


للصليب المقدس حكاية خاصة في المسيحية، لقد أصبح رمزاً من رموز الفداء، ولهذا تحدث عنه الآباء وجعلوه مرة درباً من دروب المحبة، ومرة أخرى الطريق الذي يؤدي إلى التضحية ونكران الذات.
والسيد المسيح بوضوح أشار إلى أن الذي لا يحمل الصليب ويتبعه لا يستحقه، أي لا يكون له نصيب معه، ومَن من المسيحيين لا يريد أن يكون برفقة يسوع المسيح، وكل ما نفعله في الحياة كمسيحيين هو أن نربح المسيح لتكون حياتنا قريبة منه أي نعيش في ديار الصالحين.
هذه هي المعاني الكبيرة لعيد الصليب، الذي يحتفل به المسيحيون في الرابع عشر من أيلول من كل سنة، أن نتذكر كيف أن المخلص ذاته ارتفع على عود الصليب، لكي يرفعنا معه بقطرات دمه التي سالت من أجلنا في ذلك اليوم فحصل الخلاص لجميعنا.
في الطقس السرياني يتغنى الآباء بالمعاني الروحية للصليب، وفي جمعة الآلام لا ننسى الترتيلة التي نرددها مع بعضنا : نسجد للصليب، ونقول : نسجد للصليب الذي أصبح سبب خلاص لأنفسنا ومع اللص نقول : أيها المسيح اذكرنا يا رب متى أتيت.
ترتيلة : لنبارك ونقدس
لنبارك ونقـــدس مع ملائكِ الرحمن
ليسوعَ فادي الأكوان حيثُ قد خلَّصنـا
بصلبهِ من الطغيان
شكراً وحمداً لكَ يا ابن الله كلَّ آن
فروميون : التسبيح لمن جعل صليبه علامة خلاص للذين يؤمنون، التقديس للذين بصليبه أبطل اللعنة عن الذين في طريق الاستقامة يسلكون، التعظيم للحي الذي أنقذنا من موت الخطيئة بموته، ومهّد لنا طريق ملكوت السماء بذبيحته، الصالح الذي به يليق الحمد والوقار، مع أبيه، وروحه القدوس، في هذا الوقت...
سدرو : الحمد لرب المجد الذي تمَّجد على الصليب من أجلنا، وبدم ذبيحته قدَّسنا، ذلك الذي بفرح عظيم نُكرِّم كلمة صليبه التي هي جهالة عند الكافرين، وقوة الله وحكمته عندنا نحن المؤمنين، وبأصوات الحمد والتبجيل نهتف في يوم اكتشاف الصليب قائلين : أنت هو الشجرة التي منها يجني المؤمنون ثمرة الحياة الدائمة، لأنك رضيت باللعنة وعُلِّقت على الصليب كفارة عن خطايانا، فصار صليبك الحي تلك الشجرة المغروسة في وسط الجنة، يوزع الثمار للسائلين. الصليب هو قضيب العز والملك الذي أرسله الرب من أورشليم السماوية ليضرب به عدو البشرية. الصليب هو السر المكتوم منذ الأجيال والحقب الذي كشفه ابن الله وارتقاه حباً بالبشرية البائسة فعرفته ملائكة السماء ونادت به أمم الأرض وشعوبها، واتخذه الرسل السُذَّج شبكة روحية اصطادوا بها حكماء العالم، بالصليب تكمل أسرار البيعة المقدسة، وبه يقهر المؤمنون دسائس الثلاّب الخسيسة. بالصليب تتمثل صورة الابن الحبيب وإرادة الآب الفريد، ومسرة الروح المجيد. الصليب هو زينة المؤمنين وفخرهم والمشعل الذي ينير الدرب أمامهم، ويطرد قتام الضلالة الكريه. الصليب هو السلم الذي يُرفع إلى السماء ودعامة المؤمنين راسخة.
والآن نتضرع إليك أيها المسيح إلهنا، يا من منحتنا بصليبك نعماً فوق حد الوصف، طالبين أن تزيدنا من مواهبك، وتحفظنا بصليبك، وتعفف الرجال والنساء، وتسند الشيوخ والضعفاء، وتفتقد اليتامى والأرامل والفقراء، ربّنا وانشر بجاه صليبك السلام بين شعوب العالم، وعزِّ الحزانى وأكشف الكرب عن المتضايقين، وأغسل آثامنا، وبرر أعمالنا، وامنحنا سنين الخير والبركات لنفتخر بصليبك مدى الحياة، وعند ظهور علامته في آخر الأزمان، أهلّنا وأمواتنا لنكون من ذوي اليمين، ونرفع لك حمداً وشكراً ولأبيك ولروحك القدوس الآن وكل أوان وإلى أبد الآبدين آمين.
القراءة من إنجيل لوقا 21 : 5 ـ 28:
وَإِذْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ عَنِ الْهَيْكَلِ إِنَّهُ مُزَيَّنٌ بِحِجَارَةٍ حَسَنَةٍ وَتُحَفٍ قَالَ. هَذِهِ الَّتِي تَرَوْنَهَا سَتَأْتِي أَيَّامٌ لاَ يُتْرَكُ فِيهَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ. فَسَأَلُوهُ يَا مُعَلِّمُ مَتَى يَكُونُ هَذَا ومَا هِيَ الْعَلاَمَةُ عِنْدَمَا يَصِيرُ هَذَا. فَقَالَ ﭐنْظُرُوا ! لاَ تَضِلُّوا. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ إِنِّي أَنَا هُوَ وَالزَّمَانُ قَدْ قَرُبَ. فَلاَ تَذْهَبُوا وَرَاءَهُمْ. فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَقَلاَقِلٍ فَلاَ تَجْزَعُوا لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَوَّلاً وَلَكِنْ لاَ يَكُونُ الْمُنْتَهَى سَرِيعاً. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ. وَتَكُونُ زَلاَزِلُ عَظِيمَةٌ فِي أَمَاكِنَ وَمَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ. وَتَكُونُ مَخَاوِفُ وَعَلاَمَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَبْلَ هَذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي. فَيَؤُولُ ذَلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً. فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنْ لاَ تَهْتَمُّوا مِنْ قَبْلُ لِكَيْ تَحْتَجُّوا. لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَماً وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا. وَسَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ الْوَالِدِينَ وَالإِخْوَةِ وَالأَقْرِبَاءِ وَالأَصْدِقَاءِ وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ. وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلَكِنَّ شَعْرَةً مِنْ رُؤُوسِكُمْ لاَ تَهْلِكُ. بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ. وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ فَحِينَئِذٍ اعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ خَرَابُهَا. حِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ وَالَّذِينَ فِي وَسَطِهَا فَلْيَفِرُّوا خَارِجاً وَالَّذِينَ فِي الْكُوَرِ فَلاَ يَدْخُلُوهَا. لأَنَّ هَذِهِ أَيَّامُ انْتِقَامٍ لِيَتِمَّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ. وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لأَنَّهُ يَكُونُ ضِيقٌ عَظِيمٌ عَلَى الأَرْضِ وَسُخْطٌ عَلَى هَذَا الشَّعْبِ. وَيَقَعُونَ بِالسَّيْفِ وَيُسْبَوْنَ إِلَى جَمِيعِ الأُمَمِ وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ. وَتَكُونُ عَلاَمَاتٌ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَعَلَى الأَرْضِ كَرْبُ أُمَمٍ بِحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَالأَمْوَاجُ تَضِجُّ. وَﭐلنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفٍ وَانْتِظَارِ مَا يَأْتِي عَلَى الْمَسْكُونَةِ لأَنَّ قُوَّاتِ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. وَمَتَى ابْتَدَأَتْ هَذِهِ تَكُونُ فَانْتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ.
نتقدم باحلى واطيب التمنيات لقداسة سيدنا البطريرك هو الخليفة الشرعي لمار بطرس الرسول على الكرسي الأنطاكي الرسولي وهو البطريرك الثاني والعشرين بعد المائة تم تنصيبه في كاتدرائية مار جرجس البطريركية بدمشق يوم 14 أيلول 1980 في احتفال روحي مهيب، ونحن اليوم نحتفل بالذكرى الثلاثين وبدء السنة الحادية والثلاثين لجلوسه الميمون داعين لقداسته بالصحة التامة والعمر المديد ليحفظ الوديعة التي استلمها من الرب يسوع المسيح.
وبهذه المناسة الغالية على قلوبنا جميعاً نهنئ كل من يحمل اسم الصليب المقدس صليبا صلو صلبونك بالعمر المديد
عيدو بريخو وعمرو ياريخو