قرية برا بيث (برا بيصا) وعيد العذراء مريم شيهر برا بيصا!

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 54208
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

قرية برا بيث (برا بيصا) وعيد العذراء مريم شيهر برا بيصا!

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

عيد العذراء مريم شيهر برا بيصا
صورة
يحتفل العالم المسيحي بيوم 15 أيار من كل سنة بعيد السيدة العذراء مريم لبركتها على السنابل. هذه المناسبة المباركة غالية على قلوبنا جميعاً.
هذا العيد المقدس المعروف بمنطقة الجزيرة السورية بعيد برابيصا (شيهر برابيصا). هذه المناسبة تحولت إلى مهرجان ديني وشعبي.
فرحتنا كبيرة اليوم، لأنها تذكرنا بطفولتنا وأيام الشباب، أيام عز السريان في وطننا الغالي سورية.
هذا الإحتفال الديني هو إحتفال وطني وكرنفال شعبي، دخل تراثنا السرياني الكنسي وأصبح جزأً منه، وكذلك هنا في بلاد المهجر كما هو الحال في أرض الوطن. هذا التواصل والاستمرار والتمسك بعاداتنا وتقاليدنا يزيدنا قوة وتلاحماً وترابطاً ويزيد فينا الشعور والإحساس بالمسؤولية التي تقع علينا تجاه كنيستنا وشعبنا السرياني.

تاريخ القرية برا بيث :mary:
تاريخ هذه القرية التي نحتفل بأسم كنيستها المقدسة بيعت عزرت برابيصا. طبعاً لا يسعني الوقت أن اتحدث عنها هنا بالتفصيل بل بالموجز المختصر.
قرية برا بيث هي احدى القرى السريانية التي تعاقبت عليها الأجيال والأجيال منذ زمن بعيد، فخاضت معاركاً كثيرة وصراعاً تاريخياً متوغلاً في القدم غير محدود المعالم. اصابها الزمان بعنفوانه، فشن عليها اعدائها حروباً ومجازر حتى خلت وهدمت وحرقت وطمرت تحت التراب. كما هو حال الكثير من أخواتها القرى السريانية المجاورة والبعيدة. تُعتبر القرية جزء من التاريخ المسيحي القديم، إذا نظرنا إلى تاريخ بناء الدير الموجود فيها، الذي يعود تاريخة إلى القرن الرابع الميلادي أي حوالي سنة 350 ميلادية.
تقع قرية برا بيث على تل صغير، في أقصى الشمال - الشرقي بالقرب من الحدود السورية التركية الحالية. وهي إحدى قرى منطقة الدجلة – ديريك (منطقة المالكية) في محافظة الحسكة - سورية.
يعود تاريخ القرية إلى أزمان سحيقة متوغلة في القدم كما يظهر من تسميتها الآرامية – السريانية (ܒܪܐ ܒܝܬ) برا بيت أو (ܒܗܪܐ ܒܝܬ) ، بار بيث أو بهرا بيت. الذي يعني: خارج البيت، برات البيت، إبن البيت، بيت القديس، البيت المضيء أو نور البيت. يلفظ أسم هذه القرية لدى أهالي القرية وأهالي منطقة ديريك وآزخ (بَرا بَيسا أو بَرا بيصا). تسمى القرية في السجلات الحكومية الرسمية في سورية باسم قرية خان يونس. جاء هذا الأسم بعد تعريب اسماء القرى السريانية في المنطقة.
تاريخ القرية غير معروف لدينا، وليس هناك معلومات كافية وواضحة لتحديده. لكن يعود تاريخ الكنيسة الموجودة في القرية إلى زمن بعيد، يستدل ذلك من خرائبها وأطلالها، هذا ما يؤكده طراز البناء المعماري الهندسي لها، ولتشابه الأحجار البازلتية السوداء والمداميك الكبيرة في المداخل ومستوى انخفاض القاعدة، بأنها كانت ديراً أو معبداً صغيراً تابعاً للدير الكبير الموجود في ديريك (حالياً كنيسة العذراء مريم). إن الحقيقة التاريخية مخفية تحت الأنقاض.
أما تاريخ القرية الحديث ومنذ بدايات القرن المنصرم، هو متعلق بما جرى عليها في الآونة الأخيرة من تطورات وأحداث بعد الحرب العالمية الأولى أيام الفرمان المشؤم وما بعده. الذي راح ضحيته مئات الآلاف من السريان الأبرياء ومئات القرى السريانية. كان نصيب هذه القرية لا يختلف عن نصيب أية قرية سريانية أخرى، التي قدمت أبناءها قربان للمسيح ولاعتقادهم القويم.
كان في قرية برا بيث قبل سنة 1915م، جالية مسيحية من طائفة الكلدان وهم ملاكوها الأصليون، وعددهم أربعين عائلة ومعهم عشر عائلات من طائفة السريان الأرثوذكس. كانت القرية تابعة كنسياً لأبرشية آزخ وجزيرة بن عمر، التي كانت تضم وقتذاك تسعة عشر قرية إضافة على مدينة الجزيرة وبلدة آزخ. جاء ربيع عام 1915م وظهرت نوايا خبيثة جديدة مخفية في قلوب أعداء المسيحية وأعداء الأمة السريانية ليحل المصاب الكبير (المجازر الجماعية) المعروف بالفرمان المشؤوم على المسيحيين وبدون استثناء لاستئصال جذور المسيحيين من المنطقة وتطهيرها من هذا العنصر الإنساني المسالم والمحب. حرقت وهدمت القرية عن بكر أبيها ولم ينجو فرداً واحداً من سكانها. الويل لمن يقع فريسة التخلف والحقد والتعصب الأعمى.
بعد الحرب العالمية الأولى والمصيبة التي اصابت شعبنا السرياني أيام سفر برلك، هاجر شعبنا قراه ومدنه من طور عبدين وهكاري وغيرها. اتجه الكثيرون إلى اقرب المناطق التي تجاورهم وكأنهم نزلوا نزوحا شاقوليا من المناطق التي بقيت تحت الحكم التركي إلى المناطق التي سيطرت عليها الجيوش الفرنسية والانكليزية التي كانت نوعاً ما أفضل من حكم السلاطين والجندرمة. نزحوا إلى منطقة أكثر أماناً في ظل الانتداب الفرنسي. كان من نصيب بعض العائلات، الذين انحدروا من آزخ واسفس وكارسا وباسا وغيرها، أن وصلت إلى هذه القرية (قرية برا بيت). سكنوا أولا التل بجانب الدير الذي اكتشفه الاهالي فيما بعد. هذا الدير الذي أعادوا بناءه فأصبح لهم كنيسة وسميت بنفس أسم الدير كنيسة السيدة العذراء مريم المعروفة فيما بعد بكنيسة عزرت برا بيصا. بنوا البيوت وفلحوا الأراضي وزرعوها، ونظموا البساتين والكروم وصنعوا من هذه الأرض القاحلة جنة صغيرة يشتهي المرء أن يسكنها. أهلت القرية من جديد فأصبحت قرية من قرى ديريك، أي تابعة إدارياً لمنطقة الدجلة (منطقة المالكية - ديريك) في الجمهورية السورية. كذلك الأمر تبعت قرية برا بيث دينيا ( أي إدارة كنسية) إلى كنائس ديريك التي تتبع أبرشية الجزيرة والفرات. عدد العائلات التي كانت متواجدة في القرية تقريبا 30 عائلة.
المخاتير الذين تسلموا مسؤولية إدارة هذه القرية هم: المختار موسى عبدال، المختار مراد كبرو، المختار أفرام القس يوسف شاهين، المختار حنا كارسي. ثم قام بهذه المهمة السيد لحدو كارسي بدلا عن والده حتى مغادرته إلى السويد وترك القرية.
كانت الكنيسة الحالية حتى أوائل الخمسينات من القرن الماضي عبارة عن تل من التراب. حتى أن ظهرت السيدة العذراء مريم للكثيرين من أهالي القرية، قبل أن يتم بناءها. إذ كانت مهدمة من أيام الفرمان. فقد قيل أنه كثيراً ما رأى المؤمنون أضواء مصابيح أو فوانيس تتجول حول هذا التل ولا سيما في ليالي أعياد السيدية والآحاد. فقد روى الكثير منهم أنهم كانوا يسمعون أصوات رجال يرددون التراتيل والصلوات. بهذه الرؤى كانت العذراء تعطي إشارات ورموز لهم أن يقوموا بعمل ما ليعيدوا مجد الكنيسة من جديد. بقيت هذه الحالة حتى تراءت بالحلم للعديد من السكان، تنهيهم عن نقل حجارتها وترابها. عندما تكررت الرؤى والأحلام نقل المؤمنون أخبارها إلى المثلث الرحمات - المطران مار اسطاتيوس قرياقس (+ 1989م) مطران الجزيرة والفرات للسريان الأرثوذكس آنذاك. فقد بذل هذا المطران جهداً كبيراً حيث أشرف بنفسه على ترحيل الأنقاض وإعادة الإعمار. بعد أن انتهى تجديد بناء الكنيسة تم تكريسها في عام 1958م. رسم لها أول كاهن هو المرحوم القس برصوم القس يوسف. وبعد وفاته رسم لها كاهن آخر هو المرحوم القس موسى عيسى الذي توفاه الله في عام 1977م. حيث لم يرسم لها بعد ذلك قسيساً، فكان هو أخر من رسم لهذه الكنيسة. لكن القساوسة الذين يخدمون رعية ديريك يقومون بخدمتها في أوقات الضرورة وأيام أعيادها وفي المناسبات الخاصة الدينية. إن مركز التربية الدينية والمجلس الكنسي في ديريك أهتم بها، فأقام بتصوين كامل فناء الكنيسة. وتمت ترميمات داخلية وخارجية لبناء الكنيسة والمقبرة الموجودة فيها كما أقيم سور حول محيط مساحتها، الذي يضم الكنيسة وحوشها والمقبرة معاً. كما يقوم هذا المجلس أيضاً بالتصليح والترميم الدوري وفسح المجال أكثر للزوار. بعد أن أصبحت الكنيسة شاغراً بدون كاهن خاص لها، تم إقرار إقامة الصلوات والقداديس في أوقات متفرقة حسب الحاجة. تعتبر اليوم هذه الكنيسة: كنيسة أثرية أو مزارا أثري مقدس يقوم بزيارته المؤمنون من مختلف أنحاء العالم. يتخذ المجلس الاستعدادات الكافية في كل عام لاستقبال الزائرين في العيد السنوي لهذه الكنيسة، الذي يقع في الخامس عشر من شهر أيار، عيد السيدة العذراء مريم لبركة السنابل المعروف بشيهر بربيصا. حيث تفد الكنيسة حشود كبيرة من الزوار من سائر أنحاء الجزيرة وغيرها، وفاء للنذور والمشاركة بهذا المهرجان الديني والشعبي.

وختاماً
يا أخوتي تعالوا معاً نرفع صلواتنا ودعائنا بهذه المناسبة المباركة إلى أمنا مريم العذراء أم ربنا يسوع المسيح التي من أجلها اجتمعنا اليوم وباسمها أيضاً قد أجتمع إخوتنا في الوطن الحبيب في ديريك في برا بيصا. لنسلمها أمانة كبيرة أن تحافظ علينا وعلى أخوتنا في كل مكان من العالم، وأن توصل لهم أغلى تحياتنا القلبية الحارة .
راجياً من الله أن يحفظكم جميعاً ويحفظنا بشفاعة القديسة الطاهرة والدة الإله السيدة مريم العذراء.
بيعت عزرت برا بيصا تكون معنا جميعاً، وقوة ربنا يسوع المسيح له المجد تحمينا وتحفظنا دوماً إلى الأبد آمين.

عاشت كنيستنا السريانية
عاشت أمتنا السريانية
تيحي أومثان سوريوييتو



هذا الموضوع منقول عن
كتاب: " برا بيث" تأليف الدكتور جبرائيل شيعا
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”܀ أخبار محلية!“