رَبَتَتْ على كتفيه ِفي دَلَلَا
فهو الوحيدُ بدارِها شَبَلَا
واسترجعتْ أيّامها وبَكتْ
ودموعها نطقتْ لمنْ سألَ
وكأنّها قديسةً ٌ دأبَتْ
بصلاتِها تستلهمُ الجَللا
وترنّحتْ خطواتها ثقلاً
وكأنّها عَلِمَتْ بما حَصَلَ
وطنٌ يغازلهُ بقبلتهِ
لحنُ الرّصاصِ وصارَ كالغزلَ
جلبوهُ في كَفَنٍ لعاشقه ِ
كنهايةِ العشّاق ِ والزَّجلَ
وسَمَتْ على آلامِها قسماً
من شيمةِ الإخلاصِ للمُثُلاَ
تاهتْ بعيدةَ روحِها وَعَلَتْ
فوقَ المصابِ كأنّها جَبَلاَ
قمرٌ يشعشعُ وجههُ كَرَمَاً
من حسنهِ يتموّجُ الظِّلَلَا
رَسَمَتْ إشارتها مودّعة ً
وبحكمةِ الإيمانِ مُتَّكِلا
لا تحسبوا دمعي بنائحة ٍ
فالموتُ لي رِبْحٌ بهِ ، جَللا
عندَ الوقيعةِ تُعرَفُ النَّسَبَا
وبصِدْقها يستوقفُ الدّجلا
هذيْ الحياةُ لها ضريبتها
عندَ المصيبةِ عُريها نَجِلَا
ليسَ الدّموعُ بعرفها وَهَنٌ
بعض الدّموعِ بسيلها أَمَلاَ
لا تحزنوا برحيلهِ أبدا
فدماؤهُ بقيتْ بلا رحلَ
فالمرجُ قدْ صَحُرتْ من العطشِ
والزهرُ قدْ ذبلتْ بلا هَطلا
فرحيلهُ ، عبقٌ لعاشقه ِ
ودماؤهُ ، خمرٌ لمَنْ ثَملا
واليومُ عرسٌ لحنهُ كبدي
وزفافهُ جرحيْ ليندملَ ..!
ومضتْ كمُلهمةٍ تفاخرهُ
وبحبِّها تستنبطُ النَّبلا
وبمجدهِ ، كبرتْ أمومتَها
وتقدَّسَ الجّبروتُ مُبتَهِلا
هذا الثّرى بدمائهِ عَشِقَ
وبروحهِ يبتسِمُ الأمل َ
شبحٌ يلوّحُ في مرابِعنا
أسَفيْ على الرّاياتِ بالخذلا
كتبَ الشّهيدُ عبارةً وصلتْ
للقادمينَ من العُلى مُثلا
لن ْ يرحلَ الكرماءُ في وَجَلٍ
فأسودنا لا تعرفُ الوجلا
كفِّنْ بآيات ٍ مقدّسة ٍ
هذا الشهيدُ هنا ومنْ أصُلا
وَدَمُ العبيد ِ فلا أُصولَ لهُ
ودمُ النّبيل ِ بنبعهِ النّبُلا
ويدُ الذّليل ِ بوسعها ذَللا
ويدُ النّبيلِ بضيقها أمَلا
وَوَلِدْتُهُ ، بَطَلاً وقدْ رَحَلَ
وَزَرَعْتُهُ ، وَطَنَا ً وما رَحَلا ..!
وديع القس ـ 13 . 12. 2013