صفحة 1 من 1

22 - تذكار مار شمعون القرتميني - ܕܽܘܟ̥ܪܳܢܳܐ ܕܡܳܪܝ ܫܶܡܥܽܘܢ ܩܰܪܬܡܺܝܢܳܝܳܐ

مرسل: الجمعة يوليو 25, 2025 7:08 pm
بواسطة أبو يونان
تذكار مار شمعون القرتميني
ܕܽܘܟ̥ܪܳܢܳܐ ܕܡܳܪܝ ܫܶܡܥܽܘܢ ܩܰܪܬܡܺܝܢܳܝܳܐ

ܩܪ̈ܝܢܐ ܩܕ̈ܝܫܐ / القراءات المقدسة

ܐܫܥܝܐ اشعياء 28: 1-8

ܥܒܪ̈ܝܐ عبرانيين 11: 32-40

ܐܘܢܓܠܝܘܢ ܕܪܡܫܐ إنجيل المساء
ܝܘܚܢܢ يوحنا 15: 12-27

ܐܘܢܓܠܝܘܢ ܕܨܦܪܐ إنجيل الصّباح
ܡܬܝ متى 10: 34-42

ܐܘܢܓܠܝܘܢ ܕܩܘܪܒܐ ܐܠܗܝܐ إنجيل القدّاس الإلهيّ
ܡܪܩܘܣ مرقس 10: 28-31




الحساي
ܦܪܘܡܝܘܢ المقدمة
--------
ܣܕܪܐ المتن
-------


ܙܡܺܝܪܳܬ̥ܳܐ ܕܒܳܬ̥ܰܪ ܕܐܶܘܰܢܓܶܠܺܝܽܘܢ.
ترتيلة بعد قراءة الإنجيل
ܒܩ̄.

--------------

ترتيلة القاثوليق -ܙܡܺܝܪܳܬ̥ܳܐ ܕܠܽܘܛܰܢܝܰܐ
ܒܩ̄.

----------

ترتيلة الختام - ܙܡܺܝܪܳܬ̥ܳܐ ܕܚܽܘܬ̥ܳܡܳܐ
ܒܩ̄.

-----------

Re: 22 - تذكار مار شمعون القرتميني - ܕܽܘܟ̥ܪܳܢܳܐ ܕܡܳܪܝ ܫܶܡܥܽܘܢ ܩܰܪܬܡܺܝܢܳܝܳܐ

مرسل: الجمعة يوليو 25, 2025 7:08 pm
بواسطة أبو يونان
مار شمعون القرطميني (القرتميني)

♱ نشأته ورهبنته :

ولد وترعرع مار شمعون في قرية تدعى (قرطمين) أي (مقصورة الماء) في (طور عبدين- تركيا)، من أب اسمه (صليبا) حيث كان زعيماً في قرية قرطمين. في أحد الأيام أُصيب شمعون بمرضٍ عُضال ولم يكن قد بلغ من العمر (أربع سنين وسبعة أشهر) فقط. ومع أن الزعيم كان له ثلاثة بنين آخرين إلا أنّ هذا كان أعزّهم إلى قلبهِ. ولما اشتدَّ عليه المرض توجه والدهُ إلى مار شموئيل وتضرع إليه ببكاءٍ شديد لكي يصلي من أجله واعداً أن يبذل مالاً كثيراً لبنيان الدير ويقدم صدقات للمحتاجين وثياباً للعراة. بل نذر أن يجعل الصبي إن شُفي تلميذاً له كل أيام حياتهِ. وفعلاً وبطريقة معجزيه شُفيَ الصبي (شمعون) على يد (مار شموئيل) الناسك، بالفعل لم يكسر الوالد عهدهِ، فلما نشأ الصبي شمعون ذهب بهِ أبواه إلى مار شموئيل لِيتتلمذ على يديه، فقصَّ شعر رأسه وألبسه زي الرهبانية وعلّمه المزامير وقراءة الكتب المقدسة. وكان يوماً بعد يوم يزداد استنارةً في العلوم الإلهية ويتقوى في محاربة العدو، كان بطلاً قوّاماً صوّاماً لا يمل الصلاة أبداً, كان أيضاً متمرساً في ممارسة الفضيلة، كان صاحياً في عقله حريصاً ألّا يتراخى في عمله، فكما يهرب الطائر من الفخ كذلك كان هو يهرب من مخالطة الناس ومن معاشرتهم، ومن يستطيع أن يصف صومه وصلاته وسلوكه وخدمته، وبكاءه وحزنه، والدموع التي كانت تذرفها مُقلتاه أثناء الصلاة، وركوعه الدائم، وتحمُّله الفائق وصفه، وصبره وغيرته للتقوى فضيلته، جودته، سائر مجاهداتهِ في سبيل الحقّ، و الشفاء الكثير الذي صار بواسطته. وفي كل ذلك لم تخامره روح الشكوك، ولم يخطر له مدح البشَّر أو ذمّهم له، ولم يرفع صوته في ضحك منهتك، بل كان يفرح مبتسماً، ولم يتردد على لِسانهِ الحِرم لأحد، ولا القَسَم بأيَّة صورةٍ كانت. بل كان يقول: "صدقني فأن الأمر هو كذا وكذا"، ولم يشكك أحداً من الأخوة بنوع من الأنواع. وحينما كان يسمع بنقص أو تقصير ما صدر عن أحد الإخوة، كان يذهب إليه ويشجعه قائلاً: (قم يا بني لنتضرع إلى الله من أجل الأمر الفلاني الذي فعلته أنا أيضا.) وهكذا لم يدع أحد يشعر بهِ. ومن خصاله الحميدة أيضاً أنهُ كان يطوف على جميع الأخوة ويفتقدهم واحداً فواحد دون أن يترك في الحظيرة باباً مفتوحاً ليدخل منه الذئب الشرير ويمزق خراف المسيح حيث كان يجاهد عنهم وكان يقدِّم لهم الأحكام والعهود والتحذيرات إلى جانب الشرائع والوصايا والفروض بصلوات دون انقطاع من أجل حفظهم في درجات الكمال.
بعد وفاة الشيخ مار شموئيل سنة(409)م, لم يرقد مار شمعون القرطميني على الأرض في وضعية الجلوس، بل حينما كان يرغب في الاستراحة كان يستريح على ركبتيه. وبهذا المقدار كان يحب السهر والاستيقاظ حتى أنه لما كان يتغلب عليه النعاس كان يتعلق بحبل ليهرب منه النوم، وعلى هذه الحال كان يلهجُ بمجد الرب وتسابيحه. لذا جعل فيه ربنا قوته الفائقة التي صنعت بواسطته الآيات والعجائب الباهرات فشفى المرضى والمخلَّعين، والشُلَّ والمجانين, مع كل المرضى الذين كانوا يقصدونه.

♱قصة السارق: كان هناك شخصٌ سرق وأخفى ما سرقه, ولما حل الصباح شكَّ فيه أصحاب الأمر ومضوا إليه، أما هو فصار يحلف كثيراً بأنه لا عِلمَ لهُ بالأمر وأنه لم يسرق البتّة. سألوه أن يقسم لهم بجهاد مار شمعون بأنه لم يأخذ شيئاً, لكن حالما فتح فمه للقسم ارتدَّ وجهه إلى الوراء بحضور الجميع الذين وقع عليهم خوف عظيم ومجدوا الله. بعد ذلك أعاد اللص المسروقات إلى أصحابِها, وذهب به أهلهُ إلى الطوباوي مار شمعون الذي صلى الليل كلهُ من أجلِهِ. ولما انتهى من الصلاة استقام وجهُ السارق، فحذَّرهُ القديس من أنّ يعود ويفعل شيئاً كهذا أو يستعمل القسم الكاذب لئلا يصيبه أسوأ مما أصابهُ سابقاً وتكون أواخرهُ أشرَّ من الأوائِل. بعد أن أقام السارق مدةً مع أفراد عائلتِهِ سرعان ما تركهم مُنقاداً ومُلهماً من الروح القدس وروح التوبة إلى الحياة الدَيرية فصار راهباً كاملاً وصنع الرب معجزاتٍ على يديهِ الطاهرتين. بالفعل ليس هناك شيء لا يُغتفر بالتوبة التي تحول الزناة التائبين إلى بتولين والسُرّاق التائبين لقديسين.

♱روح الحكمة والإفراز لدى مار شمعون في قصة الراهب والفتاة اللَعوب:
ذهب مرة أحد الرهبان إلى قرية قريبة جداً من الدير تقع جنوبه لأجل بيع ما ينتجه رهبان الدير، فدخل إلى بيت الذي كان يريد أن يبيعه فكان لهُ ابنةٌ وحيدةٌ جميلةُ المنظر في الخامسة عشرة من عمرها، أما الأخ الراهب كان في الثانية والثلاثين من عمره فأعدوا له عشاءً وأرادوا أن يبيت عندهم، غير أنّه كان يمتنع عن قبول طلبهم. ولكنه أخيراً وبعد إلحاح كبير من العائلة أقسموا عليه بجهاد مار شمعون لينام عندهم هذه الليلة ففعل احتراماً للقسم الذي أقسموه. وبعد أن أكلوا وشربوا وتنعموا سألهُ الرجل صاحب البيت أن يسمعهم بعض أناشيد الكنيسة، ففعل. وكان الراهب رشيق القامة, جميل الوجه حلو الكلام ورخيم الصوت، فلما سمِعتْ ابنة صاحب البيت صوتهُ سحر الشيطان قلبها بِحبِهِ، وللوقت قامت مسرعة ولبست أجمل ثيابها وأتت فجلست بجانِبِهِ، وقالت له:(إني أرغب أن أنال منك البركة، فظن الأخ أنها فعلت ذلك بإيمان، وبعد قليل قام الجميع، ولما علمت الفتاة أن أبويها قد غَرِقا في النوم جاءت إلى الراهب ونامت إلى جانبه، فقال لها الأخ: (امضي من هنا قبل أن يشعر بهذا أبواك ويُخجِلاننا) فأجابت الفتاة: (لا تخف فقد أرسلاني هما إليكَ)، فقال لها الأخ: (لي معلم هو مار شمعون وهو يعلم بالخفايا. فإن فعلتُ معك خطيئةً طردني من الدير، من جهة أخرى فإن أبواك وأبناء جنسك سيقتلونك). فأجابتهُ الفتاة: (أنت أصنع هواي فإن طردك مار شمعون يمكنك أن تتزوجني فأكون لك امرأةً). وكان للأخ حقيبة فيها إنجيل كان قد تركها في البيت الآخر، فقال لها امضي وتعالي لي بالإنجيل من الحقيبة واقسمي لي بأنك لا تكشفين هذا الأمر، فأصنع هواكِ وكل ما تريدين ولما خرجت لتأتي بالكتاب سدَّ الباب في وجهها، فتضايقت جداً لما رأت الباب مقفلاً، ومن شدة تضايقها وقوة الشهوة التي أُضرِمت فيها مضت إلى فتى كان يسكن بجوارهم كانت تحبه فوقعت معه في الخطيئة النَجسة الدَنِسة ثم جاءت إلى أبويها وقالت لهما أنهضا وانظرا ما فعل بي هذا الراهب فإنه فض ختم عذريتي، وإني لم اصرخ إذ لم أشعر بهذا، ها هو في البيت الداخلي، وكنتُ قد وصدت الباب في وجهِهِ لئلا يهرب). حينئذٍ نهضا كلاهما ومعهما مصباح يضيء فوجدا الأخ طاهراً كالملاك وخجلاً أنّ يلوماه بعنف ولكن احتراماً للباسه الكهنوتي الشريف، كلَّماه بهدوء ليأخذ امرأتهُ ويذهبا كلاهما إلى حيث يريدان، فخرجا في الليلة نفسها سَحَراً وهما يبكيان مع والدي الفتاة. عَلِمَ مار شمعون في الروح بكل الحكاية واستقبلهما ليلاً خارج باب الدير ومسح دموع الأخ بهدب ثوبِهِ وقال له: (هلم بسلام أيها الجندي الصالح الذي لم تغلبهُ الشهوة التي قهرت الجبابرة). فأجابهُ الأخ وهو يبكي: (أغفر لي أيها الأب لقد أخطأتُ إلى أمةِ المسيح).

♱حكمتهُ تُثمر توبةً وقداسة:

أما الفتاة فتأثرت من الآلام التي تحملها الأخ جُزافاً وندمت فقالت لمار شمعون: (لا تهلكني بسبب خطيتي بل اقبلني فأعترف لك بخطيتي وأتوب أمام قداستك) فأخذها القديس إلى غرفةٍ أقامت فيها حتى ولدت ابناً، ثم أخذت الطفل إلى مزرعة ليتربى فيها، وأعطت عنه نفقات بقدر ما طلبوا، أما هي فبعدما ولدت حفرت لها في الأرض مغارةً سكنتها ولم ترى وجه إنسانٍ ما عدا مار شمعون وأقتصر أكلُها على بقول البرية، ومن كوّةٍ صغيرةٍ كانت تأخذ طعامها وتتناول جسد المسيح ودمه من وقت لآخر.
أما أمها فحدث أن فقدت بصرها من حزنها وكآبتها وكثرة بكائها عليها، وأما أبوها فقد صار مخلَّعاً. في أحد الأيام سأل والداها الغلام الذي اعتدى على ابنتهما أن يأخذهما إلى مار شمعون كي يبرئهم من مرضهم، وكان للغلام أعداء، وإذ علموا بِهِ خرجوا في إثرهِ وقتلوه بالقرب من الدير، وحين بلغ الدير خبرهُ، خرج بعض الأخوة وأتوا بهِ وبالعجوز العمياء والرجل المخلَّع إلى الدير، وطلبوا من مار شمعون أنّ يُجنِّز ذاك الشاب ويشفي هذين المريضين. لكن أراد الله أن يكشف الكنز المخفي لدى هذا القديس, فسألهم مار شمعون أن يأتوا بتلك الناسكة لتخرج من المغارة بزي راهب وتصلي من أجل شفاء أبويها، ولتواضعها لم تعص أمرهُ، بل خرجت وتضرعت إلى الله بخشوع وقالت: (أيها الرب الطبيب الصالح اشفِهما) ثم صلت على المقتول فانبعثت روحه مرة ثانية فأقرَّ بخطيئته الشنعاء قائلاً: (كان لهذين اللذين شُفيا ابنةٌ عذراءٌ أفقدتُها عذريتها، وألقى أبويها اللوم على راهبٍ كان قد نام في بيتها. ولم أعد أرى الفتاة قط). ثم سأل والدي الفتاة مستغربين فيما يتحدث ذلك الرجل، فأجابا: (إنّ لا علمَ لنا بالأمر). ثم قصَّا أمام ذلك الأخ عن كلِّ ما حصل. فقال لهما الطوباوي مار شمعون: (أتعرفان هذا القديس الذي شفاكما؟) فأجاباهُ: (لا). فقال لهما: (هي ابنتكما). ثم تمَّ التأكد من ذلك بواسطة علامة كانت بجانبها الأيمن. ثم أتى ذلك الأخ وأقسم بأنهُ لم يرَ وجه ابنتهما من الليلة التي باتَ في بيتهما حتى الساعة. وأيضاً كل الأخوة لم يشعروا بهذه الأمور حتى الآن ومن بعد ثلاثة أيام انتقلت الطوباوية فصلوا عليها ثلاث أيام بلياليها. فسمع أهالي قريتها فجاءَ مِنهم نحو (ألفي رجل وامرأة) وطلبوا من القديس مار شمعون أن يعطيهم جسد الطوباوية، ولما أذِن لهم في ذلك حملوها إلى قريتِهم بكل تقدير وكرامة. أما الرجل المقتول الذي عاش تتلمذ وصار راهباً فاضلاً.

♱الله يسمع صلاة القديس ويوقف الوباء:

وقع مرة وباء في القريةِ المجاورةِ للدير حتى أنّ العمال الذين يعملون في المقبرة لم يكونوا قادرين على دفن الجثث من كثرة الموتى. فأتت إليه جموع كثيرة وطلبوا منه بأن يذهب معهم بالفعل قام القديس وأخذ معهُ عشرة رهبان وهم (فيروس وإبراهيم ويوحنا واسطفانوس ومارون وأباي، وزوطو ودانيال وجورجي وعامي). لم يكفوا عن الترتيل والتمجيد طوال الطريق ثم طافوا كل القرى وصلوا فسمع الله صلاتهم ومنع الوباء عنهم، ومنذ اليوم الذي خرج فيه القديس والرهبان إليهِم لم يمت بهذا الوباء أحدٌ وقد بدأ الوباء في (الرابع عشر من أيلول) ودام حتى (العشرين من شهر تشرين الأول) وبلغ عدد الذين ماتوا (خمسة آلاف نفس) كباراً وصغاراً، ثم عاد القديس والأخوة إلى الدير حامدين وشاكرين الله المُتحنِن والمُشفِق على عبيده.

♱نهاية حياته:

إن ما كتبناه هنا عن مار شمعون قليل كمثال القطرة من هيجان البحر، لأنّه من يقدر أنّ يعلن بالتمام سيرة الصديقين الذين يعملون في الخفاء عند سيدهم، أو أن يرسم كل العجائب التي تمت بواسطتهم وهي التي تفوق العقل والمنطق. فلنتتبع بانتباه إذاً إلى ختام الكلام حيث نقول: "بعد ما دبَّر مار شمعون الرهبانية كل تلك المدة بخوف الله وقداسة أراد الرب أنّ يضمهُ إلى الآباء القديسين، فزارهُ بمرض وضَعُفَ ولما شعر القديس بوصول سفينته إلى الميناء المنشود، استدعى إليه قبل انتقاله بثلاثة أيام جميع رهبان الدير الذين بلغ عددهم يومئِذ (708) سبعمائة وثمانية رهبان الذين أتوا وتبركوا منهُ ووقفوا أمامهُ أفواجاً وصفوفاً بنظام عجيب جداً كلٌ بحسب أقدميتهِ.

أولاً: مجلس الشيوخ الجميلي المنظر عتيقي الأيام، ثم الكهنة الأطهار ودونهم الرجال القديسون، ثم الشمامسة الأبرار والأتقياء، ودونهم الأخوة الأعفّاء الكاملين والمستقيمين والسالكين بعمل الفضيلة، فنظر إليهم مار شمعون وسُرَّت نفسه ومجد الله وفتح فاهُ وباركهم قائلاً: (هو ذا أنا منطلقٌ إلى سيدي الذي يدعوني، فالتصقوا بالرب وتمنطقوا بحبهِ لكي يكون معكم في جميع أموركم)، فلما سمع الأخوة ذلك من معلِمِهم المحبوب بكوا على انفِصالِهِ عنهم، ثم أقام (ثمانون راهباً) منهم صلوات مدة (يومين) حينما كان القديس طريحاً بمرض الحُمى، وفي اليوم الثالث ظهر لبعضهم في الحلم ملائكة يلمعون بثياب بيضاء ويضيئون كالشمس، وانقسموا إلى فرقتين وصاروا يرنمون ترنيمات عذبة، فالفرقة الأولى كانت تقول: (معسكر ملائكة الرب محتاط بخائفيه وينجيهم).

والفرقة الثانية تردد: (كريم في عيني الرب موت أبراره ويحفظهم من الساعة الرديئة). وأتى شاب متشح بلهيب نارٍ ووقف بينهم ومد أجنحته فوق القديس ولما حرَّك أجنحته امتلأ البيت رائحة ذكية تفوق رائحة المسك والعنبر، فظهر الطوباوي (مار شموئيل الناسك) وجماعة من الرهبان ببهاء عظيم، ودنا الطوباوي (شموئيل) وأعطى السلام لمار (شمعون) وجاء صوتٌ عظيمٌ من السماء يقول: (هلم يا شمعون الذي أعجبني بسيرته، أدخل إلى فرح سيدك) .تكرر هذا الصوت (ثلاث مرات), وصار في السماء رعود وبروق وزمجرت الجبال كأسود، ولما بَطُلَ صوت الرعود انتقلت روح القديس مار شمعون فأخذوها وطاروا إلى السماء وهم يرتلون ويهللون ولما استيقظوا ذهبوا إلى قلاية القديس فوجدوه متجهاً نحو المشرق حيث كان وجهه يضيء كالشمس وقد انتقل إلى ربِهِ، فوقعوا عليه وقبَّلوه وصاروا يبكون عليه البكاء المر ويندبون انفصاله عنهم.

وعندما ذاع خبر انتقالِه إلى السماء في البلاد أتت إلى الدير جمهورٌ غفيرة، وأقاموا عليه الصلوات (سبعة أيام) بلياليها. في اليوم الثامن بعدما زيَّحوا جسده الطاهر وتباركوا منه جنَّزوهُ بكرامة فائقة تليق به ووضعوه في مدفن القديسين. كانت وفاته يوم (الثلاثاء) في (التاسع عشر من كانون الثاني) سنة (433م) و تعيد له الكنيسة السريانية الأرثوذكسية يوم وفاته. وأيضاً تعيَّد في (السادس من تشرين الثاني) تذكاراً لأعجوبة جرت بعد وفاته (بستة عشرة سنة) ولإلهنا كلّ مجدٍ وكرامة إلى أبد الآبدين آمين.

--------------------------
من كتاب "سيرة القديس مار شمعون القرطميني"
إعداد طلاب دير مار افرام السرياني / معرة صيدنايا / 2012