----------------
إنّ القس "حنا إيليا" هو واحدٌ من أهمّ رجالات "آزخ" المعروفين بالحكمة والوعي والرّأي السّديد ومن الّذين تركوا أثرًا طيّبًا لا يمحى على جدار تاريخها المجيد الحافل بالبطولات والتّحديّات ومقاومة الموت والفناء والاصرار على البقاء والخلود
وليس يُعرف يوم مولده في بيتٍ آزخيٍّ عريقٍ من أبيه "إيليا" مع أخويه "مراد" المعروف بالشّجاعة والبسالة و"كوركيس" المشهور بحنكته التّجاريّة وأخته "مارتو"
لقد كان القس "حنا" - طيّب الّله ذكره وسقى ثراه - مولعًا بالعلم فأرسله والده إلى "دير الزّعفران" لاستكمال تعليمه على رجاء الانخراط في السّلك الرّهبانيّ ولكنّ سيرته تغيّر اتجاهها تمامًا حينما التقى في "ماردين" ببعثةٍ تبشيريّةٍ إنجيليّةٍ أمريكيّةٍ بقيادة المبشّرة "مسز فلنكا" أخذ عنها مبادئ المعتقد الإنجيليّ ثمّ تابع دراسته الّلاهوتيّة بشكلٍ نظاميٍّ وبعد تخرّجه عيّن مرسلًا للخدمة في "هسّانا" و "كربوران" وبعض القرى الأخرى المحيطة بآزخ حيث كان يصلّي فيهم ويعظهم باللغة الكرديّة الّتي كانوا يعرفونها بالإضافة إلى لغتهم الأمّ" السّريانيّة الكلدانيّة ولهذا الغرض قام بتأليف وتلحين العديد من التّرانيم والتّسابيح الدّينيّة بهذه الّلغة الّتي كان يتقنها مع العربيّة والتّركيّة والإنكليزيّة ثمّ قام بتأسيس أوّل كنيسةٍ إنجيليّةٍ في المنطقة
وبعد خدمةٍ طويلةٍ مثمرةٍ دعاه ربّه ليدخل إلى فرحه فأسلم روحه الطّاهرة بشيخوخةٍ صالحةٍ في عام ١٩٣٦ ودفن في كنيسة السّريان في "آزخ" وما زال جثمانه راقدًا فيها حتّى هذه الّلحظة
وتحت وقع ضربات ظلم الأتراك اضطّر أبناء "آزخ" للنّزوح عنها إلى سوريا ومنهم أبناء القس "حنا" الّذين استقرّوا في مدينة "ديريك - المالكيّة" وبنوا كنيسةً إنجيليّةً فيها رعاها عدّة وعّاظٍ ومنهم حفيده القس "جوزيف إيليا" وقد توزّع معظمهم بعدها في عدّة دولٍ من العالم الغربيّ
ولمكانة المرحوم القس "حنا" الكبيرة في نفوس أبناء "آزخ" وقلوبهم لقّبوه ببابو أي الأب وقد اشتهر به
له من زوجته" سيدة" سبعة أبناءٍ وابنتان : " أندراوس - سليمان - عبد الأحد - فيلبّس - بنيامين - موسى - جميل - ليّا - نجمة"
كلّ السّلام والنّور والمجد لروحه الطّاهرة النّقيّة
