صفحة 1 من 1

هل تعمل وسائل الإعلام على ترسيخ ثقافة الخوف لدى المجتمعات الأوروبية من اللاجئين؟

مرسل: السبت أكتوبر 03, 2015 1:32 pm
بواسطة إسحق القس افرام
الكومبس: مع تفاقم أزمة تدفق اللاجئين إلى أوروبا، برز نجم البروفيسور السويدي Hans Rosling في العديد من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، حيث نشر العديد من التقارير الإعلامية والإحصاءات التي تؤكد عدم صحة الأرقام المنشورة في بعض وسائل الإعلام حول أزمة اللاجئين وأعدادهم الحقيقية، وتصويرها الأزمة بشكل سوداوي بعيد عن الحقيقة.
مدير القسم الثقافي في Sveriges Radios الراديو السويدي Mattias Hermansson أعد حلقةً ناقش فيها هذه الظاهرة من خلال طرح تساؤلات حول ما إذا كان هناك فعلاً نهضة للحقائق والوقائع بعد سنوات من نمو التخيلات والأرقام البعيدة عن الواقع وتركيز وسائل الإعلام على جوانب معينة وإهمال الجوانب الأخرى.
هل هناك ثقافة خوف؟
طرح هيرمانسون سؤالاً حول مدى إمكانية وجود ما يسمى بثقافة الخوف، مبيناً أنه يوجد في الإعلام مصطلح يطلق عليه “ثقافة الخوف، مشيراً إلى أنه في مطلع الألفية الجديدة عرض عالم الاجتماع الأمريكي والصحفي الإذاعي السابق Barry Glassner مصطلح ثقافة الخوف في كتب حمل نفس الاسم ”The Culture of Fear”، حيث أظهر Glassner في بحثه أنه في الوقت الذي انخفض فيه عدد جرائم القتل ومعدلات الجريمة في الولايات المتحدة، تم تكوين صورة مغايرة تماماً لدى الشعب الأمريكي حول نسبة الجرائم في المجتمع، وذلك نتيجة زيادة حديث التقارير في وسائل الإعلام عن معدلات الجرائم والقتل، مما أدى إلى خلق حالة من الخوف والهلع لدى أفراد الشعب بدلاً من التركيز على المشاكل الاجتماعية الحقيقية.
ويتفق البروفيسور السويدي Hans Rosling المتخصص بشؤون الصحة العالمية في معهد كارولينسكا مع رأي عالم الاجتماع والصحفي الأمريكي Barry Glassner حول ثقافة الخوف التي تنشرها وسائل الإعلام وتعمل على ترسيخها في المجتمع، وهو ما يفسر سعي روسلينغ الحثيث للكشف عن الأهداف الخفية التي تنتهجها جميع وسائل الإعلام لأنها بحسب اعتقاده تنشر صوراً تتميز بسلبيتها المفرطة حول الأحداث في العالم، ومثال ذلك الفيديو الذي انتشر مؤخراً في شبكات التواصل الاجتماعي، والذي يظهر روسلينغ خلال استضافته في برنامج على إحدى القنوات التلفزيونية الدنماركية وهو يحاول تفنيد مزاعم بعض وسائل الإعلام حول أزمة اللاجئين.
وبحسب اعتقاد البروفيسور روسلينغ وعالم الاجتماع غلاسنير فإن وسائل الإعلام تعمل على خلق مشكلة من موضوع معين مثل أزمة اللاجئين الحالية وتحاول التركيز على بعض الجوانب، بالرغم من أنها تستطيع أن تلعب دوراً أكثر فعالية وذلك من خلال أن تكون مصدراً للحقائق يمكن أخذ الإثباتات منها.
ويوضح هيرمانسون أن مهمة الصحافة الديمقراطية ومنذ وقت طويل تشمل التركيز على القيام بدور المساعد في شرح المواضيع والقضايا المعقدة التي تحدث في أي مجتمع، ولذلك فإن الصحافة الديمقراطية تحتاج إلى توسيع مهمتها أكثر في هذا المجال، وليس تسليط الضوء على الجوانب السلبية فقط عند مناقشة أي قضية اجتماعية.
ومن أهم الأمثلة على دور ومهمة الصحافة هي الإحصاءات التي نشرتها صحيفة Aftonbladet قبل فترة قصيرة وأظهرت فيها العلاقة التفاعلية بين اللاجئين والبطالة ونسبة عدد ناخبي حزب سفاريا ديمكراتنا SD في البلديات السويدية، حيث حاولت الصحيفة معالجة الحقائق المتعلقة بقضايا الهجرة واللجوء، بالتزامن مع تقديم تفسيرات واضحة للقراء وفتح باب للمناقشة وإبداء الآراء حول أزمة اللاجئين.
وكانت صحيفة The Guardian قد نشرت دراسة في الخريف الماضي شملت حوالي 14 دولة، مشيرةً إلى أن وسائل الإعلام قد أعطت صوراً بعيدة عن الواقع لمواطني هذه الدول وقامت بتضخيم القضايا المتعلقة بالهجرة واللجوء.
وبحسب الدراسة فإن وسائل الإعلام ذكرت أن متوسط معدل البطالة بين المواطنين السويديين بلغة حوالي 24 % في حين أن الرقم الفعلي والحقيقي قدر بنحو 8 %، ولكن وبالرغم من ذلك فقد أظهرت الدراسة أيضاً أن السويد هي واحدة من أفضل البلدان في ذكر الوقائع والحقائق والأرقام الصحيحة مقارنةً مع غيرها من الدول.
ويعبر هيرمانسون عن أمله بأن تلعب وسائل الإعلام دوراً يتصف أكثر بالتوازن والتصدي لمسائل انعدام الأمن والوقائع التي لا أساس لها من الصحة في الحقيقة، بدلاً من التركيز أكثر على تعزيز ثقافة الخوف في المجتمع.