كنيسة مار يوحنا الديلمي
السرياني في قلث
موفق نيسكو
تقع قرية قلث في منطقة طور عبدين شمال غربي ماردين وشرق الصور وهي قرية كبيرة كانت حصناً منيعاً آهلاً بالسريان وانتشرت فيها وبجوارها عدة كنائس وأديرة مثل دير مار آباي (مهر شبوهر)،دير دمياط، شاباي، أوجين، ثيودتطس وغيرها.
وتقع كنيسة مار يوحنا الديلمي في قرية قلث وعلى بعد 5 كم تقريباً عن دير مار آباي وهي كنيسة للسريان الأرثوذكس تعتبر من الكنائس القديمة الكبرى في منطقة طور عبدين حيث ترتقي الى القرن السابع الميلادي، وهي تشبه سرباً ينزل إليها في قلب الأرض لها ثلاثة أسواق تسندها أسوار تزينها بعض الصور المطموسة، وهي مسقفة بالآجّر الأحمر وفيها عدة أعمدة ملتصقة بالجدران، وتحت رواق المذبح من الجهة الشمالية كتابة يونانية قديمة تنتهي بكلمة سيدي.
وفي شمال الكنيسة مزار يقول أهل المنطقة إن فيه ضريح سمعان القناني احد الرسل الاثني عشر، وفي كتب الكنيسة الفرضية هناك ابيات كثيرة تذكر سمعان القناني يوم عيده في 10 ايار، حيث إن هناك رواية تقول إنه قد اتى الى جبل قورس القريب من المنطقة وبشّر بالإيمان المسيحي ومات هناك.
وفي هذه الكنيسة بعض المخطوطات السريانية والسطرنجيلية منها إنجيل حسب الترجمة الحرقلية1 مكتوب على الرق والفصل الأخير منه وهو الحادي والعشرون من أنجيل يوحنا مكتوب بحروف ذهبية وملونة وفيه صور جميلة.
وقد كتب هذا الانجيل الشماس مسعود بن جرجس الأربي التركماني في دير الزعفران سنة 1315م لكنيسة مار يوحنا الديلمي في قلث، وجاء على هامش الصفحة الأولى من هذا الإنجيل كتابة بالكرشوني تعود لسنة 1671 يونانية 1360م ما نصه:
الذي يأخذ هذا الكتاب يكون محروم محروم محروم من فم الآب محروم محروم محروم من فم الابن محروم محروم محروم من فم الروح القدس ومن فم شمعون بطرس (أي بطرس الرسول) ومحروم من فم العذراء ومن فم الأثني عشر ومن فم الإنجيليين الاربعة ومن فم الاثنين والسبعين رسولاً ومن فم آباء مجمع نيقيّة الثلاثمائة والثمانية عشر.
وقد صادق ووقع على ذلك الحرم المطران متى بن صالح بختمه قائلاً: قد صرتُ مطراناً على مار آباي سنة ؟ أي سنة 1623 يونانية (1312م) وسنة ؟ أي سنة 1672 يونانية (1363م)، وقد كتبت هذا الحرم.
وفي الكنيسة ايضاً كتاب حسابات كتب سنة (1487م) في ايلول في دير مار آباي بجبال قورس عند قلث التابعة لقضاء الصور، في عهد البطريرك مار إغناطيوس يوحنا بن شي الله البرطلي (+1493م)، والمفريان باسليوس أبن أخت البطريرك خلف (+1483م)، وساويروس القلثي مطران كرسي دير مار آباي الجليل الذي في الصور بقلث.
كُتب الكتاب لكنيسة مار يوحنا الديلمي بقرية قلث، وقد نُقل الكتاب عن ثلاث نسخ مصحّحة ومدقّقة للبطريرك مار إغناطيوس يعقوب المرزوقي (+1517م)، وقد قام بنسخه الراهب ابن عبدالله من قرية الأحمدي الذي كان مسكنه دير مار موسى النبكي تاج الشهداء الكائن في جبل الدخان، صلّوا على الرهبان المحبوبين الساكنين في دير مار آباي، صلّوا على الكهنة السبعة المتوّجين لخدمة كنيسة مار يوحنا في قرية قلث، وختم كلامه بقوله:أنا ساويريوس الأسقف ايّدتُ هذا التذكار وامرنا أن لا يمحوه أحد.
كما يوجد في كنيسة ما يوحنا الديلمي في قلث كتاب فرض الصلوات الصيفي يعود تاريخه الى سنة 1553م، وقد ورد فيه في النهاية ما تعريبه:
انتهى كتاب الصلوات الصيفي سنة 1553م، في عهد البطاركة إغناطيوس يعقوب الحصني الساكن في صلح، وباسليوس شمعون مفريان المشرق اصله من كفر شاع وقورلس مطران مذيات، وأثناسيوس مطران حاح وباسليوس مطران الزرجل، ويوحنا مطران قرتمين، وموسى مطران دير مار آباي وتسعة رهبان.
وقد نسخ الكتاب أولاً في دير حبسانس وانتهى في دير صلح المعروف بدير اللّمع في عهد إغناطيوس بن شمعون الزازي بطريرك طور عبدين2 الذي رسم 150 راهباً وأقام لهم أديرة وصنف ميامر لمار أفرام السرياني وغيره ونظّم حسايات وألّف رسائل وطقوس بيعية ونوافير.
وأهم الذين كتبوا عنها في العصر الحديث هم الآب لويس شيخو الذي زار الكنيسة ووصفها وكتب عنها في مجلة المشرق التي كان يصدرها في العدد 808:15. وأيد أن بناءها قديم جداً يعود للقرن السادس. كما زارها وكتب عنها الأب الخوري اسحق أرملة السرياني في كتاب الطرفة في مخطوطات دير الشرفة وفي مجلة المشرق أيضاً بعنوان سياحة في طور عبدين 3.
والجدير بالذكر أن للقديس مار يوحنا الديلمي السرياني مكانة مرموقة لدى مؤمني جنوب شرق اسيا (تركيا الحالية)4 يستدل على ذلك من أن الكنائس المشيدة في منطقة قلث وجوارها هي كنيسة مار سركيس وباكوس ومارت شموني تتطابق اسماؤها مع الكنائس المشيدة في منطقة بخديدا قرقوش في العراق حيث يوجد دير مار يوحنا الديلمي السرياني وكنيسة مار سركيس وباكوس الذي قام بتشييدهما مار يوحنا الديلمي السرياني هناك.
وكنيسة مار يوحنا الديلمي في قلث كانت تاريخياً عامرة بمئات العوائل المؤمنة وقد جرت فيها رسامات كهنوتية بين سنتي 1798-1810م.ومنذ سنة 1915 وعلى أثر المذابح التي تعرضت لها المنطقة بدأت العوائل تدريجياً بالنزوح حيث بقي فيها حوالي 200 عائلة، واستمر النزوح منها إلى سنة 1984م حيث لم يبقَ إلا عدد محدود جداً من العوائل لا يتجاوز العشرة عوائل، وكان الراهب داود عين شخسي المارديني قد خدم فيها نحو 30 سنة وإلى سنة 1968م، ثم خدم فيها الأب يوسف ججك إلى سنة 1973م، آخر كاهن كان لها هو الأب أبلحد قرا سنة 1984م، كما خدم فيها الأب الخوري ملكي رُممت وافتتحت في صيف سنة 2006م، وتم افتتاحها بعد الترميم من قبل نيافة المطران فيلكسينوس صليبا أوزمان مطران أبرشية ماردين وتوابعها وبحضور نيافة المطران مار يوليوس عبد الأحد شابو مطران السويد والدول الأسكندنافية.
الهامش:
1: الترجمة الحرقليّة: ترجمة مشهورة جداً قام بها توما الحرقلي أسقف منبج في دير ترعيل في عهد البطريرك السرياني أثناسيوس الأول الجمّال (595-631م).
2: وهي بطركية تفرعت عن انطاكية نتيجة لبعض المشاكل ثم عادت واتحدت مع البطركية الانطاكية السريانية الارثودكسية الأم سنة 1839م.
3: أخطأ الخوري اسحق أرملة إذ اعتبرأن القديس مار يوحنا الديلمي هو أحد تلاميذ مار أوجين، ويبدو أنه خلطبين مار يوحنا الديلمي السرياني الذي ولد سنة 660م ومار يوحنا الطائي الذي كان تلميذاً لما أوجين الذي قدم إلى المنطقة سنة 363م، والذي يوجد على أسمه هو أيضاً دير في منطقة قلث بأسم دير يوحنا الطائي أو العربي ويسمى دير المغاربة.
(للمزيد عن حياة مار يوحنا الديلمي راجع كتابنا مار يوحنا الديلمي السرياني.)
4:الأب الدكتور بهنام سوني، بغديدا ص 509 الحاشية.
كاتب عراقي مقيم في السويد
السرياني في قلث
موفق نيسكو
تقع قرية قلث في منطقة طور عبدين شمال غربي ماردين وشرق الصور وهي قرية كبيرة كانت حصناً منيعاً آهلاً بالسريان وانتشرت فيها وبجوارها عدة كنائس وأديرة مثل دير مار آباي (مهر شبوهر)،دير دمياط، شاباي، أوجين، ثيودتطس وغيرها.
وتقع كنيسة مار يوحنا الديلمي في قرية قلث وعلى بعد 5 كم تقريباً عن دير مار آباي وهي كنيسة للسريان الأرثوذكس تعتبر من الكنائس القديمة الكبرى في منطقة طور عبدين حيث ترتقي الى القرن السابع الميلادي، وهي تشبه سرباً ينزل إليها في قلب الأرض لها ثلاثة أسواق تسندها أسوار تزينها بعض الصور المطموسة، وهي مسقفة بالآجّر الأحمر وفيها عدة أعمدة ملتصقة بالجدران، وتحت رواق المذبح من الجهة الشمالية كتابة يونانية قديمة تنتهي بكلمة سيدي.
وفي شمال الكنيسة مزار يقول أهل المنطقة إن فيه ضريح سمعان القناني احد الرسل الاثني عشر، وفي كتب الكنيسة الفرضية هناك ابيات كثيرة تذكر سمعان القناني يوم عيده في 10 ايار، حيث إن هناك رواية تقول إنه قد اتى الى جبل قورس القريب من المنطقة وبشّر بالإيمان المسيحي ومات هناك.
وفي هذه الكنيسة بعض المخطوطات السريانية والسطرنجيلية منها إنجيل حسب الترجمة الحرقلية1 مكتوب على الرق والفصل الأخير منه وهو الحادي والعشرون من أنجيل يوحنا مكتوب بحروف ذهبية وملونة وفيه صور جميلة.
وقد كتب هذا الانجيل الشماس مسعود بن جرجس الأربي التركماني في دير الزعفران سنة 1315م لكنيسة مار يوحنا الديلمي في قلث، وجاء على هامش الصفحة الأولى من هذا الإنجيل كتابة بالكرشوني تعود لسنة 1671 يونانية 1360م ما نصه:
الذي يأخذ هذا الكتاب يكون محروم محروم محروم من فم الآب محروم محروم محروم من فم الابن محروم محروم محروم من فم الروح القدس ومن فم شمعون بطرس (أي بطرس الرسول) ومحروم من فم العذراء ومن فم الأثني عشر ومن فم الإنجيليين الاربعة ومن فم الاثنين والسبعين رسولاً ومن فم آباء مجمع نيقيّة الثلاثمائة والثمانية عشر.
وقد صادق ووقع على ذلك الحرم المطران متى بن صالح بختمه قائلاً: قد صرتُ مطراناً على مار آباي سنة ؟ أي سنة 1623 يونانية (1312م) وسنة ؟ أي سنة 1672 يونانية (1363م)، وقد كتبت هذا الحرم.
وفي الكنيسة ايضاً كتاب حسابات كتب سنة (1487م) في ايلول في دير مار آباي بجبال قورس عند قلث التابعة لقضاء الصور، في عهد البطريرك مار إغناطيوس يوحنا بن شي الله البرطلي (+1493م)، والمفريان باسليوس أبن أخت البطريرك خلف (+1483م)، وساويروس القلثي مطران كرسي دير مار آباي الجليل الذي في الصور بقلث.
كُتب الكتاب لكنيسة مار يوحنا الديلمي بقرية قلث، وقد نُقل الكتاب عن ثلاث نسخ مصحّحة ومدقّقة للبطريرك مار إغناطيوس يعقوب المرزوقي (+1517م)، وقد قام بنسخه الراهب ابن عبدالله من قرية الأحمدي الذي كان مسكنه دير مار موسى النبكي تاج الشهداء الكائن في جبل الدخان، صلّوا على الرهبان المحبوبين الساكنين في دير مار آباي، صلّوا على الكهنة السبعة المتوّجين لخدمة كنيسة مار يوحنا في قرية قلث، وختم كلامه بقوله:أنا ساويريوس الأسقف ايّدتُ هذا التذكار وامرنا أن لا يمحوه أحد.
كما يوجد في كنيسة ما يوحنا الديلمي في قلث كتاب فرض الصلوات الصيفي يعود تاريخه الى سنة 1553م، وقد ورد فيه في النهاية ما تعريبه:
انتهى كتاب الصلوات الصيفي سنة 1553م، في عهد البطاركة إغناطيوس يعقوب الحصني الساكن في صلح، وباسليوس شمعون مفريان المشرق اصله من كفر شاع وقورلس مطران مذيات، وأثناسيوس مطران حاح وباسليوس مطران الزرجل، ويوحنا مطران قرتمين، وموسى مطران دير مار آباي وتسعة رهبان.
وقد نسخ الكتاب أولاً في دير حبسانس وانتهى في دير صلح المعروف بدير اللّمع في عهد إغناطيوس بن شمعون الزازي بطريرك طور عبدين2 الذي رسم 150 راهباً وأقام لهم أديرة وصنف ميامر لمار أفرام السرياني وغيره ونظّم حسايات وألّف رسائل وطقوس بيعية ونوافير.
وأهم الذين كتبوا عنها في العصر الحديث هم الآب لويس شيخو الذي زار الكنيسة ووصفها وكتب عنها في مجلة المشرق التي كان يصدرها في العدد 808:15. وأيد أن بناءها قديم جداً يعود للقرن السادس. كما زارها وكتب عنها الأب الخوري اسحق أرملة السرياني في كتاب الطرفة في مخطوطات دير الشرفة وفي مجلة المشرق أيضاً بعنوان سياحة في طور عبدين 3.
والجدير بالذكر أن للقديس مار يوحنا الديلمي السرياني مكانة مرموقة لدى مؤمني جنوب شرق اسيا (تركيا الحالية)4 يستدل على ذلك من أن الكنائس المشيدة في منطقة قلث وجوارها هي كنيسة مار سركيس وباكوس ومارت شموني تتطابق اسماؤها مع الكنائس المشيدة في منطقة بخديدا قرقوش في العراق حيث يوجد دير مار يوحنا الديلمي السرياني وكنيسة مار سركيس وباكوس الذي قام بتشييدهما مار يوحنا الديلمي السرياني هناك.
وكنيسة مار يوحنا الديلمي في قلث كانت تاريخياً عامرة بمئات العوائل المؤمنة وقد جرت فيها رسامات كهنوتية بين سنتي 1798-1810م.ومنذ سنة 1915 وعلى أثر المذابح التي تعرضت لها المنطقة بدأت العوائل تدريجياً بالنزوح حيث بقي فيها حوالي 200 عائلة، واستمر النزوح منها إلى سنة 1984م حيث لم يبقَ إلا عدد محدود جداً من العوائل لا يتجاوز العشرة عوائل، وكان الراهب داود عين شخسي المارديني قد خدم فيها نحو 30 سنة وإلى سنة 1968م، ثم خدم فيها الأب يوسف ججك إلى سنة 1973م، آخر كاهن كان لها هو الأب أبلحد قرا سنة 1984م، كما خدم فيها الأب الخوري ملكي رُممت وافتتحت في صيف سنة 2006م، وتم افتتاحها بعد الترميم من قبل نيافة المطران فيلكسينوس صليبا أوزمان مطران أبرشية ماردين وتوابعها وبحضور نيافة المطران مار يوليوس عبد الأحد شابو مطران السويد والدول الأسكندنافية.
الهامش:
1: الترجمة الحرقليّة: ترجمة مشهورة جداً قام بها توما الحرقلي أسقف منبج في دير ترعيل في عهد البطريرك السرياني أثناسيوس الأول الجمّال (595-631م).
2: وهي بطركية تفرعت عن انطاكية نتيجة لبعض المشاكل ثم عادت واتحدت مع البطركية الانطاكية السريانية الارثودكسية الأم سنة 1839م.
3: أخطأ الخوري اسحق أرملة إذ اعتبرأن القديس مار يوحنا الديلمي هو أحد تلاميذ مار أوجين، ويبدو أنه خلطبين مار يوحنا الديلمي السرياني الذي ولد سنة 660م ومار يوحنا الطائي الذي كان تلميذاً لما أوجين الذي قدم إلى المنطقة سنة 363م، والذي يوجد على أسمه هو أيضاً دير في منطقة قلث بأسم دير يوحنا الطائي أو العربي ويسمى دير المغاربة.
(للمزيد عن حياة مار يوحنا الديلمي راجع كتابنا مار يوحنا الديلمي السرياني.)
4:الأب الدكتور بهنام سوني، بغديدا ص 509 الحاشية.
كاتب عراقي مقيم في السويد
ملفونو 
