قصة ملك: الحلقة 1

يعنى بالأدب ـ الشعر ـ الخواطر ـ القصة ..الخ
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مراقب عام
مراقب عام
مشاركات: 1881
اشترك في: الجمعة إبريل 16, 2010 7:22 pm

قصة ملك: الحلقة 1

مشاركة بواسطة ابن السريان »

قِصَّةُ مَلِكِ
يُحْكَى فِيْ قَدِيِمِ الْزَّمَانُ كَانَ هُنَاكَ مَلِكٌ ظَالِمٌ جَدَّا لِشَعْبِهِ لَا رَحْمَةَ فِيْ قَلْبِهِ وَلَا يُؤْمِنُ بِالْرَّبِّ خَالِقُ الْكَوْنِ
وَكَانَ يَعْتَقِدُ بِخُلُودِهِ وَلَنْ يَمَسُّهُ الْمَوْتِ يَوْمَا .
ذَاتَ لَيْلَةٍ فِيْ نَوْمٍ عَمِيْقٍ شَاهِدٌ حُلْمَا غَرِيْبَا وَفِيْ الْصَّبَاحِ الْبَاكِرِ أَسْتَيْقِظُ عَلَىَ غَيْرِ عَادَتِهِ فَرَأَهُ الْخَدَّمَ يَتَجَوَّلُ فِيْ الْحَدِيْقَةِ قَلْقْ وَتَبْدُوَ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الْتَّعَبِ وَالأِرْهَاقٍ فَهُرِعَ نَحْوَهُ الْخَدَّمَ لِتَّقْدِيْمِ الْطَّاعَةِ وَالْخَدَمَاتِ لَهُ
قَائِلِيْنَ بِمَاذَا يَأْمُرُنَا جَلَالَ الْمُلْكِ .. قَالَ هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ صَوْتِيّ لَيْلَا
أَجَابَ خَادِمُهُ لَا يَا سَيِّدِيْ فَقَدْ كُنْتَ غَارِقّا فِيْ نَوْمٍ عَمِيْقٍ ..
فَطَلَبَ الْمَلِكُ أَحْضَارٍ افُطُّوّرِ كَالْعَادَةِ وَبَعْدَهَا تَنَاوَلَ الْفُطُوْرَ لَكِنْ بِشَهِيَّةٍ شِبْهُ مَعْدُوْمَةٍ فَكَانَ يُفَكِّرُ بِهَذَا الْحِلْمِ
الْغَرْيِبَّ الَّذِيْ عَكِرَ مِزَاجُهُ وَأُدْخِلَ الْرُّعْبَ لِقَلْبِهِ لَكِنْ كِبْرِيَائِهِ جَعَلَهُ يَتَنَاسَىْ الْحُلُمَ وَيَعِيْشُ يَوْمَهُ طَبِيْعِيا وَمَرَّ الْنَّهَارِ بَيْنَ صِرَاعٍ الْأَسْوَدِ وَرِجَالُ جَبَابِرَةَ مِنْ مَمْلَكَتِهِ وَجَوْلَةً فِيْ صَيْدِ الْغِزْلَانِ مُحَاوِلَا أَنْهَاكَ جَسَدِهِ لِيَنَامَ.
أَسْتَسْلِمُ لِلْنَّوْمِ لَكِنْ فِيْ هَذِهِ الْلَّيْلَةِ أَيْضا شَاهِدٌ الْحُلُمَ ذَاتِهِ لَكِنْ هَذِهِ الْمَرَّةَ أَفَاقَ عَلَىَ صُرَاخَهُ بِطَلَبِ الْنَّجْدَةِ
فَذَهَبَ إِلَىَ الْقَاعَةِ يَتَمَشَّى فِيْهَا ذَهَابَا وَأَيَّابا بِقَلَقِ بَادٍ عَلَيْهِ مُفْتَكِرُا مَا عَسَىَ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا الْحُلْمَ الْمُتَكَرِّرَ ؟؟؟
فَكَانَتْ تَمْرٍ عَلَيْهِ اللَّحَظَاتِ كَأَنَّهَا سَاعَاتٍ وَقُرُوْنٍ عَلَيْهِ وَلَا يُعْرَفُ مَتَىَ يَنُدْليّ الْظَّلامِ وَيَطْلَعْ الْصَّبَاحِ.
وَمَا أَنْ بَدَأَتْ الْشَّمْسُ فِيْ الْشُّرُوْقِ حَتَّىَ دَعَا كُلَّ رِجَالِهِ مِنْ قَادَةِ حَرْبٍ وَشُيُوْخُ وَمُسْتَشَارِينَ عَلَىَ عَجَلٍ .
فَحَضَرَ الْجَمِيْعُ بِسُرْعَةٍ الْبَرَقْ خَوْفا مِنْ حُدُوْثِ مَكْرُوْهِ أَوْ هُنَاكَ أَمْرٌ هَامٌّ وَجَلَّلْ حَدَثَ لِذَا دَعَاهُمْ بِهَذَا الْنَّحْوِ
فَطَلَبَ الْمَلِكُ مِنْهُمْ الْجُلُوْسِ بَعْدَ تَقْدِيْمِ الْتَّحِيَّةِ عَلَيْهِ ثُمَّ سَأَلَهُ مُسْتَشَارُهُ الْأَوَّلِ : سَيِّدِيْ جَلَالَةَ الْمُكِلٌّ مَا عَسَىَ أَنْ
يَكُوْنُ الْخَطْبُ أَرَاكَ قَلِقَا وَمُتَوَتِّرُ ؟
أَجَابَ الْمَلِكُ الْآَمِرُ يَخُصُّ الْمِلْكَ وَلَيْسَ الْمَمْلَكَةِ . هُنَا أَرْتَاحُ الْجَمِيْعِ فَقَالَ آَخَرُ مَا الْأَمْرُ سَيِّدِيْ ؟؟
أَجَابَ الْمَلِكُ بِأَخَتَصَارْ هُوَ حُلْمٌ أَزْعَجَنِي لِلَيْلَتَيْنِ مُتَتَالِيَتَيْنِ بِلَا زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ .. لِذَا أُرِيْدُ مِنْ يُفَسِّرُهُ لِيَ !!
هُنَا دَارَ نِقَاشَ جَانِبِيٍّ بَيْنَ الْحَاضِرِيْنَ مِنْ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يُفَسَّرَ لَهُ الْحِلْمُ وَإِنْ لَمْ يُعْجِبْهُ الْتَّفْسِيْرِ سَيَقْطَعُ رَأْسِهِ
ثُمَّ سَادَ صَمْتٌ عَلَيْهِمْ وَيَنْظُرُوْنَ لِلْمَلِكِ .
فَقَالَ الْمَلِكُ أَلَا يُوْجَدُ بَيْنَكُمْ مَنْ يُفَسِّرُهُ ؟؟ فَأَجَابُوْا جَمِيْعَا بِالْنَّفْيِ لَا يَا جَلَالِةُ الْمَلِكِ
فَقَالَ: أَلَا يُوْجَدُ فِيْ الْمَمْلَكَةِ مِنْ يُفَسِّرُهُ لِيَ ؟
هُنَا قَامَ أَحَدٌ الْشُّيُوخِ الْكِبَارِ قَائِلا : أَجْلِ يَا سَيِّدِيْ هُنَاكَ رَجُلٌ عَجُوزحَكِيمٌ فَقِيْرٌ يَشْهَدُ لَهُ بِحِكْمَتِهِ أَعْتَقِدُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَىَ تَفْسِيْرِ حِلْمُكُمْ سَيِّدِيْ .
فَقَامَ الْمَلِكُ وَطَلَبَ أَحْضَارِهُ عَلَىَ عَجَلٍ لَكِنْ بأحتِرَامِ لَا مِثْلَمَا كَانُوْا يَجْلِبُوْنَ الْنَاسْ فِيْ كُلِّ مَرَّةٍ .
أَنْصَرِفُ الْجُنُوْدِ لِجَلْبِ الْعَجُوزِ .. مَا هِيَ إِلَا لَحَظَاتِ حَتَّىَ حَضَرَ الْعَجُوزِ فِيْ حَضْرَةِ الْمَلِكِ فَأَلْقَىَ الْتَّحِيَّةِ
أَسْعَدَ صَبَاحْ جَلَالِةُ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ .
فَرَدَّ الْمَلِكُ عَلَيْهِ الْتَّحِيَّةِ وَطَلَبَ مِنْهُ الْجُلُوْسِ فَجَلَسَ الْعَجُوزِ وَسَأَلَ الْمَلِكُ : مَا الَّذِيْ يَأْمُرُهُ جَلَالَتِهِ مِنِّيْ
أَنَا الْعَجُوزِ الْفَقِيْرَ عَلَىَ هَذِهِ الْعَجَلَةَ وَأَرَاكُمْ فِيْ قَلَقٍ عَسَىَ أَنْ يَكُوْنَ خَيْرَا أَخْبِرُوْنِيْ بِأُذُنِ أَلَهَيَّ سَنَجِدُ الْحَلِّ .
فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَنَّ جَلَالَتِهِ رَأَىَ حُلْمَا مُزْعِجا لِلْمَرَّةِ الْثَّانِيَةِ وَيُرِيْدُ مِنْ يُفَسِّرُهُ لَهُ
فَقَالَ الْعَجُوزِ: سَيِّدِيْ الْحُلْمُ هُوَ ذَاتُهُ تُكَرِّرُ مَعَكُمْ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ.. أَلَيْسَ كَذَلِكَ
أَجَابَ الْمَلِكُ: صَدَقْتَ هُوَ كَذَلِكَ وَهْنَا سَرَىْ الْأَمَانَ بِقَلْبِهِ وَهَدَأَتْ نَفْسِهِ لِثِقَتِهِ بِهَذَا الْرَّجُلِ الْحَكِيْمِ
فَقَالَ الْرَّجُلُ الْعَجُوزِ : رُبَّمَا تَكُوْنُ هَذِهِ أَشَارَةً مِنْ خَالِقٍ الْكَوْنِ لَكُمْ سَيِّدِيْ لَتَعْلَمُ الْغَيْبِ وَالْمُسْتَقْبَلِ الْقَرِيْبُ .
هُنَا طَلَبَ مِنَ الْحَاضِرِيْنَ مُغَادَرَةِ الْقَاعَةِ بَقِيَ هُوَ وَالْعَجُوْزُ وَمُسْتَشَارُهُ الْكَبِيْرُ فَقَطْ
وَكَيْفَ يَكُوْنُ ذَلِكَ أَيُّهَا الْحَكِيْمُ؟؟؟
فَقَالَ الْعَجُوزِ: الْأِلهُ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمُكَ بِمَا سَيَكُوْنُ فِيْ الْمُسْتَقْبَلِ بِحُلْمٍ أَوْ رُؤَىً فِيْ الْنَّهَارِ أَخْبَرَنِيْ بِالْحُلْمِ سَيِّدِيْ
وَقُصْى الْمَلِكِ عَلَيْهِ حِلْمِهِ كَمَا شَاهَدَهُ قَائِلا:
يَتَّبِعْ فِيْ الْحَلْقَةِ الْقَادِمَةِ
أبن السريان

بركة الرب معكم
أخوكم: ابن السريان


صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”المنتدى الأدبي“