15 سنة على الرحيل .عندما يبعدون عنّا ، يصبحونَ جزءً من ذكرى مُتغيّرة الملامح، كظلالٍ وفراشاتٍ باهتة الألوان، يروحونَ ويجيئونَ أمامنا، نحاول أن نلمسهم، لكن يدنا لاتقبض إلا الهواء. ؟
كأنني رأيتكِ أمي
مررتِ أمام بيتِنا
ودخلتِ الحوش
لا أعلمُ ماذا كنتِ تفعلين
كنتِ تنثرينَ شيئاً ما
يخرجُ من بين أصابعكِ
حاولتِ تقليب التراب
وأقتربتِ قليلاً من الباب
رفعتِ يدكِ لتطرقين
لكنكِ لم تفعلي
وكأنكِ يا أمي تخجلي
هي عادتكِ أعرفُ
دائماً هكذا تُفكّرين
لا تحبّي أن تزعجي أحداً
لكنكِ يا أمي لاتزعجين
وأنا بحاجةٍ أن أراكِ
وبحاجةٍ كبيرة لتشبعَ العين
رأيتُكِ أمي بعيني
وجلستِ في الحوشِ لترتاحين
ثم مضيتِ يا أمي
حاولتُ أن أنهض
لم أستطع يا أمي أقسمُ
صرختُ..صرختُ من أعماقي
وقلتُ : وأنا مشتاقٌ للتلاقي
15 سنة مرّت وأنتِ بعيدة
وفي كلّ مرّةٍ تأتينَ حوشنا
تحتجزني ملائكة النعاس
فأصرخُ بأعلى صوتيَّ المخنوق:
أغيثوني أرجوكم يا ناس
أمدُّ يدي إليكِ
لكني أشعرُ بثقلِ العالم
لكنها لا تصل
حاولتُ ، وسأحاول وسأحاول
ولن أقطعَ الأمل.
منذُ أيام جاءكِ فهمي
نعم نعم، زوج أختي جميلة
عشتِ عندهم ثلاث سنين
كان يرعاكِ ويسقيكِ دمع العين
هل وصلَ يا أمي؟
هل رأيتهِ وتكلّمتِ معهُ ؟
هل أحتفلتم بهِ كما يقولون؟
نعم يا أمي من حقكِ أن تسألي:
لقد أهتمينا بهِ كثيراً
وحَمّلنَاهُ مئات الرسائل
كنا نجلسُ إليهِ كلّ يوم
نتحدّثُ عن ذكرياتهِ معكِ
وإذا ألتقيتهِ ..سيطول الكلام؟
قولي لهُ : إننا أحببناه
وبلّغيهِ السلام.
* للذكرى فقط
**من لهُ أم فليتمسّك بها
حفظ الرب كلّ الأمهات.