بالإبن الضال الوارد ذكره في إنجيل ربنا يسوع المسيح ، فبعد أن خبِرَ الحياة ومشاكلها الإجتماعية وأغلاطها الجمّة ، وأراد أن يعود الى جوهر الحياة ولذّتها ؛ هجر العالم وعزم أن يصير كاهنا ويقضي ما تبقّى من حياته في خدمة النفوس ، والكنيسة والصلاة والتقوى والحياة الصالحة ؛ ويضرب مثلا في العيشة المسيحيةعلى أتم وجهها .
أجل يُحكى عنه الكثير والكثير من المواقف الشجاعة في حياته قبل أن يصبح كاهناً . ونخوته ومساعدته الغير لا تنضب قبل وبعد أن سيم كاهنا . كثيرون بل أغلب مجتمع آزخ كان ينظر إليه نظرة إحترام ومحبة وتقدير .
كان يزور باستمرار جميع العائلات والبيوت في آزخ وخصوصا من كان سقيما أو طريح الفراش أو عجوزا لا يساعده سنه وقوته في التردد على الكنيسة وصلوات الجماعة ، فكان أبونا كورية يذهب إليهم ، ويقيم الصلوات في بيوتهم وبينهم ؛ لكي لا يشعروا بالوحدة أو يكتووا بنار النسيان من قبل الطائفة . كان الصغار قبل الكبار يحبونه ويتسابقوا على التقرّب منه إذا لمحوه في أحد الأزقّة .
وباعتبار كانت جدّتي عمته أذكر أنها قصّت علي هذه الحادثة اللطيفة التي مرّت معه في إحدى زياراته ..... فقالت .
أراد قس كورية أن يقوم بزيارة إلى الخالة بيكي العجوز التي مرّ عليها فترة لا بأس بها لم تشترك بالكنيسة مع الجماعة بالصلوات .كان الوقت قريب الظهر ؛ يوم خريفي وبيوتات قريتي الخالدة آزخ كانت متراصّة فوق بعضها ، بحيث كل باب منزل يواجهه درج قاسٍ للصعود إلى ساكني الدار . وصل أبونا قس كورية إلى بيت عجوزتنا بيكي لم يكن حينها أجراس للأبواب ، ضرب أبونا بكفّ يده على باب التنك وتحمل ألمهم ليسمع ساكنة الدار أن هناك قادم .. ولما لم يسمع الرد أعاد الكرّة ثانية مع كلمته المألوفة في زياراته العائلية... وااا ...هلازخنا ... ؟؟ جاءه صوت بيرتناوهي ترفع صوتها عاليا ويكاد يُسمع .. قائلة : منوو ... منوو ... هما .. ف .. خيرك .. جيب .. هاك الجاروشة .. ال.. قدّا .. الباب ... معك .
تبسمر أبونا القس في مكانه .. وأدار السؤال عدة مرات في رأسه .. تلفّت يمينا ويسارا ولم تأخّر أعادت عجوزنا الطلب ثانية . فكّر أبونا بقول الإنجيل ؛ كبيركم خادمكم ، وكيف هو غسل أرجل تلاميذه ... وهو ألأب والكاهن والراعي .. وعينه لا تفارق تلك الجاروشة الملعونة سوداء الحجر يصعب على شابّين أن يحملاها .. ووزنها في مخيّلته وكيف سيحملها وهذا الدرج الصعب والسن لم يعد يساعد ..أخيرا عقد العزم على فعل الخير والمساعدة كما كان معروفا عنه .
إستجمع أبونا ما تبقّى لديه من عزم وقوة وقصد تلك الملعونة الجاروشة وبالكاد استطاع أن يثبّتها على أكتافه وبدأ يترنح تحت ثقلها الحجري وهو بالكاد يصعد درجة درجة ويوازن حركته وعينه على تلك المصيبة خوفه أن تفلت من سيطرته فتكون نهايته على درج بيكي
أخيرا بعد أن تلا عدة طلبات لعزرة آزخ ومار إشعيا ومور بنحوس وصل إلى الدرجة الأخيرة . وعجوزناجالسة تنتظر الوافد لتشكره ، وأبونا يتقطّر عرقا ويترنّح تحت وطأة الجاروشة .. قائلا لها .. إبتعدي قليلا لأضعها من على كتفي .
وهنا تتجلّى حلاوة الحادثة وجمالها .
فتحت عيناها وفغرت فاها وضربت على صدرها قائلة .
- ببوك ...خس ما .. أبونا وِ ...كو .. جابا ؟؟؟
هزّ أبونا رأسه علامة الإيجاب بمعنى نعم أنا هو من تحمّل هذه العملية الشاقة .. قائلا
- كقوول ... تخري .. شوية .. خاطر .. أحطّا .. عال الرض.
هزّت ددّانا رأسها رأسها علامة النفي والتأسف الشديد ، مكملة
- محروم .. ماية.. بيكي .. أبونا . لا اتطلّع على .. قسوري .. ما.. عرفتوك .
أجابها أبونا بسرعة قائلا
- وركي.. لا .. تقع ..فوق ..راسكي ...كقول تخري .
ردّت عليه
- أستغفر الله .. قي..يصيير .. كيا ......تترجعا......محل..الكانت.
أجابها.
أشطوف..ترجّعا .....ظهري كو .. انكسر تحتا .
وهنا قطعت عجوزتنا الجدال نهائيا قائلة بهذا القسَم الغليظ .
باسكييمك ....تترجعا . أي بكهنوتك .
عندها رمى أبونا القس كورية ما على كتفه من حمل لا يرفعه شابان .. ولو لم تبتعد بيكي خانم لذهبت شهيدة الجاروشة .
رماها مع ترتيب وتناغم عدة كلمات مخلوطة من الذم والشتم الآزخيني الخفيف المسموح به وعاد أدراجه بسرعة ولم يلتفت ما خلفته تلك الرمية في أرضية العلّية
غاادر أبونا بيت الخالة بيكي مع التمسك والإلتزام بأنه لن يزور تلك العجوز إلا في حال وفاتها ليقوم بما يمليه عليه .. واجبه الكهنوتي
حكّويـــــــــة الجاروشة ... بقلم حنا خوري
- فريد توما مراد
- عضو
- مشاركات: 764
- اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am
Re: حكّويـــــــــة الجاروشة ... بقلم حنا خوري
عزيزي حنا ...
يسعدني جداً عندما أقرأ أمثال هذه القصص
الجميلة ، عن يوميات أهلنا وأحبابنا في آزخ
أليسَ من الواجب علينا أن نتذكرهم أحياناً ؟
وكيف نتذكرهم إلاَّ من خلال القصص والحكايات
التي وصلتنا شفهيّاً ؟
هكذا كانت الحياة أيامها ، وهكذا عاشوا بالبساطة
والعفويّة والحب والأيمان الصادق والإحترام و...
صدّقني ياأخي حنا إن مثل هذه الطرفة اللذيذة
هي عندي أفضل بكثير من مشاهدة مسلسل تركي
بمليون حلقة ( لكن الحمدلله لستُ من عشاق المسلسلات )
مجرّد ظهور أسم أبونا القس كوريّة على الشاشة
تشعر مباشرة بنشوة العز والفخر ، وبأنكَ أمام عظمة
ذاكَ الشخص بقوّته وعنفوانه وجبروته ، لِما وصلنا
عنه من أخبار ومواقف يُرفع بها الرأس .
أشكركَ أخي عميق الشكر على هذا السرد الرائع ..
وأشكر أبونا القس كوريّة على حمل الجاروشه..
كما أشكر ددا بيكي لأنني واثق لو علمت من البداية
بأنه أبونا كوريّة ، لما تركته يحملها ..( مخّانا أشطوف كا تتخليو)
لقد أحييت بسردكَ هذه الطرفة الجميلة ، ذكرى
أبونا القس كوريّة .. ودادي بيكي.. والمذكورين فيها
ربما لدقائق ..لساعات .. لأيّام.. لأشهر ..ل.......
فكانَ خيرَ ما فعلتْ !!
حرستكَ عزرت آزخ
أخاكَ بالرب
فريد
[/size]يسعدني جداً عندما أقرأ أمثال هذه القصص
الجميلة ، عن يوميات أهلنا وأحبابنا في آزخ
أليسَ من الواجب علينا أن نتذكرهم أحياناً ؟
وكيف نتذكرهم إلاَّ من خلال القصص والحكايات
التي وصلتنا شفهيّاً ؟
هكذا كانت الحياة أيامها ، وهكذا عاشوا بالبساطة
والعفويّة والحب والأيمان الصادق والإحترام و...
صدّقني ياأخي حنا إن مثل هذه الطرفة اللذيذة
هي عندي أفضل بكثير من مشاهدة مسلسل تركي
بمليون حلقة ( لكن الحمدلله لستُ من عشاق المسلسلات )
مجرّد ظهور أسم أبونا القس كوريّة على الشاشة
تشعر مباشرة بنشوة العز والفخر ، وبأنكَ أمام عظمة
ذاكَ الشخص بقوّته وعنفوانه وجبروته ، لِما وصلنا
عنه من أخبار ومواقف يُرفع بها الرأس .
أشكركَ أخي عميق الشكر على هذا السرد الرائع ..
وأشكر أبونا القس كوريّة على حمل الجاروشه..
كما أشكر ددا بيكي لأنني واثق لو علمت من البداية
بأنه أبونا كوريّة ، لما تركته يحملها ..( مخّانا أشطوف كا تتخليو)
لقد أحييت بسردكَ هذه الطرفة الجميلة ، ذكرى
أبونا القس كوريّة .. ودادي بيكي.. والمذكورين فيها
ربما لدقائق ..لساعات .. لأيّام.. لأشهر ..ل.......
فكانَ خيرَ ما فعلتْ !!
حرستكَ عزرت آزخ
أخاكَ بالرب
فريد
Re: حكّويـــــــــة الجاروشة ... بقلم حنا خوري
اخي وحبيبي فريد
الله يرحم موتانا في هذه المناسبات الدينية التي تهل علينا في هذه الأيام ... كنا اطفال وصغار وو ... نتكوّم .. حول عمّتي نجمة الأستاذة واخيها عمي دانيال وهم يسردون علينا هذه القصص والحوادث الجميلة التي تحوي فيها سردا لكافّة الفضائل التي يشتهي المرء الحالي ان تكون فيه .
حقا كما قلتَه اخي أنّها اجمل وارقى من مليون مسلسل تلفزيوني حديث ... فلو فكّر احدنا وصوّر المشهد بكاميرا خفيّة لشاهد مشهدا دراميا كوميديا دينيا اجتماعيا يحوي كل ما تحويه الحياة من صفات خلقية وحميدة .
اكرّر رحم الله موتانا وهلازخنا العتق كما خلّدوا لنا هذه الأهرامات من الحوادث والقصص التي لا يُمل منها ومن ذكرها .
اشكرك حبيبي من هنافات هنافاتي وسنة مباركة وعيد مبارك عليك وعلى اسرتك
ووووو
بركة عزرت آزخ معك
- إسحق القس افرام
- مدير الموقع
- مشاركات: 54289
- اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
- مكان: السويد
Re: حكّويـــــــــة الجاروشة ... بقلم حنا خوري
لنترحم على ارواحهم الطاهرة
لقد أحييت بسردك هذه الطرفة الجميلة والرائعة التي من خلالها ابكتني واضحكتني في ان واحد
(البساطة والنقاوة والطهارة ... إلخ)
وفقك الله أستاذي الجليل حنــا لسرد هذه القصة والتي سوف تبقى إلى الأبد في مخيلتي
نحن بحاجة ماسة لذكر مثل هذه القصص
لا تبخل علينا
لقد أحييت بسردك هذه الطرفة الجميلة والرائعة التي من خلالها ابكتني واضحكتني في ان واحد
(البساطة والنقاوة والطهارة ... إلخ)
وفقك الله أستاذي الجليل حنــا لسرد هذه القصة والتي سوف تبقى إلى الأبد في مخيلتي
نحن بحاجة ماسة لذكر مثل هذه القصص
لا تبخل علينا




Re: حكّويـــــــــة الجاروشة ... بقلم حنا خوري
حبيبي الغالي ومدير الموقع اســـــــــــــــــحق
اشكرك من القلب على اني ادخلتُ السرور والفرح وأرجعتُكَ الى ذكريات قديمة نفتخر بها جميعا لما تحويه من تراث انساني لشعبنا الآزخيني
ميلاد مبارك وسنة مباركة وكل عام والعالم اجمع بالف خير
وووو
بركة عزرت آزخ معك
اشكرك من القلب على اني ادخلتُ السرور والفرح وأرجعتُكَ الى ذكريات قديمة نفتخر بها جميعا لما تحويه من تراث انساني لشعبنا الآزخيني
ميلاد مبارك وسنة مباركة وكل عام والعالم اجمع بالف خير
وووو
بركة عزرت آزخ معك