بكى الكاهن وبكينا. بقلم فريد توما مراد
مرسل: الأحد إبريل 28, 2013 10:17 pm
بكى الكاهن وبكينا
لاتستغرب بُكاء الرجال ياأخي ....
يقولون : البُكاء الحقيقي هو بُكاء الرجال ...!( مع أحترامي لبُكاء النساء )
عندما ركع الكاهن أمام ستار الهيكل اليوم مساءً في صلاة الناهيرة
ونادى ثلاث مرات :
يارب أفتح الباب ، كان في كل مرّة يضيف ويقول: يارب
أفتح الباب أمام المطرانين المخطوفين ، وأرجعهم بسلامة ..!
يارب أفتح باب السلام على سوريّة وعلى العالم ..!
لقد هزتني كلمات الكاهن وأحرق قلبي بكائه ، فشعرتُ وكأنَّ
لهيباً من النار يكوي حنايا فؤادي ، ويأجج أحاسيسي ومشاعري ..
حاولتُ أن أتمالك نفسي ، وأبلع غصَّتي ، وأصمد قدر الإمكان..
ولكن وآأسفاه ، لأنَّ كل محاولاتي باءت بالفشل ، ولم أجد أمامي
من حلٍّ يُريحني سوى أن أطلق لدموعي العنان لتنهدر مدراراً
فوق وجنتيَّ ، لأخرج من جيبي منديلاً وأبدأ بتجفيف المآقي ..
لم أكن وحدي وقتئذٍ في تلكَ الحالة ، لأنني عندما ألتفتُ يميناً وشمالاً
ثمَّ نظرتُ إلى الخلف ، وجدتُ الجميع في مثل حالتي ، فقلتُ بيني
وبين نفسي : أبكي ماطابَ لكِ يانفسي ، فليسَ عليكِ من حرجٍ ..!
عندما أنتهت الصلاة ، وأنتهى معها البكاء ، تقدَّمتُ من الكاهن قائلاً :
لقد بكيتَ بمرارة وأبكيتنا معكَ ياأبونا ..!
فقال: لقد بكيتُ بكاءً حقيقيّاً صادقاً نابعاً من أعماق قلبي على ماجرى
للمطرانين وعلى مايجري لسوريّة ..!
فقلتُ :معكَ كل الحق لأنَّ حالة المخطوف لهيَّ أشدَّ وقعاً من حالة المقتول
فالموت حقٌ علينا جميعاً ، والموت له طقوسهُ ومراسيمهُ ، يقوم بها المشيِّعين
والمودّعين ، بعدها يعود كل واحدٍ إلى إستمراريّته في الحياة ..
لكن المخطوف أو المفقود ، ربما يموت في اليوم الواحد ألفَ ميتةٍ ..!
إنكَ لاتعلم في أيَّةٍ حالةٍ هو الآن ..وأيّة معاناةٍ يعانيها ..!
أيُضرب .. أم يُجلد ... أم يُهان .. أم يُستهزأَ به .. ..؟!
أجوعاناً هوَ ... أم عرياناً ... أم برداناً ...؟! لا تعلم ..
ليتنا ياأبونا عرفنا مصيرهم ..على الأقل ، لأطمأنينا قليلاً ..
ولكن للأسف ، لغاية الآن لانعلم شيئاً عنهم ..! أهما على قيد الحياة ؟!
ألازالوا في سوريّة ؟! أم أخرجوهم منها ؟! هذا مانريد أن نعرفهُ ..
والمعرفة هي عند الله ..
شكراً لأبينا الكاهن حيثُ أبكانا في الوقت الذي كنا فيه فعلاً بحاجة
إلى البكاء ..
شكراً لكل الذين شاركوا في الدعاءِ والبكاء ( رجالاً ونساءً ، شيوخاً وشباباً )
شكراً لله الذي زرع في صدورنا هذه المحبّة والعاطفة ، لنتألم لألآم
بعضنا البعض ، ونشعر بمشاعر بعضنا البعض ، ( فإذا تألمَ عضوٌ فينا
تألَّمت معه باقي الأعضاء )..
أللهمَّ ندعوا إليكَ أن تتغمَّد بواسع رحمتكَ جميع الشهداء ، الذين سفكوا
دمائهم الغالية ، رخيصةٌ من أجل تراب الوطن ..
ألّلَهمَّ فرِّج عن المكروبين ، وفكَّ أسر المخطوفين ، وأحل الأمن والسلام
على العالم أجمعين ، وخصوصاً سوريّة المنكوبة الجريحة ، وأوقف
نزيف الدم المتدفِّق فيها .. فأنتَ يارب القادر على كل شيء ..
وأنتَ أرحم الراحمين
وأنتَ السميع المجيب .
آمين
فريد توما مراد
ستوكهولم - السويد
[/size]لاتستغرب بُكاء الرجال ياأخي ....
يقولون : البُكاء الحقيقي هو بُكاء الرجال ...!( مع أحترامي لبُكاء النساء )
عندما ركع الكاهن أمام ستار الهيكل اليوم مساءً في صلاة الناهيرة
ونادى ثلاث مرات :
يارب أفتح الباب ، كان في كل مرّة يضيف ويقول: يارب
أفتح الباب أمام المطرانين المخطوفين ، وأرجعهم بسلامة ..!
يارب أفتح باب السلام على سوريّة وعلى العالم ..!
لقد هزتني كلمات الكاهن وأحرق قلبي بكائه ، فشعرتُ وكأنَّ
لهيباً من النار يكوي حنايا فؤادي ، ويأجج أحاسيسي ومشاعري ..
حاولتُ أن أتمالك نفسي ، وأبلع غصَّتي ، وأصمد قدر الإمكان..
ولكن وآأسفاه ، لأنَّ كل محاولاتي باءت بالفشل ، ولم أجد أمامي
من حلٍّ يُريحني سوى أن أطلق لدموعي العنان لتنهدر مدراراً
فوق وجنتيَّ ، لأخرج من جيبي منديلاً وأبدأ بتجفيف المآقي ..
لم أكن وحدي وقتئذٍ في تلكَ الحالة ، لأنني عندما ألتفتُ يميناً وشمالاً
ثمَّ نظرتُ إلى الخلف ، وجدتُ الجميع في مثل حالتي ، فقلتُ بيني
وبين نفسي : أبكي ماطابَ لكِ يانفسي ، فليسَ عليكِ من حرجٍ ..!
عندما أنتهت الصلاة ، وأنتهى معها البكاء ، تقدَّمتُ من الكاهن قائلاً :
لقد بكيتَ بمرارة وأبكيتنا معكَ ياأبونا ..!
فقال: لقد بكيتُ بكاءً حقيقيّاً صادقاً نابعاً من أعماق قلبي على ماجرى
للمطرانين وعلى مايجري لسوريّة ..!
فقلتُ :معكَ كل الحق لأنَّ حالة المخطوف لهيَّ أشدَّ وقعاً من حالة المقتول
فالموت حقٌ علينا جميعاً ، والموت له طقوسهُ ومراسيمهُ ، يقوم بها المشيِّعين
والمودّعين ، بعدها يعود كل واحدٍ إلى إستمراريّته في الحياة ..
لكن المخطوف أو المفقود ، ربما يموت في اليوم الواحد ألفَ ميتةٍ ..!
إنكَ لاتعلم في أيَّةٍ حالةٍ هو الآن ..وأيّة معاناةٍ يعانيها ..!
أيُضرب .. أم يُجلد ... أم يُهان .. أم يُستهزأَ به .. ..؟!
أجوعاناً هوَ ... أم عرياناً ... أم برداناً ...؟! لا تعلم ..
ليتنا ياأبونا عرفنا مصيرهم ..على الأقل ، لأطمأنينا قليلاً ..
ولكن للأسف ، لغاية الآن لانعلم شيئاً عنهم ..! أهما على قيد الحياة ؟!
ألازالوا في سوريّة ؟! أم أخرجوهم منها ؟! هذا مانريد أن نعرفهُ ..
والمعرفة هي عند الله ..
شكراً لأبينا الكاهن حيثُ أبكانا في الوقت الذي كنا فيه فعلاً بحاجة
إلى البكاء ..
شكراً لكل الذين شاركوا في الدعاءِ والبكاء ( رجالاً ونساءً ، شيوخاً وشباباً )
شكراً لله الذي زرع في صدورنا هذه المحبّة والعاطفة ، لنتألم لألآم
بعضنا البعض ، ونشعر بمشاعر بعضنا البعض ، ( فإذا تألمَ عضوٌ فينا
تألَّمت معه باقي الأعضاء )..
أللهمَّ ندعوا إليكَ أن تتغمَّد بواسع رحمتكَ جميع الشهداء ، الذين سفكوا
دمائهم الغالية ، رخيصةٌ من أجل تراب الوطن ..
ألّلَهمَّ فرِّج عن المكروبين ، وفكَّ أسر المخطوفين ، وأحل الأمن والسلام
على العالم أجمعين ، وخصوصاً سوريّة المنكوبة الجريحة ، وأوقف
نزيف الدم المتدفِّق فيها .. فأنتَ يارب القادر على كل شيء ..
وأنتَ أرحم الراحمين
وأنتَ السميع المجيب .
آمين
فريد توما مراد
ستوكهولم - السويد