رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل فيلبي ص4
إذًا يا إخوتي الأحباء والمشتاق إليهم يا سروري وإكليلي أثبتوا هكذا في الرب أيها الأحباء.
إذًا... اثبتوا: قوله إذًا يعنى أن هذه الآية عائدة على ما قبلها، والمعنى أنه مادام يا إخوتى أنتم منتظرون مجىء الرب إذاً اثبتوا فى الرب: اثبتوا فيما أنتم فيه كمواطنين سماويين، وإلتزموا بكل ما توجبه عليكم هذه المواطنة السماوية، ولا ترتدوا لمحبة لذات وشهوات العالم. وقوله اثبتوا فى الرب يعنى، أن الرب الذى نحن متحدون به هو الذى سيقودنا فى معركة منتصرة لهذا المجد المُعد. يا سرورى: ذِكرهم يُدخل السرور لقلبه لطهارة سيرتهم وطاعتهم وكرمهم ومحبتهم. بل هم إكليلي: كان الفائز فى السباق يُلبسونه إكليل زهور. وكان المتسابق يظل يجاهد العام كله فى تدريبات شاقة وهو يحلم بأن يلبس هذا الإكليل. وحينما يحصل عليه يفتخر به. والرسول يجاهد كل عمره لخلاصهم، ويفتخر يإيمانهم، وسيكلل بسببهم فى الأبدية.
أطلب إلى افودية وأطلب إلى سنتيخي أن تفتكرا فكرًا واحدًا في الرب.
يطلب الرسول من كلتيهما أن تتنازل عن ما بينهما من خلاف ويتوافقا فى فكر واحد، فلا يحرما نفسيهما من الشركة والفرح فى الرب. وهذا سبق ومَهَّدَ له. والخلاف بينهما يعطل عمل الكرازة وعمل الروح القدس. ويبدو أن هاتين المرأتين كان لهما مركزاً هاماً فى الكنيسة. وكانت النساء أول من آَمن فى فيليبى وربما كانت إفودية وسنتيخى عند النهر حيث تُقام الصلاة (أع13:16). ثم صارتا خادمات وكارزات أو خادمات للمحتاجين. وخصام هاتين الخادمتين يسبب شقاقاً وتحزباً فى الكنيسة فتتأثر الكنيسة ككل.
نعم أسالك أنت أيضًا يا شريكي المخلص ساعد هاتين اللتين جاهدتا معي في الإنجيل مع اكليمندس أيضًا وباقي العاملين معي الذين اسماؤهم في سفر الحياة.
شريكى: الكلمة تشير لاشتراك ثورين فى محراث، وهذا الشريك المخلص إذاً كان قد احتمل مع بولس نير الخدمة وإحتمال الضيقات والمصاعب. وشاركه فى الخدمة أيضاً إكليمنضس وإفودية وسنتيخى، وحتى لا ينسى باقى الذين تعبوا معه قال وباقى العاملين معى. وما هو نصيب من يعمل فى كرم الرب؟ أسماؤهم فى سفر الحياة. والضيقات التى احتملوها كانت بسبب الاضطهاد الذى حدث فى فيليبى وفى كل مكان. جاهدتا معى فى الإنجيل: والرسول يشجعهما بقوله هذا، فيذكر لهما ماضيهما ومحبتهما لله لينسوا خلافاتهن. ولكن من هو هذا الشريك الذى يشير إليه الرسول؟ قيلت آراء كثيرة :
1. هو شخص مشهور فى فيليبى له مركز قيادي وهم يعرفونه وكان معاوناً لبولس وقيل ربما سيلا أو لوقا أو أسقف فيليبى أو أبفرودتس.
2. قيل إن كلمة شريكي باليونانية هى سيزيجيوس، فقالوا أنه شخص اسمه سيزيجيوس، ووصفه الرسول بأنه مخلص.
3. قال القديس يوحنا فم الذهب إنه زوج إفودية أو سنتيخى.
والرسول يطلب من إكليمنضس ومن الشريك هذا مساعدته فى عمل الصلح بين المرأتين.
افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا افرحوا.
إفرحوا فى الرب: فلا فرح حقيقى إلاّ بالثبات فى المسيح، ومن هو ثابت فى المسيح يملأه الروح القدس فرحاً فالفرح ثمرة من ثمار الروح القدس
يدعو الرسول أهل فيليبى للفرح الدائم، كثمرة طبيعية لاتحادهم بالرب: إفرحوا فى الرب. ومن ثمار الروح القدس الفرح. والفرح الذى يعطيه لنا الرب لا يتأثر بأى ظروف خارجية، ولا يستطيع أحد أن ينزعه منّا (يو22:16)، مهما كانت الآلام المحيطة بنا، كما سبح بولس فَرحاً فى سجنه فى فيليبى، أماّ أفراح العالم فسريعاً ما تزول. ويصل الإنسان لهذا الفرح سريعاً إذا بدأ يحزن على خطاياه، ويقدم توبة، فالخطية تسبب عدم الثبات فى الرب.
ليكن حلمكم معروفًا عند جميع الناس الرب قريب.
حلمكم: المعنى باليونانية كونوا بلا غضب لا تكونوا قساة تحملوا بالصبر إساءات الغير التساهل مع الآخرين فى الحقوق الشخصية كما فعل إبراهيم مع لوط. وهذه الصفات لا تتوافر إلاّ لمن استطاع أن يفرح بالرب، والفرح نابع من المحبة التى هى من ثمار الإمتلاء من الروح القدس. والمحبة والفرح يعطيان اتساع قلب واحتمال وضبط للنفس وتسامح ووداعة ولطف.
الرب قريب: ماران أثا (1كو22:16). هى كلمة الصبر التى كان يرددها المسيحيون الأوائل لإعلان فرحهم بقرب مجىء المسيح. وهكذا علينا دائماً أن نتوقع قرب مجيئه بفرح واشتياق ولهفة. ولاحظ التسلسل الرائع فى كلمات الرسول ففى آية 1 قال اثبتوا فى الرب وفى آية 4 قال افرحوا فى الرب فلا فرح حقيقى بدون ثبات فى الرب. وهنا يتكلم عن التساهل فى الحقوق وهذا يكون سهلاً وممكناً لمن يعيش فى فرح وينتظر الرب باشتياق. فالذى ينشغل بمجىء الرب يتساهل فى حقوقه الشخصية.
لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع .
لا تهتموا بشىء: لا تقلقوا ولا ترتبكوا ولا تضطربوا أمام هموم الحياة. ولاحظ أنه لم يقل لا تفكروا فى ترتيب أموركم التى فى الغد، بل قال لا تحملوا هم هذه الأمور (مت25:6) + (1كو32:7). بل بالصلاة: فالصلاة تملأ القلب سلاماً، فإذ نسمع صوت الله فى قلوبنا نهدأ. والصلاة تعنى التسبيح.
أماّ الدعاء: فهو توسل الشخص فى تقديم طلباته، وهذا يشمل طلب غفران الخطية.
مع الشكر: فالشاكر يزيده الله نعمة فوق نعمة، فحينما نرجع لله بالشكر على عطية من عطاياه، يزيدنا الله من عطايا نعمته ،شفاء العشرة البرص (لو 11:17-19) فالذى عاد شاكراً حصل على الخلاص، بعد أن كان قد حصل على الشفاء الجسدى). بهذا يرسم الرسول خطة نتبعها فى صلواتنا أثناء أى ضيقة. فيجب أن تشمل الصلاة هذه العناصرالتالية:
*التسبيح والتمجيد الله
* الطلب من أجل حل المشكلة
* الشكر المستمر حتى وسط الضيقة.
والشكر هو عنصر مرافق هام لكل صلاة، بل نحن نبدأ به أى صلاة فى كنيستنا الحبيبة.
سلام الله الذى يفوق كل عقل: كثيراً ما تصادفنا ضيقات أو مشاكل لا نجد لها حلاً بعقولنا، أو يصادفنا مكدر يهدد سلامنا ولا نجد له حلاً، ونصرخ لله فيعطينا سلاماً يتغلب على القلق والخوف وحيرة العقل التى نعانى منها، فسلام الله يفوق ويتفوق على حيرة عقولنا العاجزة، فيغمر السلام عقولنا وقلوبنا بطريقة تفوق أفهامنا. فمع أن الشىء المحير الذى طلبنا إزالته مازال باقياً، أو المشكلة أو المكدر مازال باقياً، نجد أنفسنا وقد ارتفعنا فوقه ولم يعد يقدر أن يكدرنا أو يفقدنا سلامنا. وهذا ما عَبَّر عنه الرسول بصورة أخرى حين قال مكتئبين فى كل شىء لكن غير متضايقين، متحيرين لكن غير يائسين (2كو8:4). والفرح فى الرب وسلام الله الذى يفوق كل عقل.
هما عطايا من الله لنحيا فى نصرة وسط أحزان وضيقات هذا العالم. فالنصرة فى المسيحية هى ان نحيا فى فرح وسلام بالرغم من المشاكل الخارجية وليست هى فى نزع الضيقة الخارجية وهذا ما كان يعنيه السيد المسيح بقوله ولاينزع أحد فرحكم منكم (يو22:16).
يحفظ: كلمة لها طابع عسكرى فى اليونانية وتعنى يُحْكِمْ حراسة شىء ما. إذاً صلوا ولا تقلقوا وسلام الله الذى لا يُعبّر عنه ولا يمكن للعقل البشرى أن يدركه أو يمنحه، سلام الله هذا سوف يُحكم حراسة قلوبكم وأفكاركم فى المسيح. أى سوف يمنع القلق أن يتسرب لها وسيمنع أى محاولات من إبليس لزرع الهم واليأس.
أخيرًا أيها الاخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ما صيته حسن إن كانت فضيلة وإن كان مدح ففي هذه افتكروا. وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورايتموه فيَّ فهذا افعلوا وإله السلام يكون معكم.
علينا أن لا نكف فقط عن السيئات بل نمتلىء بالإيجابيات وعمل الخير، فإن كنا قد حسبنا العالم نفاية وتركنا السيئات، فعلينا أن ننشغل بشىء ما وليكن ما ننشغل به حسن، نحن ذاهبون للسماء فلننشغل بما للسماء.
أخيراً: تعنى خلاصة الأمر كله. كل ما هو حق: عليكم أن تنشغل أفكاركم بما هو حق فى نظر الله. والحق عكس الباطل. الباطل هو العالم بكل ما فيه من ملذات ودرجات عظيمة، وأموال، ومراكز... هذا قيل عنه باطل الأباطيل. أما الحق فهو المسيح، الذى قال عن نفسه أنا هو الطريق والحق والحياة. الحق هو الله، وهو السماء والأبدية. هذا ما قال عنه الرسول إن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق (كو1:3). أما من يهتم بالعالم فهو يهتم بالباطل. وقيل عن إبليس رئيس هذا العالم وهو الكذاب وأبو الكذاب. وقوله كل ما هو: يشير لأن لا ينقسم قلبنا بين الحق والباطل لاتعرجوا بين الفرقتين. كل ما هو جليل: أى موقر ومستحق الاعتبار.
عادل: إستقامة التصرف فيما يليق بالآخرين.
طاهر: تشمل الأفكار الطاهرة والسلوك الطاهر. كل ما هو مسر، المقصود كل ما يسر الله، ويبعث السرور فى قلوب الناس.
صيته حسن: أن يشتهر عنكم الأمانة مثلاً، تكون سمعتكم حسنة.
إن كانت فضيلة: ضرورة التفكير فى كل ما هو فضيلة والاهتمام بأن تكون فينا كل الفضائل، وأن نرفض كل ما هو رذيلة.
مدح: أي ليمدح الناس أعمالكم وهذه مثل ليرى الناس أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذى فى السموات. وقد تعنى ليمدح كل واحد الآخر ليشجعه.
عموماً نحن لا نتسول المدح من الناس، بل نسعى لأن تكون تصرفاتنا تمجد الله (1كو 5:4).
ونرى هنا أهمية التقليد والتعليم الشفهى الذى نقل لنا طرق ممارسة الأسرار. إله السلام يملأ القلب بالسلام ويسحق الشيطان (رو 20:16).
المجد في المسيح يسوع. ولله وأبينا المجد إلى دهر الداهرين آمين.
إذًا يا إخوتي الأحباء والمشتاق إليهم يا سروري وإكليلي أثبتوا هكذا في الرب أيها الأحباء.
إذًا... اثبتوا: قوله إذًا يعنى أن هذه الآية عائدة على ما قبلها، والمعنى أنه مادام يا إخوتى أنتم منتظرون مجىء الرب إذاً اثبتوا فى الرب: اثبتوا فيما أنتم فيه كمواطنين سماويين، وإلتزموا بكل ما توجبه عليكم هذه المواطنة السماوية، ولا ترتدوا لمحبة لذات وشهوات العالم. وقوله اثبتوا فى الرب يعنى، أن الرب الذى نحن متحدون به هو الذى سيقودنا فى معركة منتصرة لهذا المجد المُعد. يا سرورى: ذِكرهم يُدخل السرور لقلبه لطهارة سيرتهم وطاعتهم وكرمهم ومحبتهم. بل هم إكليلي: كان الفائز فى السباق يُلبسونه إكليل زهور. وكان المتسابق يظل يجاهد العام كله فى تدريبات شاقة وهو يحلم بأن يلبس هذا الإكليل. وحينما يحصل عليه يفتخر به. والرسول يجاهد كل عمره لخلاصهم، ويفتخر يإيمانهم، وسيكلل بسببهم فى الأبدية.
أطلب إلى افودية وأطلب إلى سنتيخي أن تفتكرا فكرًا واحدًا في الرب.
يطلب الرسول من كلتيهما أن تتنازل عن ما بينهما من خلاف ويتوافقا فى فكر واحد، فلا يحرما نفسيهما من الشركة والفرح فى الرب. وهذا سبق ومَهَّدَ له. والخلاف بينهما يعطل عمل الكرازة وعمل الروح القدس. ويبدو أن هاتين المرأتين كان لهما مركزاً هاماً فى الكنيسة. وكانت النساء أول من آَمن فى فيليبى وربما كانت إفودية وسنتيخى عند النهر حيث تُقام الصلاة (أع13:16). ثم صارتا خادمات وكارزات أو خادمات للمحتاجين. وخصام هاتين الخادمتين يسبب شقاقاً وتحزباً فى الكنيسة فتتأثر الكنيسة ككل.
نعم أسالك أنت أيضًا يا شريكي المخلص ساعد هاتين اللتين جاهدتا معي في الإنجيل مع اكليمندس أيضًا وباقي العاملين معي الذين اسماؤهم في سفر الحياة.
شريكى: الكلمة تشير لاشتراك ثورين فى محراث، وهذا الشريك المخلص إذاً كان قد احتمل مع بولس نير الخدمة وإحتمال الضيقات والمصاعب. وشاركه فى الخدمة أيضاً إكليمنضس وإفودية وسنتيخى، وحتى لا ينسى باقى الذين تعبوا معه قال وباقى العاملين معى. وما هو نصيب من يعمل فى كرم الرب؟ أسماؤهم فى سفر الحياة. والضيقات التى احتملوها كانت بسبب الاضطهاد الذى حدث فى فيليبى وفى كل مكان. جاهدتا معى فى الإنجيل: والرسول يشجعهما بقوله هذا، فيذكر لهما ماضيهما ومحبتهما لله لينسوا خلافاتهن. ولكن من هو هذا الشريك الذى يشير إليه الرسول؟ قيلت آراء كثيرة :
1. هو شخص مشهور فى فيليبى له مركز قيادي وهم يعرفونه وكان معاوناً لبولس وقيل ربما سيلا أو لوقا أو أسقف فيليبى أو أبفرودتس.
2. قيل إن كلمة شريكي باليونانية هى سيزيجيوس، فقالوا أنه شخص اسمه سيزيجيوس، ووصفه الرسول بأنه مخلص.
3. قال القديس يوحنا فم الذهب إنه زوج إفودية أو سنتيخى.
والرسول يطلب من إكليمنضس ومن الشريك هذا مساعدته فى عمل الصلح بين المرأتين.
افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا افرحوا.
إفرحوا فى الرب: فلا فرح حقيقى إلاّ بالثبات فى المسيح، ومن هو ثابت فى المسيح يملأه الروح القدس فرحاً فالفرح ثمرة من ثمار الروح القدس
يدعو الرسول أهل فيليبى للفرح الدائم، كثمرة طبيعية لاتحادهم بالرب: إفرحوا فى الرب. ومن ثمار الروح القدس الفرح. والفرح الذى يعطيه لنا الرب لا يتأثر بأى ظروف خارجية، ولا يستطيع أحد أن ينزعه منّا (يو22:16)، مهما كانت الآلام المحيطة بنا، كما سبح بولس فَرحاً فى سجنه فى فيليبى، أماّ أفراح العالم فسريعاً ما تزول. ويصل الإنسان لهذا الفرح سريعاً إذا بدأ يحزن على خطاياه، ويقدم توبة، فالخطية تسبب عدم الثبات فى الرب.
ليكن حلمكم معروفًا عند جميع الناس الرب قريب.
حلمكم: المعنى باليونانية كونوا بلا غضب لا تكونوا قساة تحملوا بالصبر إساءات الغير التساهل مع الآخرين فى الحقوق الشخصية كما فعل إبراهيم مع لوط. وهذه الصفات لا تتوافر إلاّ لمن استطاع أن يفرح بالرب، والفرح نابع من المحبة التى هى من ثمار الإمتلاء من الروح القدس. والمحبة والفرح يعطيان اتساع قلب واحتمال وضبط للنفس وتسامح ووداعة ولطف.
الرب قريب: ماران أثا (1كو22:16). هى كلمة الصبر التى كان يرددها المسيحيون الأوائل لإعلان فرحهم بقرب مجىء المسيح. وهكذا علينا دائماً أن نتوقع قرب مجيئه بفرح واشتياق ولهفة. ولاحظ التسلسل الرائع فى كلمات الرسول ففى آية 1 قال اثبتوا فى الرب وفى آية 4 قال افرحوا فى الرب فلا فرح حقيقى بدون ثبات فى الرب. وهنا يتكلم عن التساهل فى الحقوق وهذا يكون سهلاً وممكناً لمن يعيش فى فرح وينتظر الرب باشتياق. فالذى ينشغل بمجىء الرب يتساهل فى حقوقه الشخصية.
لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع .
لا تهتموا بشىء: لا تقلقوا ولا ترتبكوا ولا تضطربوا أمام هموم الحياة. ولاحظ أنه لم يقل لا تفكروا فى ترتيب أموركم التى فى الغد، بل قال لا تحملوا هم هذه الأمور (مت25:6) + (1كو32:7). بل بالصلاة: فالصلاة تملأ القلب سلاماً، فإذ نسمع صوت الله فى قلوبنا نهدأ. والصلاة تعنى التسبيح.
أماّ الدعاء: فهو توسل الشخص فى تقديم طلباته، وهذا يشمل طلب غفران الخطية.
مع الشكر: فالشاكر يزيده الله نعمة فوق نعمة، فحينما نرجع لله بالشكر على عطية من عطاياه، يزيدنا الله من عطايا نعمته ،شفاء العشرة البرص (لو 11:17-19) فالذى عاد شاكراً حصل على الخلاص، بعد أن كان قد حصل على الشفاء الجسدى). بهذا يرسم الرسول خطة نتبعها فى صلواتنا أثناء أى ضيقة. فيجب أن تشمل الصلاة هذه العناصرالتالية:
*التسبيح والتمجيد الله
* الطلب من أجل حل المشكلة
* الشكر المستمر حتى وسط الضيقة.
والشكر هو عنصر مرافق هام لكل صلاة، بل نحن نبدأ به أى صلاة فى كنيستنا الحبيبة.
سلام الله الذى يفوق كل عقل: كثيراً ما تصادفنا ضيقات أو مشاكل لا نجد لها حلاً بعقولنا، أو يصادفنا مكدر يهدد سلامنا ولا نجد له حلاً، ونصرخ لله فيعطينا سلاماً يتغلب على القلق والخوف وحيرة العقل التى نعانى منها، فسلام الله يفوق ويتفوق على حيرة عقولنا العاجزة، فيغمر السلام عقولنا وقلوبنا بطريقة تفوق أفهامنا. فمع أن الشىء المحير الذى طلبنا إزالته مازال باقياً، أو المشكلة أو المكدر مازال باقياً، نجد أنفسنا وقد ارتفعنا فوقه ولم يعد يقدر أن يكدرنا أو يفقدنا سلامنا. وهذا ما عَبَّر عنه الرسول بصورة أخرى حين قال مكتئبين فى كل شىء لكن غير متضايقين، متحيرين لكن غير يائسين (2كو8:4). والفرح فى الرب وسلام الله الذى يفوق كل عقل.
هما عطايا من الله لنحيا فى نصرة وسط أحزان وضيقات هذا العالم. فالنصرة فى المسيحية هى ان نحيا فى فرح وسلام بالرغم من المشاكل الخارجية وليست هى فى نزع الضيقة الخارجية وهذا ما كان يعنيه السيد المسيح بقوله ولاينزع أحد فرحكم منكم (يو22:16).
يحفظ: كلمة لها طابع عسكرى فى اليونانية وتعنى يُحْكِمْ حراسة شىء ما. إذاً صلوا ولا تقلقوا وسلام الله الذى لا يُعبّر عنه ولا يمكن للعقل البشرى أن يدركه أو يمنحه، سلام الله هذا سوف يُحكم حراسة قلوبكم وأفكاركم فى المسيح. أى سوف يمنع القلق أن يتسرب لها وسيمنع أى محاولات من إبليس لزرع الهم واليأس.
أخيرًا أيها الاخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ما صيته حسن إن كانت فضيلة وإن كان مدح ففي هذه افتكروا. وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورايتموه فيَّ فهذا افعلوا وإله السلام يكون معكم.
علينا أن لا نكف فقط عن السيئات بل نمتلىء بالإيجابيات وعمل الخير، فإن كنا قد حسبنا العالم نفاية وتركنا السيئات، فعلينا أن ننشغل بشىء ما وليكن ما ننشغل به حسن، نحن ذاهبون للسماء فلننشغل بما للسماء.
أخيراً: تعنى خلاصة الأمر كله. كل ما هو حق: عليكم أن تنشغل أفكاركم بما هو حق فى نظر الله. والحق عكس الباطل. الباطل هو العالم بكل ما فيه من ملذات ودرجات عظيمة، وأموال، ومراكز... هذا قيل عنه باطل الأباطيل. أما الحق فهو المسيح، الذى قال عن نفسه أنا هو الطريق والحق والحياة. الحق هو الله، وهو السماء والأبدية. هذا ما قال عنه الرسول إن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق (كو1:3). أما من يهتم بالعالم فهو يهتم بالباطل. وقيل عن إبليس رئيس هذا العالم وهو الكذاب وأبو الكذاب. وقوله كل ما هو: يشير لأن لا ينقسم قلبنا بين الحق والباطل لاتعرجوا بين الفرقتين. كل ما هو جليل: أى موقر ومستحق الاعتبار.
عادل: إستقامة التصرف فيما يليق بالآخرين.
طاهر: تشمل الأفكار الطاهرة والسلوك الطاهر. كل ما هو مسر، المقصود كل ما يسر الله، ويبعث السرور فى قلوب الناس.
صيته حسن: أن يشتهر عنكم الأمانة مثلاً، تكون سمعتكم حسنة.
إن كانت فضيلة: ضرورة التفكير فى كل ما هو فضيلة والاهتمام بأن تكون فينا كل الفضائل، وأن نرفض كل ما هو رذيلة.
مدح: أي ليمدح الناس أعمالكم وهذه مثل ليرى الناس أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذى فى السموات. وقد تعنى ليمدح كل واحد الآخر ليشجعه.
عموماً نحن لا نتسول المدح من الناس، بل نسعى لأن تكون تصرفاتنا تمجد الله (1كو 5:4).
ونرى هنا أهمية التقليد والتعليم الشفهى الذى نقل لنا طرق ممارسة الأسرار. إله السلام يملأ القلب بالسلام ويسحق الشيطان (رو 20:16).
المجد في المسيح يسوع. ولله وأبينا المجد إلى دهر الداهرين آمين.