الميرون المقدس!

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 54303
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

الميرون المقدس!

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »


الميرون وفي السريانية «ܡܘܪܘܢ» لفظة متأتّية من (المر) الذي به يحنط الموتى، وبهذا المعنى يشير إلى الموت، وبالتالي إلى موت السيد المسيح من أجلنا. وفي اللغة اليونانية تطلق اللفظة «ميرون» على كل أنواع العطور والطيوب المركّبة من عقاقير كثيرة ذات الروائح الطيبة.
صورة
والميرون في الاصطلاح الكنسي: سرٌّ به يقبل المؤمن المعتمد قوة الروح القدس ومواهبه للثبات في الإيمان وللنمو في الحياة الروحية. فهو المسحة المقدسة التي بها يختم الكاهن ويمسح أعضاء جسد المعمّد بالمسيح ظاهرياً حال خروجه من جرن المعمودية ليكتسي بنعمة الروح القدس باطنياً.
وكان هذا السر يتمّ في بدء المسيحية بوضع أيدي الرسل على المعمَّدين فينالون الروح القدس (أع8: 17 و19: 6) كما يتّضح ذلك مما جاء في سفر أعمال الرسل عن إيمان أهل السامرة وعمادهم على يد فيلبس الشماس ولم يحلّ عليهم الروح القدس لذلك أرسل الرسل إليهم بطرس ويوحنا «اللذين لما نزلا صلّيا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس»(أع8: 15) ولما كثر عدد المؤمنين بالسيد المسيح وتعذّر على الرسل أن يوجدوا في الأماكن النائية ويقوموا بهذا العمل الروحي المقدس، فبإلهام الروح القدس استعاضت الكنيسة المقدسة عن وضع اليد بالميرون المقدس الذي قدّسه الرسل الأطهار، وقد ركّبوه ـ كما يخبرنا التقليد الكنسي ـ من زيت الزيتون النقي والحنوط والطيوب التي كانت على جسد الرب في القبر وأضافوا إليها البلسم وقدّسوه في العلية وسلّموه إلى تلاميذهم الأساقفة وأمروهم ليدهنوا هم والكهنة جميع المعمدين استعاضاً عن وضع اليد.
ولهذه المسحة قوة سماوية فهي تعلّم المؤمنين كل شيء على حد قول الرسول يوحنا: «وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلّمكم أحد بل كما تعلّمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء وهي حق وليست كذباً كما علّمتكم تثبتون فيه»(1يو2: 27). وعندما نعقد المقارنة بين هذا الكلام عن المسحة المقدسة وبين كلام الرب يسوع عن العماد بالروح القدس بقوله:«لأن يوحنا عمّد بالماء وأما أنتم فستتعمّدون بالروح القدس» (أع1: 5) نكتشف الربط الموجود بين عمل المسحة ومفاعيلها وعمل الروح القدس، فالمسحة هي العلامة الظاهرة المنظورة لسر مفاعيل الروح القدس الذي لا يرى ولا يحسّ به ولكن تأثيره يظهر في المؤمنين. قال الرب يسوع لنيقوديموس: «لا تتعجب أني قلت لك ينبغي أن تولدوا من فوق، الريح تهبّ حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب هكذا كل من وُلد من الروح»(يو3: 7و8). وقد كشف الرب يسوع النقاب عن رسالة الروح القدس في العالم في تعليم الرسل وإرشادهم وتذكيرهم بما علّمهم الرب يسوع إياه قائلاً: «أما المعزّي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكّركم بكل ما قلته لكم»(يو14: 26) «ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الابتداء» (يو15: 26و27). فعمل المسحة هو عمل الروح القدس ذاته.
لنتتبع عمل الروح القدس منذ البدء «فروح اللّه كان يرف على وجه المياه»(تك1: 2) وروح الرب حلّ على الأنبياء والأتقياء في العهد القديم، والمسحة صنعها موسى بناء على أوامر اللّه لمسح هرون والكهنة والمذابح والأواني المقدسة.
كما استعملت هذه المسحة لمسح الملوك فعندما أرسل النبي صموئيل إلى يسَّى وطلب من هذا أن يأتي بأبنائه لم يُبدِ قرن الزيت أي علامة حتى جاء الفتى داود ففاض الزيت الذي يمثّل الروح القدس وبذلك أعطى علامة للنبي أن اللّه قد اختار داود ملكاً ونبياً فسكب النبي الزيت على رأس داود وكرّسه. فقد كان في الزيت قوةً روحية وتأثيراً واضحاً فهو الذي يرشد ويعلّم ويقدّس. وفي العهد الجديد نزل الروح القدس من السماء بهيئة جسمية مثل حمامة على الرب يسوع على أثر خروجه من الماء بعد أن اعتمد من يوحنا ولذلك عندما دخل مجمع الناصرة وفتح السفر ليقرأ وجد الآية المقدسة التي قالها النبي إشعياء قبل الميلاد بثمانية قرون على لسانه له المجد فتلا نصها وهو «روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشّر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية» (لو4: 18).
قال مجمع اللاذقية: «يجب على المستنيرين بأن يمسحوا بعد المعمودية بالمسحة السماوية ويصيروا مساهمين لملكوت اللّه» (قانون 48) لذلك يمسح الأطفال أيضاً بعد عمادهم مباشرة. ويجب ألاّ نحرم الأطفال من موهبة سرّ الميرون المقدس كما لم نحرمهم من المعمودية وإن اللّه تعالى لم يمنع نعمته عن الأطفال بل أنعم على بعض مختاريه أنه اختارهم وهم بعد في بطون أمهاتهم، كما أجزل نعمته لصموئيل الصغير إذ قيل «وكان صموئيل يخدم أمام الرب وهو صبي وعملت له أمه جبة صغيرة» (1صم2: 18) كما أنّ اللّه تعالى قدّس إرميا قبل أن يخرج من الرحم (ار1: 5) وكما فرز بولس من بطن أمه (غل1: 5) أما يوحنا المعمدان فقد امتلأ من الروح القدس وهو في بطن أمه (لو1: 15) وقد أحبّ الرب يسوع الأطفال الصغار وقال لتلاميذه: «دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات»(مت19: 14).
والميرون ولئن كان مرتبطاً بالمعمودية هذا الارتباط الوثيق، إلا أنه سر قائم بذاته ومستقل عن المعمودية، وذلك أن كلا منهما يمنح بصلاة وبطقس خاص، منفصلاً عن الآخر كما يظهر من ترتيب طقسيهما، وقد ورد في سفر الأعمال حادثتان صريحتان تؤيدان استقلال هذين السرين بعضهما عن بعض استقلالاً تاماً، فقد جاء في الحادثة الأولى: لما سمع الرسل الذين في أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة الله أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا اللذين لما نزلا صليا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس لأنه لم يكن قد حل بعد على أحد منهم، غير أنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع وحينئذ وضعا الأيدي عليهم فقلبوا الروح القدس (أع19: 6) فمن هاتين الحادثتين يتضح جلياً أن سر الميرون الذي كان يُمنح في بدء المسيحية بوضع اليد هو سر مستقل عن سر المعمودية استقلالاً تاماً، أضف إلى ذلك اختلاف النعمة الناتجة عن كل من السرين، ونوعية المادة المحسوسة التي تشير إليها.

تهيئة مادة الميرون:
يطبخ قداسة البطريرك نفسه المزيج الذي تتكوَّن منه مادة الميرون والذي يركّب من عنصرين رئيسيين هما زيت الزيتون النقي، والبلسم المعطر، حيث يؤخذ زيت الزيتون النقي المطبوخ بطريقة خاصة حتى يصبح كالماء خالياً من رائحة الزيت ويؤخذ معه بعض العقاقير، خمسين مثقالاً من قمنين ، وستين مثقالاً ناردين ، وعشرين مثقالاً من القرنفل وجوزة الطيب، والزعفران، والزنجبيل والفلفل، وتسحق وتنخل وتخلط بالزيت النقي، ويوضع المزيج في إناء زجاجي كبير ويوضع على النار قدر نحاسي كبير مملوء ماء، ويجعل في فوهة الإناء سفود حديدي ويعلّق في الماء دون أن يصل إلى أسفل القدر، وتسجر النار ويغلي الماء ثلاث ساعات، ثم يضاف إلى الإناء ميعة طرية، ويطبخ ساعة واحدة، ثم تطفأ النار وعندما يبرد الماء يرفع الإناء، وفي يوم التقديس يخلط معه العنصر الثاني أي البلسم المعطر.
إن تركيب الميرون من الزيت والبلسم، له معنيان، لاهوتي: هو أنه يشير إلى السيد المسيح بدليل تركيبه أي إلى اتحاد الكلمة بالجسد، فالبلسم يشير إلى اللاهوت والزيت إلى الناسوت. وكما أن الميرون له رائحة طيبة بطبيعته هكذا السيد المسيح له بطبعه القداسة وطيب الرائحة.
أما المعنى الروحي للميرون فهو أنه يشير إلى غزارة النعمة التي تفيض بواسطة الروح القدس، كما يشير إلى أن المؤمنين بعد أن ينالوا سرَّ التثبيت تفوح منهم رائحة الفضائل العطرة حتى يستطيعوا أن يقولوا مع المسيح: «لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون»(2كو2: 15).
ويكرّسه قداسة البطريرك ويقدّسه بحسب الطقس السرياني، ويعاونه في القيام بهذا الطقس اثنان من المطارنة على الأقل، وقبل أن يختم الطقس الخاص بالتقديس يضيف إليه البطريرك البلسمَ ثم شيئاً من الميرون القديم الذي تحتفظ به الكنيسة وابتدأت تستعمله منذ عهد الرسل وتضيفه إلى الميرون الجديد كلما احتفلت بتقديس ميرون جديد.
أما عن زمن تقديسه فقد قال القديس مار يعقوب الرهاوي: لا قانون يمنع من تقديس الميرون كلما دعت الحاجة»، وأما عن مكان التقديس فقد قال مار يوحنا البطريرك الأنطاكي: «لا يجوز تقديس الميرون في القرى التي لم يعتد أن يقدس فيها، بل في المدن وفي الأماكن المخصصة لذلك منذ القديم إلا في أوقات الضرورة».
وحق تقديس الميرون محصور الآن في قداسة البطريرك وحده، وسارت الكنيسة على ذلك بناء على أمر الله لموسى بأن يعمل دهن المسحة ويقدسه بنفسه (خر30: 25)، كما أنه فوض إليه وحده حق مسح هارون أخيه وبنيه ومسح المسكن وكل ما فيه، كذلك الأنبياء الذين آتو بعده، خص بهم هذا العمل دون الكهنة.
وفي تكثير الميرون قال مار يعقوب الرهاوي: «يحق لرئيس الكهنة، وحده أن يزيده بزيت الصلاة، ولا يجوز للكهنة أن ينقلوه من إناء إلى آخر ولا أن يعطوه بعضهم لبعض، فالمحتاج منهم يأخذه من الأسقف مباشرة وإن كان بعيداً، يرسل الإناء من كنيسة إلى أخرى».
ولا يجوز استعمال الميرون إلا في العماد والتقديس كما قال البطريرك الأنطاكي مار جورجي: «ليحرم الكهنة الذين يمنحون الميرون للمرضى».
إن آنية الميرون، سواء أكانت من الذهب أم الفضة إذا تكسرت يجب أن تذاب وإن دعت الحاجة يضاف إليها، وتعاد آنية للميرون ثانية وإن كانت من الزجاج تطمر في الأرض، وإن فسدت رائحتها تغسل بماء نقي في جرن المعمودية.
أما صورة سر الميرون فهي العبارات التي تتلى أثناء مسح المعمد به: الميرون المقدس، رائحة المسيح الذكية، وختم الإيمان الحقيقي، وكمال موهبة الروح القدس، ويختم عبد المسيح (فلان) بختم الميرون المقدس الإلهي باسم الآب والابن والروح القدس للحياة الأبدية.
وعن خادم السر فكما أسلفنا إن تقديس الميرون هو مختص بقداسة البطريرك وحده، أما واهبه فهو أحد رجال الإكليروس الشرعيين.

ثمار سر الميرون ومفاعيله:
يمنح سر الميرون المقدس المؤمن المعمَّد مواهب الروح القدس من ذلك: إنارة العقل والمعرفة وقوة الإرادة في العبادة والثبات على الإيمان، وبهذا الصدد يقول الرسول يوحنا: «وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء» (1يو 2: 20) ويقول الرسول بولس: «ولكن الذي يثبّتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو اللّه» (2كو 1: 21و22).
وفي هذا الصدد يقول القديس مار إياونيس الداري: «إن مفعول الميرون كمفعول القربان تماماً، التكميل والإتمام، فبواسطة الميرون تمنح للعقل الشري المعرفة الروحية والحكمة الكاملة، أما في القربان فتكمل تلك المعرفة».
ومما يدل على بيان مفعول السر ما حدث للرسل القديسين فإنهم قبل آلام السيد المسيح وحتى في إبان الآلام، كانوا ضعفاء وجبناء، فلما قبض على السيد المسيح تركوه وهربوا وعند دفن المسيح اختفى جميعهم في اليت خوفاً من اليهود بيد أنهم عندما امتلأوا جميعاً من الروح القدس في عيد العنصرة (أع2: 14 و15). طفقوا يحملون اسم المسيح إلى كل المسكونة بشجاعة نادرة، أمام ولاة وملوك، وحسبوا احتمال الآلام في سبيل المسيح سعادة متناهية.
كما يستخدم الميرون أيضاً في تقديس الكنائس والمذابح والطبليثات.

ضرورة الميرون وعدم إعادته:
إن سر الميرون ضروري للخلاص وبدونه تكون المعمودية ناقصة وغير قانونية، وإن لكل من سري المعمودية والميرون مفعولاً خاصاً ونعمة خاصة، فمفعول المعمودية هو الغسل من الخطايا والولادة الجديدة، أما الميرون فهو نوال ختم الروح القدس، كما يظهر من عماد الرب يسوع المسيح الذي حل عليه الروح القدس على شبه حمامة في نهر الأردن، وكما يظهر من عماد أهل السامرة، الذين عندما سمع الرسل في أورشليم أنهم قبلوا الكلمة واعتمدوا من فيلبس الشماس ولكنهم لم يقبلوا الروح القدس، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا، وهذان لما نزلا وصليا من أجلهم لكي ينالوا الروح القدس وضعا عليهم أيديهما فنالوا الروح القدس (أع8: 17)، وإن السيد المسيح لم يكتف بقوله: «إن لم يولد أحد من الماء (بل زاد) والروح، فلا يقدر أن يدخل ملكوت الله»(يو3: 5).
وسر الميرون هو من الأسرار التي يقتبلها المؤمن مرة واحدة في حياته ولا يعاد أبداً، كسري المعمودية والكهنوت.

طقس تقديس الميرون:
يحتوي طقس تقديس الميرون على خدمتين:
الخدمة الأولى: وتشير إلى الخاطئة التي ابتاعت الطيوب وأتت إلى المسيح وسكبتها على رأسه (مت26: 7).
عند الساعة الثالثة تنظم ثلاث طاولات للمرتلين واحدة في المذبح والاثنتان الأخريان في الخورس، ويرتدي قداسة البطريرك حلته البيضاء ويجلس على عرش مرتفع في شرقي المذبح وتبدأ الخدمة بترتيلة (القانون ) وعندما يتلو أحد الأساقفة الحوساي، يطوف البطريرك بالمبخرة، يتقدمه رئيس الشمامسة حاملاً العكاز الأبوي، وأفودياقونان حاملين شمعتين وكاهنان حاملين مجمرتين وشماسان آخران ينشدان المعنيث الموسوم (بمعنيث الخاطئة) ويطوفون في جميع أنحاء الهيكل، ويعودون إلى المذبح ويتلون قراءات خاصة من العهد القديم ثم يقرأ الأرخدياقون (الليطونية ) ويدخل البطريرك لوحده ويمزج البلسم مع الزيت تالياً المعنيث الذي بدؤه (أرسل اللهم)، ثم يحمل الإناء على صدره تحت بدلته ويرفعون القبة فوق رأسه ويحمل اثنا عشر أفدياقوناً شموعاً واثنا عشر شماساً مراوح واثنا عشر كاهناً مباخر مع الصليب والإنجيل، هنا وبحسب العادة القديمة، كان الأرخدياقون ينادي «لينصرف الذين سرحوا» وبعد ذلك يهتف البطريرك هاليلويا، ويجيبونه المجد لله في العلى...، ثم يقولون: القوقاليون الموسوم (كالختن الذي يخرج من الخدر)، ويخرجون من الباب الشمالي ويطوفون في كل الهيكل منشدين معنيث تقديس الميرون، وفي كل جهة يصلون إليها، يهتف الأرخدياقون (صوفيا) ثلاثاً، وتهتز المراوح وعندما يبلغون باب المذبح يضعون الإناء على الطبليث على مائدة الحياة ويغطونها بالمنديل، وهكذا تنتهي الخدمة الأولى التي تشير إلى العهد القديم.

الخدمة الثانية: يقف الشمامسة حول المذبح حاملين المراوح والكهنة حاملين المباخر في كلا الجانبين، والشموع أمام المذبح ويبدأ البطريرك بتلاوة صلاة الابتداء، وينشدون بعض الترانيم ويقرأ الحوساي ويتلى قانون الإيمان، وقراءات من العهد الجديد وينشد الأرخدياقون (الليطونية)، ويبدأ البطريرك على مثال خدمة القداس تماماً قائلاً: (المجد للآب..) ثم يتلو صلاة سرية ويرتل جهراً قائلاً: (لأنك طيب..) ثم يتلو صلاة المنديل سراً ويقول جهراً: (أهلنا أيها الرب...) ويعقبه الشماس قائلاً: (لنقف حسناً) ويزيح البطريرك المنديل ثم يرسم الصلبان قائلاً: (محبة الله الآب...) ويتابع ما بين الصلوات السرية والجهرية إلى نهاية الخدمة حيث يحمل الإناء مكشوفاً ويخرج مع الإكليروس وهم يتلون معنيثاً ويرتقون المنبر ويزيحون الميرون نحو الجهات الأربع، ترافقهم المراوح والمباخر والشموع، وبعد ذلك يلقي البطريرك الموعظة المناسبة، شارحاً سر الميرون المقدس، ويبارك الشعب وينزلون من المذبح وهم يرنمون معنيثاً ويضعون الميرون على المذبح وينشد الشماس الليطونية، وينتهي طقس تقديس الميرون.

شرح بعض مراحل تقديس الميرون:
1ـ تغطية الميرون تشير إلى المؤمنين الذين يخفون فضائلهم ولا يكشفونها ابتعاداً عن المجد الباطل، ويتطلعون إلى مثالهم الأسمى الذي هو السيد المسيح.
2ـ الثياب البيض التي يرتديها البطريرك تشير إلى نقائه وطهره، واستنارة ذهنه بالمعارف الروحية الإلهية، وسيرته المسيحية الكاملة، باعتبار أنه ممثل السيد المسيح الذي هو نور العالم.
3ـ 12 مروحة، تشير إلى اثني عشر أجنحة لزوجي السرافيم. و12 مجمرة والتي لها رائحة واحدة تشير إلى أنه واحد ويلذ لكثيرين ويسير مع الكثيرين بحسب كثرة أجزائهم. والشموع 12 تشير إلى التعليم الصحيح الذي أنار العالم.
4ـ انحجاب الميرون: يشير إلى لاهوت الابن الذي تنازل وصار إنساناً وكما كان الكلمة محجوباً في حضن أبيه هكذا أيضاً يحجب ويغطى الميرون عندما يطوف به البطريرك في الهيكل، أما الغاية من انحجاب البطريرك فهي إظهار غاية المسيح الخلاصيّة ولئن ظهر علناً وصار إنساناً، وأما العودة إلى الهيكل ثانية فتشير إلى عودة المسيح إلى السماء من حيث أتى.
5ـ تطواف الميرون على يد البطريرك ببطء وعودته إلى المذبح ووضع الإناء عليه، إشارة إلى نشر المسيح وتلاميذه معه البشارة الإلهية، ببطء أولاً حتى بلغ الصليب فعلّق عليه.
6ـ اعتلاء البطريرك المنبر يشير إلى صعود السيد إلى جبل الزيتون.
7ـ يزيح الميرون نحو الجهات الأربع، لأن المسيح أمر تلاميذه بحمل بشارته إلى جهات العالم الأربع.
8ـ يمنح الميرون بأمر وبسماح من البطريرك لأنه يمثل المسيح ولا يجوز خلاف ذلك أبداً، كما لا يجوز أن يمنح للهراطقة كما تمنح لهم البركات، لان مفاعيله تستقر في أنفس المؤمنين فقط.
9ـ البطريرك يقدِّس الميرون، والميرون يقدِّس المعمودية والطبليثات والهياكل، هكذا المسيح أيضاً الذي يشار إليه بالميرون يقدِّس ويقدَّس، فهو يقدِّس الكل لأنه إله، ويقدَّس لأنه صار إنساناً.


المراجع:
ـ كتاب «الأسرار السبعة»، للمطران مار سويريوس زكا عيواص (قداسة سيدنا البطريرك)، والربان اسحق ساكا (نيافة المطران اسحق).
ـ كتاب «بحوث لاهوتية» الجزء الثالث، لقداسة مار إغناطيوس زكا الأول عيواص.
ـ كتاب «التقديسات»، أعدّه وطبعه قداسة مار إغناطيوس زكا الأول عيواص.
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”مواضيع دينية وروحية“