تذكار مار اسيا الحكيم ܕܘܟ̣ܪܢ ܡܪܝ ܐܣܝܐ!

[إسحق القس افرام]

تعيد كنيستنا أيضًا لعيد مار آسيا الحكيم 377♰ في ١٥ تشرين الأول من كل عام و ܐܳܣܝܐ اسيا في السريانية معناها الطبيب
܀ ولادته
أبصر مار أسيا نور الوجود في مدينة فاريا في أواخر القرن الرابع الميلادي مِن أبوَين فاضلَين مَشهورَين بالتقوى والصلاح وهُما فنتيروس أحد أخوان الملك ثاودوسيوس الكبير، وجرجونيا، وإذ لم يكن لهم ولد، اتّفقا على مواصلة الابتهال إلى الله تعالى ليرزقهما طفلاً يرث ثروتهما الطائلة وكان لهما ما أرادا، وكان في طور سيان راهب اسمه مرقس تراءى له ملاك الرب قائلاً: قم واذهب إلى فاريا وعمِّد الطفل وسمِّه آسيا (وأسيا لفظة سريانية ܐܳܣܝܐ تعني الطبيب) لأنّ الله اصطفاه ليصنع على يدَيه مُعجزاتٍ باهرةً وأشفيةً متنوعةً وارجِع إلى صومعتكَ، فشخصَ الراهب مرقس مع الطفل وأبويه إلى هيكل مار يوحنّا المعمدان وعمَّد الطفل وسمّاه كقول أسيا الملاك وعاد إلى قلاّيته ورجع الأبوان إلى وطنهما على سُنن الفضيلة وقرأ العلوم وأنهى دروسه.
܀ زهده ورهبنته
أراد والداه أن يزوّجاه إبنةً حسيبةً غنيةً تُدعى أرونيا وهي إبنة والي البلد، بَيد أنّ أسيا رغب في عبادة الرب عن طريق الزهد والعفاف وغادر دار أبوَيه وركب سفينة مخرَت به إلى ميناء فلسطين حيث تابع المسير إلى بيت المقدس في أورشليم.
܀ مِن جولاته التبشيرية
وافى القدّيس أسيا أفاميا في منطقة حمص وحماه واعظاً مبشِّراً فيها فتتلمذ نحو ألف وخمسمائة نسمة ردَّهم مِن الوثنية إلى المسيحية وعمَّدهم وأوصى بهم أسقف المدينة وارتحل إلى كورة أنطاكيا فوصل إلى بلدة كنداريس فأبرأ فيها مرضى كثيرين، ثمّ انتقل مِن هناك فالتقى ببيلدار مَلك الفرس وكانت قد أصابته ريح السموم فصلَّى عليه وشفاه. ثمّ جاءه يهورمنزد ابن المَلك الفارسي وهو مريض فصلَّى عليه وأبرأه كما شفى الكثيرين الذين التجأوا إليه في هذه المنطقة باسم الرب يسوع. وانتقل إلى بلدة سندق وأنقذ زَوعها مِن الآفات بحسب طلب سكّانها بعد أن أقام عِندَهم فترة مِن الوقت واعظاً ومُرشِداً ومُبشِّراً برسالة الخلاص وعرَّفهم بالفادي جابل الإنسان الأوّل والذي هو عينه ذرية آدم الخاطئ وأخيراً أوصى أهالي سندق بالثبات بالإيمان المقدس، إذ وبّخ حاكمها الجائر الظالم على مظالمه وصلَّى عليه وعلى تلك البلدة فزال عنها البؤس والضيم. ثم قصد قلوديا (حصن منصور) وهي في نواحي ملطية، فتعهّد رهبانها ومناسكها الذين بادروا إلى لقائه والتبرّك منه. وبعد أن وجهَّهم التوجيه الصحيح في عظةٍ روحيةٍ بليغةٍ حثّهم فيها على مُزاولة أعمال التقشّف والزهد بالدنيا وأباطيلها ودَّعهم عائداً إلى أنطاكيا.
وزار القدّيس مار أسيا أنطاكيا ومكث فيها متفقّداً أديارها واجتمع إليه الرهبان وتلاميذ كثيرون ساروا بسيرته الصالحة مقتفين أثره إلى طريق الكمال، كما شفى في أنطاكيا فتاةً بعد أن أخرج مِن فمها حيَّةً فاستأصل مِنها مَكايد الشيطان وفي قرية مِن أطراف أنطاكيا أهلك وَحشاً ضارياً وأنقذ أهل الضيعة مِن دهائه، وأبرأ امرأةً مِن داء الاستقساء. كلّ ذلك بفِعل المواهب الإلهية التي خصَّه الربّ بها.
܀ مار آسيا والملك ثاودوسيوس
ذاع خبر القدّيس في بلاد المشرق وبلغ مسمَعي ثاودوسيوس المَلك، فأوفد في طلبه ليشفي ابنته العليلة. وفي الطريق مرَّ في مدينة نيقوميدية فشفى فيها عدداً من المرضى بعللٍ مختلفةٍ، ثمّ استأنف السَّير إلى العاصمة وعندما دخل البلاط الملكيَ رحَّب به الملك وابتهج برؤية الهيئة القُدسية الواضحة على مُحيَّاه (وجهه) فاحتفى به مدّة عشرين يوماً فشفى القدّيس ابنته، وأوصاه بالتمسّك بالإيمان ومُساعدة المُحتاجين وعمل الخير. وعاد إلى أنطاكيا بعد أن علَّم المَلك واللائذين به طقس الصلاة والصيام.
انتقاله من عالم الشقاء إلى حياة البقاء ووصيّته لتلاميذه
بعد وصوله إلى أنطاكيا بشهرٍ واحدٍ، أحسّ بدُنوّ أجَله ورحيله مِن العالم الفاني. وفي فراش المرض وهو يحتضر استدعى تلاميذه وأوصاهم قائلاً: يا أولادي، هوذا أنا ماضٍ في طريق الأرض كلّها فاحفظوا أنفسكم مِن الخطايا والمعاصي وحافظوا على عهودكم لله ولا تميلوا عن الطريق التي علّمتُكم إيّاها كي تُؤهَّلوا للملكوت المُعدّ للأبرار والقدّيسين. فكلّ شيءٍ في هذا العالم ظلٌّ. ثم صلّى عن نفسه وعن العالم واستودع روحه بيد خالقها في 15 تشرين الأول 377م، ودفنه الرهبان وتلاميذه في ديره.
وتعيّد له الكنيسة المقدّسة في الخامس عشر من تشرين الأوّل مِن كلّ عام طالبةً صلواته وشفاعته.
القدّيس مار أسيا الحكيم هو طبيب الأنفس والأجساد يقصده المؤمنون الكثيرون لطلب شفاعته لينالوا الشفاء مِن أمراضهم وأسقامهم المتنوّعة، وهو شفيع المرضى.
وقد أُقيمت كنائس ومزارات كثيرة على اسمه أشهرها: كنيسة مار أسيا في بلدة المنصورية شمال ماردين، وكنيسة مار أسيا في الدرباسية التي مازال الكثيرون مِن أهالي المنطقة يقصدونها وبخاصّةٍ يوم عيده لوفاء النذور، ومزار مار أسيا الحكيم المُلاصق لكاتدرائية مار أفرام في حلب.
فلتكن صلاة القدّيس مار أسيا الحكيم سوراً لنا جميعاً و للرب نتضرع وكل عيد وانتم متسربلين في اتم الصحة والعافية܀
܀ܨܠܘܬܟ ܐܘ ܡܪܝ ܐܣܝܐ ܬܗܘܐ ܠܢ ܫܘܪܐ. ܠܡܪܝܐ ܢܬܟܫܦ܀

[بنت السريان]

صلاته معنا