قصّة عمّنا توما
قصّة عمّنا توما
من مزايا العديدة المتواجدة في شعبنا المسيحي .. انّه كانت هناك صفات خاصة قد هبطت ولصقت تلقائيا بالعديد من العائلات .. تلازم العائلة ولا تُعرف الاّ فيها ولا يُستدل عليها الاّ بعد ان تقول بيت فلان ... وترافق هذه الصفة حتى الأجيال المتتابعة من هذه العائلة او تلك .
فمثلا بيت التنكجي ... بيت القاييل ... بيت النجار ... بيت الحدّاد .... وهناك كلمة خوري او القس او الشيخ .. او الصائغ .. او غيرها من هذه الصفات او المهن .. تلصق بالعائلة والأنسان حتى تُلغي هذه الصفة او المهنة اسم الجد الأكبر وتُصبح هي اسم العائلة او ــ الكنية ــ .
وكانت قريتنا آزخ فيها وفي اسماء عوائلها بعض الصفات والأسماء الغريبة والمضحكة أحيانا ... اذا فكّر بمعناها لن يصل الى نتيجة حتى لو سرد قواميس الفراهيدي لن يخرج بنتيجة ولا لمعنى تلك الصفات والتسميات .
فمن تلك الأسماء والصفات لصقت صفة ــ الكَر ــ بشخص من أهلنا في آزخ ... قد يجوز في احد الأيام كان باله مشغولا في موضوع ما وناداه أحدهم ولم يلتفت اليه مباشرة ... فنعته بها اي ــ بالكَر ــ اي أطرش بالكردية .. وهكذا لبست هذه الصفة وهذا الأسم لعمّنا توما كبرو وأصبح يُنادى ب ــ توما الكّر ــ الى وفاته الله يرحمه .
حدّثني أحد الأقرباء هذه الحادثة التي حصلت مع عمنا توما الكّر وكان هذا السارد للحادثة موجودا برفقته . وهي حادثة ظريفة من أيام ما كان يُسَمّى ــ عسكريّة فرنسا ــ . فقال
كُنّا في ثكنتنا للجيش الفرنسي في مدينة الحسكة ونحن جنود .. وبينما نحن في الليل قامت في تلك الليلة عواصف قويّة وعاتية والريح الشديدة بحيث دبّت الفزعة في قلوبنا من سوء الحالة الجويّة والوضع المناخي وارتعب كل من في المهاجع وحتى من شدّة الرياح تكسّرت أغلب النوافذ وزجاجها من جرّاء الرعد والبَرَد من الحجم الكبير .. ولم نستطع النوم تلك الليلة المشؤومة واستغربنا ذاك المستوى من رداءة الأجواء ونحن في نهاية شهر نيسان .
أصبح الصبح علينا .. ومن نظام الجندية ومن عادة الحياة العسكرية .. الأستيقاظ باكرا والأصطفاف للتفقّد الصباحي ثم المباشرة في التدريبات الرياضية اليومية ومن بعدها الدروس العادية .
أسرعنا في النهوض وارتدينا ثيابنا في عجالة ... لأن النظام هو النظام .. وهرولنا الى ترتيب صفوفنا في الطابور ... كما يقال .. لتقديم الصف والتفقّد
وبينما نحن في أتم الأستعداد والنظام قدِم الينا قائد الثكنة برتبة ضابط وباللغة الدارجة الفرنسية ــ يو طنان ــ قدّموا له الصف وجال نظره فينا وتفقّدنا .. ونظر نظرة عامة واذ به يتفاجأ بمنظر الشبابيك المحطّمة والزجاج المكسور والمبعثر على ارضية الثكنة بشكل ملفت للنظر .
وهنا كانت المفاجأة ..ز قال لنا وبصوت جهوري عال وبالفرنسية ... من قام بهذا الفعل الشنيع ومن كسر كل هذا الزجاج ؟؟؟؟
ويا للمصيبة والفاجعة التي حلّت علي وعلى صديقي توما ساعتها
فالزجاج في الفرنسية يُسَمّى ـــ كارّوو ــ وما ان هذه الكلمة وصلت سمع عمّنا توما الكّر .... حتى غلى الدم في رأسه وارتعد وهو مكانه وبدأ يُحرّك يديه ويضرب كفّا بكف ... وبدأ يشتم ويشتم حظّه العاثر وكره حياته وبدأ يُكَلّم نفسه والزبد كرغوة صابون على فمه وهو يقول بصوت أسمعه انا كوني بجانبه .
الله كَ تبق بيت أبوكن ..طلعنا من آزخ ووقعنا ف الدنيي ... وما خذنا نفس الى وصلنا الى هون وصرنا عسكر فرنسا .
قي يا بابا الله ايني قول لي خطيتي اشني تِ الى هون مي فكّون منّ هويا المنيعييل .
قي اسّع هما الله يرحم ابوك قي جاخ ذّا الحكي وِ ؟؟ .
ولم يعد جسمه يتحمّل انفعالات نفسه ولم يعد يصبر ان يبقّ في وضع الأستعداد .. فما كان منه الاّ ان خالف النضام العسكري وخرج من الصف مسرعا والغضب يتطاير من عينيه واقترب من الضابط .. ورفس الأرض في قدمه وقام بتحيّة الضابط ــ اليوطنان ــ .
وبعد ان هزّ الأرض بقدمه قال للضابط وبالفرنسية وبالمستوى الثقافي الذي وصله في اللغة قائلا
انا غلامك ... مور ( اي mon ) يوطنان ... وقعتو فهاك بختك قول لي منِ قالّك اسمو كرّوو ؟؟؟؟
استغرب الضابط هذا التصرف وهذا الكلام الذي لم يفهم منه اي حرف وبعد ان استعان بمترجم أفهمه الخبر أن عمّنا هذا ينادونه بتوما الكر وهو بطبيعة الحال تسودّ الدنيا في وجهه عند سماع هذه الصفة ... وانه فهم من محاضرتكم ان احدهم قد قال لك ان عمّنا هذا اسمه الكّر .
عندها ضحك الضابط الفرنسي وقال له عن طريق المترجم
عزيزي انا لم ولا اعرف شيء عن هذه القصة ...... كل ما هناك استفسرتُ عن كيف ومن قام بتكسير الزجاج في النوافذ
رجع عمنا توما مع عدم القناعة بالنتيجة وعاد الى مكانه وهوو يشتم ويلعن من كان السبب في نرفزته هذا الصباح .
ايــــــــــــــــــــــه الله يرحم تلك الأيام البسيطة الجميلة ويا ما أحلى مشاكلها ومصائبها على هذه الشاكلة
- فريد توما مراد
- عضو
- مشاركات: 764
- اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am
Re: قصّة عمّنا توما
العزيز الغالي أبولبيب .
لكَ جزيل الشكر على نشر هذه القصّة ، التي تصرَّفت بها برياحيّة ومصداقيّة
وعفويّة ، لتنقلها إلينا بأسلوبٍ ظريفٍ وشيِّق ، وبنكهة مميَّزة .
لكَ محبَّتي وشكري وتقديري
حرستكَ عزرت آزخ
فريد
أبو بولص
[/size]لكَ جزيل الشكر على نشر هذه القصّة ، التي تصرَّفت بها برياحيّة ومصداقيّة
وعفويّة ، لتنقلها إلينا بأسلوبٍ ظريفٍ وشيِّق ، وبنكهة مميَّزة .
لكَ محبَّتي وشكري وتقديري
حرستكَ عزرت آزخ
فريد
أبو بولص
- إسحق القس افرام
- مدير الموقع
- مشاركات: 54276
- اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
- مكان: السويد
Re: قصّة عمّنا توما
قصة جميلة جداً
والشكر لك أستاذي الجليل حنــا على نشرها في موقعنا الحبيب ديريك ديلان
وفقك الرب، ومنحك ثوب الصحة والعافية والعمر المديد.
والشكر لك أستاذي الجليل حنــا على نشرها في موقعنا الحبيب ديريك ديلان
وفقك الرب، ومنحك ثوب الصحة والعافية والعمر المديد.




Re: قصّة عمّنا توما
اخي وحبيبي الغالي ابو بولص
أعتقد اتّجهنا في الأتجاه الصح انت وانا اخي ابو بولص ... من ناحية هذه المشاركة ... وأعذرني اذا كنتُ قد حدّثتُكَ سابقا وقبل ان أكتبها .. ولكن الواقع غلبني والحقائق أفحمتني وأجبرتني على هذا الأتجاه ... فعذرا حبيبي وارجو المغفرة في تخمين هذه المشاركة وسرد هذه الحادثة ..
وعلى كل حال تبقى ذكريات شعبنا واهلنا واقاربنا من آزخ ... وتبقى ذكراهم وحوادثهم الطريفة والرائعة نبراسا لنا ولأولادنا كي لا ننسى تاريخنا ولا رجالاتنا الحلوة والظريفة .
اشكركَ على رحابة الصدر وووو
بركة عزرت آزخ معك
Re: قصّة عمّنا توما
أخي وحبيبي ومدير الموقع اســــــــــــــــــــــــــــــــحق
وانا بدوري أشكركَ من القلب والحمد لله على سلامة وصولكم انت والأولاد بالسلامة وتبقى هذه الذكريات تاريخ جميل ومنوّر لحياتنا كي نفتخر به حتى لو كان بهذه الدرجة من البساطة والجمال
اشكرك ووو
بركة عزرت آزخ معك
وانا بدوري أشكركَ من القلب والحمد لله على سلامة وصولكم انت والأولاد بالسلامة وتبقى هذه الذكريات تاريخ جميل ومنوّر لحياتنا كي نفتخر به حتى لو كان بهذه الدرجة من البساطة والجمال
اشكرك ووو
بركة عزرت آزخ معك
Re: قصّة عمّنا توما
استاذنا الغالي
ما أجمل القصص التي تروي أحداثا حصلت مع أناس نعرفهم أو سمعنا عنهم ،
أو نهفات تعكس عفوية وطيبة وبساطة هؤلاء الأشخاص ،
قصة العم توما الكر الله يرحمه لا تختلف عن قصة:
چاپوق رَشْ .
يحكى أن شابا من آزخ كان شديد الاسمرار وكان ضعيفا جدا
بحيث أن سيقانه كانت تشبه عظماً أسود
ولذلك كان الناس يسمونه تهكماً ب: چاپوق رَشْ.
وكان هو يكره هذا اللقب .
( الچابوق بلهجة آزخ هو عظمة الساق ما بين الكاحل والركبة ، و رش تعني أسود ) .
ذهب هذا الشاب الى عسكرية تركيا وكالعادة العساكر يعملون بالسخرة وحفر الخنادق
وبينما هم يحفرون جاء الضابط التركي وصرخ فيهم قائلاً:
عسكر ، چابوق چابوق !.
( چابوق باللغة التركية تعني استعجلْ )
صاحبنا ظن أن الضابط يناديه باللقب الذي يكرهه
فتوقف عن الحفر ورمى رفشه وتوجه الى الضابط صارخاً :
هما أحط گيا ... و گيا ... ف ....... ال قال لك أسمي چاپوق رش !
وتقبّل مني أجمل تحية
[/size]ما أجمل القصص التي تروي أحداثا حصلت مع أناس نعرفهم أو سمعنا عنهم ،
أو نهفات تعكس عفوية وطيبة وبساطة هؤلاء الأشخاص ،
قصة العم توما الكر الله يرحمه لا تختلف عن قصة:
چاپوق رَشْ .
يحكى أن شابا من آزخ كان شديد الاسمرار وكان ضعيفا جدا
بحيث أن سيقانه كانت تشبه عظماً أسود
ولذلك كان الناس يسمونه تهكماً ب: چاپوق رَشْ.
وكان هو يكره هذا اللقب .
( الچابوق بلهجة آزخ هو عظمة الساق ما بين الكاحل والركبة ، و رش تعني أسود ) .
ذهب هذا الشاب الى عسكرية تركيا وكالعادة العساكر يعملون بالسخرة وحفر الخنادق
وبينما هم يحفرون جاء الضابط التركي وصرخ فيهم قائلاً:
عسكر ، چابوق چابوق !.
( چابوق باللغة التركية تعني استعجلْ )
صاحبنا ظن أن الضابط يناديه باللقب الذي يكرهه
فتوقف عن الحفر ورمى رفشه وتوجه الى الضابط صارخاً :
هما أحط گيا ... و گيا ... ف ....... ال قال لك أسمي چاپوق رش !
وتقبّل مني أجمل تحية
Re: قصّة عمّنا توما
اخي وحبيبي واستاذي الغالي ابو جورج
قمّـــــــــــــــــــــــــة ... روعــــــــــــــــــــة ... رائعــــــــــــــــــــة .. وهلمّ جرّا
سحرني الأستاذ بسلامتو ـــ جابوق أفندي ـــ وخصوصا عندما ارتفع ضغطه واستنفر ـــ حمار عمنو ـــ كما يُقال ... للرد على من ذكّر الجاويش بأنّ اسمه جابوق رش
كم نشتاق لهذه الذكريات البريئة الرائعة والتاريخية .. بل هذا هو تاريخ آباءنا وأجدادنا وعلينا ان نفتخر به .... نعم كان بسيطا وبريئا ولكنّهم كانوا رجالا اشاوس ولا يُكسَر لهم جنح ابدا ... وتراهم وقت الأزمات ... اسود اشاوس يدافعون عن حقوقهم وايمانهم ومعتقداتهم وهذه القيم كلُّها .... خسرناها في هذا الوقت .
اشكرك بوش بوش عزيزي ابو جورج ... ووو خوزي هما كل آزخيني يعرفلو هما حكّوية شي من هالحكّويات الطيبة ... ايهينك فوادنا فيا ... محبّة بالأجداد والآباء .
تحياتي ووو
بركة عزرت آزخ معك