روح الوداعة
كان في قديم الزمان رجلان فقيران أحدهما اسمه يعقوب وعمله راعىاً لقطيع من الغنم والآخر منصور راعياً لقطيع من البقر ولكل منهم
عائلة ، علاقتهما وثيقة وحياتهما ممتلئة بالبساطة المصبوغة بالقناعة والرضا والسرور ، تسكن كل منهما في مغارة تحت سفح جبل ممدد على أرض واسعة شاسعة . في يوم من أيام الشتاء استيقظ يعقوب مذعوراً على صفير الهواء يجول حول بيته ظناً منه أنه حيوان مفترس ينطح باب مغارته فدحرج الحجرة قليلاً ونظر من خلال فتحة الباب الذي كان يرميه أرضاً لولا الحجرة التي منعت ذلك فشاهد الجبال والسهول والوديان المحيطة يهما بيضاء كثوب العروس في ليلة زفافها والثلج يتساقط كالقطن المنتوف والهواء الثلجي يرمي سهامه القارصة وجه الأرض وعلى إثرها استيقظت أفراد أسرته من السبات مرتجفين تحت اللحاف
لا يدفئهم من البرد الذي يغرز أجسادهم النحيلة الشاحبة تحت ثيابهم الرقيقة هرول يعقوب نحو صديقه منصور طالباً منه ما يدفئ أفراد أسرته فأجاب بدوره لا يملك وأولاده كزغب القطا يرتجفون حوله من شدة البرد .فقال يعقوب علينا البحث عما ينقذ عائلاتنا من الموت هلم فليحمل كل منا فأساً وحبلاً وسكيناً ونجول بين الثلوج لعلنا نجد ما يسد حاجتنا من الحطب والأخشاب مشى الاثنان وأقدامهما تغص في أعماق الثلج وتعلو بقطع منه كالجرافات سارا مسافة غير بعيدة بحثاً عن مأربهم فوجئا بشجرة عارية من الثلج فرحا فرحاً شديداً وسارعا نحوها بسرعة البرق ولما اقتربا منها مجدا
الرب وفكرا بقلعها من الجذور ليحصلا على حطب أكثر ، وشرعا في جرف الثلج من حول جدعها وهاما بحفرها يميناً ويساراً حتى مالت الشجرة وسقطت على الأرض، وكم كانت دهشتهما عظيمة عندما شاهدا مغارة عميقة أسفل حفرة الجدع ، فطالا برأسهما إليها فإذ بها تشع بريقاً ولمعاناً فتعجبا وأرادا معرفة سر ذلك فقال منصور اربطني بالحبل وأسقطني إلى عمقها ففعل يعقوب ذلك ، لكن الرعب خيم على منصور ولم يتحمل فطلب منه سحبه إلى الأعلى.وبعد ذلك قال يعقوب أنزلني
لأرى السر ولدى وصوله قاع المغارة شاهد أكداساً من الذهب والفضة فصرخ يعقوب : منصور إنه كنز ارمي كيساً كبيراً ففعل منصور وملأه يعقوب بالذهب وطلب منه سحبه إلى الأعلى وإفراغه وعودة الكيس إليه ثانية قائلاً لمنصور كل واحد منا له كيس ذهب . ثم طلب منه الصعود إلى الأعلى قائلاً منصور لا يصيبك الطمع ولا تراودك الأفكار الشريرة فتقطع الحبل وتتركني في المغارة فأجابه لا يا أخي نحن صديقين حميمين منذ زمن بعيد كيف افعل ذلك قال يعقوب توكلت على الله فاسحبني خارجاً ، ولما أصبح يعقوب في منتصف الخروج حز منصور الحبل وسقط يعقوب على أرض المغارة متوجعاً متألماً مغمياً من شدة الصدمة.
وبعد فترة وجيزة عاد إليه الوعي وقد خيم الظلام والرعب عليه في وحشة المغارة التي لاحول ولا قوة له للخروج منها وبصوت عالي طلب من ربه أن يسرع بموته وهو على هذه الحالة شاهد أفعة كبيرة خرجت من أحد أطراف المغارة متجهة نحو صخرة مسطحة فيها وبدأت تلعقها بلسانها ثم اختفت الحية ، أما يعقوب فما كان منه إلا أن اتجه نحو الصخرة ولعق أثار لسان الحية فوجده طعماً شهياً ولذيذاً سد رمقه من الجوع الذي كان سيسقطه أرضاً.
وفي الحال سمع صوتاً يناديه يعقوب لماذا لعقت الحجرة ألم تعلم أن لعابي سام يميت من يأكله، فقال لها نعم أعلم ذلك ولكني كرهت العيش وأريد الموت لي.
فسألته الأفعى لعله خير لك أي أذى أصابك ، تحدث يعقوب عن العلاقة القوية التي كانت بينه وبين منصور وسرد حكاية تواجده في المغارة بأكملها.
فأجابته الأفعى حكايتك بسيطة جداً أمام حكايات الآخرين وغداً عند الفجر ستخرج من المغارة وتذهب إلى بيتك.بسلام
فسألها يعقوب وكيف يتم هذا وأنا في هذا العمق . قالت الأفعى: عند الفجر ستنزل السلاسل من السماء لترفعني عالياً ، وأنت أمسك ذنبي جيداً وعندما تصبح فوق سطح الأرض اترك يداك فستسقط جانباً على الأرض ولكني أوصيك وصية تنقذك من الهلاك وتعطيك حظاً عظيماً وهي:ربما تفك السلاسل عن بعضها أثناء صعودي إلى السماء وأسقط أنا على الأرض فما عليك إلا أن تقطع رأسي وإلا أقتلك ثم احمله إلى البيت أغليه مرات عديدة و اسلقه وكله ثم أخرج تائهاً في أرض الله الواسعة واختفت الأفعى .
نام يعقوب تلك الليلة وفكره يدور كما تدور كرة القدم على أرض الملعب وفجأة استيقظ على أصوات السلاسل الهابطة من السماء فتزمزق بذيل الأفعى أثناء جرها حتى لامست أقدامه سطح الأرض فحل يداه عن ذيلها وهوى على الأرض وهو ينظر إلى الأفعى وفي يده سكيناً ففي الحال حلت السلاسل وسقطت الأفعى على الأرض . هجم يعقوب عليها بسكينه وحز رأسها وحمله سائراً به إلى بيته شاهد أولاده حول أمهم يبكون جوعاً وبرداً ولما رأوه هتف الجميع جاء بابا فقال لهم اسكتوا لئلا يشعر منصور وأفراد عائلته بمجيئي ثم قال لزوجته أغلي رأس الأفعى عدة مرات واسلقيه وخلال هذه الفترة سأل يعقوب زوجته هل أعطاكم منصور نقوداً وحطباً إليكم فكان الجواب بالنفي . أكل رأس الأفعى مودعاً أسرته ومشى تائهاً في البراري حتى وصل مملكة قد مات ملكها وللمملكة قانون في انتخاب ملكها وهو إطلاق طير النسر في سمائها وعلى رأس أي شخص يستقر يصبح ملكاً للمملكة فاستقر النسر على رأس يعقوب ذو الثياب البالية والمهترئة فتعجب سكان المملكة من تصرف النسر قائلين لقد فقد النسر وعيه ، أخفي المسؤولون يعقوب في منزل ودثره بالثياب وأطلق النسر في الفضاء ثانية يجول من مكان لأخر وفي نهاية المطاف استقر على رأس يعقوب , تعجب السكان وعادوا إلى إخفائه من جديد وأطلق النسر فما كان منه إلا واستقر على رأسه للمرة الثالثة فوافق الجميع على تنصيب يعقوب ملكاً عليهم فأخذوه إلى القصر استحم وارتد ثياب الملك ووضع التاج على رأسه وبايعه الجميع.
بعد مضي فترة وجيزة من حكمه دعي وزيراً من وزرائه مع عدد من حراسه وأرسلهم إلى المنطقة التي يسكن فيها منصور وأسرته وأسرة الملك دون توضيح الأمر لهم وأمر الوزير إحضارهم دون مساسهم أو توجيه كلمة نابية لهم ، انطلق الوزير وبرفقته الحراس إلى المنطقة وطلب من منصور وأسرة صديقه المثول أمام الملك فارتعب الجميع لعدم معرفة السبب ولكنهم اتكلوا على الله ولبوا الأمر ركبوا العربة التي كانت قد هيأت لهم وسار الجميع خلف الوزير إلى أن وطأت أقدامهم أرض المملكة دون مشاهدتهم الملك في حين طلب من الوزير وضع كل عائلة في شقة على حدا واستحمامهم ومنحهم ثياباً جديدة وإطعامهم .
وفي ساعة متأخرة من الليل جمع الملك العائلتين في غرفة واحدة طالباً منهم سرد تاريخ حياتهما منبهاً إياهم بأنه يعلم كل شيء عن حياتهم فأي خطيئة من أحدهم سيستوجب العقوبة أولاً تحدث منصور خطوة خطوة عن حياته والجميع يستمع له بما في ذلك حادثة جلب الحطب وترك صديقه في المغارة واستملاك الذهب الذي أخرج من المغارة دون أن يعطي لأسرة صديقه يعقوب شيئاً، ثم سأله الملك ماذا فعلت بالذهب ، قال منصور صرفت قسماً يسيراً منه على أسرتي والباقي لازال موجوداً في المغارة وكذلك سردت زوجة الملك قصة حياة اسرتها إلى هذه اللحظة . ثم سأل الملك الرجل إذا رأيت صديقك يعقوب هل ستعرفه أجابه الرجل نعم لقد عشنا وعملنا معاً زمناً طويلاً فرفع الملك التاج عن رأسه وسأله هل عرفتني الآن وفي الحال رمى منصور نفسه على أقدام الملك باكياً وطالباً منه العفو والغفران سامحه الملك وقبله وقبل أولاده كما قبل كل أفراد عائلته وذهب كل إلى شقته وفي الصباح روى الملك الحكاية لوزرائه وطلب منهم جلب الذهب الموجود في المغارة ووضعها تحت تصرف الدولة . و أعطي الملك مكانة مرموقة لصديقه منصور في الدولة.وربطت علاقة الصداقة بينهما بمحبة ووئام.. واليوم كم من مجتمعاتنا بحاجة إلى المحبة والتسامح.لتعيد العلاقة الإنسانية إلى مكانتها الاجتماعية تحت سقف الوطن الواحد
ملكي داؤود ملكي
سودرتالية
24/2 / 2015
ءً
روح الوداعة
-
- عضو
- مشاركات: 8
- اشترك في: الثلاثاء يونيو 02, 2015 6:29 pm
العودة إلى ”܀ كل يوم قصة هادفة“
الانتقال إلى
- القنــــوات الفضــــائية الســــورية العامة والخاصة
- ↲ القنــــوات الفضــــائية الســــورية
- ↲ قنــــــــــــــــــــــــــــاة ســــــــــــــــــــــــــــــــــما الســــــــــــــــــــــــورية
- القسم العام
- ↲ كرنافال المالكية
- ↲ ܀ أخبار محلية!
- ↲ أخبار شعبنا
- ↲ أخبار شعبنا في المهجر
- ↲ أخبار شعبنا في ديريك
- ↲ أخبار شعبنا في قبري حيوري
- ↲ أخبار شعبنا في القامشلي
- ↲ أخبار الأبرشيات
- ↲ ܀ أخبـــار عامــــة ـ دوليــــــــــــة
- ↲ ܀ اقرأ كل يوم حكمة جديدة!
- ↲ ܀ قهـوة ديـريـك ديـلان
- ↲ منتدى النكت والطرف والحزازير
- ↲ أقوال مأثورة وحكم
- ↲ منتدى الترحيب بالأعضاء الجدد
- ↲ التعارف ، المقابلا ت والحوار
- ↲ منتدى الآراء والاقتراحات
- ↲ ܀ منتدى المنبر الحر
- ↲ ܀ حــــول الــعـالـــم ـ منـــوعــــات ـ غـــــرائــــب
- قسم الأفراح والأحزان
- ↲ منتدى التهاني بالأعراس والخطوبة
- ↲ منتدى التهاني بالمعمودية والولادات الجديدة
- ↲ منتدى التهاني بأعياد الميلاد
- ↲ ܀ منتدى التهاني المنوعة، مناسبات أخرى
- ↲ منتدى التعازي والــــوفيـــــات
- ↲ ܀ اشعل شمعة
- قسم المسيحيات
- ↲ آية وحكمة اليوم
- ↲ ܀ طقسيات لأيــام الآحـــــاد & الأعيـــاد
- ↲ الاشحيم
- ↲ ܀܀܀ كتاب الاشحيم ܀܀܀
- ↲ ܀܀܀ صلوات الاشحيم ܀܀܀
- ↲ ܀ زوادة اليـــوم
- ↲ السنسكسار السرياني
- ↲ السنكسار السرياني ܩܽܘܕܺܝܩܽܘܣ لشهر ايلول
- ↲ السنكسار السرياني ܩܽܘܕܺܝܩܽܘܣ لشهر تشرين الأول
- ↲ ܀ كل يوم قصة هادفة
- ↲ مواضيع دينية وروحية
- ↲ طلب صلوات وتضرعات
- ↲ سير ومعجزات القديسين
- ↲ مسابقات واختبارات
- ↲ ܀ منتدى المرشد الروحي للأب الربّان رابولا صومي.
- القسم الرياضي
- ↲ الرياضة السريانية
- ↲ الرياضة السورية
- ↲ الرياضة العربية
- ↲ الرياضة الدولية
- ↲ منتدى كأس العالم
- قسم السريانيات
- ↲ منتدى تعليم اللغة السريانية
- ↲ ܀ منتدى ابن السريان
- ↲ ܀ المكتبة السريانية
- ↲ منتدى الأدب والتراث السرياني
- ↲ منتدى مشاهير السريان
- ↲ منتدى أمكنة ومواقع سريانية
- ↲ منتدى عادات وتقاليد شعبنا
- ↲ رجال ونساء من شعبنا
- ↲ ܀ أزخينيات
- ↲ ܀ منتدى المرشد الروحي للأب الربّان بولس خانو
- القسم الأدبي
- ↲ ܀ حـــدث فـــى مثـــل هـــذا الـــيوم!
- ↲ المنتدى الأدبي
- ↲ منتدى الكتب والكتّاب والقراء
- ↲ منتدى أدباء السريان
- ↲ منتدى الكاتب والراوي فريد توما مراد
- ↲ الشاعرة والاديبة السريانية بنت السريان
- ↲ منتدى الشعر
- ↲ منتدى الأدب
- ↲ ܀ منتدى الشاعر توما بيطار
- ↲ ܀ منتدى الأديب وديع القس
- ↲ ܀ منتدى الاديب والشاعر القس جوزيف ايليا
- ↲ ܀ منتدى الاديب والشاعر الازخيني فؤاد زاديكه
- ↲ ܀ المنتدى الثقافي
- قسم الأسرة والمجتمع
- ↲ ܀ منتدى الجمال والاناقة
- ↲ منتدى الطفل
- ↲ ܀ منـــتدى صحتـــــك بالـــدنـــيا
- ↲ ܀ منتدى الرجال
- ↲ منتدى المجتمع
- ↲ ܀ مطبخ ديريك ديلان العالمي
- ↲ ܀ حــــــلـــول ذكيـــــــــــــية
- قسم العلوم والتكنولوجيا
- ↲ المنتدى التجاري والاقتصادي
- ↲ ܀ منتدى مــال واعمــال & أخبـــار ـ اسـواق وبوصات
- ↲ ܀ منتــدى عــالــم السيــارات
- ↲ ܀ منتدى الإرشادات والنصائح الطبية ـ جديد الطب
- ↲ منتدى الكومبيوتر والإنترنيت والموبايل & أجهـــزة
- ↲ منتدى التقنية والتكنولوجيا
- ↲ ܀ أضـــف لمعــــــلومـــاتك
- قسم الفنون الجميلة
- ↲ الفن والفنانين
- ↲ منتدى الفن والرسم
- ↲ ܀ منتـــــدى السيـــــاحة والســــــفر
- ↲ ܀ فرقة حسان باند الموسيقية
- القسم القانوني
- ↲ منتدى القوانين و الأحكام
- ↲ منتدى أحكام وأخبار المحاكم
- Language Forums
- ↲ Forum English
- ↲ Deutsch Forum
- ↲ Svenska forum