صفحة 1 من 1

مركز المستقبل يكشف خريطة التوجهات التكنولوجية لعام 2026!

مرسل: الثلاثاء ديسمبر 30, 2025 8:35 am
بواسطة إسحق القس افرام
أصدر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبوظبي تقريره السنوي حول أهم الاتجاهات التكنولوجية المتوقعة في عام 2026، تحت عنوان: نحو عصر الاستقلالية التقنية الفائقة، وذلك في إطار جهوده البحثية المستمرة لرصد التحولات التكنولوجية العميقة وتحليل انعكاساتها الاستراتيجية على الدول والمجتمعات.
ويأتي هذا التقرير، الذي أعدّه الدكتور إيهاب خليفة، رئيس وحدة التطورات التكنولوجية بالمركز، في توقيت بالغ الأهمية، يشهد تسارعاً غير مسبوق في دمج الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذاتية والقدرات الحسابية المتقدمة داخل البنى الحيوية للدول، بما يعيد تعريف مفاهيم السيطرة، والاعتماد المتبادل، والاستقلال الاستراتيجي في النظام الدولي.
مفهوم الاستقلالية التقنية الفائقة
ويركّز التقرير على مفهوم "الاستقلالية التقنية الفائقة" بوصفه اتجاهاً مركزياً سيُشكّل ملامح المرحلة المقبلة، حيث تنتقل التكنولوجيا من مجرد أدوات داعمة للقرار البشري إلى منظومات شبه مستقلة قادرة على التعلم، والتكيّف، واتخاذ القرار، والعمل في بيئات معقّدة دون تدخل مباشر، سواء في المجالات العسكرية، أو الاقتصادية، أو الصناعية، أو السيبرانية.
أبرز الاتحاهات التقنية المتوقعة في 2026
فيستعرض التقرير أبرز الاتجاهات التقنية المتوقع تصاعدها خلال عام 2026، وينطلق من فرضية مركزية مفادها أن ما نشهده اليوم ليس تسارعاً تقنياً فحسب، بل إعادة توزيع للقوة على أساس تكنولوجي، تقودها أنماط جديدة من الذكاء الاصطناعي المادي القادر على الحلول محل الإنسان في الفضاءات الفيزيائية الطبيعية، وصعود الذكاء الاصطناعي الوكيلي الذي يعيد تعريف مفهوم الاستقلالية التقنية؛ وصولاً إلى تحولات أعمق تمسّ طبيعة الذكاء ذاته، مع الانتقال من السعي وراء "الذكاء العام إلى التركيز أكثر على نماذج الذكاء الفائق المتخصص ذات الأثر الحاسم.
وفي هذا السياق، لم تعد النماذج اللغوية الكبرى مجرّد منصات عالمية عابرة للحدود؛ بل أصبحت موضوعاً للتوطين الجيوتقني؛ حيث تتجه الدول إلى إعادة تشكيل هذه النماذج بما يتلاءم مع لغاتها، وقيمها، وأطرها السيادية، في موازاة سباق محموم لبناء مصانع الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة بوصفها بنية تحتية استراتيجية لا تقل أهمية عن الطاقة أو الاتصالات.
ويتقاطع ذلك مع صعود "المصانع المظلمة" التي تعمل دون تدخل بشري؛ ما ينذر بتحولات جذرية في سوق العمل وسلاسل الإنتاج العالمية.
ويكتسب هذا المشهد بعداً إضافياً مع تحوّل شبكات الجيل السادس من مجرد منصات اتصال إلى مراكز تشغيل عصبية للذكاء الاصطناعي، قادرة على دعم المعالجة الفورية، والأنظمة الذاتية، والتكامل بين العوالم الرقمية والفيزيائية. وفي المقابل، يفرض هذا الواقع الجديد تحديات غير مسبوقة على منظومات الأمن؛ ما يدفع باتجاه نماذج الأمن السيبراني المُكيّف القادر على التعلّم والاستجابة الديناميكية للتهديدات، بدل الاكتفاء بالدفاعات الثابتة.
ولا تكتمل صورة ما بعد 2026 بدون التوقف عند التقدّم المتدرّج نحو أنظمة الحوسبة الكمية الهجينة، التي تمزج بين القدرات الكلاسيكية والكمية، وتفتح الباب أمام اختراقات في مجالات المحاكاة، والتشفير، والمواد المتقدمة. كما يبرز في موازاة ذلك اتجاه متصاعد نحو الإدارة الذكية للصحة بوصفها عنصراً أصيلاً من عناصر الأمن المجتمعي؛ حيث تصبح القدرة على التنبؤ الصحي، وإدارة الأوبئة، وتحسين كفاءة الموارد الطبية جزءاً من معادلة الاستقرار الوطني.
بناءً على ذلك، يسعى هذا التقرير إلى استشراف الاتجاهات التكنولوجية العشرة الأكثر تأثيراً في تشكيل عالم 2026 وما بعده، لا من زاوية التطور التقني البحت؛ بل من منظور استراتيجي يربط التكنولوجيا بإعادة تعريف مفاهيم العمل، والسيادة، والأمن، والإنسان نفسه. فالرهان الحقيقي لم يعد على امتلاك التكنولوجيا فقط؛ بل أيضاً على فهم مساراتها، وتوقيتاتها، وتداعياتها العميقة، والاستعداد لعالم تُعاد فيه كتابة قواعد القوة من جديد.
ولا يمكن أن يغفل هذا التقرير التخوفات من الفقاعة الاقتصادية التي قد تواجه الذكاء الاصطناعي، محذراً من أن الذكاء الاصطناعي سوف يصبح أزمة في المستقبل القريب؛ لأن توجه الدول لتمويل مراكز بيانات ضخمة قابلة للإحلال في المدى القصير، بأدوات مالية طويلة المدى؛ سوف تنتج عنه بالضرورة إعادة تصحيح للأسواق، فالشرائح التي تدير مراكز البيانات تتطور بصورة سريعة للغاية؛ قد تؤدي إلى تقادم مراكز البيانات بصورة أسرع من قدرتها على تحقيق العوائد المالية المطلوبة.