جراحُكَ توجِعني يا وطنْ ..!!
يا سا حة َ العرس ِ في أصقاعِنا طَرَبا
جوديْ علينا بألحان ٍ بها عَتبا
لا تُخبريني عن الآلام ِ في وطني
فلا أريدُ سماعُ الحزن ِ والنّوَبا
لا تسألوني فحبّي منهُ منبعه ُ
في الأرض ِ سحرٌ وفوقَ الشّمس ِكالشُّهبا
هجرتُ تربكَ مرغوما ً على مضض ِ
والقلبُ يبقى غريب َ الحسّ ِ بالتَربا
هجرتُ تربك َ والآهات ُ تسحبني
إلى طيور ٍ تناجي اللّحن َ بالعتبا
هجرتُ زهركَ والأفراحُ تهجرني
وعِطرها لم يزلْ في روحِنا عذِبا
السّهمُ لا ينفعُ ، والقوسُ مُنكسِرٌ
والمُرُّ لا يُقطرُ ، والغصنُ من طِيبا
كمْ منْ خليل ٍ ذوى من خلّهِ ،ألما
والجّرحُ من طعنة ِ الخلّان ِ ملتهِبا
جمعتُ في ألمي أسرارَ جَمعتِنا
وطيبُ نكهتها لا زالَ مُصطحَبا
مياهُ نبعِكَ كمْ كانتْ بصافيةٍ
تُشفي الصدورَ بكأسِ الخمرِ إنْ سَكبَا
لا توقِظوهُ فإنّ الخمرَ أسكرهُ
دعوهُ في نشوة ِ العشّاقِ مُلتهِبا
أبكيكَ ياوطن التّاريخِ ِوالحِقبا
أبكيكَ يادُرّةَ التّيجان ِ والأدَبا
فيكَ الجّراح ُ ومنّي لوعةُ الكَدر ِ
منكَ الدّماءُ ومنّي الدمعُ مُنسكبا
دمشقُ تبكي على أطفالِها ألَمَاً
والدّمعُ يجري على خدّيكِ يا حَلبَ
وقاسيونَ يناديْ: أينَ مفخرتيْ
وينطقٌ الصّخرُ بالأشجانِ والعَتَبَا
وموعدُ القطفِ في أرجائهِ ،صَمَتتْ
لتنتهي روعةَ الزّيتون ِ والعِنَبَا
والطّيرُ قدْ ألِفَ الواديْ وخضرتهِ
يشتاقُ للرّوض ِ بعدَ النأيِ والنَوَبا
ما أصعبَ الغدرُ من خلٍّ بهِ ثِقّتِي
فالسّمُّ أهونُ من كأس ٍ به ِ شَرِبا
ما فاضَ نهرٌ على أركانهِ أبدَا
إلّا وكانَ بجوفِ النّهرِ مَنْ عَطَبا
ما منْ ضمير ٍ يهزُّ الكونَ بالشّيمِ
وكلّنا بشرٌ والموتُ للسَّبَبا
ولعبةُ الموتِ ما كانت ْ تُفاجِئنا
لولمْ يقمْ شلّةُ الحيتانِ بالّلعِبا
والسُمُّ يسري بأطفال ٍ مُعذَبة
وصوتُ آبائِهمْ هولٌ ومُنتحَبا
والأمّهاتُ فَقدنَ الصّوتَ نائِحَةً
على شباب ٍ فقدنَ العقلَ والصّوبا
الغارقونَ بنار ِ الحقد ِ يا وطني
جزائُهم غضبٌ ما بعدهُ غّضبّا
ماأبشعَ الأُنس َفي أهوائهِ ـ جَشِعا
حتّى بموته ِ توّاقاً إلى الكَّذِبا
في جُرحِكَ ،لعبةُ الأقذارِ قدْ بدأتْ
تُزلزلُ الأرضَ كابوساً لِمَنْ لعِبَ
والعالقونَ بهِ ، صُمٌ ّوبكمٌ إلى
يومَ القيامة ِ لا يدرونَ ما كُتبَا
واللهُ يعلمُ ما يخفونَ من فَسَق ٍ
وهو العليمُ بقهرِ الموتِ والغلَبَا
ويلهثونَ وراء َ السّحر ِ كالبقر ِ
وكلّهمْ قادةٌ للسّلبِ والنّهَبا
تبكيْ عليكَ عَذارى الشّامِ ِفي شَجَن ٍ
وقلبُ شبّانِها يرنو إلى الغضَبَا
فداكَ نرتويْ مُرّاً وإنْ طَلَبَتْ
منّا الحياةَ بنُذرِ العينِ والهُدُبا
منْ أجلِ تربكَ نفديْ كلّ ذا ثمنٍ
الرّوحُ والجسدُ ، والمالُ والذهَبَا
ثَراكَ يا وطني أَنقى من الغَسق ِ
لجرحِنا بلسمٌ للقلب ِ كالطِيَبا
وفي وجودِكَ يبقى العزُّ في دَمِنا
وفي رحيلِكَ يغدو الذلَّ مُقترِبا
أنتَ الحياةُ وأنتَ الأمُّ والوَلَدُ
أنتَ الوجودُ وأنتَ الأصلُ والنَسَبَا
عليكَ ياوطني والجرذانُ تجتمِعُ
لا يعرفونَ بكيدِ النّسرِ إن غَضِب َ
لا تفرَحُون َ بجِرحِ النّسرِ مُنهمكا
فالنّسرُ في جِرحهِ، لا يعرِفُ الهَرَبا
آرامُ يزأرُ وفي ذِكراهُ ملحمةً
عند الّلزومِ ترى الأحجارَ مُرتَعِبَا
لا يعرفُ الذلَّ مَن كانتْ لهُ نَسَبٌ
والشّعبُ في وطني أعراقُهُ نسَبَا
أقسمتُ بالموتِ أن أفديكَ ياوطني
ولو صُلِبتُ كما المسّيحُ ما صُلِبَا
فاطلِق رصاصكَ ما تهوى مُقارعتِي
فالأرضُ أمٌّ لنا منْ غابِرِ الحِقَبا
لنْ تُطفئَ الشمسُ ما دُمنا نعانُقهَا
والنّارُ تعلو ونحنُ النارُ واللّهبَا
وليعلمُ الضّوءُ ما دمنا نواصلهُ
الموتُ فينا لنورِ الشّمسِ مُنْتَسِبَا
