مؤتمر صحفي شامل
مرسل: الأربعاء ديسمبر 19, 2012 8:11 pm
كنت حديث السن ،وتغمرني فرحة ونشوة كبيرتان كي اعيش واعايش مرحلة إنتخابات لأول مرة في حياتي وفي بدايتها .وارى كيفية اللعبة السياسية وقتها، لأن الحياة تعلم الإنسان اكثر من بحثه عن العلم.
ايام الوحدة بين سوريا ومصر وفي مدينتي القامشلي قمنا انا ورفاق من الحارة ،مع علبتين من الغراء البدائي ،بلصق رزمة من الصور الخاصة لعدد من المرشحين لانتخابات الإتحاد الاشتراكي ، ويومها كان بمثابةالبرلمان المشترك بين ســوريا ومصر.
كان كل مرشح له بضع اسطر عبارة عن برنامجه السياسي ونظرته الى مستقبل البلد وخصوصا القامشلي ، والمشاريع المزمع ان ينادي فيها إذا نجح في الإنتخابات.
وهجمت على بلدتي ايامها الصحافة ومراسلوها من مختلف الجرائد والمجلات ،وكنا نجلس يوميا من العصر وحتى ساعات متاخرة في مقهى ابو الشام المقهى السياسي ، نرشف الشاي ونتناقش في المواضيع الإنتخابيــــة.
ومن جملة المرشحين كان هناك من يمثلون طوائفنا المسيحية ، يومها كانت المنافسة على اشدها بينهم ، كل مرشح يحاول ان يكسب اكبر عدد من المنتخبين .
كناجالسين في المقهى المذكور ، نحاور ونناقش بعض المرشحين في برامجهم وايهما افضل للبلدوللطائفة الفلانية ...وهكذا.
فوجئنابمراسلة صحيفة الــراي العام ويومها كانت من الصحف المهمة في سوريا ،قادمة من دمشق وبرفقة مصور والــة تسجيل إنبهرنا فيها ولم نعرف ما هي حتى شرحت لنا كيفية استعمالها ،سالتنا عن المرشحين وعندما عرفتهم بدات تسالهم عن برامجهم والدوافع التي شجعتهم للترشيح ومدى إعتقادهم بالنجاح.
عزيزنا حبصونو ملكي كان احد المرشحين من جماعتنا السريان ،لم نعلم من ادخل الفكرة إلى راسه فقام رشح نفسه ،وهورجل تخطى يومها الخمسين من العمر ميسور الحال معروف بين اوساط جماعتنا ،له اياد بيضاء على الكثير من افراد الطائفة.
سمع ان هناك مشروع ترشح وإنتخابات وشاهد بعض من يعرفهم وقد رشحوا انفسهم ولصقوا صورهم في الشوارع ليصبحوا مندوبين كما كانوا يدعون وقتها ،فما كان من صاحبنا حبصونو حتى قام بترشيح نفسه دون برنامج ولا مـــن يحزنون ...
كان العم حبصونو جالس ايضا يومها في ذلك المقهى ولا نعلم من دله على هذه الجلسات السياسية المعقدة وهو الذي لا يحل ولا يربط في السياسة .كان جالس امامه كاسة الشاي الثقيل ،وكيس دخانه على الطاولة الصغيرة وسكارته الملفوفة بين اصابعه ،يوزع نظراته بين الحاضرين والمرشحين الآخرين ،بنظرة ملؤها النجاح بنسبة عالية جدا .
قامت المراسلة بسؤال عدد من المرشحين والمصور المرافق ياخذالصور وهي احيانا تقوم بالكتابة واخرى بواسطة ذلك الجهاز الحديث.
وصلت الى عمنا حبصونو فتشائم من وجودها قبل السؤال ولم يلتفت اليها البتـــة
فاجئته قائلة وانت يا حضرة المرشح هل لك ان تقول لنا ما الدافع الذي دفعك الى الترشيح ؟؟؟ لم يسمع صاحبنا السؤال
اعادت عليه السؤال مرة ثانية .
وهنا وزن عمنا السؤال بدقة في راسه وعصر خلاصة تاريخه السياسي والاجتماعي والطبقي لهذا السؤال الحرج وهو الذي ليس لديه اي برنامج ولا اي مشروع ينادي به ،احذ نفسا من السيكارة، وبعد ان نفث دخانه رد بكل ثقة ..الدافع.مقرسية (بمعنى نكاية في ترشيح أحدهم .. لا على التعيين )
وسكت.لم تفهم صاحبتنا الكلمة وهي ابنة الشام . اعادت عليه السؤال مرة اخرى ،قائلة..
اعني ما الدافع ما مشروعك للبلد وما برنامجك ياسيدي؟؟
زورها سياسينا حبصونو ثانية ورشف ما تبقى من كاسه واطفا سيكارته وهـــــب واقفا مع هذا الرد الحاسم
بنـــــــــدية .( بمعنى ... راح نشوف مين راح يكسب )
وهكذا كان هذا المؤتمر الصحفي للعم حبصونو
برنامج....ودعاية...لترشحه للإنتخــــــابات
لملمت اوراقها المراسلة من دون ان تفهم اي شيء لا عن برنامجه السياسي ولا عن مشاريعه التي سيقوم فيا لاحقا اذا نجح .
كل ما هناك غرفت ما استطاعت من ثقافة وخبرة ونضال السياسي اللامع حبصونو .. وانها خلقت السبق الصحفي في هذه المقابلة .
بقلم حنا لبيب خوري