المنشور البطريركي بمناسبة الصوم المقدس ٢٠٢٤ (باللغة العربية)!

يهتم بنشر أخبار كل الأبرشيات في الوطن والمهجر ولكل الطوائف
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 49225
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

المنشور البطريركي بمناسبة الصوم المقدس ٢٠٢٤ (باللغة العربية)!

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

المنشور البطريركي بمناسبة الصوم المقدس ٢٠٢٤ (باللغة العربية):
ܒܫܡ ܐܝܬܝܐ ܡܬܘܡܝܐ ܐܠܨܝ ܐܝܬܘܬܐ ܕܟܠ ܐܚܝܕ
ܐܝܓܢܛܝܘܣ ܦܛܪܝܪܟܐ ܕܟܘܪܣܝܐ ܫܠܝܚܝܐ ܕܐܢܛܝܘܟܝܐ ܘܕܟܠܗ̇ ܡܕܢܚܐ
ܘܪܝܫܐ ܓܘܢܝܐ ܕܥܕܬܐ ܣܘܪܝܝܬܐ ܐܪܬܕܘܟܣܝܬܐ ܕܒܟܠܗ̇ ܬܒܝܠ
ܕܗܘ ܐܦܪܝܡ ܬܪܝܢܐ ܡ̄
نهدي البركة الرسولية والأدعية الخيرية إلى إخوتنا الأجلاء: صاحب الغبطة مار باسيليوس توماس الأوّل مفريان الهند، وأصحاب النيافة المطارنة الجزيل وقارهم، وحضرات أبنائنا الروحيين نواب الأبرشيات والخوارنة والقسوس والرهبان والراهبات والشمامسة الموقرين، ولفيف أفراد شعبنا السرياني الأرثوذكسي المكرّمين، شملتهم العناية الربّانية بشفاعة السيّدة العذراء مريم والدة الإله ومار بطرس هامة الرسل وسائر الشهداء والقدّيسين، آمين.
وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا (اعمال الرسل 1: ٨)
بعد تفقد خواطركم العزيزة، نقول:
الشهادة (التبشير) هي وصية الرب يسوع
تتمحور أحداث سفر أعمال الرسل حول صعود الرب يسوع إلى السماء، الذي مهد الطريق أمام تلاميذه ليشهدوا للإنجيل ويكرزوا به، وينفذوا العمل الرسولي الذي دُعيت إليه الكنيسة المقدسة بحسب وصية الرب يسوع بأن يكونوا شهوداً له بعد الصلب والقيامة، بناءً على قوله لهم: " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهوداً في أورشليم، وفي كل اليهودية والسامرة، وإلى أقصى الأرض" (اع 1: ٨). وبحسب هذه الوصية، بدأ الرسل عملهم الكرازي بعد حلول الروح القدس عليهم. فشرعوا في التبشير وإعلان شهادتهم عن المسيح في جميع أصقاع الأرض، بدءاً من اورشليم مروراً بأنطاكية حيث لُقبوا مسيحيين أولاً فيها (اع 11: 26) ومنها إلى العالم أجمع.
لعبت الكنيسة السريانية الأنطاكية دورًا مهمًا في مشاركة رسالة الخلاص الإنجيلية هذه. وكان لآباء الكنيسة دور مميز في نشر هذا الإيمان المسيحي في كافة تخوم الكرسي الأنطاكي والمناطق الواقعة تحت سلطته ورعايته الممتدة إلى أقاصي الشرق. ومن هؤلاء الآباء القديس جرجس أسقف العرب، الذي كنا قد خصصنا هذا العام للاحتفال بالمئوية الثالثة عشر لرقاده تخليداً لجهاده الرسولي، لأهمية دوره في نشر الإيمان المسيحي بين القبائل العربية في جنوب العراق والجزيرة العربية، ورعاية المؤمنين وثباتهم بالخلاص الذي صنعه الرب يسوع المسيح.
الكنيسة السريانية الأنطاكية الشاهدة في بلاد العرب وغيرها من البلدان وصولاً إلى الصين
منذ بزوغ فجر المسيحية والكنيسة في أنطاكية لم تأبه بالاضطهادات، بل استمدت قوتها من عمل الروح القدس فيها، الذي قادها، ولا يزال يقودها نحو الشهادة للحق غير مكترثة لقوة المُضطهِد والتحديات والصعوبات الناجمة عن هذه الاضطهادات، لا بل خرجت شاهدةً وشهيدةً للمسيح حاملة نور البشارة الإنجيلية للكثير من شعوب الأرض السالكة في ظلمة العالم والجالسة في أرض ظلال الموت (راجع اشعياء 9: 2)، مقدمةً الخلاص ومعمدةً كل من قبل الرب يسوع باسم الآب والابن والروح القدس (متى 28: 19)، وحيث أن بلاد العرب كانت تابعة جغرافياً للكرسي الرسولي الأنطاكي، أخذ آباء هذه الكنيسة المجيدة على عاتقهم نشر البشرى السارة بملكوت الله في هذه المناطق وتعليم أهلها أصول الإيمان الأرثوذكسي القويم، فقبلت الكثير من القبائل العربية هذا الإيمان، وكانت تحياه بحسب المذهب السرياني الأنطاكي المستقيم الرأي، ومن هذه الأقوام والقبائل العربية: الحِميريون، القطريون، التغالبة، بنو كندة، بنو طيّ، عقيل، تنوخ، الغساسنة، النمر، بنو شيبان (ثعلبة)، بنو بكر بن وائل في ديار بكر، والمناذرة وغيرهم.
بعدما قبل العرب الإيمان المسيحي، بدأت شؤونهم الرعوية تنظم كنسياً، حيث تأسست لهم أسقفيات منظمة لعبت دوراً مهماً في تاريخ الكنيسة، وكانت مدينتا نجران واليمامة تحظيان بوجود أسقفية فيهما في العام 225 م، وقد حضر ستة من أساقفتها مجمع نيقية سنة 325 م، واشتهر من أساقفة نجران قس بن ساعدة (600 +) الخطيب المفوه والحكيم الذي كان يحضر لسوق عكاظ، ويخطب جهاراً مبشراً بالمسيح ضد المعتقدات الوثنية، وهو حامل عصا الرعاية.
إن التّاريخ الكنسي بعد القرن الرّابع يذكر لنا عدة أسقفيات في بلاد العرب، ومنها: تدمر وجدر أم قيس، بصرى، بترا والحيرة. وكان يخصّص لكل قبيلة عربيّة أسقف وأحيانًا أكثر من أسقف واحد. كان يطلق عليهم لقب أساقفة المضارب، لأنّهم كانوا يرافقون القبائل العربيّة في حلّهم وترحالهم، يقيمون الصلوات والرّتب الطقسية تحت الخيام. ومن أهم الأبرشيّات العربيّة أسقفيّتان: الأولى هي أسقفيّة العرب على الإطلاق، التي كان أحد أعلامها وأساقفتها القديس جرجس الملقب بأسقف العرب كنايةً بها والثانية هي أسقفيّة التّغالبة. بالإضافة إلى مملكة غسان التي اتخذت من الجابية (حوران _ سوريا) مركزاً لها وكانت تضم أكثر من مائة وعشرين ديراً رهبانياً خلال القرن السادس ومن أهم أساقفتها هو القديس ثيودور الغيور الذي رسم أسقفاً على العرب مع القديس يعقوب البرادعي، وكان مركز أبرشيته في بصرى الشام.
وتتجلى العناية الاستثنائية للآباء السريان والقوة التبشيرية للكنيسة السريانية الأنطاكية في بلاد العرب من خلال أعمال الترجمة التي قام بها علماء مسيحيون عرب من قبائل طيّ وعُقيل وتنوخ. وبأمر من البطريرك الأنطاكي القديس يوحنا أبي السدرات تمت ترجمة الإنجيل المقدس من السريانية إلى العربية سنة 643 م.
امتدت قوة هذه الشهادة للمسيح وجهود التبشير للكنيسة السريانية ليس فقط في المناطق القريبة من أنطاكية كبلاد العرب، بل وصلت إلى بلدان أخرى مثل فارس، أفغانستان، الهند، الصين، أرمينية، الحبشة (أثيوبيا)، بلاد آسيا الصغرى وغيرها من بلدان المشرق الأقصى. ومن الأمثلة على ذلك كنيستنا السريانية في الهند التي هي ثمرة الجهاد الرسولي لآباء هذه الكنيسة الميامين وشهادتهم للرب يسوع، فهي بحق جوهرة ومجد المشرق لكنيسة أنطاكية السريانية المقدسة.
الشاهد الأمين جرجس أسقف العرب (724+)
إن صفحات التاريخ الكنسي لا تذكر معلومات كثيرة عن سيرة هذا الحبر العالم والقديس الجليل. القديس جرجس أسقف العرب، هو أحد تلاميذ مدرسة قنشرين اللاهوتية. تتلمذ في ريعان شبابه على يد القديس مار ساويرا سابوخت قبيل انتقاله، حيث كان جرجس عالماً بالكلمة وعاملاً بها متبحراً في الفلسفة وتفسير الأسفار المقدسة، وهو أحد النُقّاد البارزين والكُتّاب المميزين في الأدب نثراً ونظماً، استقى من جميع العلوم المعروفة في عصره، فأتقن العلوم اللغوية السريانية والفلسفية والفلكية واللاهوتية والتاريخ.
لبس الإسكيم الرهباني سالكاً طريق رهبنته بمخافة الله ومحبته، فقطع أشواطاً كبيرة في حياة الزهد والتنسك، فاختارته العناية الإلهية ليكون كاهناً ثم أسقفاً لعرب بني طيّ وعُقيل وتنوخ، وكان كرسي أبرشيته في عاقولا وهي مدينة الكوفة اليوم في العراق، حيث رعى أبرشيته خير رعاية متلألأً بالطهر والعلم والفضيلة لمدة ثمانٍ وثلاثين سنة، انتقل إلى الأخدار السماوية سنة ( 724+) شيخاً جليلاً بعد أن قضى حياته شاهداً للمسيح ومبشراً باسمه، معلماً لكلمته المقدسة ومثبتاً رعاياه من القبائل العربية الرُحّل في المسيح يسوع له المجد.
الشهيد القديس الحارث بن كعب وسائر الشهداء الحِميريين السريان الأرثوذكسيين
يحدثنا التاريخ الكنسي عن شهداء الإيمان الأبطال الذين اضطُهِدوا لأجل إيمانهم بالمسيح في سبأ وبلاد الحِميريين في اليمن، لما تَمَلَك اليهودي المدعو مسروق بحسب المصادر السريانية والمسمى ذو نؤاس عند العرب على هذه البلاد سنة 523 م، توجه إلى ظفار عاصمة بلاد الحِميريين محارباً الأحباش الذين كانوا فيها. وحين لم يقوَ عليهم بالحرب استسلموا له بالخديعة، مرسلاً لهم رسائل الأمان، فخرجوا إليه مسالمين، فقتلهم جميعاً. وأحرق كنيستهم، وأرسل كهنة اليهود مصحوبين مع قوة إلى البلاد الخاضعة لسلطانه لقتل المسيحيين أينما وجدوا، إذا لم ينكروا إيمانهم بالمسيح ويتهوّدوا، وأمر أن يُحرق كل من يخفي مسيحياً هو وبيته، وأن يصادر كل ماله.
لم يكتفِ بذلك، بل أرسل جيشه إلى نجران، وحاصرها، ولما عجز عن أخذها بالحرب، أرسل كهنة اليهود حاملين توراة موسى وكتاب الأمان مختوماً بختمه الملكي، متعهداً لهم أنه لن يهلكهم إذا سلموا المدينة طوعاً. وثق النجرانيون برسالة الأمان، وخرجوا إليه، لكنه نقض عهده، وأمر الجند، فكبلوا أيديهم وأرجلهم، ثم أرسل الملك يهوداً ووثنيين، وقبضوا على المسيحيين الذين في المدينة.
وأحد أبطال الإيمان في مدينة نجران هو الحارث بن كعب، الذي كان رئيساً لشعبها وأحد أشرافها المؤمنين، فهو الشيخ الجليل الذي أبى أن ينكر المسيح أمام هذا الملك الظالم، مجاهراً ومعلناً إيمانه القويم، فوقف أمام شعبه معلناً ثباته على هذا الإيمان، متقدماً بفرح لينال إكليل الشهادة مردداً قول القديس بولس الرسول: "من سيفصلنا عن محبة ٱلمسيــــــح؟ أشدة أم ضيق أم اضطهاد، أم جوع، أم عُري أم خطر أم سيف؟" (رومية 8: 35)، فنال إكليل الشهادة هو ومن كان معه، فأمر الملك اليهودي الظالم أن تُحرَق الكنائس بمن فيها، فعندما رأت النساء النجرانيات وأطفالهنَّ النيران تلتهم الكنائس بمن فيها، تسابقنَ وأَطفالهنَّ إلى الكنائس الملتهبة بالنيران الآكلة، لكي ينالوا مع الرجال أكاليل الاستشهاد. ويُسطّر لنا التاريخ الكنسي قوائم بأسماء الشهداء المسيحيين العرب من الرجال والنساء والأطفال، حيث تم إدخال ما يقارب الألفين منهم مكبلين بالأغلال إلى الكنائس، وأحيطت بالحطب، ثم أحرقت بكل من فيها. بعد ذلك قام هذا الملك الجائر بحفر جب كبير وألقى جميع جثامين الشهداء القديسين فيه وأحرق المتبقي من رفاتهم ثم طمرهم، وقد أرّخ المؤرخون العرب هذه الحادثة باسم أهل الاخدود.
أيها الأحباء إن قدوم هذا الصوم الأربعيني المقدس يوفر لنا فرصة لنتأمّل بقوة التبشير والشهادة للمسيح والاستشهاد لأجل اسمه القدوس، ونتذكر مسؤوليتنا كشهود للسيد المسيح وسط الاضطرابات والمتغيرات التي يعيشها عالمنا حيث ضعف الإيمان والإلحاد والحروب الروحية، ونشهد للمسيح ونسلك في هذا العالم المليء بالاضطهادات والتحديات الإيمانية الكبيرة كما يليق بإنجيله (راجع فيلبي 1: 27)، وذلك من خلال أعمالهم الصالحة التي تمجد الآب السماوي (راجع متى 5: 16) وأن نتمسك بالإيمان القويم، متأملين في سير الشهداء أبطال الإيمان والقديسين الذي قضوا حياتهم بمحبة الفادي يسوع ومُتشفِّعين ومتمثلين بهم (راجع عبرانيين 13: 7).
تقبّل الله صومكم وتوبتكم وصلواتكم وصدقاتكم، وأهّلنا جميعًا لنبتهج بعيد قيامته، بشفاعة السيّدة القدّيسة العذراء مريم والدة الإله ومار بطرس هامة الرسل والقديس جرجس أسقف العرب والقديس الشهيد حارث بن كعب وسائر الشهداء والقدّيسين. ܘܐܒܘܢ ܕܒܫܡܝܐ ܘܫܪܟܐ.
صدر عن قلايتنا البطريركية في دمشق
في الثالث عشر من شهر آذار سنة ألفين وأربعة وعشرين
وهي السنة العاشرة لبطريركيتنا
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
بنت السريان
أديبة وشاعرة
أديبة وشاعرة
مشاركات: 16409
اشترك في: السبت يونيو 05, 2010 11:51 am

Re: المنشور البطريركي بمناسبة الصوم المقدس ٢٠٢٤ (باللغة العربية)!

مشاركة بواسطة بنت السريان »

صوم مبارك مفعم بالايمان والصلوات
الله محبة صورة
بنت السريان
سعاد اسطيفان
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 49225
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

Re: المنشور البطريركي بمناسبة الصوم المقدس ٢٠٢٤ (باللغة العربية)!

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

آمين فآمين وصوماً مباركاً ومقبولاً
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”أخبار الأبرشيات“