إذهب أنت أيضاً واصنع هكذا.
(لو10 :36 (

بقلم بنت السريان
بين أورشليم وأريحا,هاجموه لصوص,ضربوه ,سرقوا كل أمواله بين حيٍّ وميّتٍ تركوه,
لاويٌّ من سبط الكهنةعبَرعنّه وفات,والكاهن تجاوزه, ما ضمّد له جراحات,تركه ملقى على الأرض دون حراك, بين الموت والحياة,
وكأنّي بلسان حاله يقول:
يارب أنظر لحالي قلبي مجروح
جسمي مريض ومضروب بقروح
لا اللاوي ولا الكاهن ضمّد لي الجروح
وحدي غريب على الأرض بقيت مطروح
آه يا دنيا !!!!!!!!!!
أليس الإخوةُ تُعرفُ وقتً الشدائدِ والمُلمًّات؟
تملكتني الدهشة وأصابني اضطرابٌ , وتساءلت:
أين الر حمة أين المحبّة أين الحنان؟
أأبحث عنهم في ناموس موسى, وسط عالم مليء بالمخاطر والأتعاب!!!
بني جِلدته قساة القلوب وصُلْب الرقاب.
غصّتْ. بصدري حسرات, وأنا أقرأ مثل السامري الصالح كما يخبرنا أنجيل لوقا(ص10 :35.).
تجاسرتُ وتفوَّهتُ بكلمات عتاب ,لم كل هذه القساوة يا رب؟
لم يدعني صاحب الأنجيل في حيرتي بل أكمل قائلاً:
مرَّ سامريٌّ غريب الجنس عنّه ,لا بل من أعداء أمَّته, ترَجّل عن أتانه,زيتاً وخمراً صبَّ فوق جراحاته ,ضمّدَه وعلى دابّته حمله, وأتى به الى الفندق ,دفع كلفة العناية به طوعاً ,ومن الموت أنقذه وأحياه.
تنفست الصعداء وحمدت الرب الذي دبّر خلاص هذا الأنسان .
لكنّي وقفت متأملة بما في الحياة من متناقضات,
بنو جنسه أهملوه بين عداد الأموات ,وعدوُّ عشيرته رحمه , وقريبٌ أصبح له في الحياة,
قال يسوع لمعلِّم الشريعة:
أيٌّ من هؤلاء صار قريبا للذي وقع بين اللصوص؟
أجاب معلم الشريعة : الذي صنع معه الرحمة ,
فقال له يسوع:
إذهب أنت أيضاً واصنع هكذا( لو 10 : 36
طوبى للرحماء لأنّهم يرحمون (مت 5 :7 )
نعم اصنع الرحمة أيها الإنسان وجد في طلبها فالرب يريد رحمة لا ذبيحة , الرتبة ضمن الأكليروس , تلك التي تتفاخر بها لن تفدك, والخدمة التي تبعدك عن الرب , لا تعني بشيء,إن لم يملك الله قلبك.
اصنع الرحمة وكن قريباً من كل الناس ببساطة القلب, غير متحزّبٍ ولا ضرّاب خمر.
صرخةٌ الرحمة هذه أثارت بدواخلي ثورةهزّت أوتار القلب, تداعى لها سور الناموس القديم وانشق الحجاب,فتحررت الروح سابحة في بحر المحبّة الجديد الذي أوجده يسوع الرب,
نعم بحر المحبة ضرب لنا مثال فيه الله الذي لنا أحبّ
أحبّناحب قويٌّ كالموت
(لأنَّ المحبّة قويّة كالموت) نشيد الأنشاد(ص8 :6)
فمن غرزات أكليل الشوك في رأسه ,
ومن جراحات ضرب السياط في جسده ,
من حمله صليب العار ودق المسامير في يديه ورجليه ,
من طعن الحربة في جنبه,
ومن صرخته على الصليب ينادي:
يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ,دكَّ جدار الشيطان وشيّد أسوار المحبّة والإيمان , واعتلى عرش النصرة ,صليب المحبة سلاح المؤمن بالإله الرحيم الحنّان ,وكأنّي بسور أريحا سور الحرب والعداء, يتهاوى لدى سماعه صوت أبواق بني اسرائيل.
عندها ظهر الحقّ وبان
فإن لم يعتمر القلب بالمحبة الصادقة دون رياء لم تظهر بواعث الرحمة في سلوكية الشخص لان المحبة هي ينبوع لكل الفضائل
المحبة ترفق تتانى لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تقبح ولا تطلب لما لنفسها ولا تختد ولا تظن بالسوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتُصًدّق كل شيء وتصبر على كل شيء المحبّة لا تسقط
كو 1 ( ص13 :1 -9 )
عزيزي يا من تقرأ كلماتي أقول أين نحن مما سلف ذكره؟
أين نحن من هذا المثل الذي قصّه الرب على مسمع عالم الشريعة ؟
هل نحن كمسيحيين إقتفينا آثار السامري الصالح وعملنا كما هوعمل ؟ أم ما ,زلنا نغطُّ في حب الذات غارقين في بحر عالم زائل؟ والأنا تأكل بحقولنا والكل عنها غافل؟
آن الأوان أن نلتفت إلى رفّ التهميل ,ونرفع عنه كتابنا المقدّس, نغوص في أعماقه ونغرف من عظاته فكل الكتاب موحى به من الروح القدس وهو صالح للتعليم والتوبيخ ,للتقويم والتأديب الذي في البرّ(تيمو (2:3 -6 )
يسوع ضرب هذا المثل كي يعلّم الجميع معنى الرحمة المنبعثة عن المحبة الصادقة , ليس هذا وحسب بل ترجمها عملياً وذاد عنا بموته على الصليب نيابة عن البشرية الآثمةوأحبّها حتى الموت.
فأين نحن من هذا الحب؟ وهل تعلّمنا الدرس؟
هل وضعنا المحبّة نصب أعيننا وسلكنا الدرب؟
وهل غفرنا وسامحنا كما علّمنا الرب؟
وهل نذود عن بعضنا ونزيل الحقد والضغينة من القلب,؟
بحر المحبة هذا أعدّه الله ليس لنا فقط كمسيحيين بل للبشريةجمعاء.
أحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم أنا
أحبّوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا للذين يسيؤون إليكم صلّوا لأجل اللذين يضطهدونكم لكي تكونوا أبناء ابيكم الذي في السموات
مت(ص5 :44(
هذه وصيّته
أرجو الله أن يؤهلنا للعمل بكلمته وحفظ وصاياه كي يسمع كل منّا صوته القائل: هلُمّ ادخل لفرح سيّدك إنه السميع المجيب آمين