بانوراما الزمن الاخير
مرسل: الخميس يناير 12, 2012 10:22 am
بانوراما الزمن الاخير
وحيدا اعزف على اوتار الحنين الى ماضي يعيدني طفلا مع كل المسافرين بين زوايا الموت الهادئة او بين اكفان الغربة الابدية التي لفت على اجساد كل من احببت ...اليوم وانا اخطو في السنة التاسعة والسبعين من العمر اخطوها وحيدا الا من ذكريات تكاد تجعلني مجرد روح هائمة على اطلال من رماد....
حين دق العام 2050 بابي كنت انا الشيخ العجوز اعبرها وحيدا لا املك سوى هذا القلم الذي اكتب فيه وهذا الدفتر الذي تحمل خربشاتي كل هذه السنين...ومن بين كل الاصدقاء الذين طال انتظار سماع اخبارهم لم يبقي لي غير صديق صدوق اسمه ابو كاوى...الذي كان يسخر دوما من ابناء قومي حين كانوا يسمون اطفالهم باسماء اجنبية فكان يردد دوما اطفالكم كلهم مشاريع هجرة بينما ابناؤنا الذين يحملون اسماء اجدادهم مشاريع شهادة ليولد من دمهم وطننا العظيم..
حين دق العام 2050 بابي كان العالم كله قد تغيرمن كل النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية اما مدينتا الفاضلة فلم يتغير فيها سوى الديموغرافيا ...فان حاولت ان ارجع للوراء خمس وستين سنة لارى المدينة الفاضلة يتقاسمها مناصفة السريان وبقية الطوائف مع اخوتنا ورفاق تاريخنا الاكراد..فهم يقولون دوما وان لا انكر قولهم باننا اكرادا وسريانا مثل النهر والسمكة لا يمكن ان يفترقا ابدا ،فقط اليوم وانا اخط هذه الكلمات ادركت ان انهم النهر الخالد الباقي ابدا ونحن السمكة التي ليس لها موطن أو سكنا ..
منذ ان اذكر واحد النصفين يفرغ شيئا فشيئا والنصف الآخر يملأ الفراغ حتى لم يبقى سوى نصف واحد صار هو الكل وانا بقيت النقطة السوداء في هذا النصف العظيم.
حين دق العام 2050 بابي كان كل الذين رفعوا في الماضي شعارات القومية وبشروا بميلاد وطن الاجداد قد رحلوا بعيدا وبين الفينة والاخرى اسمع صراخهم على الفضائيات يولولون ويبكون على وطن ضيعوه ومشكلتهم الى اليوم لم يفهموا ان الوطن موجود لكنهم هم من ضاعوا...
وانا اكتب هذه الكلمات دق الباب ودخل صديق الطفولة والشيخوخة ابو كاوى وبيده كالعادة الزاد والشراب وحين رآني اكتب قال يعجبني فيك وطنيتك وتمسكك بالارض ..غيرك ترك الآف الدونمات وأنت متمسك بحفنة تراب..قلت حينها اما انا فيعجبني فيك حبك للوطن وتعلقك بقوميتك فأنت ما زلت مثلما عهدك منذ سبعين سنة ..ضحك ابو كاوى وقال بلغة عربية مكسرة يا صديقي الوطن مثل الام والاب ليس بوسعك الا ان تحميهما و تفتخر بهما مهما فعلوا بك..اما القومية فهي الابن البار الذي سيرفع اسمك على الارض وسيكبر ويكبر هو واولاده ليصير درعا يحميك وقت المصائب والملمات ..اعجبتني فلسفة ابو كاوى لدرجة تمنيت لو كان لي اولاد غير اولادي واحفاد غير احفادي الذي صاروا اسماكا هائمة في مياه قذرة..
غير ابو كاوى الحديث وقال دعني ارسل احد ابنائي ليقرع لك ناقوس الكنيسة القريبة فأنت تحب سماعه ..قلت وهل معك المفتاح..ضحك ابو كاوى وقال حين رحل آخر كاهن ترك الباب خلفه مفتوحا بدون مفتاح ...وقال لي لتكن انت الكاهن فنحن اخوة ..
حين دق الناقوس وجدت روحي هائمة وابو كاوى يتلقى التعازي عن نفسي الراحلة ادركت اني رحلت عن الارض الطيبة الذي تمسكت بترابها حتى الرمق الاخير...وقبل ان التق الاله التقيت كل الانبياء وكلهم اشاحوا الوجه عني فقط لاني انتمي لشعب خان الوطن وكل المقدسات ونصحوني كلهم الا ادق باب الله لانه لا وقت لديه لاستقبال من كان ينتمي لقوم هم حثالة الارض وانذل الانذال....
وحيدا اعزف على اوتار الحنين الى ماضي يعيدني طفلا مع كل المسافرين بين زوايا الموت الهادئة او بين اكفان الغربة الابدية التي لفت على اجساد كل من احببت ...اليوم وانا اخطو في السنة التاسعة والسبعين من العمر اخطوها وحيدا الا من ذكريات تكاد تجعلني مجرد روح هائمة على اطلال من رماد....
حين دق العام 2050 بابي كنت انا الشيخ العجوز اعبرها وحيدا لا املك سوى هذا القلم الذي اكتب فيه وهذا الدفتر الذي تحمل خربشاتي كل هذه السنين...ومن بين كل الاصدقاء الذين طال انتظار سماع اخبارهم لم يبقي لي غير صديق صدوق اسمه ابو كاوى...الذي كان يسخر دوما من ابناء قومي حين كانوا يسمون اطفالهم باسماء اجنبية فكان يردد دوما اطفالكم كلهم مشاريع هجرة بينما ابناؤنا الذين يحملون اسماء اجدادهم مشاريع شهادة ليولد من دمهم وطننا العظيم..
حين دق العام 2050 بابي كان العالم كله قد تغيرمن كل النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية اما مدينتا الفاضلة فلم يتغير فيها سوى الديموغرافيا ...فان حاولت ان ارجع للوراء خمس وستين سنة لارى المدينة الفاضلة يتقاسمها مناصفة السريان وبقية الطوائف مع اخوتنا ورفاق تاريخنا الاكراد..فهم يقولون دوما وان لا انكر قولهم باننا اكرادا وسريانا مثل النهر والسمكة لا يمكن ان يفترقا ابدا ،فقط اليوم وانا اخط هذه الكلمات ادركت ان انهم النهر الخالد الباقي ابدا ونحن السمكة التي ليس لها موطن أو سكنا ..
منذ ان اذكر واحد النصفين يفرغ شيئا فشيئا والنصف الآخر يملأ الفراغ حتى لم يبقى سوى نصف واحد صار هو الكل وانا بقيت النقطة السوداء في هذا النصف العظيم.
حين دق العام 2050 بابي كان كل الذين رفعوا في الماضي شعارات القومية وبشروا بميلاد وطن الاجداد قد رحلوا بعيدا وبين الفينة والاخرى اسمع صراخهم على الفضائيات يولولون ويبكون على وطن ضيعوه ومشكلتهم الى اليوم لم يفهموا ان الوطن موجود لكنهم هم من ضاعوا...
وانا اكتب هذه الكلمات دق الباب ودخل صديق الطفولة والشيخوخة ابو كاوى وبيده كالعادة الزاد والشراب وحين رآني اكتب قال يعجبني فيك وطنيتك وتمسكك بالارض ..غيرك ترك الآف الدونمات وأنت متمسك بحفنة تراب..قلت حينها اما انا فيعجبني فيك حبك للوطن وتعلقك بقوميتك فأنت ما زلت مثلما عهدك منذ سبعين سنة ..ضحك ابو كاوى وقال بلغة عربية مكسرة يا صديقي الوطن مثل الام والاب ليس بوسعك الا ان تحميهما و تفتخر بهما مهما فعلوا بك..اما القومية فهي الابن البار الذي سيرفع اسمك على الارض وسيكبر ويكبر هو واولاده ليصير درعا يحميك وقت المصائب والملمات ..اعجبتني فلسفة ابو كاوى لدرجة تمنيت لو كان لي اولاد غير اولادي واحفاد غير احفادي الذي صاروا اسماكا هائمة في مياه قذرة..
غير ابو كاوى الحديث وقال دعني ارسل احد ابنائي ليقرع لك ناقوس الكنيسة القريبة فأنت تحب سماعه ..قلت وهل معك المفتاح..ضحك ابو كاوى وقال حين رحل آخر كاهن ترك الباب خلفه مفتوحا بدون مفتاح ...وقال لي لتكن انت الكاهن فنحن اخوة ..
حين دق الناقوس وجدت روحي هائمة وابو كاوى يتلقى التعازي عن نفسي الراحلة ادركت اني رحلت عن الارض الطيبة الذي تمسكت بترابها حتى الرمق الاخير...وقبل ان التق الاله التقيت كل الانبياء وكلهم اشاحوا الوجه عني فقط لاني انتمي لشعب خان الوطن وكل المقدسات ونصحوني كلهم الا ادق باب الله لانه لا وقت لديه لاستقبال من كان ينتمي لقوم هم حثالة الارض وانذل الانذال....