ويصيب الألم المزمن نحو 20 في المئة من الأميركيين، وغالبا ما يقاوم العلاج التقليدي بسبب تغيرات معقدة في الشبكات العصبية الدماغية. وعلى عكس التحفيز العميق التقليدي الذي يستهدف منطقة دماغية واحدة لجميع المرضى، فإن التكنولوجيا الجديدة تختار نقاط التأثير وتردد النبضات بشكل فردي استنادا إلى مراقبة النشاط الدماغي لكل مريض.
وخضعت الغرسة لاختبارات متعددة المراحل: في البداية، سجلت الأقطاب الكهربائية النشاط على مدى 10 أيام وجُربت أنماط مختلفة من التحفيز، ثم تم تركيب غرسات دائمة تُشغل عند اكتشاف الألم وتتوقف أثناء النوم.
وشارك ستة مرضى يعانون من ألم مزمن غير قابل للعلاج في الدراسة، حيث قامت الأقطاب الكهربائية بتحفيز 14 منطقة دماغية على مدى 10 أيام. وتم تحديد المناطق الأمثل وتردد التحفيز الأنسب لتوفير أكبر قدر من الراحة لخمسة من المشاركين. وعلى الرغم من أن أحد هؤلاء الخمسة لم يلاحظ انخفاضا كبيرا في الألم، إلا أنه أبلغ عن تحسن في الوظائف البدنية وتمكن من معانقة زوجته لأول مرة منذ سنوات، ما اعتبر نتيجة مهمة للانتقال إلى المرحلة التالية من التجارب.
بعد ستة أشهر من الضبط، خفض التحفيز الحقيقي شدة الألم بنسبة 50 في المئة في المتوسط، بينما زاد التحفيز الوهمي الألم بنسبة 11 في المئة. وأبلغ المشاركون عن تحسن في المزاج وزيادة النشاط البدني، واستمر تأثير الغرسة لأكثر من ثلاث سنوات.
وتعد هذه الطريقة الشخصية طفرة حقيقية لملايين الأشخاص الذين يعانون من آلام مزمنة، وفتحا لآفاق جديدة في مجال التحفيز العصبي ومكافحة آثار الألم.
وغرسات الدماغ، التي يشار إليها غالبًا باسم الغرسات العصبية، هي أجهزة تكنولوجية تتصل مباشرة بدماغ الكائن الحي، وتُوضع عادة على سطح الرأس، أو متصلة مباشرة بقشرة الدماغ. هناك غرض شائع لغرسات الدماغ الحديثة، وهو أيضًا الهدف الرئيسي لكثير من الأبحاث الحالية، هو إنشاء مناطق بديلة للمناطق المعطوبة في الدماغ التي أصبحت مختلة الوظيفة بعد سكتة دماغية أو أي إصابات أخرى في الرأس
وفي المملكة المتحدة غيرت الغرسات الإلكترونية الصغيرة، حياة مئات الآلاف من الأشخاص، وهي تشمل أجهزة تنظيم ضربات القلب التي تتحكم في أمراض القلب وغرسات القوقعة التي تحسن السمع وغيرها. ويشير الخبراء في بريطانيا إلى أن ملايين الجنيهات تُمنح الآن للشراكة بين أشخاص من قطاعات الصحة والعلوم والأعمال في كامبريدج، لتسريع التقنيات الجديدة الجذرية التي يمكن أن تفعل الشيء ذاته لصحة الدماغ.
وستتاح الفرصة للمبتكرين من جميع أنحاء المملكة المتحدة لاختبار أفكارهم، وستدعم أكثر العلاجات الواعدة لتصبح علاجات جاهزة للأشخاص الذين يعانون من حالات مثل الاكتئاب والخرف والألم المزمن.
ويطور فريق غرسات دماغية لعلاج الحالات العصبية والعقلية في مختبر هندسي في جامعة كامبريدج، التي ستؤثر على أربعة من كل خمسة أشخاص، وفق تقديرات الجامعة. ويقول البروفيسور مالياراس: يمكن أن تمنحنا غرسات الدماغ علاجًا جديدًا للأمراض التي لا يمكن علاجها حاليًا أو أدويتها غير فعالة، ويرى أن المشروع محفز للغاية.
وتتوسع القائمة باستمرار، وتشمل إصابات الدماغ والحبل الشوكي ومرض باركنسون والخرف والاكتئاب والوسواس القهري، وهي تبدو واعدة بشأن التهاب المفاصل الروماتويدي ومرض السكري من النوع الأول أيضًا. وتعمل الغرسات عن طريق إرسال نبضات كهربائية صغيرة تغير الطريقة التي تتصرف بها الخلايا العصبية.
وترسل الخلايا العصبية رسائل بين الأجسام والأدمغة عبر إشارات كهربائية، وتؤثر على طريقة المشي والتحدث والأكل والتنفس، من خلال تغيير طريقة عملها. ويمكن القضاء على الألم أو إعادة تحفيز أجزاء من الدماغ المصابة بالمرض أو الإصابة
