

ففي مثل هذا اليوم تذكر الكنيسة ارتفاع الصليب لهذا ينصّب الصليب إلى الطرف الأيسر من الخورس اي المذبح ، ويقام تشمشت خاص بالصليب.
ولكن ذكرى أبجر أوكومو الملك السرياني الرهاوي، يعطي لوناً آخر لهذا اليوم، تمتد في عمقها التاريخي إلى مدينة الرها العريقة، التي عرفت المسيحية في القرن الأول الميلادي، كما أصبحت عاصمة للآداب السريانية، وضمّت مدرستها الشهيرة عدداً كبيراً من الآباء والشعراء والأدباء والملافنة والقديسين والشهداء يتقدمهم مار أفرام السرياني.
ترتيلة : يا بحر جود
يا بحر جودٍ قد تفرد بالنـدى يا من بجودته لنا نال الفــدا
عنا بجاه صليبك أقص الردى وأمطر علينا رحمة طول المدى
بصليبك الحي الخلاص تمهدا وبه السلام مع السعود تأيــدا
وبطبعنا الحسنُ القديم تجددا وغدا العدو مُنكساً مبــــددا
فروميون: السبح للمخلص الذي صام بإرادته، وقَبِل التجارب من خلاص جبلته، وبصومه اعتقنا من لعنة المعصية، وأعطانا الغلبة على الثلابَ، ومهّد طريق السماء أمامنا، وسلّمنا صليبه المحيي سلاحاً ماضياً لخلاصنا، وسلماً نرتقي به إلى السماء، ومن أجل هذا نسجد له ونحمده شاكرين، ونقدم له العبادة اللائقة ولأبيه، ولروحه القدوس في هذا الوقت.
سدرو: اللهم يا من بنعمته الأزلية خَلقتَ من العدم كل الكائنات، وزيّنت الإنسان بأرفع المزايا وأجمل الصفات، فجعلته بعقل ونطق، وسلّمت له الشريعة الأولى، وإذ نقضها وخضع للموت بإرادته، أبت رحمتك أن يهلك إلى الأبد فأرسلت ابنك الوحيد لإنقاذه، وهيأ لمجيئه الأنبياء الذين بعثتهم الواحد تلو الآخر، فأعطيت موسى سلطان صنع المعجزات، فرسم صورة الصليب المقدس الفائق إدراكه، عندما تفاقم خطب لسع الحيات للشعب بسبب خطاياه، حيث أمرت أن يصنع من النحاس حية، لكيما ينظر إليها الملدوغ فينال الشفاء، ثم رسم أيضاً صورة الكنيسة المقدسة عندما نصِّب بأمرك الإلهي المسكن في وسط المحلة. وهكذا أقمت لك وسطاء في كل الأجيال ليكونوا كارزين، الوسيط الأكبر ابنك يسوع المسيح الذي تجسد من البتول الطاهرة وتوسط بينك وبين البشر.

القراءة من إنجيل يوحنا 3 : 13 ـ 21
وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ. وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ. لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ. اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ. وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلَّا تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللَّهِ مَعْمُولَةٌ.
* الشرح
بعد الدعاء من الرب يسوع المسيح له المجد الذي هو معلمنا ومرشدنا ومعزينا نقول:
عندما تاه بنو إسرائيل في البرية أرسل الله عليهم ضربة من حيات لمعاقبة الشعب على عصيانهم له وتمردهم عليه. ومن أشرف على الموت بسبب لدغة الحية كان يمكنه أن يشفى بإطاعة وصية الله برفع نظره إلى الحية النحاسية المرفوعة، مؤمنا أن الله سيشفيه إن هو فعل ذلك. وبنفس الطريقة نتطلع إلى الرب يسوع من أجل خلاصنا. فإنك ستخلص من لدغة الخطية القاتلة برفع نظرك إلى يسوع مؤمنا أنه يخلصك.
يحبط الكثيرون عند التفكير في الحياة إلى الأبد وذلك بسبب بؤس حياتهم. إلا أن الحياة الأبدية ليست امتداداً لحياة الإنسان البائسة الفانية. فالحياة الأبدية هي حياة الله (أف 4: 18) المتجسدة في المسيح. (يو 14: 6) والمعطاة الآن لكل المؤمنين كضمان لكونهم سيعيشون إلى الأبد. وليس في تلك الحياة موت ولا مرض ولا أعداء ولا شر ولا خطية. عندما لا يعرف الناس المسيح فإن اختياراتهم تتم كما لو أن هذه الحياة هي كل ما لديهم، ولكن هذه الحياة، في الحقيقة، ليست سوى مقدمة للأبدية. فابدأ، إذاً، في تقييم كل ما يحدث، من منظور الأبدية.
يتركز الإنجيل كله في هذه الآية، فالحب الحقيقي ليس ساكناً ولا ذاتي التمركز لكنه يسعى إلى الآخرين ويصل إليهم ويجذبهم. إن الله يقدم هنا نموذج الحب الحقيقي أساس كل علاقات المحبة. فإن كنت تحب إنساناً بشدة تجد نفسك مستعداً أن تدفع ثمن محبته هو أيضاً لك. وقد دفع الله الثمن حياة ابنه، أغلى ثمن يمكن دفعه. وقد قبل الرب يسوع عنا عقابنا ودفع ثمن خطايانا، وبعد ذلك قدم لنا الحياة الجديدة التي اشتراها من أجلنا. وعندما نقدم الإنجيل للآخرين ونشركهم فيه لابد أن تكون محبتنا كمحبته، مستعدين للتضحية براحتنا وأمننا حتى ينضم الآخرون إلينا في تلقي محبة الله.
حينما يحاول الإنسان أن يخلص نفسه من مخاوفه، فقد يضع ثقته في ذاته أو في أعماله الصالحة أو في ماله أو في ممتلكاته. إلا أن الله هو وحده من يقدر أن يخلصنا من الشيء الوحيد الذي لابد أن نخافه حقيقة، وهو الدينونة الأبدية. إننا نضع ثقتنا في الله حينما نعترف بنقص وعجز مجهوداتنا عن أن تخلصنا، وحينما نطلب منه أن يعمل عمله فينا. وعندما يتحدث الرب يسوع عن "الذي لا يؤمن به" أو "من لا يثق فيه"، فإنه إنما يشير إلى من يرفضونه أو يتجاهلونه تماماً، وليس إلى من لديهم بعض الشكوك اللحظية.
لا يريد الكثيرون أن تتعرض حياتهم لنور الله لأنهم يخافون مما سيكشفه ويعلنه. فهم لا يريدون أن يتغيروا. فلا تتعجب أو تندهش عندما تجد أن نفس أولئك الناس تهددهم رغبتك في طاعة الله، وعمل ما هو صواب، لأنهم يخشون أن يكشف النور الذي فيك بعض الظلمة التي في حياتهم. فلا تحبط إذا، بل واصل الصلاة من أجل أن يروا أن الحياة في النور أفضل منها في الظلمة.
نتقدم بالتهاني القلبية لكل من يحمل اسم صليبنا المقدس بالعمر الطويل والصحة والعافية
وللمسيح المجد من الأزل وإلى أبد الآبدين آمين
صيامــــــــاً مباركـــــــاً
21/3/2012