لا شيء يُدمّر الخطيئة أكثر من كشفها وإدانتها – القديس يوحنا الذهبي الفم

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
سعاد نيسان
مشرف
مشرف
مشاركات: 17254
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 27, 2010 5:08 pm

لا شيء يُدمّر الخطيئة أكثر من كشفها وإدانتها – القديس يوحنا الذهبي الفم

مشاركة بواسطة سعاد نيسان »

لا شيء يُدمّر الخطيئة أكثر من كشفها وإدانتها، مع التوبة والدموع. هل أدنت خطيئتك؟ بهذا، تكون قد تخلصت من ثقلها. من ينطق بهذا؟ القاضي نفسه – الله. “هيا ندافع، تكلموا، فتتبرروا” (إشعياء ٤٣: ٢٦). قل لي، لماذا تخجل من التحدث عن خطاياك؟ هل ستخبر رجلاً سيوبخك؟ هل ستعترف لخادم سيكشف أعمالك؟ أنت تُظهر الجرح للرب، المُعيل، مُحب البشر، الطبيب. هل هو، الذي يعرف أعمالنا حتى قبل ارتكابها، لن يعلم إن لم تُخبر؟ هل تزداد الخطيئة فظاعةً بكشفها؟ على العكس، تصبح أخف.
والله يطلب منك الاعتراف لا للعقاب، بل للمغفرة؛ ليس ليعرف خطيئتك – أليس يعلمها مُسبقًا؟ – بل لتعرف أنت حجم الدَّين الذي يغفره لك. إنه يرغب في أن يُريك عظمة صلاحه حتى تشكره باستمرار، وتكون أكثر بطئًا في الخطيئة، وأكثر حماسًا في الفضيلة. إن لم تتحدث عن عظمة دينك، فلن تدرك سمو نعمته. يقول، لن أجبرك على الوقوف في وسط المشهد وإحاطة نفسك بحشد من الشهود؛ أخبرني وحدي، على انفراد، بالخطيئة، حتى أتمكن من شفاء الجرح وتخفيف المرض.
لو أن قاضٍ علمانيًا عرض على لص أو لص مأسور فرصة الكشف عن جرائمه وبالتالي الإفلات من العقاب، لقبلها بكل سرور، محتقرًا العار من أجل خلاصه. ولكن هنا لا يحدث شيء من هذا القبيل، لأن الله يغفر الخطايا ولا يُجبر على التحدث عنها أمام الآخرين، ولكنه يطلب شيئًا واحدًا فقط: أن يُدرك من ينال الغفران بنفسه عظمة الهبة. … إن الرب، إذ يعلم ضعفنا عندما نتعثر ونقع في خطيئة ما، يطلب منا فقط ألا نيأس، بل أن نتخلى عن خطايانا ونسارع إلى الاعتراف بها. وإن فعلنا ذلك، فإنه يعدنا بغفران سريع، لأنه يقول: “إن سقطوا ألا يقومون؟ وإن زاغوا ألا يرجعون؟” (إر 8: 4).
فإذا كان قد رأى اللص على الصليب أهلاً لرضاه، فإنه سيتفضل علينا أكثر بمنحه محبته إن كنا مستعدين للاعتراف بخطايانا. فلكي ننتفع نحن أيضاً بمحبته للبشرية، علينا ألا نخجل من الاعتراف بخطايانا، لأن قوة الاعتراف عظيمة، وله مفعول عظيم. اعترف اللص ووجد مدخلاً مفتوحاً إلى الفردوس. مع علمنا بهذا، لا نهمل محبة الرب للبشر، بل لئلا نُعاقَب ولا نسقط في الدينونة، فليدخل كل واحد إلى ضميره، وبعد أن يفحص حياته ويفحص جميع خطاياه بدقة، فليُدين النفس التي ارتكبتها، وليكبح جماح أفكاره، وليُهذب عقله ويكبح جماحه، وليعاقب نفسه على خطاياه بتوبة صارمة، ودموع، واعتراف، وصوم، وصدقة، وعفة، ومحبة، حتى إذا تركنا خطايانا هنا، نستطيع أن نذهب إلى هناك بجرأة كاملة.
أقتن الذهب بمقدار أما العلم فاكتسبه بلا حد لأن الذهب يكثر الآفات أما العلم فيورث الراحة و النعيم .
أضف رد جديد

العودة إلى ”سير ومعجزات القديسين“