مثل الوليمة العظيمة!

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 55176
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

مثل الوليمة العظيمة!

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

إنجيل لوقا ص14
مثل الوليمة العظيمة!
فلما سمع ذلك واحد من المتكئين قال له: طوبى لمن يأكل خبزا في ملكوت الله
فقال له: إنسان صنع عشاء عظيما ودعا كثيرين
وأرسل عبده في ساعة العشاء ليقول للمدعوين: تعالوا لأن كل شيء قد أعد
فابتدأ الجميع برأي واحد يستعفون. قال له الأول: إني اشتريت حقلا، وأنا مضطر أن أخرج وأنظره. أسألك أن تعفيني
وقال آخر: إني اشتريت خمسة أزواج بقر، وأنا ماض لأمتحنها. أسألك أن تعفيني
وقال آخر: إني تزوجت بامرأة، فلذلك لا أقدر أن أجيء
فأتى ذلك العبد وأخبر سيده بذلك. حينئذ غضب رب البيت، وقال لعبده: اخرج عاجلا إلى شوارع المدينة وأزقتها، وأدخل إلى هنا المساكين والجدع والعرج والعمي
فقال العبد: يا سيد ، قد صار كما أمرت، ويوجد أيضا مكان
فقال السيد للعبد: اخرج إلى الطرق والسياجات وألزمهم بالدخول حتى يمتلئ بيتي
لأني أقول لكم: إنه ليس واحد من أولئك الرجال المدعوين يذوق عشائي.

الشرح
إذ سمع المتكئون حديث المسيح له المجد ، أراد أحدهم أن يتمتع بالمكافأة التي وعد بها السيِّد من يدعو الفقراء في ولائمه، فظن أن المكافأة هي تمتع بولائم ماديَّة في ملكوت السماوات، إذ قال: طوبى لمن يأكل خبزًا في ملكوت الله. هكذا كان قادة الفكر اليهودي ماديين في تفكيرهم حتى بالنسبة لملكوت الله، أما أولاد الله فيجدون شبعهم لا في الطعام المادي، بل في الله نفسه الحب الحقيقي، لذلك يقول احد القديسين: الفلاسفة أحكم من الأغنياء، إذ لا يدفنون أذهانهم في الطعام، ولا ينخدعون بملذّاته. الحب هو الطعام السماوي، مائدة العقل. المحبَّة تحتمل كل شيء، وتصبر على كل شيء، وتترجى كل شيء. المحبَّة لا تسقط أبدًا (1 كو 13: 7-8 )
ـ نفهم الإنسان هنا يشير لله الآب... هو خالق المسكونة، وأب المجد، قد أعد عشاءً عظيمًا، أي وليمة للعالم كله تكريمًا للمسيح. في الأيام الأخيرة للعالم، أي أيامنا هذه قام الابن لأجلنا، فيها أيضًا احتمل الموت من أجلنا وسلم جسده مأكلًا، بكونه الخبز النازل من السماء، يعطي حياة للعالم.
نحو المساء أيضًا، على ضوء السراج كان الحمل يُقدَّم ذبيحة حسب شريعة موسى، لهذا فالدعوة التي قدَّمها المسيح دُعيت عشاءً.
بعد ذلك، من هو الذي أُرسل، والذي قيل عنه أنه عبد؟ ربَّما يقصد المسيح نفسه، فمع كونه بالطبيعة هو الله الكلمة، ابن الله الآب... لكنه أخلى نفسه وأخذ شكل العبد. بكونه إله من إله فهو رب الكل، لكن يمكن تسميته عبدًا من جهة ناسوته. ومع أنه أخذ شكل العبد كما قلت فهو رب بكونه الله.

متى أُرسل؟ عند العشاء، فإن ابن الله الآب الوحيد لم ينزل من السماء ويصير في شكلنا في بداية هذا العالم، بل بالحري عندما أراد الكلي القدرة نفسه ذلك في الأزمنة الأخيرة كما سبق فقلت.
وما هي طبيعة الدعوة؟ تعالوا، لأن كل شيء قد أعد، لأن الله الآب يُعد لسكان الأرض في المسيح المواهب التي تُعطى للعالم خلاله، من غفران للخطايا، وغسل الأدناس، وشركة الروح القدس، والتبني المجيد كأبناء، وملكوت السماوات. دعا المسيح إسرائيل لهذه البركات بوصايا الإنجيل قبل الآخرين كلهم. ففي موضع يقول: قد أقمت ملكًا بواسطته - أي بالله الآب على صهيون جبل قدسي لأخبر بوصايا الرب ( مز 2: 6-7). مرة أخري قيل: لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة (مت 15: 24).

هل كان تصميمهم هذا لصالحهم؟ هل أُعجبوا بلطف ذاك الذي أمرهم وعمل ذاك الذي جاء ليخدمهم بالدعوة؟ بلى، إذ ابتدأ الجميع برأي واحد يستعفون، بمعنى أنهم بدون تأجيل استعفوا عن قبول الدعوة... ها أنت تدرك كيف لم يستطيعوا أن يدركوا الأمور الروحيَّة بتسليم أنفسهم للأمور الزمنيَّة فصاروا كمن هم بلا إحساس، إذ غلبتهم محبَّة الجسد صاروا بعيدين عن القداسة، طامعين، شغوفين نحو الغنى. طلبوا الأمور الدنيا ولم يعطوا أقل اهتمام للرجاء فيما يخزنه الله فوق. فإن اقتناء مباهج الفردوس له أفضل من الحقول الأرضية؛ وجمع ثمار البرّ أفضل من الثمار الزمنيَّة التي نبتغيها من نير الثيران، إذ كُتب: ازرعوا لأنفسكم بالبّر، اجمعوا ثمر الحياة كحصاد كرم السنة (هوشع 10: 12). ألم يكن من واجبهم عوض أن ينجبوا أولادًا حسب الجسد أن يكون لكم الثمر الروحي؟ لأن الأولين يخضعون للموت والفساد، أما الآخرون فسيكنون أبديًا كقدِّيسين.
وللمسيح المجد من الأزل وإلى أبد الآبدين آمين.
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”܀ زوادة اليـــوم“