الأب طوني وردة( لا تزايد على المسيحيين يا ميشيل كيلو)

يهتم بنشر أخبار شعبنا في الوطن والمهجر
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مراقب عام
مراقب عام
مشاركات: 1881
اشترك في: الجمعة إبريل 16, 2010 7:22 pm

الأب طوني وردة( لا تزايد على المسيحيين يا ميشيل كيلو)

مشاركة بواسطة ابن السريان »

بيــان مطــارنة....لا تزايد على المسيحيين يا ميشيل كيلو
21/09/2011
"لا تزايد على المسيحيين يا ميشيل كيلو, وتوقف عن الدفع نحو المجهول من المخجل بمثقف أن يقبل بدور حصان طروادة دافعاً السوريين ليكونوا كاحل أخيل لأعدائهم"..
مطرانية دمشق المارونية
"لا ريب أن محاولة أهل الكنيسة من ثني الرد على دعوة المثقف ميشيل كيلو في دعوة المسيحية للعقل أخرتني عدة أيام عن كتابة هذه الأسطر.
لكن حرصي على حق السوريين في سعة الرؤية, وسلامة المعيار في الحكم أبت أن تمنعني من واجبي في تنبيه أبناء قومي من حيل أوهام النخب المثقفة وطغمتهم, الذين قرروا الانخراط بقوة في الصراع على السلطة بعد أن ضاقوا إفلاساً ويأساً من القدرة على بناء المجتمعات المدنية.
فقررت هذه النخبة الانتقال من القضايا الإنسانية الكبرى ذات الأرباح الشخصية المجانية إلى قضايا المصلحة الشخصية الصغرى ولكن لربح السلطة الكبرى, ليتجلى هذا الانقلاب على القيم والمعايير, وتزوير الوقائع, وتشويه التسميات والمصطلحات, فتباع الأفلام للمطامح والمطامع في السلطة والشهرة بدلاً من منحها للحقيقة, ممارسين الدعارة الفكرية مسمين إياها "ثقافة", والإرهاب "حرية", والعبودية "انتماء", والتكالب على السلطة "ثورة", والإصلاح بما يحمي الهوية والوجود "خيانة" والكثير مما شابه...
لا أستطيع أن أفهم كل هذه التمويهات والتشويهات المعرفية إلا وفق احتمالين من التفسير إما الجهل وهو مستبعد عن مثقف بسمعة ميشيل كيلو أو الكيدية وتصفية الحسابات المحملة بطموحات السلطة الموعودة.
فكاتبنا ما برح يتأرجح يغير تموضعه من معارض علماني ديمقراطي إصلاحي يضع سوريا أولاً –بغض النظر عن هوية وانتماءات السلطة فيها متخذاً من الأداء وخير الوطن معياراً- إلى طرف رئيسي يتهافت إلى مكان في السلطة المرتقبة على حساب الوطن منتقلاً من منطق التعددية إلى ترهينها بسطوة العددية والتي أدعوه لقياسها من جديد.
فبدأ كيلو إجهاض مسيرة التغيير والإصلاح الحقيقي عندما نأى بنفسه عن طاولة الحوار الوطني, والذي لم ولن يكن لسوريا مخرج سواه فإما أن ندخل إليه حالاً وإما أن ندخل إليه ونحن ملطخين بدم آلاف الشهداء.
وأخطر ما في انقلابات أحوال كاتبنا هو انقلابه على قيمه في الحرية, ومشروعه في العلمانية المواطنية, الذي طالما احترمناه من خلالهما, ذاهباً باتجاه تخوين معظم السوريين المسيحيين, واتهامهم بالسلبية والرقص على جثث الشهداء, رغم أن للمسيحيين حصتهم منهم مغفلاً أن أغلب الراقصين في حينا هم من أخوتنا المسلمين –الا إذا كان للكاتب شرعية منح الإسلام للبعض وحجبه عن آخرين- وأقول له أنا شخصياً ونحن ككنيسة لسنا مع الاستثمارات الشعبية لرجال الأعمال كالسيد "قنبض" وسواه, ولكننا نفهم مشاعر هؤلاء الفتية الذين يريدون أن يقولوا للموت ولمحاولة شل البلاد "لا" نحن مستمرين في الحياة.
فصاحب الدعوة المحترم لم يكتف في انعطافاته من دعوتنا بالجهلة والخونة وشركاء الاستبداد, مطوراً أدبياته لينعتنا "بلاعقي الأقفية", بل ذهب إلى أبعد من ذلك ليدعونا لتيسير حراك التاريخ المتصاعد, مبشراً بسماحة الإسلام السياسي, مانح الحريات الذمية, وواهب الكرامات الاستذلالية, كافينا شرفاً حق الوجود الزاحق على مثال أقباط مصر وكلدان وسريان العراق ومسيحيي غزة والقدس, ناهيك عن التآكل المستمر لرقعة الفعالية المسيحية في لبنان والتي بدأت مع الطائف ولم تنتهي بعد.
وأكمل المسير بتزوير التاريخ رافعاً دافعية المسيحيين نحو استحسان الذمية الذليلة في حاضنتنا الإسلامية, بدلاً من حريتنا وحريتهم الكريمة في حاضنتنا الوطنية, متهماً المجتمع المسيحي برهاب مرضي من الإسلام السياسي مسقطاً من ذاكرته المعرفية المجازر التي ألقت بظلالها على التاريخ والديموغرافيات, بدءاً من مذابح دمشق عام 1860 والتي من أهم أسبابها "مرسوم همابوني" الذي أصدرته الدولة العثمانية تحت ضغط الغرب لمنح الأقليات بعضاً من حقوقهم الاجتماعية والإدارية "كالتوظف في الدولة".
فتحركت الأحقاد وصدرت الفتاوى ليقتل ويهجر ما يزيد عن 15% من سكان دمشق والتي كانت ستطال بنارها كل المدن السورية الداخلية لتتبعها مجازر الأرمن والسريان ومذابح الكلدان والآشور في شمال العراق وصولاً إلى ما بعد صدام وأقباط اليوم, ناهيك عما جرى لمسيحيي السودان الذي رفضوا الخضوع لأحكام الشريحة الإسلامية, وهنا يخرج لدينا قائل ذمّي ليقول إنها يد الغرب والصهيونية, نقول له نعم ولكن ما كان ليكون هذا التدخل الخارجي لولا الطائفية القابعة في النفوس.
أرجو ألا يفهم ذكري لهذه الحوادث أنها من باب الإزكاء لغرائز التعصب الطائفي, ولكني أؤمن أن ما من مصالحة حقيقية –ادعى الكاتب أنها من أهداف دعوته- بدون مصارحة وفهم عميق للعناصر المكونة لهه الأحداث.
وهنا أتسائل مع القارئ مالذي تغير في المناخ والأرضية الاجتماعية والثقافية والسياسية وبالأخص الدينية عند شعوبنا حتى نستبعد هذا الهلع الغير مبرر على ماورد عند الكاتب.
أليس الدين هو المحابث الأعمق للمجتمع العربي ببنيته الإثنية والعشائرية والديموغرافية, وبالتالي هو المعاير الأساسي والدافع المباشر لاستحواذ السلطة والصراع الدموي عليها ورسم تراتبية الآخرين منها.
أليس هذا هو الحال على لمستوى الإسلامي – الإسلامي, ألم ينتج معيار (الإسلام الصحيح) من سواه أقليات إسلامية مشغولة منذ وجودها في التاريخ في إقناع الآخرين بصحة إسلامهم فكيف الحال بغير المسلمين من النصارى مثلاً, أليست هذه المعايير من حدت بإمام مكة إلى تكفير العلويين والدروز والإسماعيلية واستباحة دماءهم وأعراضهم وأموالهم, اليست الذهنية ذاتها مما يزيد على ثمانية قرون مضت دعت شيخ الإسلام ابن تيمية لتجريد حملة مملوكية على جبال كسروان في لبنان للقضاء على الكفرة والزنادقة من الشيعة والعلويين والدروز أو يتوبوا ويعودوا للإسلام الصحيح, أليس هذا ماتجسد على ساحة الأزمة السورية فيما شهدنا من شعارات للماضي وبما وقع من أحداث, الم يكن ذاك الوعي الشفي الموصوم بمنطق الغلبة, مستلباً الحاضر للماضي ليؤمن استمراره في المستقبل هو الحاكم فيما شهدناه من فعلٍ ورد فعل في ال1بح على الهوية في حمص وبانياس, ألم ترجعنا الفتاوى التي سمعناها في استباحة الأعراض لسبي ما يزيد عن ألفي دمشقية مسيحية كريمة أثناء مجازر دمشق.
كل ما أوردته يا حضرة المثقف لأقول لك أننا أمام الأرضيات والذهنيات الشقية ذاتها التي تنهل من الدوافع والغرائز عينها, رغم تقدم الزمن وتغير الأدوات والأداء.
نعم لكل هذا هناك هلع ورفض وهنا أتوجه بالسؤال إليك, ما الذي قدمته أنت وسواك من الثوار لتطمئنوا هذه الشرائح التكوينية من الشعب السوري... ما هي البرامج التي قدمتموها لنا احتراماً للعقل الذي تدعون إليه !!! وماهي رؤيتكم ؟ والأخطر من هذا كله من أنتم ؟؟ لماذا تستسهلون قصر الكرملن والبيت الأبيض وتجوبون العالم لتسويق أنفسكم وأنا السوري لم أسمع عنكم وعن انتماءاتكم إلا من مبعوث روسي أو أمريكي, هل يستحي شركاءك من الإخوان المسلمين أن يكشفوا لنا عن هويتهم وتاريخهم السياسي المجيد؟
في ضوء كل هذا من منا أهان العقل وأبعده عن الحضور, أم أن منطقك القائم على ميزان الربح والخسارة كما ذكرت في مقالك, هو من حدا بك للقفز إلى الصفة الأخرى بعد إفلاسك في الشارع العلماني والوسط المسيحي الذي يؤمن بالدولة العلمانية التي لا تقحم فيها الله لقيصر ولا تعطي فيها قيصر سلطة الله, ألم يكن من الأجدر بمثلك أن يعمل العقل في الشريحة المستهدفة بالخطاب العلماني لتتوجه لإقناع أبناء الدين السياسي من المسلمين وسواهم أن العدل أساس الملك, وأن لا دولة ولا وطن بدون المساواة بينهم وبين أخوتهم من الأقليات الإسلامية والمسيحية, فاخترت تبني المدنية الإسلامية بحسب وثيقة الأزهر ليبق كل أبناء الأقليات تحت وطأة لعنة التاريخ, يدفعون جزيتهم من حقوقهم السيادية فلم نسمع صوتك أو أحد شركائك في السعي لتعديل المادة الثالثة التي تحدد دين رئيس الدولة ومصادر التشريع والتي لا تقل سوءا وأذى عن المادة الثامنة لسلامة الحالة الوطنية.
أما نحن أعوان الاستبداد كما أسميتنا وأنا شخصياً منهم قمت بالمطالبة العلنية وعلى وسائل الإعلام السورية وأنا أكررها في مقالتي المنشورة بتحميل النظام مسؤولية الضبابية في الأحداث وعدم الشفافية الإعلامية وبتحرير الدولة من وطأة حزب البعث ونأيه عن السلطة طالباً التعددية الحزبية والحرية الإعلامية واستقلال القضاء والأهم فك القبضة الأمنية عن مفاصل الدولة والمجتمع, ومكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين وميزت ما بين إصلاحيين في السلطة وسلطويين نفعيين ومابين إصلاحيين في المعارضة وانقلابيين سلطويين تحركهم الأحقاد والطائفية.
أما بما يخص سواي من الإكليروس من يستطيع حجب الرؤية عن نضالات الأب الياس زحلاوي على مدى سنين خدمته في سبيل الوحدة الوطنية ورسائله الدفاعية عن المسلمين قبل المسيحيين بروحه الدمشقية وما قولك بالموقف البطولي للمطران لوقا الخوري الذي طرد السفير الأمريكي والفرنسي الذي ينبطح أمام طاغوتهما رؤساء الدول.
ولعل انشغالك بميزات الربح والخسارة لم يسمح لك بقراءة بياناتنا المستنكرة لدعوة حرق القرآن الكريم ناهيك عن بطولة المطران كبوجي مطران القدس في المنفى وهو يواجه الصهاينة على ظهر السفينة مرمرة, وأعتقد أن مشاغلك لم تسمح لك بقراءة مقالاتنا ووثائقنا الكنسية عن العلمانية الإيجابية التي تخليت أنت عنها.
نحن لم نفق مع النظام فنحن كنا ومازلنا وسنبقى, من المعارضين لما كان والإصلاحيين لما سيأتي لأننا نفق مع سوريا وموقعنا من الآخرين يحدده موقعهم من سوريا, التي كانت وستبقى بما فيها من الحاضنة العربية الإسلامية, فاعلين في حراكنا ثابتين في توجهنا نحو سوريا علمانية ديمقراطية سيدة مستقلة أمينة لقوميتها.
لذا لا تزايد على أحد وتوقف عن الدفع نحو المجهول فمخجل لمثقف مثلك أن يقبل دور حصان طروادة دافعاً السوريين ليكونوا كاحل أخيل لأعدائهم."

الأب طوني وردة
منقول:
دمشق - سوريا

بركة الرب معكم
أخوكم: ابن السريان


صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”أخبار شعبنا“