صفحة 1 من 1

الوطن ُ الإنسان ..!!!

مرسل: الأحد أكتوبر 06, 2013 8:52 pm
بواسطة وديع القس

الوطن ُ الإنسان ْ ..!!!


عجزَ عن البكاءْ
رغم رغبته ِ في البكاءْ
لكنّ دموعه ُبقيتْ عالقةً
في عينيهِ
وحسراتهُ في قلبهِ
فكتّفوهُ
وقيّدوا يديه ِ بالأصفادِ
وربّطوا رجليه ِ بالسلاسلْ ..
ووضعوهُ في زنزانةٍ
إنفراديّة ٍ
بلا أرقام ْ..
وسجنوا معه إمرأّتهُ الحاملْ..
قطعوا عنهُ المياه َ
والكهرباء ْ
وسقوا زنزانته ُ بالدّماء ْ
ولن يبخلوا عن ضربه ِ
بالسّياط
وتركوهُ رميما ً في الظّلام ْ ..
حاول َ ان يتحرّرْ
فحرسوه ُ بدقّة ٍ وإحكام ْ ..
حاول َ أن يشعل َ شمعة
ويلعنَ الظّلام ..
ففتّشوه ُ بدّقة
وعرّوه ُ
وسجنوا معهُ بعض الجرذانْ
المُزعجة كي لا ينام ْ ..
أنهكهُ التعب والأرَق
فحرسوه ُ أكثر ْ
ودلّلوهُ أكثرْ ..!
فحوّطوا زنزانته ِمن الخارج ِ
فربض َ في الشّرق ِ
ذِئابٌ من بقايا
وحوش ٍ عراقيّة ..
ومن الجنوب ِ
بقايا عناكِبَ أردنيّة ..
وفي الشمال ِ
بعض الراقصات ِ
من حثالى الدولة ِ العثمانيّة ..
وحاصروه ُ أكثرْ
من الغرب ِ ببعضِ
أسماك القرش ِ
وبعض الدّبب الروسيّة ..
وفي داخل ِ زنزانته ِ
تركوا بعض العقارب ِ
من الجيرانْ
وشرّيبةَ قات ٍ لبنانيّة ..
وبعض ٌالعمائم من الجاهليّة ِ
الفارسيّة ..
ولا زال َ قلبه ُ ينبض ُ
بالحياة .ْ
ولا زال َ يتحدّى جمال ُ القمرِ
ويبتسمُ
ويزرع ُالأملَ
بسحر ِ عينيه ِ
ويحاول أن يبتسمَ
كلّ حينٍ
ليخفي وراء ابتسامتهِ
العريضةِ
بحارا ً من الآلامْ ..
هكذا كانت ْ روحه ُ أصيلة
ودمه ُ أصيلا ً
وتواضعه ُ الكريمْ
يزيد مِن أصالته ِ
المعهودةِ الأولى
تواضع ُ الكِرام ْ ..
وهذا هو زمن الحِقد
لا يوجدُ مكان للمحبة
ولا وقتْ لطيب ِالكلامْ ..
وثروته ُ الوحيدة تاجهُ
المرصّع بالذهب ْ العريق
ونسَبهُ العريقْ
وتواضع الكِرام ..ْ
لمْ أر َ فجره ُمنذُ زمنٍ
ولم أرَ قمرهُ المُشعّ
حاولت ُ الإتصالَ معهُ
لكنّه ُلم يردّ عليّ
ولم يعيرَني أيّ اهتمامْ ..
فكرهُ مشغول ْ
ومستقبل وليدهُ القادم
لازال َ مجهولا ً
ولا زال َ قلبه ُ
ينبض ُ بالحياة .
القلوبُ البيضاء أصبحتْ نادرةً
هذه الأيّام ..
أصبحتْ غارقة في سواد الغيوم ِ
السوداء ِ الداكنةِ
ويبقى وحيدا ً في زنزانته ِ
ومعه ُ أمرأته ُ الحامِلْ
يتفرّس بنظره ِ إلى الحارس
ونظرة إلى الجرذان ْ
وتنظرُ إليه ِ المرأة ُ
بتنهّدات ٍ وفخر
وصديق عمرِها لازال َ
مكبّلا ًفي عتمة ِ الظّلام ْ ..
يضحّي بذاته ِ
ليس إكراما ً لذاته ِ
بل إجلالاً لعَظمته ِ
إجلالاً لعَراقته ِ
إجلالاً لنَسبهِ وإرثه ِ
فكان َ مثار الإهتمام ..
وسمّوهُ
الوطن الإنسان ْ..!
الوطن الأغلى ما بين الأوطانْ ..
والوطنُ الأرخص ُ
ما بين الدماءِ
وحين َ تفتّحتْ وروده ُ
على الإغصانِ
قطفها قبل النّدى مجرمانْ ..!
لا تقولوا أنها ألاعيبُ
القدرِ
فالرجال ُ الحقيقيّون ليسو
عبيدا ً للقدر ِ
بل أغرقوا الحاضرَ
في العتمة ِ
والماضي مرّغوه ُ في النسيانْ ..
وقلبهُ لا زالَ ينبض
ويتساءل
لما قُرِعتْ أبواب التسوّل
وكثرَ الشّحادين
في هذا العالم ِ الموحش
وصرخ بصوته ِ الرجولي ّ
بكل قوة ٍ وعنفوان ْ ..
أنا الوطن ُ الإنسان ْ ..
المرأة ُ حامل ْ
الإنسان ُ الذي يربّي طفلا ً
أعظم ُ من الإنسانِ
الذي يلِدُ طفلاً.
دعونيْ أفتّشُ
عن قطرةِ ماءٍ للمتسولين ْ
قبلَ أن يهجرني
ضوءُ الشّمس
وقلبي الطيّب ْ يتحوّلُ
إلى وحشْ
ولا زلتُ ذاك َ الإنسان
الّذي يتحدّثُ عن
الإتّزانْ ..
واتركوني مع قلبيَ الطيّب
قبل َ أن تتغيّرُ المعاني
وقبل َ أن تتغيّرُ الأزمانْ ..
لأ نّ قلبي لا زال َ ينبض
ولازال الإنسان الوطنْ
هو الإنسانْ..
ولا زالَ يتحدّثُ عن الإتّزانْ ..!!!
وديع القس ـ 6 . 10 . 2013
[/b]

Re: الوطن ُ الإنسان ..!!!

مرسل: الاثنين أكتوبر 07, 2013 9:09 pm
بواسطة توما بيطار
أخي وديع :
وصف جميل , تصلح لأن تكون مسرحية .
مع حبي الكبير: توما بيطار

Re: الوطن ُ الإنسان ..!!!

مرسل: الاثنين أكتوبر 07, 2013 9:41 pm
بواسطة فريد توما مراد
أعجبتني جدّاً هذه القصيدة.. لابل هذه الرواية .
يقول الأخ توما : تصلح لأن تكون مسرحيّة .
وأنا أقول : هي مسرحيّة قائمة بحد ذاتها ..
أليس ( مسرحيّة ) مايجري على أرض الوطن اليوم ؟!
نعم مسرحيّة ملحميّة دمويّة شرسة .......!!!!
لك كل الشكر عزيزي وديع ، سلمت يداك .
فريد
[/size]

Re: الوطن ُ الإنسان ..!!!

مرسل: الاثنين أكتوبر 07, 2013 9:56 pm
بواسطة وديع القس
باركك الرب يا اخي الكبير روحا ونصا الشاعر توما بيطار
ومنكم الكبار يا غالي ناخذ الاحاسيس
روح الرب معك .
[/b]

Re: الوطن ُ الإنسان ..!!!

مرسل: الاثنين أكتوبر 07, 2013 9:59 pm
بواسطة وديع القس
بوركت يمينك يا اخي وخالي الغالي توما ..
وتعقيبك الهادف والحكيم يزيدنا
حكمة واتقاد .
روح الرب تكون معك .
[/b]