عيد بشارة العذراء مريم ـ ܣܘܒܪܗ ܕܝܠܕܬ̣ ܐܠܗܐ ܡܪܝܡ !
مرسل: الاثنين مارس 25, 2013 5:14 am
عيد بشارة العذراء مريم ـ 25 آذار 2013
تمهيد:
يأتي أحد بشارة أمنا مريم العذراء من الملاك جبرائيل عندما كانت تصلي في الناصرة.
وهذا تأكيد على أن حدث البشارة إنجيلياً مهم جداً، لأنه لا يمكن أن ينفصل عن بقية الأحداث الإنجيلية فهذا الأحد هو مهم بالنسبة لكل الأحداث الإنجيلية السابقة واللاحقة. ولو وقع في جمعة الصلبوت، يُحتفل بالقداس الإلهي، لأنه أصل الأعياد وأولها، ولهذا تكّرم الكنيسة المقدسة أمنا العذراء مريم في هذا العيد الثابت، الذي يقع في الخامس والعشرين من شهر آذار، وإذا أضفنا ثلاثة عشر يوماً إليه بحسب التقويم الشرقي لوقع العيد في نيسان، وهذا يؤكد ما ردده الملفان السرياني : في نيسان بشر الملاك جبرائيل بحبلك، وفي كانون (الثاني بحسب التقويم الشرقي) احتفلنا بميلادك. أما أحد البشارة الذي يأتي عادة في الأحد الرابع من السنة الكنسية الطقسية، فهو ذكرى البشارة بحسب التسلسل الإنجيلي، ولكن الكنيسة أيضاً تتلو القراءات ذاتها، لأن لبشارة أمنا العذراء مريم مكانة خاصة في حياة الكنيسة.
الترتيلة : امدح بالأغاني
أمدح بالأغانـي مريمَ البتـــول
هي زين المعاني هي شمس الحلُول
جاها باحتـرام جبرائيل يقــول
عليك سلامـي يا نورَ الظــلام
أو الترتيلة : طوباكِ يا عذراء مريم
طوبـاكِ يا عـذراء مريـمْ أم يســـوع الغــالــــي
آه يـا مـريــــــــــــــــــم أم يســـوع الغــالــــــي
أنـتِ يـا هيـكلْ سُـليمـان بـانــي البنــــــيـــــانــي
آه يـــــــــــا مـريــــــم بــانـي البنـــــيـــــانــــي
فروميون : التسبيح للعظيم الذي شاء أن يحصر في أحشاء العذراء ذاته. التقديس للجبار الذي سند الأحشاء ليحل فيها بمحبته. التهليل لمقيت الكائنات الذي أقتات من ثدي الطاهرة تواضعاً منه. الإكرام للإله الذي بشّر العذراء بالحدث العظيم، فبادرها الملاك بالسلام ثم حلَّ فيها إله السلام ليزرع سلامه في المعمودية كلها، الصالح الذي به يليق الحمد والشكر في هذا الوقت.
سدرو : ربنا يسوع المسيح يا شمس البر ومخلص العالم، يا من تنازلت من سمو عظمتك وفي أحشاء البتول القديسة حللت بإرادتك، لذلك نرفع إليك مع المرتل الإلهي تراتيل الحمد قائلين : لتسبح كل نسمة الرب، لأنه حلَّ في بطن العذراء وفي ملء الزمان نزل ابن الله من علياء مجده لخلاص بني جبلته، الذين ذلّلتهم الخطيئة وأغواهم الشيطان عدوه، فأرسل الملاك جبرائيل حاملاً بشارته إلى العذراء الطاهرة وقد بادرها بالسلام قائلاً: السلام لكِ يا ممتلئة نعمة مباركة أنت في النساء. السلام لكِ يا هيكل الله الناطق والفائق بهاؤه. السلام لكِ يا خزانة الخبز السماوي مقيت كل البرايا. السلام لكِ يا سفينة حملت مخلص العالم. السلام لكِ يا ممتلئة نعمة وأم القديم الأيام الذي شاء أن يصير جنيناً في أحشائك. السلام لكِ يا عروساً لم تعرف رجلاً. السلام لكِ يا قبة السماء التي أشار إليها يعقوب بالسلم النورانية. السلام لكِ لأن منك أشرق رب الشعوب والأمم. السلام لكِ لأنك ولدت أمن العالم وسلامه. السلام لكِ لأنك صرت الجبل المقدس الذي منه أقتطع حجر بغير أيدٍ بشرية. ومن أجل هذا فإن قبائل الأرض قاطبة تعطيك الطوبى قائلة : طوباك لأنك ولدت من تنبأ عنه إشعياء النبي وناجت من يرتعد السرافيم من الدنو منه رهبة من فائق جلاله. طوباكِ لأنك احتضنت النار غير الهيولية في داخلك. طوباكِ يا فخر الأنبياء وبهجة الرسل الأتقياء ومسرة الشهداء الأبرياء. طوباكِ يا إكليل البتولات ومفخرة الصبايا والفتيات.
والآن نسألك لتتضرعي إلى الإله المولود منك لكي يحفظ أبناء بيعته ورعاتها، ويمنح النقاء لكهنتها، والعفة لشمامستها، ويسند الشيوخ، ويهدي الشبان إلى صالح الأعمال، ويعزي الأرامل والأيتام، ويبطل الحروب والفتن، ويجعل الحكام بعدل يقضون، ويغفر للخطاة التائبين، ويُعيد بالسلام البعيدين، ويحفظ القريبين، ويشفي المرضى، ويفرج عن المتضايقين، ويكتب في سفر الحياة أسماء الموتى المؤمنين، ويريحهم في مخادع النور لكي نحن وهم نرفه له الحمد والشكر ولابنه ولروحه القدوس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين.
القراءة من إنجيل لوقا 1 : 26 ـ 38
وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ. إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا ! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ. فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ وَفَكَّرَتْ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ التَّحِيَّةُ ! فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ. وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ. فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً. فَأَجَابَ الْمَلاَكُ اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا وَهَذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِراً. لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ. فَقَالَتْ مَرْيَمُ هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ. فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.
* الشرح
بعد الدعاء من الرب يسوع المسيح له المجد الذي هو معلمنا ومرشدنا ومعزينا نقول:
الفكرة الأساسيّة التي يدور حولها النصّ المذكور هي قبول مريم العذراء حضور الربّ الإله في أحشائها لتلده إلى العالم. هذا الابن الذي سيولد منها، من دون مباشرة رجل، يدعى ابن العليّ وابن الله وقدّوساً، وسيملك إلى الأبد، ولن يكون لملكه انقضاء. ويعبّر الإنجيليّ لوقا عن حضور الإله في أحشاء مريم بتعابير مستلّة من العهد القديم تشير إلى حضور الله في وسط شعبه، وكأنّ الإنجيليّ يريد القول بأنّ مواعيد العهد القديم قد تحقّقت في حبل مريم البتوليّ. لذلك، يجب وضع تحيّة الملاك للعذراء: افرحي يا ممتلئة نعمة الربّ معك في إطار ترقّب ابنة صهيون (أي الشعب) مجيء المسيح المخلّص. وهذا هو مدعاة الفرح العظيم الذي يدعو إليه الأنبياء هلّلي يا ابنة صهيون، إفرحي وتهلّلي بكلّ قلبك. مريم العذراء هي صورة شعب العهد القديم الذي كان ينتظر ميلاد المسيح بفرح وتهليل، والخلاص الذي وعده به الله. مريم هي رمز البقيّة الأمينة من شعب الله، الذين كانوا في الفقر والوضاعة والبرّ والقداسة ينتظرون مجيء الربّ المخلّص.
ما يريد لوقا قوله، إذاً، هو أنّ كلمة الله سكن فيها. لذلك، يستخدم لوقا للتعبير عن تلك السكنى الألفاظ عينها التي استخدمها العهد القديم لحضور الله في خيمة الموعد. نقرأ في نصّ لوقا إنّ الملاك قال لمريم: الروح القدس يحلّ عليك، وقدرة العليّ تظلّلك. أمّا في العهد القديم فيرد في سِفر الخروج: ثمّ غطّى الغمام خيمة الموعد، وملأ مجد الربّ المسكن . هنا تأكيد على أنّ الله قد تجلّى في مريم كما كان يتجلّى في خيمة الموعد. والغمام الذي كان في العهد القديم يشير إلى حضور الله يصير في العهد الجديد شخصاً يدعى الروح القدس أو قدرة العليّ. ومن أجل ذلك فالمولود منها سيدعى قدّوساً وابن الله، فكما كان مجد الله يملأ المسكن الذي يظلّله الغمام، هكذا سيسكن القدّوس ابن الله في أحشاء مريم بعد أن تظلّلها قدرة العليّ. ولقب القدّوس يشير إلى الانتماء إلى الله وحده، وهو من أقدم التعابير عن ألوهة السيّد المسيح. أمّا تساؤل مريم: كيف يكون ذلك وأنا لم أعرف رجلاً؟ فيشير، بلا ريب، إلى بتوليّتها.
على ضوء مقارنة نصّ لوقا الرسول عن البشارة والعهد القديم، تبدو مريم، في لحظة الحبل بيسوع، مسكنَ الله الجديد وقدسَ الأقداس وخيمةَ الموعد يظلّلها الغمامُ المنير، الروحُ القدس، قدرةُ العليّ. ويحلّ فيها مجدُ الله، الابنُ الوحيد، الممتلئُ نعمة وحقّاً، الكلمةُ الذي صار جسداً وأقام في ما بيننا، الإلهُ الحاضر في ما بين خلائقه. مريم العذراء، في بشارتها، هي مسكن الله بين البشر، عليها حلّت قدرة الله ومنها وُلد المسيح القدّوس ابن الله المخلّص.
وللمسيح المجد من الأزل وإلى أبد الأبدين آمين
تمهيد:
يأتي أحد بشارة أمنا مريم العذراء من الملاك جبرائيل عندما كانت تصلي في الناصرة.
وهذا تأكيد على أن حدث البشارة إنجيلياً مهم جداً، لأنه لا يمكن أن ينفصل عن بقية الأحداث الإنجيلية فهذا الأحد هو مهم بالنسبة لكل الأحداث الإنجيلية السابقة واللاحقة. ولو وقع في جمعة الصلبوت، يُحتفل بالقداس الإلهي، لأنه أصل الأعياد وأولها، ولهذا تكّرم الكنيسة المقدسة أمنا العذراء مريم في هذا العيد الثابت، الذي يقع في الخامس والعشرين من شهر آذار، وإذا أضفنا ثلاثة عشر يوماً إليه بحسب التقويم الشرقي لوقع العيد في نيسان، وهذا يؤكد ما ردده الملفان السرياني : في نيسان بشر الملاك جبرائيل بحبلك، وفي كانون (الثاني بحسب التقويم الشرقي) احتفلنا بميلادك. أما أحد البشارة الذي يأتي عادة في الأحد الرابع من السنة الكنسية الطقسية، فهو ذكرى البشارة بحسب التسلسل الإنجيلي، ولكن الكنيسة أيضاً تتلو القراءات ذاتها، لأن لبشارة أمنا العذراء مريم مكانة خاصة في حياة الكنيسة.
الترتيلة : امدح بالأغاني
أمدح بالأغانـي مريمَ البتـــول
هي زين المعاني هي شمس الحلُول
جاها باحتـرام جبرائيل يقــول
عليك سلامـي يا نورَ الظــلام
أو الترتيلة : طوباكِ يا عذراء مريم
طوبـاكِ يا عـذراء مريـمْ أم يســـوع الغــالــــي
آه يـا مـريــــــــــــــــــم أم يســـوع الغــالــــــي
أنـتِ يـا هيـكلْ سُـليمـان بـانــي البنــــــيـــــانــي
آه يـــــــــــا مـريــــــم بــانـي البنـــــيـــــانــــي
فروميون : التسبيح للعظيم الذي شاء أن يحصر في أحشاء العذراء ذاته. التقديس للجبار الذي سند الأحشاء ليحل فيها بمحبته. التهليل لمقيت الكائنات الذي أقتات من ثدي الطاهرة تواضعاً منه. الإكرام للإله الذي بشّر العذراء بالحدث العظيم، فبادرها الملاك بالسلام ثم حلَّ فيها إله السلام ليزرع سلامه في المعمودية كلها، الصالح الذي به يليق الحمد والشكر في هذا الوقت.
سدرو : ربنا يسوع المسيح يا شمس البر ومخلص العالم، يا من تنازلت من سمو عظمتك وفي أحشاء البتول القديسة حللت بإرادتك، لذلك نرفع إليك مع المرتل الإلهي تراتيل الحمد قائلين : لتسبح كل نسمة الرب، لأنه حلَّ في بطن العذراء وفي ملء الزمان نزل ابن الله من علياء مجده لخلاص بني جبلته، الذين ذلّلتهم الخطيئة وأغواهم الشيطان عدوه، فأرسل الملاك جبرائيل حاملاً بشارته إلى العذراء الطاهرة وقد بادرها بالسلام قائلاً: السلام لكِ يا ممتلئة نعمة مباركة أنت في النساء. السلام لكِ يا هيكل الله الناطق والفائق بهاؤه. السلام لكِ يا خزانة الخبز السماوي مقيت كل البرايا. السلام لكِ يا سفينة حملت مخلص العالم. السلام لكِ يا ممتلئة نعمة وأم القديم الأيام الذي شاء أن يصير جنيناً في أحشائك. السلام لكِ يا عروساً لم تعرف رجلاً. السلام لكِ يا قبة السماء التي أشار إليها يعقوب بالسلم النورانية. السلام لكِ لأن منك أشرق رب الشعوب والأمم. السلام لكِ لأنك ولدت أمن العالم وسلامه. السلام لكِ لأنك صرت الجبل المقدس الذي منه أقتطع حجر بغير أيدٍ بشرية. ومن أجل هذا فإن قبائل الأرض قاطبة تعطيك الطوبى قائلة : طوباك لأنك ولدت من تنبأ عنه إشعياء النبي وناجت من يرتعد السرافيم من الدنو منه رهبة من فائق جلاله. طوباكِ لأنك احتضنت النار غير الهيولية في داخلك. طوباكِ يا فخر الأنبياء وبهجة الرسل الأتقياء ومسرة الشهداء الأبرياء. طوباكِ يا إكليل البتولات ومفخرة الصبايا والفتيات.
والآن نسألك لتتضرعي إلى الإله المولود منك لكي يحفظ أبناء بيعته ورعاتها، ويمنح النقاء لكهنتها، والعفة لشمامستها، ويسند الشيوخ، ويهدي الشبان إلى صالح الأعمال، ويعزي الأرامل والأيتام، ويبطل الحروب والفتن، ويجعل الحكام بعدل يقضون، ويغفر للخطاة التائبين، ويُعيد بالسلام البعيدين، ويحفظ القريبين، ويشفي المرضى، ويفرج عن المتضايقين، ويكتب في سفر الحياة أسماء الموتى المؤمنين، ويريحهم في مخادع النور لكي نحن وهم نرفه له الحمد والشكر ولابنه ولروحه القدوس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين.
القراءة من إنجيل لوقا 1 : 26 ـ 38
وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ. إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا ! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ. فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ وَفَكَّرَتْ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ التَّحِيَّةُ ! فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ. وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ. فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً. فَأَجَابَ الْمَلاَكُ اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا وَهَذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِراً. لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ. فَقَالَتْ مَرْيَمُ هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ. فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.
* الشرح
بعد الدعاء من الرب يسوع المسيح له المجد الذي هو معلمنا ومرشدنا ومعزينا نقول:
الفكرة الأساسيّة التي يدور حولها النصّ المذكور هي قبول مريم العذراء حضور الربّ الإله في أحشائها لتلده إلى العالم. هذا الابن الذي سيولد منها، من دون مباشرة رجل، يدعى ابن العليّ وابن الله وقدّوساً، وسيملك إلى الأبد، ولن يكون لملكه انقضاء. ويعبّر الإنجيليّ لوقا عن حضور الإله في أحشاء مريم بتعابير مستلّة من العهد القديم تشير إلى حضور الله في وسط شعبه، وكأنّ الإنجيليّ يريد القول بأنّ مواعيد العهد القديم قد تحقّقت في حبل مريم البتوليّ. لذلك، يجب وضع تحيّة الملاك للعذراء: افرحي يا ممتلئة نعمة الربّ معك في إطار ترقّب ابنة صهيون (أي الشعب) مجيء المسيح المخلّص. وهذا هو مدعاة الفرح العظيم الذي يدعو إليه الأنبياء هلّلي يا ابنة صهيون، إفرحي وتهلّلي بكلّ قلبك. مريم العذراء هي صورة شعب العهد القديم الذي كان ينتظر ميلاد المسيح بفرح وتهليل، والخلاص الذي وعده به الله. مريم هي رمز البقيّة الأمينة من شعب الله، الذين كانوا في الفقر والوضاعة والبرّ والقداسة ينتظرون مجيء الربّ المخلّص.
ما يريد لوقا قوله، إذاً، هو أنّ كلمة الله سكن فيها. لذلك، يستخدم لوقا للتعبير عن تلك السكنى الألفاظ عينها التي استخدمها العهد القديم لحضور الله في خيمة الموعد. نقرأ في نصّ لوقا إنّ الملاك قال لمريم: الروح القدس يحلّ عليك، وقدرة العليّ تظلّلك. أمّا في العهد القديم فيرد في سِفر الخروج: ثمّ غطّى الغمام خيمة الموعد، وملأ مجد الربّ المسكن . هنا تأكيد على أنّ الله قد تجلّى في مريم كما كان يتجلّى في خيمة الموعد. والغمام الذي كان في العهد القديم يشير إلى حضور الله يصير في العهد الجديد شخصاً يدعى الروح القدس أو قدرة العليّ. ومن أجل ذلك فالمولود منها سيدعى قدّوساً وابن الله، فكما كان مجد الله يملأ المسكن الذي يظلّله الغمام، هكذا سيسكن القدّوس ابن الله في أحشاء مريم بعد أن تظلّلها قدرة العليّ. ولقب القدّوس يشير إلى الانتماء إلى الله وحده، وهو من أقدم التعابير عن ألوهة السيّد المسيح. أمّا تساؤل مريم: كيف يكون ذلك وأنا لم أعرف رجلاً؟ فيشير، بلا ريب، إلى بتوليّتها.
على ضوء مقارنة نصّ لوقا الرسول عن البشارة والعهد القديم، تبدو مريم، في لحظة الحبل بيسوع، مسكنَ الله الجديد وقدسَ الأقداس وخيمةَ الموعد يظلّلها الغمامُ المنير، الروحُ القدس، قدرةُ العليّ. ويحلّ فيها مجدُ الله، الابنُ الوحيد، الممتلئُ نعمة وحقّاً، الكلمةُ الذي صار جسداً وأقام في ما بيننا، الإلهُ الحاضر في ما بين خلائقه. مريم العذراء، في بشارتها، هي مسكن الله بين البشر، عليها حلّت قدرة الله ومنها وُلد المسيح القدّوس ابن الله المخلّص.
وللمسيح المجد من الأزل وإلى أبد الأبدين آمين