ارى بعينيك

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
سعاد نيسان
مشرف
مشرف
مشاركات: 15448
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 27, 2010 5:08 pm

ارى بعينيك

مشاركة بواسطة سعاد نيسان »

قبل أن أتزوج من سارة لم يخطر ببالي أبدًا أن هذه هي فتاة أحلامي .. بل إنني قبل أن أراها لم تراودني فكرة الزواج مطلقًا .. وعندما كنت أحلم بزوجة المستقبل كنت أراها شخصية مختلفة تمامًا.

أما سارة فتعرفت عليها لأول مرة في حفل زفاف أحد الأصدقاء..كانت تتمتع بصوت رخيم عذب.. كانت تأسر القلب والنفس بصوتها عندما تترنم بتلك التراتيل الهادئة الجميلة في الكنيسة. كانت مشتركة في جوقة الترانيم. و لكن صوتها فقط كان مميزًا من بين مجموعة كبيرة من الفتيان والفتيات مما جعلني أحدق بها في كل ترنيمة تترنم بها في حفل الزفاف.

لم أكن معتادًا على الذهاب للكنيسة .. إذ أن اهتماماتي كانت بعيدة عن أي مجال ديني, ربما طبيعة عملي جعلتني أغرق في بحر من الأرقام والحسابات أنستني كل شيء .. ولكن بعد أن سمعتها لم أستطع منع نفسي من السؤال عنها.

ورغم خجلي الشديد اقتربت منها بعد أن انتهى حفل الزفاف, محاولًا التعرف عليها على استحياء .. وبمجرد أن قلت لها مساء الخير حتى وجهت رأسها إلي لتقول لي بكل بساطة

• مساء الخير. اسمي سارة .. و أنت؟

فوجئت بعفويتها ولكنني أجبتها:

• شادي.

قالت والابتسامة لم تفارقها:

• لم أراك من قبل في الكنيسة يا شادي.. لماذا لا تحضر إلى اجتماع الشباب يوم الإثنين القادم؟

أعجبتني كثيرًا تلك العفوية الواضحة في حديثها.. و ابتسامتها العذبة.. وشعرت أنها تعطيني ميعاد يوم الإثنين القادم .. فوجدتني أتوجه من ذاتي إلى الكنيسة دون أن يدفعني أحد إلى ذلك .. و دون أن يكون هناك واجب عزاء أو واجب تهنئة.

تمنيت أن أراها .. فدخلت إلى الكنيسة وأنا أتلفت حولي .. والحق يقال أن الاجتماع في حد ذاته لم يكن يعنيني بشيء, أخذت أتلفت كثيرًا من حولي .. وأنظر إلى الجانب الذي تجلس فيه الشابات لعلني أراها ولكنني أطرقت خجلًا عندما رأيت الشاب الذي يجلس بجانبي ينظر إليّ غاضبًا .. فنظرت إلى الأمام بسرعة وبقيت هكذا حتى آخر الاجتماع.

لم أكن أعي كثيرًا ما يحدث من حولي ولكنهم كانوا يرنمون ترانيمًا جميلة لم أكن أعرفها و فجأة صمت الجميع .. ولكوني غير منصت لم أعرف لماذا سكت الجميع فجأة .. ولا ماذا قال الشخص الواقف على المنبر. ولكني فجأة سمعت صوتًا ملائكيًا يقول:

في الطهر والجمال هل ليسوع من مثيل

تبسم الجـــــــــــلال في شخصه الفز الجليل

قد فاق مجده لا ليس مثله

ويهوى شخصه قلبي يحبه

كانت هي التي ترنم.. إنه صوتها:

ومن جديد أصابني ذلك الانبهار الذي أصابني لأول مرة .. كان صوتها دافئًا مما جعلني مبهورًا .. أنظر إليها ببلاهة فقد كانت ترنم بلسانها و قلبها .. وقد دمعت عيناها تأثرًا!

لأول مرة أجد شخصًا يحب يسوع كل هذا الحب و تجسد هذا الحب من خلال انفعالاتها وتعبيراتها, شعرت إنها تنظر إلي .. أو إنها تخيلات وأمور يهيء إلي بها أرغب في أن تكون حقيقة .. لم أدرِ وقتها .. لكني كنت أتعجل الوقت حتى ينتهي الاجتماع ….لم أفهم أي شيء من العظة .. ولا من أي شيء قالوه.

وبعد أن انتهى الاجتماع توجهت إليها وأنا مبتسم, فقد كان لقائها السابق معي مشجعًا لي .. و كانت هي مبتسمة ووجهها متجه لي.

قلت لها:

• ها أنا قد حضرت كما اتفقنا ..

يبدوا لي أنها لم تفهم ما قلت .. و لكنها ظلت محتفظة بابتسامتها وهي تقول:

• أهلا بك .. أنا اسمي سارة و أنت

فسألت متعجبًا:

• هل نسيتني؟! اسمي شادي.

قالت:

• هذه أول مرة تحضر إلى الاجتماع .. هل أعجبك؟

• أعجبني صوتكِ!

احمر وجهها خج لًا وأجابتني:

• وددت لو أعجبك المسيح صاحب هذا المكان!

وكما لو أن الخجل بالعدوى .. فقد شعرت بدوري بالخجل وأنا أرد:

• بالطبع يسوع يعجبني.

ثم صمتُ قليلًا واستجمعت شجاعتي وقلت:

• ألا تذكريني؟….لقد رأيتك في حفل زفاف الأسبوع الماضي!

قالت:

• نعم.. أذكر صوتك جيدًا.. وإن كنت قد نسيت أين سمعته من قبل .. والآن تذكرت

ثم نظرت إلى الأرض وتابعت:

• معذرة.. لقد تعودت الرؤية بأذني .. والآن التصقت صورتك الصوتية في ذهني ولن أنساك مرة أخرى.

***

كانت لا تزال تبتسم وقد علا الاحمرار وجهها.. بينما كانت كلماتها كالصاعقة بالنسبة لي.. إنها عمياء.. تعجبت .. تبدو عيونها سليمة .. ليست تائهة أو مشوهه كعادة العميان .. كما أنها تتجه ناحية الصوت بسهولة عجيبة مما يدل على أنها ترى .. لم أدرِ ماذا أفعل .. وددت لو تنشق الأرض وتبلعني لأنني تسببت في جرح مشاعرها.. حاولت الاعتذار فقلت لها:

• معذرة.. ظننت.

• لا تغضب أو تخجل أرجوك.. كثير من الناس لها عيون ولا ترى .. أما أنا فأرى بأذني ما لا يراه أحد .. لقد أعجبك الاجتماع .. أليس كذلك؟ و لكنك لم تر فيه يسوع ولم تسمع سوى صوتي .. أما أنا .. فرأيت يسوع واستمتعت بجماله .. رأيته في العظة وفي الترنيم وفي الصلوات.. رأيته وهو مصلوب لأجلي.. وهو يمسك يميني ويرعاني..رأيته وهو يشجعني ويبتسم في وجهي .. فأي منا يكسب أكثر .. عيناك أم أذناي .. بصرك أم بصيرتي



أطرقت خجلًا وقد زاد قولها هذا إعجابي بها فقلت:

• بل بصيرتك الرائعة التي ترى كل شيء جميل هي التي تنتصر!

ومن هذا الوقت تصادقنا.. و بعينيها العمياء استطاعت أن تريني يسوع ومع الوقت استطاعت أن تجعل مني أحب ذلك الإله الذي أحبته هي .. و في وقت من الأوقات لم أستطع الابتعاد عن يسوع فأسلمت قلبي له وذاتي وكياني, وكان فرحي عظيمًا.. أيضا فرحها كان عظيمًا.

• وعندما نويت الزواج لم أستطع أن أجد أمامي سوى سارة .. لقد شعرت بمحبتي لها .. كنت أخاف كثيرًا أن تعترض .. وأن تأخذها الشهامة وتجعل من عيونها عائقًا يمنع ارتباطي بها .. لقد كانت تحبني وتوقعت أن ترفض أن أتزوج من فتاة عمياء، وبدأت أعد نفسي للإجابة على كل اعتراضاتها.

ثم فاتحتها برغبتي في الارتباط بها.. ولكنها لم تعترض على أي شيء بل ابتسمت وقالت لي

• انني موافقة .. ولكن احترس .. إنك ستكون عيوني التي أرى بها!

• ابتسمت في سعادة وأنا أقولها!

• إنني كنت مبصرًا ولم أرَ يسوع إلا من خلالك- سيكون سهلًا علي أن أنقل صنعة يسوع من خلال عيوني .. هل تعرفي ماذا ترى عيوني الآن.

• ماذا ترى؟

• ترى فتاة جميلة مبتسمة دائمًا..راضية دائمًا.. وجهها مضيء كوجه يسوع أعدها الله لي لتكون زوجة.


أقتن الذهب بمقدار أما العلم فاكتسبه بلا حد لأن الذهب يكثر الآفات أما العلم فيورث الراحة و النعيم .
أضف رد جديد

العودة إلى ”܀ كل يوم قصة هادفة“