وكانَ أصيلاً وسيبقى..!!.؟ شعر وديع القس
يرى أمامهُ الينابيعَ
والأنهار َ والمحيطات ْ ..
**
لقدتحوّلت مياهها
إلى أسَنٍ
وعفونةٍ وأوساخ
وكثرتْ على سطحِها
رسوما ً فوضويّة
من الطفيليّاتْ ..
**
ولوحات ٍ غريبة
الشكل ِ والقبح
من لون ِالأشنيّاتْ ..
ويفتّشُ عن قطرةِ ماء ٍ
نقيّة لتبقيه ِ على
قيد ِ الحياةْ ..
**
تلقّى رصاصاتِ الغدرِ
إلى قلبهِ وصدرهِ
ونقّشوا على أحجارِ
قبرهِ
ميلادهُ وموتهُ مزيّناً
بأعظم ِ الآياتْ ..
**
أرادوه قتيلاً
لكنّهُ لا زالَ رميما
أرادوهُ ميتاً
وقبيحاً
لكنهُ لا زال حيّاً
وجميلاً
لا زالَ يتنفّسُ الصّعداء
وهو رميم
لازالَ ينظرُ بعينيهِ السّوداوين
إلى السماء وهو أليم
لا زالَ يتوجّع
لكنّهُ يتكابرُ على الألم
بشهامة ِ الحكيم
يقاومُ الآلامَ
وقلبهُ يقطرُ دماً
وعيونهُ تقرّحتْ من البكاء
لكنهُ لازالَ يتفرّسُ في السّماء
ويخفي بنظراته
وراء بحار ِ الدّموع
أروع وأجمل البسَماتْ ..
**
تجمّعت حول جثّته
جميعُ الوحوش ِو الكواسر
و الخلائقِ الأجناس
والقبائل والعشائر
ومن كلِّ فرد ٍ وقبيلة
له رأيٌ وهدف
فقط لأنّهُ كان حرّاً
وعريق الأصالة
وعريق التّراب والرّسالة
وعريق الأنساب ِ والرّجولة
يحبّ النسور والأسود
ويعشقُ الطّيور والفراشاتْ ..
**
وينفرُ من الثعالب ِوالفئران
ويسحقُ الحيّات ..
**
أمومته ُ ليست ككلِّ الأمم
أنّها بكرِ الأمم
وأمّ الأمم
ونور الأمم
وتاريخ الأمم
وعهد الأمم
ولغته أمّ اللّغات
وأقدس الّلغاتْ ..!!
**
لا يعتمدُ على ضوءِ القمر
فضوء القمر متذبذبٌ
يزدادُ وينقصُ ـ
يتغيّرُ
لكنّهُ منسوبٌ إلى الشّمسِ
ينيرُ كلّ الدروبِ
وفي كلّ الألوانِ
وعلى كلّ الجهاتْ ..
***
لا يهمّهُ جوع الحصارِ
وبرودة ِ السجون
ولا زلازل الأرضِ
ولا حرارةُ البراكين
ولا يعيرُ اهتماماً
لحثالةِ الغاباتِ
وعيونُ الشياطينْ ..
**
وفي كلّ زمان ومكان
هويّةُ الإنسان هي
العيون..
فعيونه الجميلة
هويته الأصليّة ِوالأصيلة
تدخل القلوبَ
بدون استئذانْ ..
**
لكنّ مَن يحدّقونَ إليه
غرباء وبدون هويّة
غرباء في كلّ شيئ
غرباء عن الحياةِ والتّاريخ
غرباء عن الأوطانِ والأزمانْ...
**
يتفرّسون إليه ِ بعيون
العتمةِ المظلمة ِ والجاهلة
مملوءةً بسمومِ الأفاعي
وخِداعِ الشّياطينْ..
لكنّ ضوء شمسهِ لا ينقص
ولن تغيب شمسه
مهما تجبّرَ الظلام
واكفهرّ معه الطّوفانْ..
**
عبيدُ الثروةِ يلعبونَ
عليهِ القِمار
في الفنادقِ الفخمة ِوالباراتْ ..
ويوزّعون حلاوة
الإنتصار
ويُطعمونَ قوّاديهم
وعبيدهم
ببعضِ البقايا
منَ الحثالى والفتاةْ..
الدوائرُ المستديرة
خاصة بحساباتِ الحيتانْ..
**
ولا تليق بالأجرابِ
فيتركونهم يهرولونَ ويلهثونَ
وتتمرّغُ أفواههم بالرّضابِ
ويتركوهم للنّباحِ
لكن دونَ أنيابِ
ثمّ يكرّرون معهم
لعبةُ القطِّ والفئرانْ ..
**
يدرَبوهم ويروّضوهم
لحراسةِ الغانياتِ
والرّاقصاتِ
ليبقوا أبدَ الدّهرِ
محرومون جائعون
خائفون خانعون
مُختبِئونَ تحت الأقنعةِ
والجحورِ
كالفئرانِ والجرذانْ..
**
ويوظّفونهم بوظائف
تليقُ بالمقام
لكن:
خارجَ الجنسِ البشريّ
وخارجَ التاريخِ الإنسانيّ
وخارجَ أبواب الدّعارة
ليلتحقوا
مع أبناءِ أصولِهم
لحراسةِ الأبواب
وطاعةِ الحيتانْ ..
**
لم تنتهِ بعد
لعبة الرّصاص
والدّمار
والخرابْ
مادامَ طفلٌ أبيضُ الوجه
أسودُ العينانْ ..
**
يحبسُ دموعهُ النقيّة
ويحملُ أسرار َ
المحبّةِ الإلهيّة
وقوّةُ اللّهيبِ الأبديّة
بحرارةِ الإيمانْ ..
**
ترتعبُ منهُ النّجوم
وتقدحُ من نظراتهِ
شرارة بين الغيوم
لتكوِّنَ أمطاراً
وهديراً وطوفانْ..
**
ويصرخُ كالرّعدِ
ياأمَّ الأوطانْ..يا أمَّ الأوطانْ ..
السّعادةُ الرّخيصةُ
لا تليقُ بهامات ِ
الياسمينِ والأقحوانْ ..
**
وها هو الخلودُ
يعزفُ نشيدَ الحبِّ العذريّ
قبلَ تقديس ِ الرّفاةِ
وصلاةِ الأمواتِ
وقبل مراسمِ الدّفن ِ
وتطهيرَ الأكفانْ..
**
لنغيّرَ مياهِ المستنقعاتِ
من الاَسَنِ
وننقّي البحيراتَ من
الأوساخِ والعفنِ
وندخلُ معركة ِ الصّراعِ
مع الجهلِ والعتم ِ
فوقَ الجِّراحِ والألمِ
لنعزف َ نشيدَ الحبِّ
أعظم الالحانْ
لأمِّ الأوطانْ ..!!!
وديع القس ـ 22.10 .2013
