اللهاث وراء الشر بقلم المحامي نوري إيشوع

[المحامي نوري إيشوع]

اللهاث وراء الشر
بقلم المحامي نوري إيشوع

العالم اليوم تبًدل و تغًير, عالم ساكنيه ليسوا هم أنفسهم ساكني الأمس, عالم ينحدر نحو الآثام و الهاوية, عالم تخلى فيه الانسان عن انسانيته و فقد بجدارة كل قيمه و مبادئه من خلال لهاثه المستمر وراء الشر, انسان زرع كل دروبه بالأشواك و الزؤان الذي سيطر كالأخطبوط على كل حياته.
انسان جرد نفسه و بارادته من كل صفاته الأنسانية التي كان يتحلى و يتباهى بها لانها كانت تميزه و ترفعه عن بقية الكائنات الحية.
انسان لبس ثوب الكذب بدلاً من الصدق, و الخداع بدلاً من الأمانة, و الرشوة و الفساد بدلاً من النزاهة و الأستقامة, و الزنى و الفسق بدلاً من العفة و الشرف, و العصيان بدلاً من الأحترام, و الكفر و الألحاد بدلاً من الأيمان, و الأنانية و حب الذات بدلاً من التضحية و التفاني في خدمة الأخرين, التشهير و الذم و القدح بدلاً من التستر على حياة الناس و حفظ اسرارهم.
عالم أصبح قانونه الوحيد الحرب و القتل بدلاً من الأمن و السلام, و جعل الناس تتحول الى حيوانات ضارية تنهش و بوحشية و بدون رحمة في لحوم ابناء جلدتها بدلاً من التضحية من أجلها و العمل على حمايتها. عالم زرع الكره و البغضاء بين حتى أبناء اللحمة الواحدة ((العائلة الواحدة) بدلاً من المحبة, و أصبح الشر ينتشر في حياة الانسان أنتشار النار في الهشيم و بوتيرة تفوق التصور, فمنذ سنوات ليست ببعيدة, كانت العلاقات العائلية تقوم على المحبة و الأحترام, فالأولاد كانوا يصغون الى الأباء و الأمهات و يقدمون لهم الطاعة البنوية بصورة عفوية, فطرية, الأخوة الصغار كانوا يحترمون الأخ الأكبر حتى مع و جود الوالدين, صلات القرابة كانت متينة و ذات روابط مبنية على محبة حقيقة غير مزيفة. اما في عالم اليوم, تحولت العلاقة الى علاقة هشة مبنية على الماديات و شابها الغبن و الحقد و الخلافات, علاقة أصبح سيدها المال ليس الا, هذا السيد الذي وسًع الفجوة بين اقرب المقربين, و قتل روح المحبة الأنسانية بغير رجعة.
عالم بث سموم شروره في كل كيان الأنسان, فأنتزع منه سلامه وتركه يعيش في قلق و خوف من الغد. عالم جعلنا نحيد عن أسمى اهدافنا في الحياة : الله و العائلة, فهناك اباء يقضون اوقاتهم خارج المنزل و هم بعيدون بارادتهم عن العائلة و الأولاد. و هنا ذكرني هؤلاء بحادثة حقيقية تحدث في حياة كل واحد منا و يتبين من خلالها اهمالنا لفلذات اكبادنا:
دخل الوالد مساءً الى المنزل بعد يوم عمل شاق و مضني, فاستقبله ابنه امام الباب بلهفة و فرح كبيرين, و سأل والده بصورة عفوية : بابا كم من اليورو تربح في الساعة, فأجابه والده بأمتعاض و برود معتادين, 12 يورو, و أردف الوالد قائلاً: و لكن لماذا السؤال؟ فأجابه الأبن لأنني بحاجة الى 6 يورو, فأغتاظ الوالد و طلب من ابنه ان يدخل غرفته و يخلد الى النوم بعد ان نهره, طأطأ الولد رأسه و دخل الغرفة حزيناً. بعد برهة راجع الوالد الموقف و شعر بقساوته على ابنه الذي لم يرتكب خطأ وسأل نفسه : قد يكون الولد فعلاً بحاجة الى المال؟ فدخل الى غرفة ابنه و اعتذر منه و مد يده الى جيبه و أخرج منها 6 يورو و اعطاها له, فرح الولد جداً و مد يده الى حافظة نقوده و اخرج منها 6 يورو اخرى و قال لوالده : بابا اصبح عندي 12 يورو و هي ما تربحه في ساعة عمل, خذها يا أبي و لكن أرجو منك ان تنهي عملك غداً قبل ساعة من الوقت المعتاد لأننا اشتقنا لك و نتمنى ان نراك قبل ان ننام.
أخوتي كثيرون هم الذين لا يستطيعون أن يروا اولادهم بصورة اعتيادية لانهم يمضون ساعات طويلة في العمل خارج المنزل. اولادنا بحاجة لوجودنا في قربهم, عائلاتنا بحاجة لمساعدتنا و عطفنا و حناننا, و لكن يبقى هذا العالم هو الحكم و الآمر و الناهي و هو الذي يقرر مصيرنا و أسلوب حياتنا.
اخوتي, عالم أصبح ساحة حرب و قتلاه بالألاف, عالم بشروره جلب لنا الويلات : كوارث طبيعية غريبة لم تكن تخطر على بال بشرحصدت مئات الألاف من البشر في لمحة البصر, أمراض غريبة عجيبة غزت كوكبنا و فتكت وتفتك بالملايين, اديان اصبحت حتى الحيوانات تُعبد و تُقدس, اديان اصبح تابعيها يسجدون لأبليس, أزمات أقتصادية عالمية دكت خزائن دول و قارات فانتشر بسببها الفقر و الجوع, أزمات مالية كانت من نتيجتها أفلاس أكبر البنوك و الشركات العالمية المعروفة.
عالم يعيش فيه الأنسان في سعادة مزيفة, عالم اصبح الانسان فيه يعيش في حرية شكلية, ظاهرية و هو لا يعلم بانه سجين داخل قضبان المدينة بسلاسل فولاذية يستحيل التحرر منها, سجين, سادة سجنه هم من اكبر تجار المافيا و تجار المخدرات و الجنس و الدعارة, سادة بثوا و لا زالوا يبثون سموم تجارتهم في اجسادنا و عقولنا و حتى عقول أطفالنا. سادة هم الذين استوردوا امراض عصرية لا دواء لها كالايدز (فقدان المناعة) و انفلونزا الخنازير و غيرها, و هم انفسهم الذين اخترعوا العاباً شيطانية غزت حياة أطفالنا و تحرض على القتل و الظلم و الدمار, عالم لبس انسانه ثوباً متسخاً و اصبح يتباهى به, و فقد طهارته و أستبدلها بالخطيئة و الأثم.
اعزائي تعالوا معاً نلقي نظرة سريعة على هذا العالم من خلال نافذته, لنرى بامهات اعيوننا نيرانه الحارقة القادمة باتجاهنا من كل حدب و صوب : زلازل و براكين, امراض غريبة و فتاكة, اديان كل ما فيها ألحاد و كفر, حروب وويلات, علاقات جنسية مخالفة للطبيعة, زواجات المثل: ففي كندا على سبيل المثال بلغت نسبة هذا الزواج المثلي الذي ترفضه حتى الحيوانات الى 33% بين اعوام 2001 و 2006.
فيا ايها الأنسان, عد الى رشدك و ارجع الى طبيعتك البشرية الطاهرة, التي كنت تتباهى بها قبل الغرق في الخطيئة, و انزع عنك ثوبك الملطخ باثام هذا العالم, و اتخذ منذ الآن قراراً مصيرياً و انهي علاقاتك بابليس و اتباعه. لانك لن تكون خالداً و سوف يتوقف قطار حياتك في محطته الأخيرة في ساعة لا تعلمها و هي قريبة جداً, و توقف عن تلويث قدسيتك و حينها سينطبق عليك ما قاله دانيال النبي :
15 فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس.ليفهم القارئ. 16 فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية الى الجبال. 17 والذي على السطح فلا ينزل لياخذ من بيته شيئا. 18 والذي في الحقل فلا يرجع الى ورائه لياخذ ثيابه. 19 وويل للحبالى والمرضعات في تلك الايام. 20 وصلّوا لكي لا يكون هربكم في شتاء ولا في سبت. 21 لانه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم الى الآن ولن يكون.

المحامي نوري ايشوع
كندا - مونتريال

[ابن السريان]

سلام الرب معك
أخي الحبيب نوري
أشكرك على هذا الموضوع الرائع والهام جداً
أنك سلطت الضوء على أهم ما فسد في الحياة
أقول فقط كل معايير القيم والمبادئ قد تبدلت وعكست
طوبى لمن يثبت لمجيئ الرب
أتحفنا بالمزيد ودمتم بألف خير

[/color]

[المحامي نوري إيشوع]

عزيزي ابن السريان الأشم

اشكرك على مرورك و باركك الرب الاله و امدك بالصحة و السعادة

اخوك نوري

[كريستيان]

موضوع جميل وومتع لكن ماهي الاسباب الحقيقية وراء هذا التغيير الذي اصاب العالم