أملاً في تحفيز الاقتصاد...تراس تتخلى عن أهم ضريبة تضمن الإيرادات لبريطانيا!

[إسحق القس افرام]

كشفت صحيفة ذا تايمز، أن رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، ستعلن خططاً جذرية لخفض الضريبة على العقارات في الميزانية المصغرة للحكومة هذا الأسبوع، في محاولة لدفع نمو اقتصاد البلاد المتهاوي.
وقالت الصحيفة، إن تراس ووزير المالية كواسي كوارتنغ يعملان على الخطط منذ أكثر من شهر، وسيعلنانها.
وتعتقد تراس أن خفض هذه الضريبة سيشجع النمو الاقتصادي بالسماح لمزيد من البريطانيين بالتحرك، وتمكين المشترين لأول مرة من الصعود إلى سلم العقارات.
والضريبة على العقار، ضريبة يتعين على دفعها عند شراء عقار سكني أو قطعة أرض في إنجلترا أو أيرلندا الشمالية، بسعر معين.
زيادة التأمين الوطني
وقال مصدران من الحكومة البريطانية، للصحيفة، إن البيان المالي سيتضمن أيضاً خططاً لعكس زيادة التأمين الوطني، وتجميد الضريبة على الشركات، وهما إجراءان سيكلفان 30 مليار جنيه إسترليني سنوياً.
وتدرس تراس أيضاً خططاً لتقديم خفض الضريبة على الدخل بنساً واحداً في الجنيه كان مقرراً في 2024 إلى العام المقبل، رغم أن من المحتمل حجزه لميزانية كاملة قبل نهاية العام.
وخلال رحلة إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، أوضحت تراس أنها تريد المضي قدماً في خفض الضرائب.
وقالت: كنت واضحة جداً أنه بالإضافة إلى إبقاء الضرائب منخفضة، نحتاج إلى تدابير من شأنها دفع نمو الاقتصاد.هذه هي أولويتي.. حققنا نمواً منخفضاً نسبياً لعقود عدة.
قرارات صعبة
كما أشارت إلى مراجعة أوسع للنظام الضريبي. وقالت في تصريح صحافي: علينا اتخاذ قرارات صعبة لتصحيح اقتصادنا.. علينا أن ننظر في معدلات الضرائب عندنا.
وبموجب النظام الحالي، لا تدفع رسوم على أول 125 ألف جنيه إسترليني من أي عملية شراء عقار.
وتفرض رسوم تتراوح بين 125 ألف وجنيه إسترليني و250 ألف جنيه استرليني بنسبة 2%، و5% على أكثر من ما بين 250 ألف وجنيهاً، وبين 925 ألفاً وجنيه استرليني، و1.5 مليون جنيه استرليني، وبنسبة 12% على كل ما يفوق 1.5 مليون جنيه استرليني.
أما المشترين لأول مرة، فإن الحد الأدنى الذي يدفعون فيه رسوم التملك هو 300 ألف جنيه استرليني، حسب الصحيفة.
خلال جائحة كورونا، ارتفعت الرسوم مؤقتاً إلى 500 ألف جنيه استرليني لتحفيز سوق العقارات.
وقالت تراس سابقاً، إن خفض هذه الرسوم "أمر بالغ الأهمية" للنمو الاقتصادي، وبصفتها سكرتيرة رئيسية لوزارة الخزانة، قالت إن أعلى معدل للرسوم العقالاية، الذي قدمه جورج أوزبورن، كان "يسد" سوق الإسكان ويؤدي إلى عدد أقل من المعاملات.
مصدر دخل كبير
ورغم أن مستشاري حزب المحافظين المتعاقبين خفضوا هذه الرسوم، إلا أنها مصدر دخل كبير للحكومة، حيث تجمع حوالي 12 مليار جنيه إسترليني سنوياً، حسب ذا تايمز.
وقالت تراس، إنها مستعدة لتكون غير محبوبة إذا كان ذلك يعني تعزيز النمو بدفع سياسات مثل رفع الحظر على مكافآت المصرفيين، وإنهاء الوقف الاختياري للتكسير الهيدروليكي للغاز الصخري.
واعترفت بأن خططها الضريبية ستفيد في البداية الأفضل حالاً، في الوقت الذي قال فيه معهد الدراسات المالية إن أفقر 3 ملايين أسرة في بريطانيا ستكون أفضل بـ 63 بنساً في الشهر، بموجب خطط لخفض التأمين الوطني.
ضريبة سيئة ومشوهة
ومع ذلك، قالت مؤسسة التمويل الدولية، إن الرسوم العقارية ضريبة سيئة ومشوهة، وأشار الخبير الاقتصادي في المعهد بن زارانكو، إلى أنها ضريبة سيئة ومشوهة. لا يمكن قول الكثير عنها باستثناء أنها تجمع الكثير من الإيرادات.
وتابع "قد تكون هذه خطوة إيجابية، فهذه بداية إصلاح أوسع لكيفية فرض ضرائب على الإسكان في المملكة المتحدة. الرسوم على العقار موجودة منذ 1694، لكن ربما حان الوقت لإصلاح كيفية فرض ضرائب على الأراضي والممتلكات.
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية جيليان كيغان، إن تخفيضها "سيساعد في تحريك الاقتصاد"، لافتة إلى أن من الواضح أنك ستسمع المزيد عن هذا الآن. تعرضنا لصدمات اقتصادية لا تصدق، سواء مع فيروس كورونا لبضع سنوات أو مع إغلاق الاقتصاد العالمي بأكمله، وهو ما لم يحدث من قبل. والآن، الحرب في أوكرانيا.
وقالت تراس في تصريحاتها، إنه من خلال تعزيز النمو، ستزدهر الدولة بأكملها. وقالت أيضاً: أقبل هذه الحجة القائلة إن خفض الضرائب غير عادل إلى حد ما.
وأشارت إلى أن ما نعرفه هو أن ذوي الدخل المرتفع يدفعون عموماً المزيد من الضرائب، لذلك عندما تخفض الضرائب، غالباً ما تكون هناك فائدة غير متناسبة، لأن هؤلاء يدفعون المزيد من الضرائب في المقام الأول. يجب أن نضع سياستنا الضريبية على أساس ما سيساعد بلدنا على النجاح.
شعبية تراس
وعندما سئلت مباشرة إذا كانت مستعدة لخسارة شعبية، قالت: نعم. المهم بالنسبة عندي هو أننا ننمي الاقتصاد البريطاني لأن هذا هو ما سيوفر في النهاية أجوراً أعلى، والمزيد من الاستثمار في البلدات والمدن في جميع أنحاء البلاد، وهذا ما سيوفر في النهاية المزيد من الأموال في جيوب الناس، وسيمكننا أيضاً من تمويل الخدمات مثل الخدمة الصحية الوطنية.
وحسب "ذا تايمز" فإن نهج رئيسة الوزراء البريطانية يختلف في الرأي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي انتقد فكرة التخفيضات الضريبية للميسورين ليستفيد المجتمع الأوسع.
وقال بايدن على تويتر: "سئمت وتعبت من الاقتصاد المتدفق. لم تنجح الفكرة قط. نحن نبني اقتصاداً من القاع إلى المنتصف".
ورغم أن هذا التصريح كان بلا شك يستهدف المنتقدين المحليين لخطط بايدن التحفيزية بمليارات الدولارات، إلا أنه يسلط الضوء على الهوة الأيديولوجية بين بايدن وتراس.
قال المتحدث الرسمي باسم تراس: أي تلميح بطريقة ما هو انتقاد مباشر لسياسة المملكة المتحدة وسيكون سخيفاً. لا يوجد بلدان اقتصاديان منظمان بنفس الطريقة، كل منهما يواجه تحديات فريدة.
أدخلت الكثير من التغييرات على رسوم الملكية العقارية ففي 2014، أصلحها جورج أوزبورن بحيث لم تعد معدلات أعلى للعقارات ذات القيمة الأعلى تنطبق على سعر الشراء بالكامل.
وألغى فيليب هاموند، خليفة أوزبورن، الرسوم للمشترين لأول مرة على المنازل التي يقل سعرها عن 300 ألف جنيه استرليني.
يبقى أن نرى إلى أي مدى ترغب تراس في إصلاح هذه الضريبة وكيف سيكون تأثير الانخفاض على اقتصاد البلاد.