاسعة وهو يصرخ أين أنت يا الله فجأة شاهد ليثاً هزيل الجسم مستلقياً على الأرض يئن من شدة آلامه وأوجاعه . أوقفه الليث سائلاً أين وجهك أيها الرجل ألا تخشى وحوش البراري وفزع الليالي وأتون الشمس المحرقة والأمطار والأنواء قال الرجل ضاقت في الحياة وأليت على نفسي أن أرى الله سائلاً منه عن رزقي فقال الليث إن وجدته أخبره عن وضعي وما هو العلاج فأجاب الرجل طلبك أمانة في عنقي وتركه يجرف المسافات بخطواته المثقلة وجسمه النحيف المهتز من الإرهاق ساعات طوال حتى التقى بفلاح واقف أمام سنابل القمح الطويلة الصفراء في قطعة أرض حمراء اللون وعلامات الهم والغم مرسومة على وجهه وعيناه ذابلتان من التفكير العميق سأل الفلاح أراك وحيداً فريداً شريداً في غمرة الأرض الشاسعة إلى اين أنت سائر قال الرجل صعوبة العيش أكلتني أبحث على الله لأسأله سبب فقري وعوزي لعله يرشدني إلى مكان رزقي ولكن لما أنت واقف هنا أمام هذه السنابل الطويلة التي تمتع العيون وتشتهيها النفوس فما بالك لاتحصدها سرد الفلاح حكايته قائلاً :كلما حان موسم الحصاد أتي إلى الأرض لأحصد السنابل أجدها فارغة فألقي منجلي على الأرض ولاأفارقها وأسأل نفسي عن السبب ثم قال لطفاً منك إّذا التقيت بعظمته تعالى اعلمه عن حالي فقال الرجل سمعاً وطاعة
واستمر الرجل في فيافي الدنيا طريقه الامتناهي أملاً في الوصول إلى غايته المنشودة وهو يطلق نظراته الحادة كالرماح في كافة الاتجاهات لعلى وعسى تقع عيناه على خالق الكون يتوسله لإرشاده على سبل العيش .
تحنن الله عليه فأرسل له ملاكاً سائلاً أياه ما هو طلبك أيها الرجل لقد أرسلني الله أمامك لمعرفة غايتك روى الرجل قصة حياته
فقال الملاك : قال لي الله رزقك أمامك ثم سأل الرجل الملاك عن موسم الفلاح ذات السنابل الكبيرة والخاوية من الحبوب قال الملاك تحت جذور السنابل طبقة من الذهب عليه أن يجمعها وفيما بعد سيعطي موسمه جيداً
ثم قال الرجل للملاك لدي سؤال أخر وهو بينما كنت تائهاً في البراري التقيت بليث مستلقياً على الأرض لايستطيع الحركة فما هو علاجه
قال الملاك لاعلاج له سوى أن يلطخ نفسه بإنسان مجنون
عاد الرجل فرحاً مسروراً لأن رزقه أمامه في الطريق . وفيما هو سائر التقى بالفلاح وعلامات السعادة تطفو على وجهه قال الفلاح أبشرني هل التقيت بالله قال الرجل لا بل أرسل لي ملاكاً وقال الفلاح وهل أعلمك أين هو حظك بالعيش قال الرجل نعم حظي أمامي في الطريق نحو البيت قال الفلاح حسناً وماذا قال لك عن موسمي أجاب الرجل قال الملاك تحت السنابل طبقة من الذهب اجمعها وازرع الأرض سيعطيك الموسم أغلالاً ترضيك اً
قال الفلاح حسناً ساعدني بحفر الأرض لأني وحيد ليس من يساعدني وجمع الذهب بالمناصفة قال الرجل لا رزقي أمامي قال الفلاح اسمعني ساعدني هذا هو رزقك فأبى الرجل وتركه وحيداً متجهاً نحو بيته والغبطة والسعادة تغمره والأفكار المخملية تنقله من حيز إلى أخر حتى وصل الليث الموجوع مرحباً به وسائلاً عما حدث معه فقص الرجل كل ما شاهده في دربه ثم قال الليث وماذا حدثك عني قال الرجل لا شفاء لك إلا إذا ما لطخت جسمك بدم مجنون فضحك الليث قائلاً له والله لم أجد أجنن منك ثم رماه أرضاً ودرج جسمه بدمه شفى الليث من مرضه ومات الرجل ضحية جهله ,واضمحل من الحياة كالزوبعة
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 49243
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

Re: الزوبعة

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

تودي ساكي احونو ارحميمو كاشيرو ملفونو ملكي على هذه القصة القصيرة والتي هي من مدرسة الحياة
باركك الرب ودمت بصحة وعافية.
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
بنت السريان
أديبة وشاعرة
أديبة وشاعرة
مشاركات: 16409
اشترك في: السبت يونيو 05, 2010 11:51 am

Re: الزوبعة

مشاركة بواسطة بنت السريان »

قصة جميلة جدا وذات مغزى
لا يكفي أن يجد ويجتهد المرء في الحياة
تعبه سيذهب سدى إن لم يتحصّن بالحكمة
مع الشكر الجزيل أخونا ملكي المبارك

بنت السريان
الله محبة صورة
بنت السريان
سعاد اسطيفان
أضف رد جديد

العودة إلى ”܀ كل يوم قصة هادفة“