حِطّان بن المُعَلَّى .. وقصيدة أولادنا أكبادنا
قنا الطفل
الدوحة
أعزائي الأطفال..
"حِطّان بن المُعَلَّى" شاعر من شعراء صدر الإسلام، لا نعرف تاريخ ميلاده ولا تاريخ وفاته، لأنّ مؤرخي الأدب أغفلوا ذلك، ومع ذلك فقد كانت سببَ شهرته قصيدةٌ عبّر فيها عن عزّة نفسه، وصبره على الفَقْر ، بعد أن جار الزمان عليه، وحرصهِ على صون بناته الصغيرات، مع القناعة بالقليل، وإيثار ذلك على الترحال في البلاد لتحسين وضعه المعيشي.
* صورة من البادية في العصر القديم
القصيدة
وهي من عيون الشِعر الإنساني، تناقلتها العرب جيلاً بعد جيل، حتى وصلت إلينا ، وقد نوّه فيها بعادة العرب في الارتحال والضرب في الأرض منذ القدم بحثاً عن الرزق، عندما ينزل بأحدهم ضيق في العيش، كما هو حاله ، ولكنّه في هذه القصيدة يصِفُ لنا تعذّر هذا الارتحال والسفر عليه، بسبب أطفاله الصغار ، فكيف له أن يدعهم ويذهب، وأبناؤه في أشد الحاجة لعطفه وقربه.
ويصوّر لنا الشّاعر في قصيدته الرائعة، كيف أصبح بين أمرين أحلاهُما مرّ: فراق أطفاله والبحث عن الرزق أو البقاء بينهم والقناعة بالقليل . ولأن المواقف هي التي تحسم الأمور، فقد شاءت الصدفة أن يحسم الأب هذا الأمر، ففي يوم من الأيام وبينما كان عائدا إلى بيته وهو مثقل بالهموم من ضيق عيشه ، فتح باب الدار فنهضت ابنتاه الصغيرتان، وهما تتسابقان للسّلام عليه ، فكادتا أن تقعا على الأرض لولا أنهما ردّتا ببعضهما عن بعض . أمام هذا المشهد المؤثّر في نفس الأب الحنون حسم أمره، وقرر عدم السفر ، فكيف له أن يفارق ابنتيه اللتين تُشبهان زغب القطا ( فِراخ طيور يعلوها ريش ناعم ).
ومن هذه القصيدة المؤثِّرة اخترنا لكم الأبيات التالية:
* صورة من البادية
أنزلنــي الدهرُ على حُكْمِـه مــن شامخٍ عالٍ إلى خـَفْضِ
وغــالني الدهرُ بوَفْرِ الغِنى فليــس لي مالٌ سوى عِرْضي
أبــكانيَ الدهرُ، ويا رُبَّمـا أضحــكني الدهرُ بما يُرْضـي
لولا بُنيّـاتٌ كزُغْـبِ القَطـا رُدِدْنَ مـن بعـضٍ إلى بـعضِ
لكان لـي مُضْطَـرَبٌ واسعٌ في الأرض ذاتِ الطول والعَرْضِ
وإنـمـــا أولادُنــــا بيننــــــا أكــــبادُنـا تمـشـي علـى الأرضِ
لو هَبّتِ الريحُ على بعضهـم لامتنـــعتْ عيـني من الغَمْـــضِ