النبي كيك- كيكي .؟!

[Alrban Rabola]

قرأت اليوم عن حصن سليمان ومقولة النبي كيك -كيكي
التاريخية للدكتور الفاضل ملفونو: دنحو داود وزير السياحة السوري السابق ومحافظ لمدنتي طرطوس والسويداء.
موضوع أثري تراثي.... بحثــاً
عـن النـبـي كيـكي...
من عساه يكون؟؟؟!!!
في تقليدنا الشعبي السوري الكثير من المرويات والأقوال التي امتدت واستمرت على ألسنة الناس إلى اليوم دون أن يدرك رُواتها أو قائلوها الشيء الكثير عن شخصيات هذه المرويات!! أو حتى إنهم يرددون هذه الأقوال مجرد ترداد دون أن يعرفوا أي شيء عمَّا هم يتحدثون ودون أن يرسموا حتى علامات الاستفهام حول هذه الشخصيات التي ارتبطت بأقوالهم أو مروياتهم.
ومن هذه الأقوال التي يرددها السوريون عامة سواء منهم أهل الساحل أم أهل الداخل أم أهل الجنوب والشمال مقولة قصيرة جداً قد تكون على عدة أشكال، ولكن قاسمها المشترك هو" النبي كيكي" أو "النبي كيك" كأن يقول أحدهم، بل أحدنا: "والله هالشغله بدّها حلم النبي كيكي"، وربما قصد بها: "إن هذا الأمر هو على جانب من التعقيد أو الخطورة إلى درجة أن حلًّه يتطلب تدخل النبي كيكي؟!" وكلُّنا يعرف "النبي كيكي" ويتداول اسمه ولا أحدٌ منا يعرفه أو يعرف أي شيء عنه. فمن عساه يكون؟.
الواقع إن الآثاري يبتعد عن منطق القيل والقال ولا يأخذ إلاّ بالمحسوس والملموس من الأدلة المادية وأبرزها النقوش الأثرية باللغات القديمة التي عفا عنها الزمن وأصبحت فقط من اهتمامات المتخصصين بعلم يُعْرَفُ اليوم بعلم الإبيغرافيا Epigraphy. وإليكم فيما يلي إثباتات موثقة بالنقوش ترشدنا إلى نبينا هذا الذي لا نعرف عنه شيئاً إلاّ اسمه فقط لا غير؟؟؟؟!!!!
ثمة موقع أثري هام جداً بمحافظة طرطوس يقع في جبال الساحل السوري على مسافة 27 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة صافيتا وهو المعروف باسم "حصن سليمان" الذي يتربع في وهدٍ جبلي محاط بالمرتفعات من كافة جهاته تقريباً على السفح الغربي من قمة " النبي صالح".
إن هذا الـ"حصن" ليس حصناً على الإطلاق وليست له علاقة بـ"سليمان" ؟؟؟؟!!!! بل هو معبد آرامي سوري بامتياز يدهش كل زائريه بحجارة أسواره البالغة الضخامة والتي تتجاوز أوزان بعضها السبعين طناً بأبعاد 10×2.7×1 متراً ؟؟؟!!!
وأهم ما في الخرائب الباقية من هذا المعبد الآرامي السوري هو النقوش الكتابية الأثرية باليونانية التي كانت لغة التخاطب الدولية واللغة الرسمية (إلى جانب لغتنا الآرامية القومية بالطبع)، في سوريا خلال الأدوار الكلاسيكية التي تلت الإسكندر المكدوني واستمرت لألف عام بعده.
وهذه النقوش كلها تتحدث عن "إله بيتو كيكي" حيث ورد اسم "بيتو كيكي" الذي كُرِّسَ هذا المعبد لعبادته حصراً منذ عصور سبقت التجديد الأخير لبنائه عام 171 الميلادي فيما يعرف بالدور الروماني في سورية.
ولم يأتِ الاسم من فراغ بالنسبة للآراميين السوريين الذين كرسوا هذا الصرح الديني الهام جداً لعبادة "إلهه" الذي كان النبي "كيكي" يبشر بعبادته هو "الإله العليّ رب السماوات" وهذا يدلنا على أنَّ شخصاً حقيقياً عاش في أوائل الألف الأولى قبل المسيح كان يحمل اسم "كيكي" وكان على درجة من الحكمة والصلاح والطاقات الروحية إلى حد أنه تنبأ بوجود إله أعظم وهو "الإله العلي رب السماوات" (وهذه الصفة الأخيرة نقرؤها في مذبح عثر عليه في قرية "ساعين" في ريف مدينة طرطوس)، وهذه العبارة هي كناية عن إله أو رب "بيتوكيكي". وإن هذا الداعية، أو "النبي؟" للإله العلي رب السماوات قد استقر في القرية التي حملت فيما بعد اسمه "بيتوكيكي" أي "بيت كيكي"، وبنى معبداً لعبادة "الإله" هناك وأصبح هذا الإله يعرف بـ "إله بيتو كيكي". وقد تم تجديد المعبد بصورته النهائية الماثلة آثارها إلى اليوم في القرنين الثاني والثالث الميلاديين.
ونذكر بالمناسبة أن ثمة "أنبياء" آخرين بقيت أصداؤهم وأُطْلِقتْ أسماؤهم على قمتين أخريين في سلسلة جبال الساحل وهما "النبي متى" و "النبي يونس" قرب صلنفة، كما أنه لدينا في التداول أيضاً أسماء "أنبياء" آخرين مثل "النبي مندو؟" في الموقع الذي يحمل اسمه قرب بلدة القصير و "النبي هود" الذي تحمل إحدى بوابات مدينة حمص القديمة اسمه.
أو ليست أرضنا السورية هي الأرض الذي خصها الله بالأنبياء والمرسلين؟؟؟!!!
أرفق ثلاثة صور للمعبد وإحدى النقوش الأثرية على عتبة بوابته الشرقية وترجمتها إلى العربية.
انتهى المقال(البحث )
ملحوظة: الاراميين حالياً هم السريان وأغلب أبناء سوريا الكبرى، سورية الطبيعية، سوريا الهلال الخصيب .!!

السويد 25 أيار 2019م