صفحة 1 من 1

الى أين يا سريان؟ بقلم المحامي نوري إيشوع

مرسل: السبت نوفمبر 13, 2010 9:56 am
بواسطة المحامي نوري إيشوع
الى أين يا سريان؟ بقلم المحامي نوري إيشوع

أمة عريقة تربعت على عروش الأرض منذ قديم الزمان, كانت القدوة للأنسان في بناء الأوطان, أمةٌ كانت ترنو الى خدمة العالم و تجعل للأنسان شأنا, هي التي أعطت للمظلومِ الحق في الشكوى للسلطان, فسن رجالاتها الشرائع و وضعوا الأسس للدويلات و الممالك, شقوا الترع و حولوا الصحارى الى واحاتٍ و حدائق, كانوا المهندسين فبنوا القلاع و أوابدهم لهم شواهد, برعوا في الفلك فكانت لهم النجوم و الكواكب مراصد و مرابض, في الطب أبدعوا و في الموسيقا عزفوا أحلى الأغاني و أنشدوا أجمل القصائد, رسموا الخطوط و كتبوا أجمل الحروف الأبجدية و كانوا شموعاً و التاريخ لهم شاهد, السباقين للأيمان برب المجد و المسيح لهم قدوة و معيناً و ساعدا.
أمة السريان, قلعة الرافدين, فرسانها سخروا الأسود الضواري و لعرباتهم الحربية روضوها
و كانت كالأحصنة تخضع و لا تعاند.
أمة السريان, قلاعها الحصينة كانت مقابر للأعداء و للمجرمين مقاصل و مشانق, و اليوم أصبحت مغائر لصوص و هاربين عن القانون و مأوى لكل نذلٍ و حانق, أنهارها الجميلة السيارة بضفافها الرائعة ملقى الأحبة في يومٍ كانت, اليوم علتها أكوام القمامة و غطى مياهها السواد الممزوج بالحمرةِ, بترول و دماءٍ بريئة و جثث آدمية على وجهها هامت.
ايها السريان الى أين؟
هجرات متتالية منذ مئات الأعوام, تركنا الأوابد و الأوطان, فرشنا أرضنا الطيبة وروداً
و قدمناها هبة و عطية للمجرمين الأقزام, فعاثوا فيها فساداَ و أستمروا بقتل أصحاب الأرض دون رحمة, دمروا كنائسهم و اغتصبوا أملاكهم و سرقوا الأوقاف و أضحوا للغاصبين جنوداً و أعوانا , دخلاء من عمق الجحور خرجوا, يحملون كل أحقاد قدوتهم و القتل هو ديدنهم و لا يرنون ألا الى الذبح و هتك أعراض الناس و بهم أنتشرت الآفات و الأسقام , نذروا أنفسهم أضحية لأبليس و تقدمة حية له.
الى أين يا سريان؟
مذابح جماعية, تهجير قسري, أضطهاد ديني و عرقي, خطف و هتك أعراض, ابادة أُمة كانت قبلة العالم و منارته, أمة تعرضت و لا زالت تتعرض للأهوال و تمارس ضدها جريمة منظمة, بدأت منذ مئات السنين, مروراً بمذابح ماردين و الرها و طور عبدين و وقوفاَ عند مقابر شهدائنا الملايين في مجاز عام 1915 عام السيفو للقضاء على ابناء المحبة المؤمنين, و انتهاءً بدخول أعوان أبليس كنيسة النجاة في العراق في يوم عيد القديسين, في اجتماع للتضرع الى الرب لنشر سلمه و أمنه في العراق الحزين, فذبحوا الأطفال و النساء و الشيوخ و أفنوا عائلات عن بكرة أبيها و فجروا أنفسهم كقرابين.
الى أين يا سريان؟
هجرة, ضياع و تشتت, غربة و أنقسام و تفتت, عزلة و أبتعاد و خنوع, صمت و قبول دون تذمر.
أين أحزابنا يا سريان؟ أين تجمعاتنا؟ أين قيادتنا, أين أصوات أبنائكم الذين باعوا أنفسهم للمناصب و أشترتهم الكراسي و رضخوا للمكاسب؟
أين أصوات مسؤولينا في منابر برلمانات العالم؟ الى متى نبقى على الأبواب و بيوتنا أُغتصبت و أصبحت مرتعاً لرعاة البقر و علومنا بيد أصحاب عقول من الحجر و أرواحنا تحت رحمة قلوب من الصخر و لا تشبه قلوب البشر و هم أدنس و أدنى مقاماً من اللصوص و الغجر؟
الى أين أيها السريان؟
ألم يكفينا قتل وأبادة و أنقسام و تشريد؟ الم تحن الساعة للم الشمل و أعلان الوحدة و البدء بالعمل لنكن يداً واحدة و لنقارع الحديد بالحديد؟
ألم يحن الوقت لتجتمع خراف المسيح في العالم أجمع تحت خيمة الأيمان؟ أم طاب لنا القتل و التهجير و الخطف, في مصر, في لبنان, في العراق و في السودان......؟
((كفانا ذلا و هوانا و الرحمة لأجدادنا و لكل شهداء المسيح في كل مكان و زمان))
المحامي نوري إيشوع
في 07/11/2010