تشهد الساحة السياسية في شرقنا الأوسط متغيرات وتحولات ربما البعض لم يضعها في الحسبان ولكن هنالك فئة كانت تتوقع هذه التغيرات السياسية وفئة كانت تحلم بها وها هي اليوم تصبح حقيقة واقعة لا محال .
في الأمس القريب شهد العراق هذه التغيرات ولعبت جهات متعددة بمصير شعبنا بكل مسمياته ونادى العديد من مفكري شعبنا بما يحصل وسيحصل ولكن وقفت جميع منظماتنا السياسية على الجانب الأخر من النهر صَمَّتْ آذانها وأغلقت عيونها وبصيرتها عما يجري وذهبت جاريةً تعدو نحو الكراسي ومصالحها متحاربة ومتصارعة فيما بينها ومن سيفوز بالفتاتة من تلك الكعكة التي اقتسموها ذئاب هذا العصر ولا استثني أحداً منها لأن الذي جرى طيلة تلك الفترة لم تبرهن أية منظمة حرصها الشديد على مصالح شعبنا , الأحداث جارية منذ سقوط النظام وليومنا هذا ضد شعبنا لكن أذكر حادثة كنيسة سيدة النجاة في بغداد والتي هزت مشاعر وأحاسيس البشرية بأسرها ومعلوم لدى الداني والقاصي منْ كان وراءها ويخرج على الملأ أحد قيادي منظماتنا ويصرح بأن استهداف الكنيسة هو ليس استهداف المسيحيين إنما استهداف العملية السياسية في العراق ... شعب يذبح ويهجر ويختطف ووووو .......... وفي النتيجة هو استهداف العملية السياسية ؟ أي منطق هذا ؟ وأي نهج أنتم سائرون عليه ؟ وهناك من وضع يده بيد من ذبح آبائنا وأجدادنا !!! , هل أصبحت منهجية وأهداف تلك المنظمة فوق مبادئ وقيم شعبنا ؟ والأدهى من كل ذلك والتي هي الطامة الكبرى , القيادات السياسية لمنظمات شعبنا أصبحت منقادة وليست قائدة , منقادة لمصالح شخصية , منقادة من قبل أطراف لا علاقة لها بشعبنا , منقادة من قوى استعمارية تلعب بها ما تشاء ولا تعلم ما سيؤول بمصير شعبنا , إن نسيت تلك المنظمات وقياداتها ما فعلت بريطانيا بمذابح سيميل لن ينسى شعبنا تلك المذابح وما لحق بهم من تهجير وذبح وتشريد !!! , حضارتنا التي تمتد إلى ألاف السنين ونحن أصحاب هذه الأرض التي خرجت منها الحضارة والعلوم , خرجت منها الأبجدية والقوانين , خرجت منها الزراعة والصناعة , وخرجت منها ثقافة وفنون, وتطورت حضارات العالم وثقافتها من حضارتنا العريقة .......
يا للأسف اليوم نحن أتباع منْ ليس لهم تاريخ وحضارة , أصبحنا أتباع منقادين من قبل ذئاب خطفت أوطاننا وأرضنا , وننتظر رحمة الجلاد من لا رحمة له , ونطلب الرضى من دخلاء غرباء فرضوا أنفسهم علينا .
رُبَّ سائل يقول أين هي المحبة والتعايش المشترك من هذا الكلام ؟
المحبة والتسامح في صلب مبادئنا وعقيدتنا ولن ننسى ما تعلمناه لكن اليوم يلزمنا أن نعي ما يحصل من حولنا وأن نكون أكثر حكمة ووعياً مما سبق يقول رب المجد : فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ إن لم يكن لنا بعض حكمة الحيات ، فلن نقدر أن نحتفظ طويلاً ببساطة الحمام. والإنسان الجاهل الكثير الأخطاء يقدر أن يفعل كثيراً من الأذى بنفسه وبمن حوله ولتكن تجربة العراق درساً نستفاد منه ونصحح المسار , شعبنا اليوم في العراق يتجه نحو مصير مجهول ومن يقول غير ذلك فهو واهِمٌ والقوى التي تحاول أن تستلطف شعبنا اليوم هي ... هي بالأمس القريب والبعيد على حد سواء , همشته وشردته وذبحته وشعبنا بل بالأحرى قياداتنا السياسية وحتى الروحية هائمة بالأحلام وفي سبات لا تحرك ساكن .
العراق ما زال يرضخ تحت سوط الاحتلال وتحت حكم الطائفية والقومية ولم ولن تتحرك القوى السياسية في العراق لما يجري في قرى سهل نينوى هناك في بغديدا (قره قوش) وبرطلة حصلت انتهاكات بحق شعبنا من قبل فئة بالأمس القريب كانت أقلية واليوم أصبحت أكثرية واستوطنت في قرانا المسيحية (سهل نينوى) وامتدّ جشعهم واستغلالهم لإحتلال المنطقة وأراضيها وأصبحوا أصحاب الأرض قبل شعبنا (( كما يدَّعون )) ولعبة الحكم الذاتي ومحافظة سهل نينوى ما هي إلا ضحكاً على الذقون وهناك من يقترح بحكم ذاتي أو محافظة داخل الاقليم , أين نحن من كل هذه الأحداث ؟
قياداتنا الروحية لابد وأن تلعب دوراً بارزاً في هذه الأحداث لا نطلب منها أن تدخل في العراك السياسي ولكن توجه شعبنا وتدعم الحركات والمنظمات التي تعمل من أجل شعبنا مثلما ترفض رفضاً قاطعاً أن يتدخل العلماني في الأمور اللاهوتية والعقائدية هكذا نرفض أن تتدخل في الأمور السياسية وكما ندعم ونساند الكنيسة ضد الهرطقات والبدع هكذا على الكنيسة في يومنا هذا ان تدعم وتساند كل القوى الخيرة التي تصب مصالحها في مصلحة شعبنا .
السيناريو الذي أبدعه المؤلف والمخرج في العراق يُكرَّر اليوم في سوريا التي هي جزء من وطننا وأرضنا , سوريا ليست للسوريين فقط بل هي لكل السريان في العالم ومن اسمنا انطلقت هذه التسمية ومن هنا انطلقت المسيحية , ومن هنا أطلق علينا تسمية المسيحيين لذلك علينا أن نقف ونتمعن جيداً وننظر للأحداث ببعد نظر ثاقبة ولا نكون كالنعام ولا بعد قرن من الزمان نبكي على مذابح تحصل اليوم كما نبكي على الســ1915ـــيفو في أيامنا هذه , كفانا صمتاً وسكوناً وتهاوناً علينا أن نقرر مستقبلنا بأنفسنا ولا ننتظر الغير أن يقرر ولا ننتظر مِنَّةً من أحد , التغيير في المنطقة حصيلة حاصل إن رضينا أم أبينا والمدّ السلفي الوهابي التكفيري يتسع يوماً بعد يوم بدأ من المغرب العربي وإلى مصر وهو قائم قبل ذلك في بعض المحافظات العراقية وسيبذلوا الغالي والرخيص في إيصاله إلى سوريا , لا يهم إن كنت معارضٍ أو موالٍ لهذا أو ذاك علينا أن نحدد ماذا نريد في هذه المرحلة ؟ وما هو مصير ومستقبل شعبنا ؟ هذا هو ما يهمنا في هذه المرحلة العصيبة لتقرير مصير أمتنا . وعلينا أن نثبت وجودنا من خلال قيادة موحدة تمثل كافة شرائح شعبنا وبمساندة قادة الكنيسة .
إذا صرخت بصوت عالٍ وعلى الملأ أنا موجود يعني هذا أنا موجود وسَيُحسَبْ لي حسابات وسيكون لي صوت في صنع القرار , لكن إن بقينا نتخبط والأمواج تضاربنا تارةً مع هذا وتارةً مع ذاك فعلينا السلام .
لذلك علينا :
1 – السعي في توحيد صفوف شعبنا بكل مسمياته ونرتفع عن (( الأنا )) ونضع نصب أعيننا مصير شعبنا قبل أن نتصارع على المسميات .
2 – وحدة قياداتنا الروحية ودعمها المطلق ومساندتها لكل القوى الخيرّة التي تعمل من أجل شعبنا .
3 – المشاركة الفعالة والموحدة من كافة منظماتنا السياسية وبمشاركة مفكرين ونشطاء وذو خبرة عالية في كافة المجالات من أبناء شعبنا .
4 – إعادة الثقة لأبناء شعبنا بأنفسهم وبمن يمثلهم من القيادات السياسية وهذا يتمثل في وحدة الصفوف أي عمل جبهة واحدة موحدة من كافة المنظمات والأحزاب لشعبنا ( أختلف بالرأي لكني أتحد بقرار يخدم مصلحة شعبنا )
5 - وضع أسس علمية تخدم شعبنا للمرحلة الحالية والمرحلة المقبلة .
المقالة تعبر عن رأي وليس بالضرورة عن رأي الموقع
مع خالص محبتي وتقديري
أبو يونان