صلاة وتأمل لمار افرام السرياني في تجديد طبيعة وفكر المرأة الخاطئة
بقلم الأب الربَّان رابولا صومي/ راهب سرياني ـ دير مار افرام السرياني بمعرة صيدنايا
سوريا.
كما ورد في إنجيل لوقا 7: 37) وأيضاً في صلاة الرمش ، المساء ـ الستار من يوم الأثنين في كتاب الإشحيم الصلوات الفرضيّة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية صفحة 14 طبعة 1935م مطبعة دير مار مرقس للسريان الأرثوذكس ـ القدس.
حوار وتأمل بين الخاطئة والعطّار في اسلوب قصصي رائع...!!
كان من عادة المرأة الخاطئة تتردّد إلى حَانوت العطَّار، لتشتري عطور وروائح مغريّة لحياة الرذيّلَة. غير أنَّ اليوم تغيّرت الرؤية والمعادلة، لأنها ذاهبة لتبتَاع عطور عابقة بعَبير الفضيلة كرائحة المسيح الذكيّة، لا لتعطر جسدها الملوث بأوساخ الخطيئة مع خطاة المدينة، بل للمسيح يسوع المخلص ماشيحا ـ مشيحو الذي سيهبها الحياة الأبدية والخلاص الدائم اعترافاً منها.
ينذهلُ العطّار من طلبها هذا غير المألوف وقال لها بإعجاب: ما الذي تَطلبين ..... وماذا حدث لك يا ترى ...... وما سبب هذا التغير الطارئ الذي سقط عليك كالصاعقة فقصف نزواتك وشهواتك وخوالجك التائهة في فيافي هذا الكون الفسيح ......؟؟!
كُنتِ فيما سبق تَبغينَ أشياء متعلقة بمحبة هذا العالم الشرير، أما الآن عطر ومسحة يتسامى عن أي عطر آخر. فأنبرت الخاطئة وقالت له: وجدت شخصاً مميزاً في كيانهِ ... منفرداً في طبعه ... بارعاً في جمَالهِ .... مُتّشحاً بقوة تأثيرهِ ... ثخيناً بصلابة إيمانه .... مشهوداً له بمعجزاتهِ يعجز اللسان واليراع عن وصف قدرته .......!!
أجل لن ولم أرَ مثيلاً له في عالم اليوم، هذا الذي أستطاع بلمحة بصر أن يكشفَ سرّ وخبايا حياتي السابقة في دياجير الليالي الدامسة. وقد جِئتُ ومن أين جِئت ... جئتً برجاسات الخطية المكدّسة في عروقي وكياني وروحي وأعماق أعماقي، فأنضم إلى جمهَرة أتباعه وأكون في عداد مختاريه .... إنهُ ... إنهُ يسوع المسيح الناصري غافر الآثام والمعاصي والخطايا. وهكذا تقتحم المرأة الخاطئة الخطوط الحمراء التي تستحق الرجم في عيني اليهود، فتلتقي مع رب المجد كعريس سماوي لها في بيت سمعان الفريسي بدون علم أحد أو دعوة ظاهرة تُوجّه إليها بدّالة الحب الإلهي تلتقي مع السيد الرب ( أدوناي) كعريس روحي لنفسها التائبة والتائهة.....!!!
القَال ـ نشيد مترجم من لغتنا السريانية الآرامية المقدّسة لمار افرام شمس السريان وإمام الملافنة والقديسين ومِقدامَهم.
تيُوبُوثُو: لتحومُو دهَيمُنوثو ـ للتوبة، دستور الأيمان.
هوذا ما أجمل وما أشهى صوت الخاطئة وهي تخاطب العطَّار قائلةً: امنحني أيها العطّار مِسحة " عِطر" وخذ ثمنها ولو كان يساوي الذهب. مسحة تكون غالية الثمن، فأمزج بها دموع عينيّ وأمسح البكر السماوي " يسوع المسيح " وعلى الله مُتّكلة. المَسحة التي أخذها منك يكون بها غفراناً لآثامي وخطاياي، فحَملت " الخاطئة" المسحَة وذهبت لترى الرب بإيمانٍ متين هاليلويا " المجد لله " وغفر الرب خطاياها.
النص السرياني:
ملحوظة وتفسير:
المرأة الخاطئة في انجيل لوقا 7 : 37) تسمّى بالتقليد الكنسي السرياني مريم الخاطئة (1)، وهي غير المرأة التي ضُبطت بفعل الزنى في يوحنا
كقول الرب يسوع لها: وأنا لا أدينكِ أيضاً." يو8: 11" هذا بعد أن وبّخَ يسوع أولئك المشتكون عليها، فّاندحرُوا اندحاراً واُقحمُوا وغادروا المكان فقال للمرأة: اذهبي ولا تخطيئ أيضاً. " يو 8: 10 و11 " وكأنِ بيسوع يقول لها: يا بنيتي لا تجزعِ ولا تيأسي ولا تبتئسي من رحمة الله الواسعة لأنني قد قبلت توبتك وباركت انسانيتك وجددتُ طبيعتك...!!
وليست أيضاً مريم المجدليَّة التي أخرج منها الرب سبعة شياطين. لوقا 8 : 2) ولا مريم أخت لعازَار التي دهنت الرب يسوع بطيبٍ ومسحت رجليهِ بشعرها. يوحنا11 : 1 ـ 3)
(1) يقول مار افرام السرياني في تفسيره : " أنَّ هذه المرأة تدعى مريم أي مريم الخاطئة، ولذلك السريان يستخدمون لفظة مريم الخاطئةـ ماريم حاطيتو " راجع تفسير إنجيل لوقا 7: 37) للمطران مار ديونسيوس ابن الصُليبي مطران أمد ـ ديار بكر ـ تركيا حالياً. ت 1171م
ما هو الفرق بين المرأة الخاطئة ومريم أخت مرثا ولعازار:
من الواضح أنها حادثة مختلفة بالنوع والمكان والزمان. واحدة حدثت في بيت عنيا بالقرب من أورشليم، في اسبوع الآلام كما يُخبرنا الإنجيل المقدس: وقبلَ الفصحِ بستَّةِ أيام أتى يسوع الى بيت عنيا حيث كانت مريم أخت مرثا ولعازارَ الميت الذي أقامه الرب من الموت وأعاد له الحياة كقول الانجيل، فأخذت مريم مَناً من طيب ناردينٍ خالص كثير الثمن ودَهنَت قدَمي يَسُوعَ ومسَحت قدميهِ بشعرهَا. فامتلأ البيت من رائحة الطيب. يوحنا 12: 3)
أمّا حادثة المرأة الخاطئة، فتمت في الجليل في بيت سمعان الفرِّيسيِّ، وتحدَّث الإنجيل عن امرأة في المدينة كانت خاطئة : أي زانية. لوقا 7: 37)
إلى هنا أعاننا الرب في تأمل روحي آخر.
