سلسلة من أقوال الآباء السريان (37)

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
أبو يونان
إدارة الموقع
إدارة الموقع
مشاركات: 935
اشترك في: الجمعة إبريل 16, 2010 11:01 pm
مكان: فيينا - النمسا
اتصال:

سلسلة من أقوال الآباء السريان (37)

مشاركة بواسطة أبو يونان »

ܡܶܢ ܡ̈ܶܠܶܐ ܕ̣ܰܐܒ̣ܳܗ̈ܳܬ̣ܳܐ ܣܽܘܖ̈ܝܳܝܶܐ (ܠܙ)
سلسلة من أقوال الآباء السريان (37)

من مقالات البطريرك مار سويريوس الأنطاكي
عن الآية : طوبى للرحماء لانهم يرحمون

حينما ارى بعض الناس يستمعون الى كلمات الانجيل بعدم انتباه، ويضحكون بدون سبب من وصايا مخلصنا، معتقدين ان الوصايا مستحيلة وانها لا تتفق مع الطبيعة، فأني اتعذب مثل هؤلاء التجار الذين بحثوا عن اللآلئ الثمينة حسب قول ربنا، وبعد ان حصلوا على بعضها وارهقوا انفسهم جاهدين في الاعمال التجارية، استسلموا في النهاية للراحة، فرأوا البعض ممن لا خبرة لهم ولا دراية باستعمال هذه الاشياء حتى لربما يغطون اللؤلؤة الثمينة برصاص عديم القيمة او بإحدى المواد التي لا بريق لها ولا قيمة ايضا، فاغتاظوا وغضبوا، ثم هبوا في حماس ضد هؤلاء الناس الذين لا يتذوقون الجمال وليس لهم به خبرة وهم يصبحون قائلين: (ماذا تفعلون انتم تخفون بريق اللؤلؤة وتألقها إذ تكسوها مادة قليلة القيمة وتضيفون اليها قبحا بدلا من ان تكسبوها جمالا كنتم تتوقعونه؟ لقد كان يجب ان تؤلفوا بين الحجر الذي له بياض الثلج وبين الذهب الذي يشبه الشمس وبذلك تكملون جمال المنظر الفريد بالتناسق بين الالوان الجميلة).

بين المساكين بالروح والاغنياء المترفين:

فإني كذلك حينما تقرأ كلمات الرب التي كتبها لوقا البشير: ( طوباكم ايها المساكين لان لكم ملكوت الله. طوباكم ايها الجياع الآن لأنكم تشبعون. طوباكم ايها الباكون الآن لأنكم ستضحكون. ولكن ويل لكم ايها الاغنياء لأنكم قد نلتم عزائكم) (لو 6: 20-21، 24). بالاختصار كنت اشعر انكم من ناحية لم تتوبوا بقلوبكم ولم تحزنوا بسبب هذه الكلمات، ومن ناحية اخرى سمعت البعض يقول: (حاشا) لن يصبني شيء من هذا، ان اصبح فقيرا او باقيا محتاجا، او احزن وابكى موت احد اقربائي! بل بالعكس ارجو ان أمتلئ بالأموال والخيرات واتمتع بها، ورأى الغني يأتيني من كل جانب، فيطيب لي العيش واكون مسرورا، واروّح عن نفسي وتكون حياتي خالية من كل حزن!.

قول السيد المسيح: (طوباكم ايها المساكين لان لكم ملكوت الله) (لو6: 20).

نور البصيرة:

اني اصرخ في هؤلاء مثل هذا التاجر، بعد تجارة قد طال بي امدها، حتى حان لي ان اركن للراحة، إلا اني ماكنت لأحتمل احتقارهم لهذه الاحجار الكريمة والنور العظيمة الثمينة.

ايها المختارون:

ان تلك الكلمات الحية حقيقة، الطاهرة المقدسة السماوية، حينما تقيلها الانفس الذهبية المنثورة يتألق البريق الذي يشّع منها، ولكن حينما تسقط في قلوب رصاصية او بالحري في قلوب طينية، او في قلوب خنازير- حتى استعمل الفاظا اكثر ملاءمة، فهي تختفي وتستتر في ظلمات عدم البصر، بينما يغمضون اعينهم طواعية، وان كانوا فتحوها قليلا ما كان البرق يمّر دون ان يرى. لذلك كان مخلصنا يقول: ( لا تعطوا القدس للكلاب . ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير. لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم) (مت 7: 6).

فبعد ان داسوا بأقدامهم لعدم تبصرهم بريق الكلمات الالهية وشوهوه ما استطاعوا، لانهم لم يروا ولم يفهموا، يحاولون مرارا كثيرة ان يستغلوا المناقشة. فيثيرون الاعتراضات، معتقدين بذلك انهم يستطيعون ان يسقطونا ويغلونا في المعارك.

ان ارادوا فليميلوا آذانهم ويطهروها قليلا وينصتوا الى رقعة الكلمات الانجيلية ويستمعوا الى صوت العقل. لم يقرر الكتاب المقدس ابدا من كان صفر اليدين من الخيرات هو المسكين، ولا عكس ذلك ان الانسان الممتلئ بالخيرات هو الغني. ولكنه يعلن الطوبى لذاك الذي يكون مسكينا في فكره مسكنة تستحق المديح، وديعا في اسلوبه، يعرف فضل الله فيما اعطاه ولا يشتهي ما لم يعط. فلو ان احدا لا يملك شيئا، ولكنه يشتهي الخيرات، فإنه يكون مختنقا بشهوة الغنى، يمتلك القليل ولا يسكته وبالقوت والكساء حسبما حدده قانون الرسول بولس عن الكفاف إذ يقول: ( فإن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما) (1تي 6: 8).

من كان هكذا فهو ليس المسكين المطّوب، بل هو في الواقع غني بائس، فإنه يسبب الطمع والرغبة في الحصول على اكثر من حاجته، يريد في قرارة نفسه ان يكون غنيا ويتجه في ذلك اتجاها شريرا.

فإن ما نجده في انجيل لوقا البشير بصفة عامة ( طوباكم ايها المساكين لان لكم ملكوت الله) (لو 6: 20) يقول متى البشير موضحاً معناه الخاص : ( طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السموات) (مت 5: 3).
-------------------
المقال 113 لمار سويريوس الانطاكي
http://dss-syriacpatriarchate.org

ليس لديك الصلاحية لمشاهدة المرفقات
صورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الأدب والتراث السرياني“