سلسلة من كنز الآباء السريان (23)

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
أبو يونان
إدارة الموقع
إدارة الموقع
مشاركات: 937
اشترك في: الجمعة إبريل 16, 2010 11:01 pm
مكان: فيينا - النمسا
اتصال:

سلسلة من كنز الآباء السريان (23)

مشاركة بواسطة أبو يونان »

سلسلة من كنز الآباء السريان (23)

من أقوال آبائنا السريان عن التراتيل
مار غريغوريوس ابن العبري مفريان المشرق



من وضع الترانيم الروحية في الكنيسة ومتى ؟

منذ زمن مجمع نيقية المقدس شرع قديسنا مار أفرام ينتج الأناشيد القدسية والمداريش، ضد أهل البدع في زمانه، ونبغ ملافنة آخرون أمثال مار إسحق وبالأي (أسقف بالش) وغيرهما استمدوا التسابيح من مزامير داود. وفي عهد مجمع أفسس ظهر ناس قواقين (خزافون) أتقياء حركهم الروح القدس فأنتجوا أناشيد روحية كثيرة مثل مار سمعان الفخاري ، وبعد سنة 451 نبغ اللاهوتي الكبير علامتنا نحن السريان مار سويريوس الكبير فألف أناشيد روحية باليونانية وترجمت حالياً إلى السريانية، رصّعها بالمعاني اللاهوتية السليمة، وقدم عليها آيات من المزامير. وفي عهد اللاهوتي الرهاوي والعلامة جرجس أسقف العرب، وضعت في (الطقس السرياني) التسابيح المعروفة بالقوانين اليونانية، ألف بعضها عالم دمشقي اسمه قوريني بن منصور، كما ألف بعضاً الآخر راهب يدعى قوزما الذي ابتكر ما يعرف بـ (ܩܽܘ̣ܩܰܠܺܝܘ̇ܢ القوقَلين) أو(القوانين) وهي أكثر عذوبة من الأناشيد التي وضعها قوريني. وقوريني هذا كان من أتباع المجمع (الخلقيدوني) إلا أنه لم يتطرق بتسابيحه هذه إلى الموضوعات اللاهوتية المختلف عليها، ولذلك أخذت تسابيحه وقوانينه طريقها إلى كنائسنا في الشرق والغرب، كما أكد لنا الأسقف عزيز ابن العجوز.

وكيفما كان، فإن الكاملين الذين لهم فكر المسيح، لا يحتاجون إلى الألحان الصارخة، لأنهم يناجون ربهم بألفاظ ناعمة هادئة، وبأفكار روحية صامتة، أما الذين هم أقل درجة في الكمال الروحي، والذين لم يزالوا يحملون العقول الصبيانية فإنهم بحاجة إلى صخب الألحان وارتفاع الأصوات، ولذلك أعطاهم الآباء هذه الطريقة لكي يسبحوا الله بها طبقاً لرغباتهم، لكي ينادى المسيح سواء بالكلام أو بالحق.

الأسباب التي من أجلها دخلت الألحان الكنيسة :

أنني أعرف سببين اثنين، من أجلهما وافق الآباء القديسون على ترتيل التسابيح الروحية في الكنيسة المقدسة.

السبب الأول : إن النغمة بعذوبتها تخفف من وطأة الأتعاب النسكية، وتلهي الناسك فينسى الشعور بالوقت والملل، وإذا عدم الإنسان الشعور بالوقت والملل يعدم أيضاً الشعور بشدة وطأتهما وأعبائهما، وهذا الهدف يظهر واضحاً في الأطفال الذين إذا آلمهم شيء يلوذون بالبكاء، وإذا ما ناغتهم الأم بألحانها أنستهم ما كانوا يتألمون منه فيهدؤون ويتوقفون عن البكاء، ولا شك أن اللحن يؤثر أيضاً في الحيوانات فهذه الجِمَال مثلاً يقودها الحادي بألحانه، وعلى ظهورها أحمالاً ثقيلة تخفف وطأتها عذوبة اللحن البسيط ، فتقطع المسافات البعيد ولا تشعر بالجوع أو العطش أو الإعياء.

السبب الثاني : أن اللحن يؤدي إلى زيادة تفهم المعاني الكامنة في التسابيح الروحية، وذلك على وجهين، الأول: إن نظام الكلمة المرافق للنغمة يغطي امتداد الأبيات وطول الوقت، فيفسح مجالاً أوسع للعقل لإدراك المعنى وتفهمه، والثاني: أن الكلمة التي تلفظ بعذوبة موسيقية تكون أفعل في النفس وأحبها إليها. ولذلك تخشع النفس مستأنسة ويضرم شوقها إلى الله مستغرقة في تأملاتها.
--------------------
المصدر :
الإيثيقون – مار غريغوريوس ابن العبري مفريان المشرق / الفصل الرابع والخامس / الباب الخامس
ترجمه وكتب مقدمته الملفان مار غريغوريوس بولس بهنام
--------------------
http://dss-syriacpatriarchate.org/
ليس لديك الصلاحية لمشاهدة المرفقات
صورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الأدب والتراث السرياني“